توقف الغاز الإيراني يهدد بانهيار منظومة الكهرباء في العراق

مطالبات نيابية باستبدال كبار المسؤولين في الوزارة

TT

توقف الغاز الإيراني يهدد بانهيار منظومة الكهرباء في العراق

يشهد العراق هذه الأيام، خصوصاً في العاصمة بغداد ومحافظات الفرات الأوسط، تراجعاً كبيراً في معدلات تجهيز الطاقة الكهربائية إلى منازل المواطنين بحيث لا تتجاوز معدلات التجهيز 5 ساعات في بعض الأيام، ما يفاقم من معاناة السكان في ظل تزايد الطلب مع الانخفاض الشديد في درجات الحرارة والحاجة إلى أجهزة التدفئة التي تعتمد على الطاقة الكهربائية.
وفيما تطالب لجنة الطاقة النيابية باستبدال كبار المسؤولين في وزارة الكهرباء لتلافي انهيار المنظومة المحتمل، تعزو وزارة الكهرباء الخلل في تراجع إنتاج الطاقة إلى قيام إيران بإيقاف الغاز المصدّر إلى العراق الذي يعمل به بعض محطات إنتاج الطاقة في البلاد، نتيجة عدم إيفاء العراق بالديون المستحقة لطهران.
ويقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي: إن «التراجع الحاد في إنتاج الطاقة الكهربائية ناجم عن توقف طهران بتزويد العراق بالغاز بسبب مستحقات واجبة الدفع بذمة العراق». ويضيف العبادي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجانب الإيراني كان يجهّز العراق سابقاً بنحو 50 مليون متر مكعب لليوم الواحد، أما اليوم فلا يصل إلينا إلا نحو 5 ملايين متر مكعب، ما تسبب في تراجع كبير في الإنتاج». ويتابع: «سبق وحذرنا من أن ملف الكهرباء قد يطيح بأي حكومة في حال لم تتم معالجته بصورة صحيحة. أمام الحكومة اليوم، التفاوض مع الجانب الإيراني حول الديون المستحقة أو إطلاقها، وهناك أيضاً، خيار الإيعاز إلى وزارة النفط لتعويض الغاز بالوقود السائل».
ويستبعد العبادي إمكانية قدرة وزارة النفط على التعويض، ذلك أن «العراق بحاجة إلى نحو 23 ألف متر مكعب في اليوم من الوقود السائل، وهذا خارج إمكاناتها الإنتاجية ولم يتبقَّ أمام الحكومة إلا إقناع الجانب الإيراني بتأجيل الديوان المستحقة، وربما هذا ما سيحدث في زيارة وزير الطاقة الإيراني إلى العراق المتوقعة الثلاثاء المقبل».
وعن مقدار ما فقدته الشبكة الكهربائية في الأسابيع الأخيرة، يؤكد العبادي أنها «فقدت نحو 9 ميغاواط، كان لدينا نحو 19 ألف ميغاواط في أوقات الذروة في الصيف واليوم لدينا نحو 10 آلاف فقط، 6 منها فُقدت بس توقف الغاز الإيراني و3 نتيجة أعمال الصيانة الدورية».
وتعرضت السلطات العراقية المتعاقبة لانتقادات لاذعة لعدم استغلالها الغاز المصاحب لعملية استخراج النفط واعتمادها على الغاز المستورد بدلاً عن ذلك، وحسب بعض التقديرات المختصة فإن العراق يقوم منذ أعوام طويلة بإحراق الغاز المصاحب ولا يتم استغلاله بمتوسط يفوق 700 مليون متر مكعب يومياً.
وفي خطوة لتجاوز مشكلة الهدر في الثروة الغازيّة، افتتح رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الشهر الماضي، أضخم برج محلي لإنتاج الغاز المصاحب لاستخراج النفط، من حقول الخام العملاقة في محافظة البصرة الجنوبية بطاقة تصل إلى 400 مليون قدم مكعبة قياسية يومياً. وقالت وزارة النفط في حينها إن «البرج الجديد يعد الأكبر في مشروع غاز البصرة، ويُفترض أن يتم الانتهاء من إنجاز المرحلتين من المشروع الجديد بنهاية 2022 ضمن خطة الوزارة للتخلص من ظاهرة حرق الغاز في حقول التراخيص النفطية». ما يعني أن البلاد لن تكون قادرة على تغطية حاجتها المحلية من الغاز قبل مرور نحو سنتين. من جانبه، طالب عضو لجنة النفط والطاقة البرلمانية همام التميمي، أمس، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي باستبدال الكوادر المتقدمة وقيادات وزارة الكهرباء بعد ما سمّاه «الفشل الكبير» في معالجة أزمة الكهرباء ووصولها إلى مرحلة الانهيار. وقال التميمي في تصريحات: «سبق وحذرنا من انهيار المنظومة الكهربائية في عموم المحافظات نتيجة للتلكؤ في التعامل مع المشكلات واستمرار التخبط في العمل، ما أدى إلى تراجع كميات الطاقة المنتجة وتسبب في تراجع ساعات التجهيز اليومي إلى أدنى المستويات في عموم المحافظات». وأضاف أن «لجنة النفط والطاقة النيابية سبق أن قدمت العديد من الملاحظات والمعالجات والمقترحات لواقع المنظومة الكهربائية لكن لم نجد أي متابعة أو تفاعل مع تلك المقترحات، وكانت نتيجة حالة التعنت الوضع المتردي للمنظومة الكهربائية في هذا الوقت من العام ولا نعلم ما هو حالها في حال وصول موسم الذروة في فصل الصيف».
وشدد التميمي على «أهمية إيجاد حلول فعلية وحقيقية لواقع الكهرباء في البلد وإنهاء حالة التخبط والمحسوبية التي أوصلتنا إلى هذا المستوى وربما إلى الأسوأ في المستقبل في حال عدم المعالجة السريعة». كان البرلمان العراقي قد شكّل في يوليو (تموز) الماضي، لجنة خاصة للتحقيق في ملف الكهرباء وخلصت إلى وجود هدر يقدر بمليارات الدولارات نتيجة الفساد وسوء الإدارة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».