إجراءات أمنية في البقاع لتطويق التوترات وضبط الحدود مع سوريا

صورة نشرها حساب الجيش في «تويتر» لتدابير اتخذها في نوفمبر الماضي
صورة نشرها حساب الجيش في «تويتر» لتدابير اتخذها في نوفمبر الماضي
TT

إجراءات أمنية في البقاع لتطويق التوترات وضبط الحدود مع سوريا

صورة نشرها حساب الجيش في «تويتر» لتدابير اتخذها في نوفمبر الماضي
صورة نشرها حساب الجيش في «تويتر» لتدابير اتخذها في نوفمبر الماضي

قلصت تدابير مشددة يتخذها الجيش اللبناني في المنطقة الشرقية الحدودية مع سوريا، حجم التهريب إلى الداخل السوري، بالتزامن مع ملاحقات في قرى وبلدات البقاع الشمالي لمطلوبين تورطوا في الآونة الأخيرة بإطلاق النار وترهيب المواطنين.
ونفذ الجيش اللبناني أخيراً سلسلة ملاحقات في حي الشراونة في بعلبك، في تطور أمني مستجد لم تشهده المنطقة بهذا الحجم الكبير منذ عام ٢٠١٨، كما نفذ عدداً من المداهمات في بلدة بريتال في شرق بعلبك التي يلوذ إليها مطلوبون، وصادر أسلحة حربية خفيفة ومتوسطة وذخائر، وأوقف مطلوبين ومشبوهين بموازاة ضغوطات على السكان لتسليم المطلوبين.
وينظر سكان المنطقة بارتياح إلى هذه الحملة الأمنية التي تتصاعد منذ أكثر من عشرة أيام، وقال عضو كتلة «المستقبل» النائب بكر الحجيري، إن العلاقة التي أوصلت إلى العنف، التي حصلت فيها مناوشات في الفترة الأخيرة، «تراجعت لأن جميع الأطراف لا مصلحة لها بالتصعيد». وقال إن الحالة المزرية التي وصلت، إضافة إلى إجراءات القوى الأمنية، «دفعت إلى تكريس قناعة لدى الناس أن الأسلوب المتبع فيه قهر للناس، وقد يوصل بهم إلى الفوضى»، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «كلنا أبناء منطقة واحدة، عشائر وعائلات، ولكل دوره، والناس اقتنعت من نفسها بأن ما يحصل يجب الإقلاع عنه». وأشار الحجيري إلى أن «هناك دوراً للقوى الأمنية، وهذا الدور من المفروض أن يتوافق مع وضع سياسي بتشكيل حكومة كي تحدث نقلة نوعية على صعيد الإنماء، وعندها تقتنع الناس لوحدها بتهدئة النفوس».
وشهدت المنطقة، في الأسابيع الأخيرة، تصعيداً واشتباكات بين أفراد من عائلات وعشائر، أدت إلى توتير الوضع الأمني بشكل كبير، قبل أن يفعل الجيش اللبناني والقوى الأمنية إجراءاتهما الأمنية لملاحقة المطلوبين والمخلين.
وأكد المفتي الشيخ بكر الرفاعي، أن أبناء المدينة والجوار «تلمسوا في الفترة الأخيرة تحسناً ملحوظاً في الوضع الأمني أدى إلى بعض الانفراجات»، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الدولة بدأت، وبشكل تدريجي، تقوم ببعض العمليات الأمنية المتنقلة في مدينة بعلبك والبلدات المحيطة لها»، داعياً إلى «أن نشد على أيدي الدولة بهذا الموضوع».
وأكد أن «ما نريده هو أن تتحسن الأمور، إذ لا نريد البقاع منطقة متوترة، بل نريد بعض العمليات الأمنية التي تستهدف بعض المطلوبين الخطرين، إضافة إلى التركيز على المخدرات المنتشرة في صفوف الشباب والبنات». وقال: «إننا نشعر بجدية، وهذه الأشياء تصب في مصلحة المنطقة»، آملاً أن يكون في الفترة المقبلة «توجه لحل مشكلة البناء» التي اندلع أحد التوترات في الشهر الماضي على خلفية قيام البعض بتشييد أبنية من دون الحصول على تراخيص رسمية. وقال المفتي الحجيري، «عندما تتقدم الدولة نلاقيها بمنتصف الطريق، وعندما تتأخر واجبنا الطبيعي أن نرفع الصوت عالياً لنقول إننا نعيش حالة تفلت أمني».
وتتزامن الحملات الأمنية في المدن والبلدات، مع إجراءات أمنية على الحدود لتقويض عمليات التهريب إلى الداخل السوري. ومنذ مطلع الشهر الحالي، أطلق الجيش اللبناني خطة جديدة قضت باتخاذ إجراءات جديدة بإقفال ما تبقى من معابر غير شرعية لوقف استنزاف المواد الأساسية المدعومة من مصرف لبنان المركزي. وقد عملت القوى الأمنية والعسكرية على إيلاء موضوع التهريب وضبط الحدود اهتمامها استثنائي ليكون الإشارة الجدية لمكافحة التهريب، كما هو مطلوب محلياً ودولياً.
ونفذ الجيش اللبناني سلسلة مداهمات حدودية أدت إلى توقيف ثلاث سيارات على معبر إبش في جرود الهرمل، تلتها عملية توقيف مطلوبين اثنين وستة من أفراد عصابة الخطف وسرقة السيارات وتحويل الأموال. وأفرز الجيش اللبناني فرقة من القوة الضاربة من مغاوير الجيش اللبناني تتولى التدخل عند الضرورة.
ويؤكد مصدر من فعاليات المنطقة على تنسيق مع الأجهزة الأمنية بأن لا حل لإعادة الهدوء إلى محافظة بعلبك - الهرمل إلا بضبط الحدود اللبنانية السورية في البقاع الشمالي، والتعاطي بجدية لمنع تهريب الأشخاص من سوريا إلى لبنان، وتهريب المشتقات النفطية والطحين وبعض المواد الغذائية المدعومة إلى سوريا باتجاه حمص.
يُذكر أن التشدد بضبط الحدود اللبنانية السورية يوازيه تشدد أيضاً من الجهة السورية منذ منتصف الشهر الحالي، بعد الاشتباك الذي وقع بين قوة بين عناصر من حرس الحدود السورية الهجانة ومهربين لبنانيين أدى إلى مقتل ضابط سوري وإصابة ثلاثة جنود من عناصر الحدود على خلفية إزالة أحد جسور التهريب.
هذا وأفيد بأن أبناء العشائر الذين كانوا ينشطون على خط التهريب أبلغوا أقرباءهم بعدم التوجه إلى الحدود، والاصطدام مع الجيش السوري وعناصر حرس الحدود.



الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون يزعمون قصف الحاملة «هاري ترومان» للمرة السادسة

مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)
مقاتلة تنطلق من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (الجيش الأميركي)

زعمت الجماعة الحوثية، الأربعاء، مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع الحربية المرافقة لها في شمالي البحر الأحمر، للمرة السادسة، باستخدام الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، وذلك غداة تبنيها 4 هجمات باتجاه إسرائيل خلال 24 ساعة.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل تحت مزاعم مناصر الفلسطينيين في غزة.

المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع قال في بيان متلفز إن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير التابع لجماعته استهدفا حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» وعدداً من القطع الحربية التابعة لها شمالي البحر الأحمر.

وأوضح المتحدث أن العملية الهجومية نفذت بواسطة عدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة، زاعماً أنها المرة السادسة التي يتم فيها مهاجمة الحاملة منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

صورة جوية لحاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» والقطع المرافقة لها في البحر الأحمر (الجيش الأميركي)

وتوعدت الجماعة على لسان متحدثها العسكري بالاستمرار في شن الهجمات، وقالت إنها جاهزة لأي تصعيد أميركي أو إسرائيلي، وإن هجماتها لن تتوقف إلا بانتهاء الحرب في قطاع غزة ورفع الحصار عنه.

وسبق أن اعترف الجيش الأميركي بالتصدي لهجمات حوثية مماثلة استهدفت سفناً عسكرية في البحر الأحمر دون حدوث أي أضرار أو إصابات.

وكان المتحدث الحوثي تبنى، الثلاثاء، تنفيذ جماعته أربع هجمات باتجاه إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة خلال 24 ساعة. وأكد الجيش الإسرائيلي، من جهته، اعتراض صاروخين وطائرة مسيرة، في حين أفادت خدمة الإسعاف الإسرائيلية «نجمة داود الحمراء» بوقوع عدد من الإصابات جراء التدافع نحو الملاجئ، بعد تفعيل صفارات الإنذار.

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تلقت في 10 يناير (كانون الثاني) الحالي أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

ألف غارة

أدّت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر خلال 14 شهراً إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

ورداً على هذا التصعيد استقبلت الجماعة نحو ألف غارة جوية وقصف بحري، خلال عام من التدخل الأميركي الذي بدأ في 12 يناير 2024، وأدى ذلك إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين. وفق ما أقر به الحوثيون.

وكانت الولايات المتحدة أنشأت في ديسمبر (كانون الأول) 2023 تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير 2024، بمشاركة بريطانيا في عدد من المرات.

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

الضربات استهدفت مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين كان من نصيب الحديدة الساحلية أغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة.

وأعاق التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية والإسرائيلية مسار السلام اليمني، إذ كان اليمنيون يستبشرون أواخر 2023 بقرب الإعلان عن خريطة طريق توسطت فيها السعودية وسلطنة عمان من أجل طي صفحة الصراع المستمر منذ 10 سنوات.

وتنفي الحكومة اليمنية السردية الحوثية بخصوص مناصرة الفلسطينيين في غزة، وتتهم الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، خاصة أن الجماعة استغلت الأحداث لتجنيد عشرات الآلاف تحت مزاعم الاستعداد للمواجهة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وفيما يبدو أن المسعى الحقيقي هو التجهيز لمهاجمة المناطق اليمنية الخاضعة للحكومة الشرعية.