تزايد التوتر الحدودي بين السودان وإثيوبيا وبوادر حرب شاملة

الخرطوم استردت 80 % من أراضيها المحتلة... والبرهان يعقد اجتماعاً أمنياً

لاجئون في انتظار المساعدات الغذائية في معسكر داخل الأراضي الإثيوبية (أ.ف.ب)
لاجئون في انتظار المساعدات الغذائية في معسكر داخل الأراضي الإثيوبية (أ.ف.ب)
TT

تزايد التوتر الحدودي بين السودان وإثيوبيا وبوادر حرب شاملة

لاجئون في انتظار المساعدات الغذائية في معسكر داخل الأراضي الإثيوبية (أ.ف.ب)
لاجئون في انتظار المساعدات الغذائية في معسكر داخل الأراضي الإثيوبية (أ.ف.ب)

باضطراد، يتزايد التوتر على الحدود السودانية الإثيوبية، إثر استرداد الجيش السوداني لأراضي حدودية كانت تسيطر عليها إثيوبيا منذ عقود، في وقت يخشى فيه مراقبون من تطور النزاع الحدودي إلى حرب شاملة بين البلدين الجارين.
وأعلن الجيش السوداني عن استعادة سيطرته على نحو 80 في المائة من أراضي «الفشقة» الخصيبة، التي كانت تسيطر عليها ميليشيات إثيوبية، ويقوم فلاحون إثيوبيون بالاستيطان فيها وزراعتها، وقالت إثيوبيا إن الجيش السوداني يشن هجوماً يستخدم فيه الأسلحة الثقيلة والرشاشات والمدرعات منذ 9 نوفمبر (تشرين الثاني)، نتج عنها نهب منتجات زراعية وتخريب لمخيمات المزارعين الإثيوبيين، ومنعهم حصاد محاصيلهم، وقتل وجرح عدد من المدنيين.
وجدد المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، بحسب وسائل إعلام إثيوبية، أمس، مزاعم إثيوبية بأن التوتر على الحدود بين البلدين، تغذيه «قوى خارجية»، وأن تسوية النزاع ستتم عبر تسوية دبلوماسية بين البلدين.
وتشهد المناطق المتاخمة للحدود بين الدولتين صدامات بين القوات السودانية، وقوات إثيوبية تزعم أديس أبابا أنها ميليشيا محلية، وقال الجيش السوداني إنها تابعة للجيش الإثيوبي، مؤكداً على إلحاقه بها خسائر فادحة.
وتصاعدت الأوضاع على حدود الدولتين بعد إعلان الجيش السوداني، أن «ميليشيا» إثيوبية نصبت كميناً لقوة سودانية داخل حدود البلاد الدولية قتل خلالها 3 جنود وضابط برتبة رائد، ورد الجيش السوداني بشن هجوم في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، استرد بموجبه أراضي سودانية يقوم بفلاحتها إثيوبيون، ثم تواصلت العمليات التي قال الجيش السوداني إنه استرد خلالها ما يعادل 80 في المائة من الأراضي السودانية التي كانت تسيطر عليها مجموعة من الإثيوبيين.
وقال نائب رئيس أركان الجيش السوداني الفريق ركن خالد عابدين الشامي، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، أول من أمس، إن قواته لن تفرط في شبر من أراضي السودان في منطقة «الفشقة»، مع عدم الاعتداء على الآخرين، ووجّه رسالة تطمين للمواطنين، بأن القوات المسلحة قادرة على حماية «كل شبر من أرض الوطن»، وصد أي عدوان يستهدف «البوابة الشرقية» للبلاد.
ومنذ أكثر من عقدين زمانيين، تسيطر قوات إثيوبية على منطقتي «الفشقة الكبرى والصغرى»، ويقوم مزارعون إثيوبيون بفلاحتها، وأنشأوا تبعاً لذلك قرى ومجمعات سكنية إثيوبية داخل الحدود السودانية، مستغلين تساهل حكومة الرئيس المعزول عمر البشير مع حكومة أديس أبابا، عقب محاولته اغتيال الرئيس المصري الأسبق حسن مبارك أثناء حضوره للمشاركة في قمة الاتحاد الأفريقي في إثيوبيا 1995. واتهمت الحكومة السودانية بالضلوع فيها.
