إشكال بين لبنانيين وسوريين ينتهي بإحراق مخيم للاجئين

«مركز الملك سلمان» يسارع إلى إغاثة سكانه... والجيش يلاحق المتورطين... وإدانة سياسية واسعة

سوري أمام المخيم المحترق في شمال لبنان (أ.ف.ب)
سوري أمام المخيم المحترق في شمال لبنان (أ.ف.ب)
TT

إشكال بين لبنانيين وسوريين ينتهي بإحراق مخيم للاجئين

سوري أمام المخيم المحترق في شمال لبنان (أ.ف.ب)
سوري أمام المخيم المحترق في شمال لبنان (أ.ف.ب)

شتت الحريق الذي أتى على مخيم للنازحين السوريين في بلدة بحنين في شمال لبنان مساء أول من أمس (السبت)، عشرات العائلات التي كانت تسكنه بعدما قضى الحريق إثر أشكال فردي بين لبنانيين وسوريين تخلله إطلاق نار، وانتهى بإضرام النيران في خيمة سرعان ما امتدت إلى سائر الخيام.
واندلع الحريق إثر أشكال بين لبنانيين وشبان سوريين، بحسب ما قال شهود عيان، ما دفع اللبنانيين إلى رمي مادة البنزين على إحدى الخيام التي احترقت، قبل أن يمتد الحريق إلى سائر الخيام والقضاء عليها خلال فترة قياسية، بسبب التهام النيران للأغطية البلاستيكية والأخشاب التي بني المخيم منها.
وأفادت قيادة الجيش اللبناني أمس، بتوقيف دورية من مديرية المخابرات في بلدة بحنين - المنية، مواطنين لبنانيين وستة سوريين على خلفية أشكال فردي وقع مساء السبت في البلدة بين مجموعة شبان لبنانيين وعدد من العمال السوريين، ما لبث أن تطور إلى إطلاق نار في الهواء من قبل الشبان اللبنانيين الذين عمدوا أيضاً على إحراق خيم النازحين السوريين.
وقالت قيادة الجيش في بيان صادر عن مديرية التوجيه، إن وحدات الجيش تدخلت إثر الإشكال وسيرت دوريات في المنطقة كما نفذت مداهمات بحثاً عن المتورطين في إطلاق النار وإحراق الخيم وضبط في منازل تمت مداهمتها أسلحة حربية وذخائر وأعتدة عسكرية. وأشارت إلى أن الموقوفين والمضبوطات سلمت وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص فيما تستمر ملاحقة باقي المتورطين لتوقيفهم.
وتحرك مركز «الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في لبنان» بالتنسيق مع جهاز «إسعاف سبل السلام» على الفور لنقل المصابين إلى المستشفيات القريبة من المخيم، وسارع إلى إغاثة المنكوبين جراء الحريق، حيث بادر أمس، بالتعاون مع «جمعية الأيادي البيضاء» و«جمعية سبل السلام الاجتماعية» و«جمعية الغنى الخيرية» إلى توزيع خيم كبيرة وأوانٍ منزلية كاملة وحقائب شتوية وبطانيات ومواد غذائية تكفي العائلة قرابة شهر من متطلبات الغذاء على العائلات المنكوبة والبالغ عددها 90 عائلة.
وتضاربت المعلومات حول أسباب الإشكال الذي وقع فيه 3 جرحى، بحسب الوكالة الوطنية. ففي حين قال شهود عيان إن الأسباب تعود إلى خلاف مالي بين اللبنانيين وسوريين يقطنون في المخيم ويعملون في ورشهم، قالت مصادر أمنية إن الخلاف وقع بعد أن حضر أفراد من عائلة «المير» اللبنانية إلى المخيم لشراء بعض الحاجيات من متجر في المخيم، وكان المحل مقفلاً، فحاول هؤلاء الأفراد إجبار أصحابه على فتحه إلا أنهم رفضوا. ولدى مغادرتهم، وجه هؤلاء الأشخاص ألفاظاً نابية إلى فتاة من عائلة سورية ما أدى إلى وقوع الإشكال الذي أدى إلى إحراق اللبنانيين لإحدى الخيام، قبل أن تمتد النيران إلى سائر الخيم.
