وفد عراقي في طهران... و«ضبط الميليشيات» يتصدر مهمته

أنباء عن نقل صواريخ لقصف «المنطقة الخضراء» خلال ليلة رأس السنة

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي
TT
20

وفد عراقي في طهران... و«ضبط الميليشيات» يتصدر مهمته

رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي

أعلنت إيران، أمس، عن وصول وفد عراقي رفيع المستوى إلى طهران يحمل رسالة من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي للقيادة الإيرانية.
وفيما لم يعلن مكتب الكاظمي رسمياً عن إرساله مبعوثاً خاصاً يحمل صفة مستشار إلى إيران، فقد تردد أن الوفد يرأسه «أبو جهاد الهاشمي» الذي كان شغل منصب مدير مكتب رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي، ويعتقد أن مهمته تتلخص في الطلب من طهران ضبط الميليشيات الموالية لها والتي صعدت في الأيام الأخيرة من تهديداتها للحكومة العراقية ورئيسها الكاظمي وكذلك للولايات المتحدة الأميركية.
وتأتي زيارة الوفد العراقي إلى طهران وسط توتر متزايد في العراق مع اقتراب ذكرى اغتيال قائد «فيلق القدس» الإيراني السابق قاسم سليماني ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» العراقي أبو مهدي المهندس، في ضربة جوية أميركية قرب مطار بغداد في 3 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وكان الكاظمي خاض قبل يومين مواجهة مع «عصائب أهل الحق» التي يتزعمها قيس الخزعلي؛ وهي من الفصائل المسلحة القريبة من طهران. تلك المواجهة كانت الثانية من نوعها بعد المواجهة الأولى مع «كتائب حزب الله» الموالية لإيران في شهر يونيو (حزيران) الماضي، والتي تراجع خلالها الكاظمي عن قرار مواجهة الجماعات المسلحة، فيما بدا مستعداً لمواجهة «العصائب» بما في ذلك رفض إطلاق سراح المعتقل المشتبه بتورطه في قصف «المنطقة الخضراء».
بدوره، دحض المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، خطيب زاده، أمس «تفسيرات» تدوولت بشأن زيارة الوفد العراقي إلى طهران، موضحاً أن «الزيارة كانت بدعوة إيرانية، وتشمل مشاورات بين مسؤولي البلدين حول مختلف الموضوعات في مجال العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية، وتناقش آخر التطورات».
وبشأن الهجوم الذي طال المنطقة الخضراء الأحد الماضي، واتهامات أميركا لإيران، نقلت وكالة «إيسنا» عن خطيب زاده قوله إن بلاده تعدّ الهجوم على المقار الدبلوماسية والسكنية «أمراً مرفوضاً»، مشيراً إلى تعرض المقار الدبلوماسية الإيرانية لهجمات في العراق؛ في إشارة إلى قنصليتيها في البصرة والنجف اللتين أحرقهما محتجون إبان الحراك الاحتجاجي الذي بدأ في أكتوبر (تشرين الأول) 2018.
وحول الإدانات الأميركية لسياسات إيران المزعزعة للاستقرار الإقليمي، قال خطيب زاده إن مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب ووزير خارجيته مايك بومبيو «مرفوضة ومدانة»، محذراً من أن «مسؤولية أي تحرك استفزازي تقع على عاتق الولايات المتحدة».
وتعليقاً على سؤال حول ما إذا كانت إيران تتوقع أن يقدم الرئيس الأميركي المنتهية ولايته على عمل عسكري ضد طهران في أيامه الأخيرة، رفض خطيب زاده، «التكهن»، مشدداً على أن بلاده «مستعدة للسيناريوهات كافة»، وأضاف: «نفكر في كل السيناريوهات، ولدينا رد لكل سيناريو».
وأعرب محللون إيرانيون عن مخاوفهم من «جر» إيران إلى صراع مع الولايات المتحدة، بسبب «مزايدات» بين الفصائل العراقية الموالية لطهران، فيما يخص الثأر لمقتل قاسم سليماني. لكن اللافت أن طهران هي التي تؤجج هذه «المزايدات» وتفاقم التوتر في العراق عبر تهديداتها بـ«حتمية» الرد على مقتل سليماني، ومواقف كبار مسؤوليها بشأن الوجود العسكري الأميركي في العراق. كما تمارس الحكومة الإيرانية ضغوطاً على العراق لاتخاذ خطوات قانونية على الصعيد الدولي ضد الولايات المتحدة بسبب الضربة الأميركية التي قتلت سليماني على الأراضي العراقية.
إلى ذلك، وبشأن زيارة الوفد العراقي إلى طهران، أكد الدكتور ياسين البكري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، لـ«الشرق الأوسط» أن «الزيارة تتعلق بالمجمل بضبط الميليشيات وإخضاعها نسبياً لسلطة الدولة، ودون ذلك؛ فإن المواجهة آتية، وبقسوة على ما يبدو». وحول توقيت الزيارة، يقول البكري إن «إيران اليوم، ومثلما يعرف الجميع، في أضعف حالاتها، وهي تتوقع ربما عقاباً عسكرياً من الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترمب، وهو ما لا تريده». وبشأن الرسالة التي يمكن أن يحملها الوفد العراقي، يقول البكري إن «الرسالة هي أن العراق يريد أن يتفاوض من موقع السيادة، مما يسهل له اتخاذ إجراءات ضد بعض الشخصيات الميليشياوية».
إلى ذلك، وفي وقت تسعى فيه طهران إلى التهدئة عبر ضبط إيقاع الفصائل الموالية لها عبر ما عرفت بـ«هدنة الصواريخ»، فإن أحد أرتال الدعم اللوجيستي للتحالف الدولي تعرض أمس الاثنين لانفجار عبوة ناسفة جنوب العراق لكنه لم يسفر عن خسائر.
على صعيد متصل، وطبقاً لمصدر أمني عراقي، فإنه رُصدت عملية نقل صواريخ إلى إحدى مناطق شرق العاصمة، تمهيداً لقصف «المنطقة الخضراء» في احتفالات رأس السنة. وقال المصدر في تصريح صحافي إنه «رُصدت معلومات عن قيام مجموعة مسلحة بعملية نقل صواريخ من نوع (غراد) إلى منطقة حي المعامل شرق العاصمة، بغية استهداف (المنطقة الخضراء) في ليلة رأس السنة». وأضاف المصدر أنه «أُصدرت توجيهات أمنية لمراقبة وتفتيش المناطق التي يحتمل وصول الصواريخ إليها، كما وجهت بمتابعة أي تحركات مريبة والتشديد على مراقبة عجلات الحمل والدراجات».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.