الحكومة العراقية ترسل مشروع موازنة «شديد التقشف» إلى البرلمان

فرضت نسب استقطاع عالية على رواتب القطاع العام وكبار الموظفين

TT

الحكومة العراقية ترسل مشروع موازنة «شديد التقشف» إلى البرلمان

أرسلت الحكومة العراقية، أمس (الثلاثاء)، مشروع قانون موازنة مالية اتحادياً «شديد التقشف» لعام 2021، إلى البرلمان، لإقراره، على أمل التغلب على أزمتها المالية الناجمة عن تراجع أسعار النفط وتداعيات جائحة «كورونا».
ورغم أنه من المبكر الحديث عن ردود الفعل التي ستواجه مشروع القانون والتعديلات التي قد يجريها البرلمان قبل إقرارها، فإنه من المتوقع على نطاق واسع أن يثير أزمة كبيرة واعتراضات على المستويين الشعبي والرسمي، نظراً لما فرضته من نسب استقطاع عالية على رواتب القطاع العام وكبار الموظفين، إلى جانب الأضرار التي لحقت بموظفي القطاع العام عقب خفض سعر صرف الدينار العراقي وخسارتهم نحو 20% من قيم مرتباتهم مقابل الدينار. ولعل طلب الحضور الذي قدمه البرلمان، أمس، لوزير المالية علي علاوي، لمساءلته، يمثل أولى بوادر الاعتراض النيابي على «الإصلاحات» المالية التي تقوم بها الحكومة وضمنها قانون الموازنة. وحسب الجدول المرفق مع قانون الموازنة المتعلق بنسب الاستقطاع، فإنه يستثني المرتبات التي تقل عن 500 ألف دينار عراقي، وتبدأ بالمبالغ التي تزيد على ذلك وتفرض عليها نسبة 0.91%، لتنتهي بنسب استقطاع بلغت 27% بالنسبة لمن يتقاضون مرتبات تصل إلى 10 ملايين دينار، ونسب استقطاع 40 و30% بالنسبة إلى كبار المسؤولين والوزراء وأعضاء البرلمان.
ويقدر مشروع الموازنة أن تكون إيرادات البلاد بنحو 93.19 تريليون دينار بسعر تقديري لبرميل النفط مقداره 42 دولاراً. وقدّر المشروع النفقات في الموازنة العامة لـ2021، بأكثر من 164 تريليون دينار عراقي (أقل من 100 مليار دولار).
بدوره، قال المتحدث باسم مجلس الوزراء وزير الثقافة حسن ناظم: إن «الموازنة بُنيت على رؤية إصلاحية قدمتها وزارة المالية، وستعمل على تنشيط القطاع الخاص». وأضاف خلال مؤتمر صحافي أن «هناك نوعاً من الحماية للمواطنين ذوي الدخل المحدود في البطاقة التموينية لم يتم التلاعب بها، وقرار الحكومة قاطع بشأن تغيير سعر صرف الدولار وهو ضمن رؤية الإصلاح الاقتصادي للعراق». وتابع أن «وضع الموازنة لم تنفرد به الحكومة، وكان حولها نقاش مع قادة الكتل السياسية وأبدوا استعدادهم للتصويت عليها من ضمن سعر صرف الدولار». وحول مشكلة الرواتب التي تلكأت الحكومة في تسليمها خلال الأشهر الماضية، قال ناظم: إن «رواتب الأشهر الأولى من العام المقبل ستمضي بشكل طبيعي وغير مرتبطة بتشريع الموازنة».
ورغم نسب الاستقطاع الجديدة من المرتبات وخفض سعر الدينار وزيادة الضرائب، ترجح الدوائر الاقتصادية والمالية في البرلمان والحكومة أن ذلك سيسهم في خفض ما مقداره نحو 50% من قيمة إجمالي العجز في الموازنة البالغ نحو 60 مليار دولار، ما يدفع بعض الاتجاهات السياسية والمالية إلى القبول على مضض بمشروع قانون الموازنة ويرجحون إقراره في البرلمان مع إجراء بعض التعديلات الطفيفة.
لكن الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، يرى أن قانون الموازنة «قد لا يُقرّ حتى منتصف مارس (آذار) المقبل، في حال بدأ النقاش الفعلي عليه هذه الأيام». ويشير إلى أن «الموازنات المالية في العراق تتأخر سنوياً، والموازنة الوحيدة التي أُقرت بتوقيت مبكر كانت عام 2017».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.