وبدأت المنظمات الدولية والمؤسسات التابعة للأمم المتحدة بمسح الأضرار التي خلفها حريق مخيم النازحين، بالإضافة إلى بدء الشروع بخطة لإعادة تأهيل البنى التحتية، ضمن خطة طوارئ لتأمين عودة سريعة للنازحين، بعد إتمام عملية التأهيل.
وأرسل عدد من الجمعيات الأهلية المحلية والدولية مساعدات عينية للنازحين من أغطية وفرش، فيما تكفلت الجمعيات بتأمين أماكن لإيواء 93 عائلة تضم 468 شخصا، بحسب ما أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام».
وقال الناشط الاجتماعي على خط إغاثة النازحين محمد دهيبي لـ«الشرق الأوسط» إن السوريين توزعوا على مخيمات النازحين الأخرى في المنطقة، وفضلوا الإيواء في مراكز إيواء مؤقتة يعرفونها خوفاً من ردة فعل تترتب على تداعيات الحادث، وبهدف البقاء في المنطقة التي توفر لهم مصدر العيش، بالنظر إلى أن المنطقة الزراعية تلك توفر فرص العمل لهم منذ سنوات. وقال إن اللبنانيين فتحوا منازلهم منذ اللحظة الأولى، لكن السوريين اختاروا الإقامة في مخيمات أخرى لدى أشخاص يعرفونهم، فيما بدأت العائلات اللبنانية بتقديم المساعدات لهم.
وطلب رئيس بلدية طرابلس رياض يمق من سكان المدينة «فتح منازلهم وبيوتهم وأن يكونوا جاهزين لاستقبال إخوانهم ومد يد العون والمساعدة».
وأثارت الحادثة موجة استنكارات سياسية عارمة، إذ دان مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان إحراق مخيم النازحين السوريين في بلدة بحنين بالمنية، واصفا ما جرى بـ«الجريمة النكراء التي تستحق العقاب الشديد من الذين قاموا بهذا العمل المشين بحق الإنسانية»، مؤكدا أن «النازحين السوريين في لبنان هم ضيوف كرام وعلينا مساعدتهم ودعمهم لحين عودتهم إلى بلدهم»، آملا من القوى الأمنية «المسارعة لكشف الفاعلين لإطفاء نار الفتنة في المنطقة بين الإخوة».
ووصف وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة في حكومة تصريف الأعمال رمزي المشرفية الحداث بأنه «عمل إجرامي مستنكر بكل المقاييس». وطالب القضاء المختص «بإنزال أشد العقوبات بكل من خطط ونفذ وشارك في هذه الجريمة»، لافتاً إلى «أننا سنتعاون مع المنظمات الدولية لمساعدة المتضررين».
واستنكر تيار المستقبل في المنية إحراق «مخيم الإخوة السوريين»، ودعا القوة الأمنية إلى كشف ملابسات الحادثة ومعاقبة الفاعلين. وقالت منسقية المنية في التيار في بيان إن «ما حصل من اعتداء على الآمنين هو أمر مستنكر ولا يمكن أن يقبله عاقل أو مؤمن».
واستنكر الحزب التقدمي الاشتراكي الحادثة وأكد في بيان «ضرورة التعامل بأعلى درجات المسؤولية مع الحادث المرفوض». وطالب المؤسسات الدولية بالاستجابة السريعة لتأمين المسكن للنازحين المتضررين «حتى إعادة بناء المخيم».
وشدد الحزب على «ملاحقة المعتدين ومنع أي تداعيات اجتماعية لما حصل، والعمل على تحصين الواقع المحلي بوجه هكذا حوادث يجب ضبطها ومحاصرة نتائجها فورا لكي لا تغذي موجات العنصرية التي تطل بين الفينة والأخرى وتعمل بعض الجهات على إذكائها لأسباب وأسباب»، واعتبر أن احتضان العائلات اللبنانية لمن تشردوا من المخيم «كان أبلغ رسالة تضامن إنسانية أخوية ورفضا للتحريض».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».