تركيا تدق طبول الحرب في ليبيا مجدداً

هددت باستهداف «الجيش الوطني» في حال الهجوم على قواتها

وزير الدفاع التركي يتحدث إلى القوات التركية المتمركزة في غرب طرابلس (أ.ب)
وزير الدفاع التركي يتحدث إلى القوات التركية المتمركزة في غرب طرابلس (أ.ب)
TT

تركيا تدق طبول الحرب في ليبيا مجدداً

وزير الدفاع التركي يتحدث إلى القوات التركية المتمركزة في غرب طرابلس (أ.ب)
وزير الدفاع التركي يتحدث إلى القوات التركية المتمركزة في غرب طرابلس (أ.ب)

دقت تركيا طبول الحرب في ليبيا مجدداً، ولوّحت باستهداف «الجيش الوطني الليبي» بقيادة المشير خليفة حفتر وداعميه إذا تعرضت قواتها في غرب ليبيا لأي استهداف، بينما واصلت هجومها على عملية «إيريني» الأوروبية لمراقبة الحظر الدولي للسلاح على ليبيا.
وحذر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار حفتر وداعميه من مغبة أي محاولة لاستهداف القوات التركية في ليبيا. ورد، في كلمة أمام القوات التركية العاملة في ليبيا أمس (الأحد) على مطالبة حفتر، الخميس، خلال الاحتفال باليوم الوطني 69 لاستقلال ليبيا، لقوات الجيش الوطني بطرد قوات «المستعمر التركي»، قائلاً: «ليعلم كل من حفتر وداعميه أننا سنعتبرهم هدفا مشروعا في جميع الأماكن بعد كل محاولة اعتداء على قواتنا».
واعتبر أكار، الذي زار مقر القوات التركية في طرابلس أمس على هامش زيارته رفقة وفد عسكري مكون من رئيس الأركان وقائدي القوات البرية والبحرية، أن المشكلة الرئيسية في ليبيا تتمثل في حفتر وداعميه، مشيرا إلى أن حكومة الوفاق هي الحكومة الشرعية في البلاد والمعترف بها دوليا.
وأعرب عن أسفه لصمت المجتمع الدولي على ما سماه «مجازر الانقلابي حفتر»، معبرا عن ثقته بأن الحكومة الليبية ستلاحقه أمام المحاكم على هذه الجرائم ضد الإنسانية.
وأعرب عن أمله في مواصلة المحكمة الجنائية الدولية تحقيقها في «جرائم حفتر»، ومحاسبته أمام القضاء. وقال أكار إن قوات بلاده تقدم خدمات تدريبية عسكرية واستشارية للقوات الليبية في إطار تفاهمات بين البلدين، حيث قدمت قوات الجيش التركي قدمت تدريبات لنحو 3 آلاف عسكري ليبي.
ووصف حفتر بأنه «بيدق بيد القوى الخارجية»، قائلا إنه وجه تهديدات طالت العناصر التركية في ليبيا بشكل مباشر. واعتبر أن القوات التركية جاءت إلى المنطقة في إطار اتفاقات ثنائية وبدعوة من الحكومة الليبية، وأن حفتر ومن وراءه يعملون، بلا جدوى، كي ينسوا العالم أن تركيا هي الدولة الوحيدة التي استجابت إلى نداء استغاثة الضحايا الذين تعرضوا للإبادة على يد حفتر. وأضاف: «هذا المارشال المزعوم يعتقد أن شراء زي عسكري من السوق أو وضع رتب على الأكتاف يمكن أن يجعله مارشالا، فهذه الأشياء مسألة تعليم وخبرة وشجاعة وقوة... حفتر غير كفؤ ويبذل قصارى جهده لعرقلة الحلول السياسية نيابة عن شخص ما، والتستر على مجازره وجرائمه».
وجدّد أكار انتقادات تركيا لعملية «إيريني» الأوروبية في البحر المتوسط، بدعوى عدم تنسيقها مع الحكومة الليبية (حكومة الوفاق)، ووصفها بأنها عملية منحازة ومشكوك في شرعيتها، ولا يمكن أن نقبل بها.
ووقعت أزمة خلال الشهر الماضي بين تركيا وأوروبا بسبب تفتيش فرقاطة ألمانية إحدى السفن التركية المتجهة إلى ليبيا للاشتباه في حملها أسلحة لحكومة الوفاق.
وبدأ أكار والوفد العسكري التركي زيارة لليبيا، السبت، التقى خلالها كلا من رئيس المجلس الأعلى الليبي خالد المشري ووزير الدفاع صلاح النمروش ووزير الداخلية فتحي باشاغا، وتم التأكيد على استمرار الدعم العسكري والتنسيق التركي مع حكومة الوفاق بموجب مذكرة التفاهم الموقعة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.



أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».