وبدوره، اعتبر مجلس الأمن والدفاع، أعلى سلطة أمنية وعسكرية سودانية، العمليات التي يقوم بها الجيش السوداني في الحدود الشرقية «دفاعاً عن الأراضي وتأميناً للحدود».
وقال المجلس عقب اجتماع طارئ لمناقشة تطور الأوضاع ترؤسه رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الذي يشغل في ذات الوقت منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إن قوات الجيش تقوم بمجهود يستحق الإشادة في الدفاع عن الأراضي وتأمين الحدود.
ونقلت «سونا» عن وزير الدفاع الفريق ركن ياسين إبراهيم، إن المجلس أشاد بما أطلق عليه التفاف الفئات الشعبية والرسمية حول قضايا الوطن ومساندة القوات المسلحة، لأداء مهامها، وتوفير الدعم الكامل لها، وتوحيد الجبهة الداخلية، وترحم على «شهداء الوطن» الذين استشهدوا في سبيل الزود عن «كرامة البلاد وصون أراضيها، وحفظ سيادتها».
بدورها، أعلنت إثيوبيا أن قواتها منتشرة وعلى أهبة الاستعداد على الحدود مع السودان، ووجّهت الخارجية الإثيوبية «الثلاثاء» اتهامات للجيش السوداني بانتهاك حدودها، وارتكاب ما وصفه بأنه «أعمال غير قانونية»، وفقاً لما نقلته وكالة «آر تي»، وقالت إن السودان استغل الصراع في إقليم تغراي، لإشعال صراع حدودي، وقالت إنها ستتخذ إجراءات لحماية حدودها ما لم يوقف السودان أنشطته غير القانونية.
وأثناء ذلك ذكرت مصادر سودانية، أن الجيش الوطني عزز وحداته البرية والجوية على الحدود مع إثيوبياً، استعداداً لهجوم إثيوبي وشيك، وأكد حشد إثيوبيا لقوات عسكرية قرب الحدود مع السودان.
ولم تصدر تقارير تفصيلية من الجيش السوداني عن العمليات العسكرية الجارية على الحدود والخسائر بين الطرفين، بيد أن وسائل إعلام محلية نقلت عن نائب رئيس هيئة الأركان الفريق خالد عابدين الشامي، أن قواته استعادت 80 في المائة من أراضي السودان التي تسيطر عليها إثيوبيا، وعدداً كبيراً من القرى تسكنها ميليشيات إثيوبية، وأن القوات وصلت مواقع تمكنها من تأمين الحدود والأراضي الزراعية في منطقة الفشقة الكبرى والصغرى.
ونفى الفريق الشامي خوض قواته لعمليات عسكرية مع ميليشيات إثيوبية كما تزعم أديس أبابا، بل يخوض حرباً مع قوات نظامية إثيوبية، بحسب الأسلحة ذات الأعيرة الكبيرة والمديات الطويلة لها.
ومنذ أكثر من عقود تجري لجان حدودية مشتركة بين السودان وإثيوبيا، مباحثات على وضع العلامات الحدودية بين البلدين، وفي آخر اجتماع لهذه اللجنة في مايو (أيار) الماضي بأديس أبابا، اتفق الطرفان على إعادة وضع العلامات الحدودية بين البلدين وزيادة عددها، ابتداء من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على أن تنتهي من أعمالها في أبريل (نيسان) المقبل، ولم يكن لإثيوبيا أي احتجاج على الحدود بين الدولتين وفق اتفاقية ترسيم الحدود في 1902.
لكن الجانب الإثيوبي رفض في آخر اجتماع للجانبين في الخرطوم، عقب الاشتباكات الحدودية، الاعتراف بالحدود المتفق عليها، وتبنى موقفاً جديداً يدعو للتفاوض مجدداً على الحدود، وهو ما رفضه الجانب السوداني، وفشل الاجتماع الذي كان مخططاً له في وقف التوتر والعودة لطاولة التفاوض، بل طالب الإثيوبيون الجانب السوداني بالعودة لأوضاع ما قبل العمليات العسكرية وتعويض المزارعين الإثيوبيين.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.