دياب للمحقق العدلي في «تفجير المرفأ»: ارسل ادعاءك عليّ إلى البرلمان

نظّم طلاب مسيرة أمس انطلقت من شارع الحمراء في بيروت ووصلت إلى الجامعة الأميركية لمطالبة الجامعات بعدم «دولرة» أقساطها في ظل الضائقة المالية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب اللبناني (إ.ب.أ)
نظّم طلاب مسيرة أمس انطلقت من شارع الحمراء في بيروت ووصلت إلى الجامعة الأميركية لمطالبة الجامعات بعدم «دولرة» أقساطها في ظل الضائقة المالية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب اللبناني (إ.ب.أ)
TT

دياب للمحقق العدلي في «تفجير المرفأ»: ارسل ادعاءك عليّ إلى البرلمان

نظّم طلاب مسيرة أمس انطلقت من شارع الحمراء في بيروت ووصلت إلى الجامعة الأميركية لمطالبة الجامعات بعدم «دولرة» أقساطها في ظل الضائقة المالية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب اللبناني (إ.ب.أ)
نظّم طلاب مسيرة أمس انطلقت من شارع الحمراء في بيروت ووصلت إلى الجامعة الأميركية لمطالبة الجامعات بعدم «دولرة» أقساطها في ظل الضائقة المالية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب اللبناني (إ.ب.أ)

دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حسان دياب، أمس، المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت فادي صوان إلى تحويل الادعاء عليه في ملف انفجار مرفأ بيروت إلى مجلس النواب، عملاً بالقانون اللبناني الذي يفرض محاكمة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمتهم، في وقت لا يزال طلب الوزارء المُدّعى عليهم بنقل الملف إلى قاضٍ آخر ينتظر البتّ به في محكمة التمييز الجزائية.
وإثر تكرر الدعوات لتقديم الطلب إلى البرلمان المخوّل بحسب المادة 40 من الدستور لمحاكمة النواب الذين يتمتعون بحصانة نيابية، والمادة 70 من الدستور لمحاكمة المتهمين من الرؤساء الوزراء أمام «المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء» المؤلف من قضاة وأعضاء في البرلمان، قالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط» إنه خلافاً للدستور، لم يرسل المحقق العدلي حتى الآن أي طلب إلى البرلمان، وذلك بعد الجدل الذي حصل في الأسابيع الماضية على خلفية مخاطبة البرلمان برسالة من دون أن تتضمن أي مستند اتهامي للمتهمين الأربعة وهم (رئيس الحكومة والوزيران السابقان والنائبان في المجلس الحالي علي حسن خليل وغازي زعيتر، والوزير الأسبق يوسف فنيانوس).
وأوقف المحقق العدلي التحقيقات في جريمة المرفأ، بعد مطالبة النائبين خليل وزعيتر بنقل الملف إلى قاض آخر، وبات الطلب بعهدة محكمة التمييز الجزائية التي يفترض أن تبتّ بالطلب. وقالت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط» إن محكمة التمييز طالبت صوان بتسليمها الملف للاطلاع عليه، لكن صوان رفض ذلك، معللاً ذلك بأنها لم توقف التحقيقات، كما يترتب على تسليم الملف الإفشاء بسرية التحقيقات، في وقت لا تزال التحقيقات مستمرة ولم يختم الملف بعد.
ومن شأن ذلك أن يثير جدلاً، بالنظر إلى أن هناك رأياً قانونياً آخر يفيد بأن للمحكمة الحق بالحصول على الملف، كونه في حال نقل الملف إلى قاض آخر، يجب أن الاستمرار من حيث انتهى التحقيق الأول، كما تقول مصادر قانونية لـ«الشرق الأوسط».
وقال دياب أمس في دردشة مع الصحافيين: «الدستور فوق كل شيء وأنا أحتكم إلى الدستور، والمادة 70 هي التي تحكم في هذا الموضوع»، لافتاً إلى أنه «إذا هناك ادعاء وملف فليرسله إلى مجلس النواب». وقال: «أكنّ كل الاحترام إلى القضاء وأنا أول من وقّع التشكيلات القضائية من باب احترام القضاء واستقلاليته». ورداً على سؤال عن طلب تنحي القاضي صوان وطرح قاضٍ آخر، قال: «لا ولن أتدخل في عمل القضاء، ولم أسأل، ولم أقدم أي اقتراح في هذا الأمر».
وسأل دياب: «هل كان أحد من اللبنانيين يعرف قبل 4 أغسطس (آب) ماذا تعني (نيترات الأمونيوم؟)». وقال: «أول تقرير رسمي وصلني في 22 يوليو (تموز)»، لافتاً إلى أن عدم زيارته إلى المرفأ «يعود إلى إبلاغي بـ3 معلومات مختلفة على مدى ساعتين في 3 يونيو (حزيران) الفائت». فالمعلومة الأولى «وصلتني من الأجهزة الأمنية بالصدفة بوجود 2000 كيلوغرام من (تي إن تي) في المرفأ، وفوراً طلبت ترتيب زيارة إلى المرفأ وأثناء التحضيرات الأمنية لزيارتي تبيّن أن هناك معلومات مغايرة عن التي تبلغتها بداية» كما قال، موضحاً إن وزنها 2500 طن وليس 2000 كيلو، وثانياً أنها ليست «تي إن تي» بل «نيترات (أمونيوم)». وأشار إلى أن «المعلومة الثالثة أن هذه المواد موجودة في المرفأ منذ سبع سنوات وليست جديدة»، مضيفاً أنه أبلغهم «أنه ما دام أن الملف لا يزال قيد التحقيق وأن هناك ثلاث معلومات مختلفة، فليستكمل التحقيق وينجز الملف ويرسل لي، وحينها أزور المرفأ على بيّنة. فوصلني التقرير في 22 يوليو».
وقال دياب: «لنفرض أني زرت المرفأ في 4 يونيو وكشفت على العنبر 12. سأقوم بإرسال كتاب إلى المسؤولين الأمنيين الذين يعرفون بالأمر أصلاً منذ سبع سنوات». وسأل: «هل يعرف أحد متى فتحت الفجوة في العنبر رقم 12 ومن فتحها؟ تقرير (إف بي آي) كشف أن الكمية التي انفجرت هي 500 طن فقط، فأين ذهب 2200 طن؟ من هو صاحب السفينة؟ وكيف دخلت؟ ومن سمح لها بذلك؟ ومن صمت عن ذلك كل هذه الفترة؟ هل تعرف الأجهزة الأمنية بذلك؟ لقد عقدنا 20 جلسة للمجلس الأعلى للدفاع هذا العام ولم يخبرنا أحد من الأمنيين بذلك».
وقال دياب: «لو كان لدي شعور بوجود خطر في موضوع المرفأ لكنت تحدثت فوراً مع رئيس الجمهورية، ولم أكن لأغطي على هذا الإجرام الذي حصل في العام 2013».
ورداً على سؤال عن تحديد المسؤوليات بعد التفجير قال دياب: «لست القضاء لأحدد المسؤوليات، أنا حاربت لكي تُحوَّل القضية إلى المجلس العدلي. أريد أن أوضح بأن لجنة التحقيق التي شكلتها هي لجنة تحقيق إدارية وليس لجنة قضائية، ورفعت توصيات إلى مجلس الوزراء، ولهذا السبب أخرت استقالة الحكومة لكي نمرّر القرارات التالية: نقلنا القضية من المحكمة العسكرية إلى المجلس العدلي وهذا يتيح للمتضررين رفع دعاوى، وهذا ما حصل».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.