صوفانا.. مصممة سرقها بريق وألوان الأحجار الكريمة من القانون الدولي

كونها فتاة.. واجهت صعوبة في إقناع أي معلم بتبنيها وتوجيهها

المصممة صوفانا ترسم في ورشتها الخاصة
المصممة صوفانا ترسم في ورشتها الخاصة
TT

صوفانا.. مصممة سرقها بريق وألوان الأحجار الكريمة من القانون الدولي

المصممة صوفانا ترسم في ورشتها الخاصة
المصممة صوفانا ترسم في ورشتها الخاصة

اقتحمت صوفانا بن يحيى عالم تصميم الجواهر في محيط لا يعترف سوى بالصناع التقليديين في هذا المجال، فكان عليها أن تعتمد على نفسها لسنوات، تلقت فيها التكوين المناسب، وعززت فيها موهبتها وشغفها بالبحث والدراسة. وكانت النتيجة ظهور اسم نسائي بارز في عالم تصميم الجواهر، رغم أن أهم وأكبر متاجر الجواهر بالمغرب لا يفصحون في العادة عن أسماء المصممين، بحيث توقع كل التصميمات بأسماء المتاجر التي تبيعها.
لم تكن فرص التعلم مفتوحة على مصراعيها لتستقبل أمثال صوفانا. فالمغرب الذي يضج بالغنى الثقافي، ويتميز بأسلوب فريد في صياغة الجواهر لا تبرز فيه أسماء معروفة، إذ إن أغلب المصممين هم أساسا حرفيون يدويون يعملون في صمت، وجل ما يطمحون إليه هو التعامل مع المحلات المتخصصة في بيع الجواهر. فالزبائن لا تسأل عمن صمم، بل فقط عن أسلوب «نقشها» أو «تزيينها»، الذي يختلف من مدينة مغربية إلى أخرى.
وسط هذا الفضاء المعزول لم تجد صوفانا من يعرفها على خبايا صنع الجواهر، وهي ابنة مدينة فاس العريقة في صياغة الجواهر. ما زاد من صعوبة الأمر بالنسبة لها، أنه كان يصعب عليها كفتاة إقناع أي «معلم» بتبنيها وتوجيهها. فلا أحد منهم كان سيتعامل معها بجدية.
ظهرت ميول صوفانا لهذا المجال في سنواتها الأولى من خلال عشقها ألوان الأحجار الكريمة. وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أحببت الأحجار الكريمة بألوانها، وكانت عشقي الأول، ومع الوقت فهمت أن أفضل طريقة للاحتفاظ بها هي أن نمزجها مع المعادن النفيسة لتكتسب قيمة مضاعفة ويبرز جمالها أكثر. وهكذا شعرت بأنه علي التوجه إلى عالم التصميم خاصة بعد أن غصت فيه أكثر بالبحث والدراسة». كانت صوفانا تقوم بأبحاثها بالموازاة مع دراستها القانون، الذي تخصصت فيه، وتحديدا في مجال العلاقات الدولية. غني عن القول، إن العمل في هذا المجال، أبعد صوفانا عن عشقها الأول، أي التصميم، لكنه لم ينسها إياه. فقد لاحظت أنه أغناه وأججه أكثر بطريقة غير مباشرة، كما تشرح. فعملها منحها فرصة السفر خارج المغرب، الأمر الذي شكل فرصة ذهبية للمزيد من الدراسة والبحث في صناعة الجواهر. وبالفعل تلقت دورات تكوينية فيه، وهو ما لم يكن ممكنا لو بقيت بالمغرب. توضح: «كان الأمر في البداية من باب الفضول لا أكثر، لأنني لم أكن أعلم حينها أنني سأتخصص في تصميم الجواهر في يوم من الأيام، لكني وجدت نفسي كلما تعمقت فيه زدت حبا له». بعد أن ذاقت متع ومنافع السفر، انطلقت إلى جنوب المغرب، وتحديدا مدينة الصويرة ونواحيها، لتغرف من ثقافته وتتعرف على ما يتوفر عليه من أحجار كريمة، المغربية منها أو المستوردة من أفريقيا لتصوغها في قطع بسيطة لقيت تجاوبا شجعها على الاستمرار.
لم تكن تستعمل المعادن النفيسة بعد، ومع ذلك كانت كل المجموعات التي تطرحها تلقى من يعجب بها ويشتريها، وهو ما زاد من إصرارها على إعطاء المزيد. فالجواهر بالنسبة لها تخاطب العواطف، وتكتسب حياة وقوة بعد أن يتم تنفيذها وتصل إلى المرأة.. «فالتصميم على الورق شيء، وتصنيعه من الألف إلى الياء شيء ثانٍ»، حسبما تقول.. «فالتواصل مع الحرفيين اليدويين، تجربة فريدة بحد ذاتها ومتطلبة، تحتاج إلى استعمال لغة خاصة يفهمونها». ولا شك أن صوفانا أتقنت هذه اللغة من خلال التجربة والاحتكاك بهؤلاء الحرفيين المتمرسين. فهي تشرف على كل التفاصيل الدقيقة لكي تأتي النتيجة الأخيرة كما تخيلتها في ذهنها، وكما رسمتها على الورق، مع إجراء بعض التغييرات الطفيفة التي يتطلبها تصنيعها.
بعد سنوات طويلة من العمل على تصميم الجواهر في نطاق محيطها الضيق قررت صوفانا، قبل سبع سنوات من امتهان التصميم، وبعد مشاركتها في عدد من المعارض الفنية التي منحتها الثقة بما تقدمه، أن تطلق صوفانا آرت «sofana art». وهو الاسم الذي تعرف به علامتها في السوق حاليا، التي تدخل فيها حاليا معادن ثمينة وأحجار كريمة. فشتان بين بدايتها منذ سنوات حين كانت تستعمل معادن بسيطة وبينها اليوم، حيث تخاطب الأنيقات ذوات الإمكانيات العالية.
تصميم الجواهر الفاخرة لم يُنسِ المصممة ضرورة أن تخاطب أكبر عدد من الزبائن، لهذا تحرص دائما على تصميم قطع فاخرة بأحجار كريمة غالية الثمن بموازاة قطع بسيطة يمكن أن يقتنيها ذوو الدخل المحدود والفتيات الصغيرات المتطلعات للموضة. فهي لم تنسَ أن محاولاتها الأولى في التصميم كانت تجسيدا لما يدور في مخيلتها كشابة في مقتبل العمر، وجاءت على شكل قطع صغيرة وبسيطة.
ويبقى القاسم المشترك بين المترف والبسيط، ذلك الحرص الواضح على تجسيد الاختلاف والتنوع الذي يتميز به المغرب، باحترامه الأصالة وانفتاحه على العصر وعلى ثقافات عالمية. فهي تؤكد أنها تتعامل مع التصميم التقليدي بالبحث في كتب التاريخ وبدراسة الأسلوب المغربي القديم قبل أن تجتهد في إدخال لمسات عصرية عليه تناسب امرأة اليوم وتلمس وترا حساسا بداخلها. وتؤكد صوفانا أن المصمم عموما لا يمكن أن يتجرد من ثقافته تماما، فهي جزء من جيناته وثقافته وأسلوبه.
وأما عن طموحاتها، فهي لا تنكر أن الوصول إلى العالمية هدفها، بدليل أنها تركز هذا العام على المشاركة في معارض دولية حتى تسهل عليها عملية لتواصل مع الغير وإيجاد أسواق جديدة لإبداعاتها.



الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.