أزمة بنزين في لبنان

الحكومة تستعد لرفع الدعم عن المواد الأساسية

زينة أعياد رأس السنة في العاصمة اللبنانية التي تعاني أزمة انقطاع مادة البنزين من محطات المحروقات (رويترز)
زينة أعياد رأس السنة في العاصمة اللبنانية التي تعاني أزمة انقطاع مادة البنزين من محطات المحروقات (رويترز)
TT

أزمة بنزين في لبنان

زينة أعياد رأس السنة في العاصمة اللبنانية التي تعاني أزمة انقطاع مادة البنزين من محطات المحروقات (رويترز)
زينة أعياد رأس السنة في العاصمة اللبنانية التي تعاني أزمة انقطاع مادة البنزين من محطات المحروقات (رويترز)

عادت أزمة المحروقات إلى الواجهة في لبنان وهذه المرة من باب شح مادة البنزين التي توقف بعض الموزعين عن تسليمها إلى المحطات بسبب عدم كفاية المخزون، وذلك في وقت تتجه الحكومة اللبنانية إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية ومنها المحروقات.
ويعود شحّ البنزين إلى عدم تمكّن أربع بواخر نفط ترسو منذ أيام أمام الشاطئ اللبناني من تفريغ حمولتها لصالح الشركات الموزّعة بسبب عدم فتح مصرف لبنان اعتمادات لها، حسب ما يوضح ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أنّ هذه البواخر ترسو منذ أربعة أيام وأنّ لبنان سيواجه أزمة حقيقية في حال عدم تفريغ حمولتها اليوم الثلاثاء ولا سيّما قبل عطلة عيد رأس السنة الميلاديّة.
وكان اللبنانيون تهافتوا أمس على محطات الوقود بعدما عمد بعضها إلى رفع الخراطيم نتيجة نفاد مخزون البنزين، فيما عمدت محطات أخرى إلى تحديد عشرين ليتر بنزين حداً أقصى لكلّ زبون.
ورأى أبو شقرا أنّ سبب عدم فتح المصرف المركزي الاعتمادات قد «يعود إلى عدم توافر الأموال بالعملة الأجنبيّة»، ما يعني دخول لبنان بدءاً من العام الجديد أزمة محروقات غير مسبوقة حتى قبل أن يعتمد ترشيد الدعم.
ويُشار إلى أنّه بعد ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء في لبنان (حالياً في حدود الـ8 آلاف ليرة للدولار الواحد) بات من الصعب تأمين الدولار بالسعر الرسمي أي 1515 ليرة لبنانية، فيقوم مصرف لبنان المركزي بتأمين فاتورة استيراد الدواء والمحروقات والقمح على أساس السعر الرسمي من احتياطاته بالعملة الأجنبيّة، يُضاف إليها سلة غذائية أطلقتها وزارة الاقتصاد. لكنّ المصرف المركزي أعلن منذ أشهر أنّه لن يعود قادراً مع نهاية العام على الاستمرار بالدعم بسبب نفاد احتياطه من العملات الأجنبيّة. كما كانت حكومة تصريف الأعمال عقدت ورشة عمل منذ فترة لترشيد هذا الدعم من دون التوصّل إلى قرار نهائي.
وفي هذا الإطار يؤكد أبو شقرا أنّه حتى اللحظة لا توجد صيغة واضحة ومتفق عليها حول ترشيد الدعم عن المحروقات، إذ ناقشت الحكومة والجهات المعنية إمكانية خفض الدعم من 85 في المائة إلى 70 في المائة على المحروقات، ولكن من دون التطرّق إلى ما إذا كانت الـ30 في المائة المتبقية التي سيصبح تأمين دولارها على عاتق المستورد، ستكون على أساس سعر صرف السوق السوداء أو سعر منصة مصرف لبنان أي 3900 ليرة.
ويؤكد أبو شقرا أنّ ترشيد الدعم سيستثني مادة المازوت على الأرجح، وأنّه سيرفع بطبيعة الحال أسعار بقية المحروقات.
وكانت أسعار المحروقات قد بدأت ترتفع وبشكل تدريجي منذ أكثر من شهر بخلاف الأسواق العالمية، وذلك رغم عدم اتخاذ أي قرار رسمي برفع أو حتى ترشيد الدعم عن المحروقات. فقد زاد سعر صفيحة البنزين خلال هذه الفترة 2800 ليرة لتصبح بـ26800 ليرة. أمّا صفيحة المازوت فقد ارتفع سعرها من 14600 ليرة إلى 18000 ليرة، الأمر الذي يعتبره رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان سامي البراكس تمهيداً مقصوداً يسبق الإعلان عن ترشيد الدعم. ويشير البراكس، في حديث مع «الشرق الأوسط»، إلى أنّ هذا الارتفاع سيستمر خلال الأسابيع المقبلة بشكل تدريجي وذلك حتى لا يشعر المواطن بارتفاع مفاجئ لأسعار المحروقات عند ترشيد الدعم، إذ من المتوقّع أن يتجاوز سعر صفيحة البنزين الـ40 ألف ليرة عند إقرار الترشيد، مضيفاً أنّ هذا الارتفاع سيكون كمرحلة أولى لأن خطة الترشيد تأتي على مراحل يتمّ في كل منها خفض نسبة من الدعم على المحروقات فيرتفع سعرها.
ويقدّر الخبراء احتياطي العملات الأجنبيّة في مصرف لبنان بحوالي 800 مليون دولار في وقت يكلّف دعم المواد الأساسية المصرف نحو 600 مليون دولار شهرياً، الأمر الذي كان أثار غير مرّة إمكانية مس لبنان بالاحتياطي الإلزامي من العملات الأجنبيّة والمقدّر بـ17 مليار دولار تقريباً، وهو نسبة 15 في المائة من جميع ودائع المصارف بالعملات الأجنبية والتي يُلزم مصرف لبنان المصارف بإيداعه إياها.



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.