الصدر يرفض تأجيل الانتخابات البرلمانية في العراق

دعا إلى دمج اقتراع مجالس المحافظات معها

TT

الصدر يرفض تأجيل الانتخابات البرلمانية في العراق

أعلن «التيار الصدري» بزعامة مقتدى الصدر، أمس، رفضه تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في 6 يونيو (حزيران) 2021، داعياً في الوقت نفسه إلى دمج انتخابات مجالس المحافظات معها لإجرائها في اليوم نفسه.
وفي حين عدّت قوى سياسية أن مسألة دمج الانتخابات المحلية مع البرلمانية في يوم واحد تعبير عن اتفاق سياسي غير معلن، فإن مسؤولاً سابقاً في مفوضية الانتخابات أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «القوى السياسية جميعها تعلن أنها ضد تأجيل الانتخابات عن موعدها، لكنها سوف ترمي الكرة في ملعب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي يصعب عليها في الواقع إجراء انتخابات البرلمان ومجالس المحافظات في يوم واحد خلال شهر يونيو، مثلما هو مقرر من قبل الحكومة».
وجدد صلاح العبيدي، المتحدث باسم الصدر، سعي تياره إلى الحصول على 100 مقعد نيابي في الانتخابات المقبلة. وقال العبيدي، في مؤتمر صحافي عقده بمنزل الصدر، في الحنانة بالنجف أمس، إن «الحديث عن التحالفات السياسية أمر بعيد الآن»، مشيراً إلى أن «هنالك نية وطموحاً للحصول على مائة مقعد نيابي لمسك زمام الأمور، في الحكومة المقبلة». وأضاف العبيدي أن «بقاء عمل المحافظات من دون رقيب بعد توقف عمل مجالس المحافظات من الممكن أن يكون باباً من أبواب الفساد».
وفي شأن آخر، أشار العبيدي إلى «أهمية المحافظة على السلم المجتمعي، ويجب أن تكون بغداد بعيدة كل البعد عن الرعب، نتيجة إطلاق الصواريخ المستهدفة للبعثات الدبلوماسية».
في السياق ذاته، أكد النائب عن «تحالف سائرون» الذي يتزعمه الصدر، سلام الشمري، أن «هناك محاولات من البعض للالتفاف على مطالب القوى الوطنية بإجراء الانتخابات في موعدها المعلن، وهذا أمر لا يمكن القبول به، وسنقف الموقف السياسي القوي حوله». وأضاف الشمري في بيان: «الانتخابات المقبلة فرصة كبيرة للتغيير والتعبير الحقيقي عن رغبة الجماهير والقوى السياسية الوطنية»، مشيراً إلى أن «أي محاولة لتعطيلها أو تأخيرها لموعد آخر سنقف ضدها».
من جهته، أكد الرئيس الأسبق للدائرة الانتخابية في مفوضية الانتخابات، مقداد الشريفي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القوى السياسية تريد إجراء الانتخابات في الشهر العاشر وليس في الشهر السادس، لكنها لا تستطيع المجاهرة بموقفها»، مبيناً أن «إجراء انتخابات مجالس المحافظات في يوم واحد مع الانتخابات البرلمانية بهدف تقليل الكلف المادية فضلاً عن رفع الحرج عن بعض الكتل التي لديها عدة مرشحين في الدائرة الواحدة حيث يمكن توزيعهم بين (البرلمانية) و(المحلية)، يعني رمي الكرة في ملعب مفوضية الانتخابات التي لا تستطيع من الناحية العملية إجراء الانتخابات البرلمانية والمحلية في يوم واحد بالموعد المحدد وهو 6 يونيو» المقبل.
وأوضح الشريفي أن «رئاسة الجمهورية أنجزت قانون مجالس المحافظات، وسوف يحال إلى البرلمان، وهو ما يعني عملياً تأجيل الموعد إلى 29 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل».
وحول موقف كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر بشأن إجراء الانتخابات في موعدها وإجراء الانتخابات المحلية معها، يقول رئيس «تحالف سائرون» في محافظة ديالى وعضو البرلمان العراقي، برهان المعموري، لـ«الشرق الأوسط» إن «مشروع قانون مجالس المحافظات أصبح جاهزاً، وهو قيد التشريع الآن؛ حيث إن البرلمان عازم على تشريعه في غضون شهر». وعد المعموري أن «إجراء الانتخابات للبرلمان ولمجالس المحافظات سيوفر أموالاً طائلة يمكن إنفاقها في مجالات أخرى».



سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)
طفلة يمنية في محافظة إب تحسنت صحتها بعد تلقي العلاج ضد سوء التغذية ضمن برنامج تنفذه اليونيسيف (الأمم المتحدة)

يتزايد عدد الأطفال اليمنيين المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في ظل الانهيار الاقتصادي الذي تعيشه البلاد. وفي حين يستعد النازحون لمواجهة شتاء قاسٍ بنقص شديد في الموارد المعيشية، مع تقليص المساعدات الإغاثية الدولية، كشفت تقارير أممية عن نهب الدعم المخصص لمواجهة انعدام الأمن الغذائي.

وارتفع عدد الأطفال اليمنيين دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد بنسبة 34 في المائة عن العام السابق ليصل إلى 600 ألف طفل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية، وفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل الأخير لسوء التغذية الحاد الذي تبنته منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة «يونيسيف».

وبينت «يونيسيف» عبر موقعها على الإنترنت أن مديريات المخا في تعز، والخوخة وحيس في الحديدة على الساحل الغربي شهدت مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية الحاد، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل، لأول مرة، مقدرة أن أكثر من 36 في المائة من الأطفال اليمنيين يعانون من سوء التغذية الحاد.

ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

وأرجعت المنظمة الأممية زيادة سوء التغذية الحاد في اليمن إلى تفشي الأمراض وانعدام الأمن الغذائي الشديد ونقص الوصول إلى مياه الشرب النظيفة، محذرة من أن سوء التغذية قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه، خاصة في مناطق الساحل الغربي.

كما ساهمت الفيضانات وانتشار الأمراض في الأشهر الأخيرة من تعقيد الوضع، بالإضافة إلى نقص الوعي الصحي حول تنظيم الأسرة وأهمية التطعيم، في حين دمرت الأمطار الغزيرة المنازل وشردت الأسر، وضاعف انتشار الكوليرا والملاريا وحمى الضنك من حدة سوء التغذية، إلى جانب نقص الوعي بالعناصر الغذائية الصحيحة.

زيادات متوقعة

في مارس (آذار) الماضي أعلن برنامج الغذاء العالمي عن تعليق برنامج الوقاية من سوء التغذية الحاد، بسبب نقص التمويل، تاركاً ما يقارب 3 ملايين طفل وامرأة معرضين لخطر سوء التغذية.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» في مدينة تعز (جنوبي غرب) أن عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين تستقبلهم المستشفيات والمراكز المتخصصة، يزيدون على 30 ألف طفل، ويجد القائمون على هذه المراكز صعوبة في استيعاب أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الذين يزورونها يومياً لتلقي العلاج.

رغم تراجع التمويل لا تزال بعض الوكالات الأممية والمنظمات الدولية تقدم معونات في اليمن (الأمم المتحدة)

ونبهت المصادر إلى أن تقليص المنظمات الدولية لتدخلاتها ومساعداتها الغذائية في الأسابيع الأخيرة ينذر بتفاقم الوضع، وتحول آلاف الأطفال المصابين بسوء التغذية المتوسط إلى وخيم.

وفي محافظة لحج (جنوب غرب)، قدرت مصادر طبية أن نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية تزيد على 20 في المائة، حيث تستقبل المستشفيات والمراكز المتخصصة آلاف الأطفال شهرياً لتلقي العلاج، مع صعوبة بالغة تواجهها لاستيعاب هذه الحالات.

