تونس تترقب تعديلاً وزارياً يطيح «وزراء القصر»

نبيل القروي المتهم بقضايا فساد مالي (أ.ف.ب)
نبيل القروي المتهم بقضايا فساد مالي (أ.ف.ب)
TT

تونس تترقب تعديلاً وزارياً يطيح «وزراء القصر»

نبيل القروي المتهم بقضايا فساد مالي (أ.ف.ب)
نبيل القروي المتهم بقضايا فساد مالي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أعلن فيه هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، عن تفويض بعض صلاحياته الى حسناء بن سليمان، الوزيرة المكلّفة الوظيفة العمومية، يتواصل ضغط عدة أحزاب معارضة، يقودها حزب «قلب تونس»، من أجل إجراء تعديل وزاري وتعزيز الحكومة بكفاءات جديدة، في ظل تباين الآراء حول جدوى هذا التعديل إذا كانت الحكومة ستعتمد على نفس السياسات الاجتماعية والاقتصادية التي اتبعتها سابقا.
ووفق ما تسرب من معلومات، فسيشمل التعديل الوزاري في حال إقراره من قبل رئيس الحكومة، وزارة الشؤون الثقافية بعد إقالة وليد الزيدي منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ووزارة الشؤون المحلية والبيئة، إثر اعتقال الوزير مصطفى العروي المتورط في ملف «النفايات الإيطالية». علاوة على بعض الوزراء المحسوبين على الرئيس قيس سعيد، ومن بينهم وزراء الداخلية والعدل والمالية والفلاحة والصحة.
ويعمل حزب «قلب تونس»، الذي يعد من أكثر المتحمسين للتحوير الوزاري، على قلب الطاولة ضد من سماهم «وزراء القصر»، وقد زاد حماسه أكثر لهذا التعديل، إثر صدور قرار بسجن رئيسه نبيل القروي، وما رافق هذا القرار من تسريبات حول أدوار مفترضة لرئيس الجمهورية في إثارة ملف الفساد.
في المقابل لا تبدي بقية الأحزاب نفس الاهتمام بالتعديل الوزاري المرتقب. ففيما تحاول بعض الأحزاب التموقع من جديد داخل المشهد السياسي، على غرار حزب «قلب تونس» الداعم لحكومة المشيشي في البرلمان، دون أن يكون لها أي تمثيل وزاري، فإن «ائتلاف الكرامة»، المقرب من حركة النهضة الإسلامية، يحاول الاستفادة من تحالفه البرلماني الثلاثي، الى جانب حركة النهضة وحزب قلب تونس من أجل الحصول على حقائب وزارية.
في السياق ذاته، تدعم بعض الأحزاب، وعلى رأسها حركة النهضة التي يرأسها راشد الغنوشي، فكرة التعديل الوزاري، وترى أنه مرتبط بتقييم أداء الوزراء، ويساعد على التوجه نحو إرساء حكومة سياسية، بدل حكومة الكفاءات التي اقترحها المشيشي.
في غضون ذلك، نفت نادية عكاشة، مديرة الديوان الرئاسي، أي علاقة لرئيس الجمهورية بالأخبار التي تم ترويجها، والتي تحدثت عن اتخاذ إجراءات قضائية ضد شخصيات نافذة، بناء على تعليمات من الرئيس قيس سعيد، مؤكدة رفض رئاسة الجمهورية لكل هذه الادعاءات. ووعدت بوضع حدّ لها.
وكان محمد الهنتاتي، وهو شيخ تخرج في جامع الأزهر في مصر ويعارض منظومة الحكم الحالي، قد أكد في تصريح إذاعي أن القضاء سيحقق مع عدة شخصيات، من بينها ابنا الغنوشي، سمية ومعاذ. إضافة إلى محمد بن سالم ورفيق عبد السلام المنتسبين لحركة النهضة أيضا، وشوقي الطبيب، الرئيس السابق لهيئة مكافحة الفساد، وسهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، وسمير بالطيب وزير الفلاحة السابق، ويوسف الشاهد وإلياس الفخفاخ، وهما رئيسان سابقان للحكومة، مؤكدا أن جميع هؤلاء لهم ملفات لدى رئيس الجمهورية، الذي أمر بإحالتها على القضاء وعلى ووكلاء الجمهورية بالعاصمة، وأنهم ممنوعون من السفر، ونسب تصريحاته إلى معطيات قضائية وأخبار واردة من القصر الرئاسي. وبشأن تطورات قضية نبيل القروي، أكد عياض اللومي، القيادي في حزب قلب تونس، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس بالبرلمان، أن تقرير الخبراء الخاص بقضية القروي وشقيقه غازي «يتضمن أخطاء فادحة، وهي أخطاء مادية ترقى إلى مستوى الانحراف بالمأمورية والتدليس». معتبرا أن ما حدث «تعسّف من قبل الخبراء في استعمال مصطلح الخلفية الاقتصادية للتدفقات المالية».وعلى المستوى السياسي، أوضح اللومي أن البعض يراهن على انتهاء كتلة «قلب تونس، وتفكك الحزام الداعم لحكومة هشام المشيشي، وإسقاط الحكومة وتعويضها بحكومة تختارها أحزاب تمت إزاحتها سابقا بتهم فساد وتضارب مصالح، «لكن هذا لن يحدث»، على حد تعبيره.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.