ويستغرب الباحث اليمني فارس النجار، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من إصرار المنظمات الأممية والدولية على تقليص المساعدات الإغاثية المقدمة إلى اليمن، في ظل التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد بسبب عدد من العوامل، ومن بينها الآليات التي تعمل بها الأمم المتحدة والوكالات الإغاثية، التي بسببها لا تمر أموال المساعدات عبر البنك المركزي اليمني، إلى جانب الفساد وسوء الإدارة الذي يطبع وسائل العمل الإغاثي الدولي في اليمن.

في غضون ذلك، دعا جمال بلفقيه، وهو رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية، إلى تنظيم إجراءات جدية وفاعلة لمنع استغلال العمل الإغاثي والمساعدات الدولية في اليمن لصالح الجماعة الحوثية، منوهاً إلى أن تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن قد كشف الكثير من الانتهاكات التي تتعرض لها أعمال الإغاثة على يد الجماعة، إلى جانب ما تمارسه من تعسفات بحق موظفي المنظمات الدولية والأممية.

التطرفات المناخية والفيضانات تسببتا في نزوح آلاف اليمنيين وفقدانهم المأوى دون تلقي مساعدات إغاثية كافية (أ.ف.ب)

وحث بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» الحكومة اليمنية متمثلة بوزارة التخطيط على وقف كل الاتفاقيات، وعدم توقيع اتفاقيات جديدة مع المنظمات الدولية والأممية، إلا بعد نقل مقراتها وأنشطتها وحساباتها البنكية إلى المحافظات المحررة، مستغرباً من استمرار عمل هذه المنظمات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بعد كل ما جرى كشفه من انتهاكات بحقها وبحق العمل الإغاثي.

تأثير التطرفات المناخية

كشف صندوق الأمم المتحدة للسكان عن نزوح نحو 18 ألف يمني، خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب الصراع والتطرفات المناخية.

وأوضح الصندوق أن آلية الاستجابة السريعة للأمم المتحدة بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ساعدت 17458 فرداً بإغاثة عاجلة منقذة للحياة خلال الشهر الماضي، بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والصندوق المركزي للأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

ورغم تراجع الأمطار الغزيرة بنسبة كبيرة منذ نهاية الصيف الماضي، فإن عدداً من المناطق لا تزال تشهد أمطاراً غزيرة تلحق أضراراً بالممتلكات والمساكن وتعطيل الأراضي الزراعية التي تضررت بنسبة 85 في المائة إلى جانب إتلاف المحاصيل، وتدمير سبل العيش، طبقاً للوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

ينتظر النازحون اليمنيون شتاء قاسياً في ظل نقص الموارد والمعونات وتراجع تمويلات المساعدات الدولية (غيتي)

ورجحت الوكالة في تقرير أخير لها أن أكثر من 650 ألفاً من النازحين، والعائدين من النزوح، وأفراد المجتمع المضيف في اليمن، بحاجة ماسة لمساعدات المأوى والإغاثة للتغلب على قسوة الشتاء القادم.

ويقدر التقرير أن نحو 655 ألف شخص سيحتاجون إلى إمدادات طارئة خلال الفترة الممتدة من الشهر الماضي حتى فبراير (شباط) المقبل.

وينتشر النازحون في 30 موقعاً داخل 11 محافظة يمنية، في مواجهة ظروف شديدة القسوة بسبب الأمطار الموسمية الغزيرة والفيضانات التي شهدتها البلاد، ما يجعلهم عرضة لمخاطر إضافية في فصل الشتاء.

ويعمل شركاء كتلة المأوى على تقديم دعم عاجل لـ232 ألف شخص من الفئات الأكثر ضعفاً، بما يشمل استبدال الملاجئ التالفة، وتوزيع بطانيات حرارية وملابس شتوية.