كان السوري عمر السومة يعيش في قريته (دير الزور) الواقعة في الشرق السوري بمعية ستة من أقرانه الأطفال الذين يقتربون من عمره أو يماثلونه بالعمر، هذا التجمع الشبابي أولد روح «المشاغبة» في نفس الطفل الذي يقضي جل يومه في أزقة شوارع المدينة الصغيرة.
مشاغبة الطفولة انعكست على شخصية عمر السومة التي أكسبته روح التحدي والمثابرة والإصرار وعدم الخضوع والخنوع لأي ظروف تحيط به كشخص قبل أن يقتحم ملاعب كرة القدم التي بات فيها اليوم رقماً صعباً.
عمر السومة الذي لم يركن لحديث ونصائح المقربين منه، عندما وصل إليه العرض الاحترافي من النادي الأهلي، بحجة أن مستوى الدوري السعودي قوي وقد يحرجه ولا يحقق نجاحاً مماثلاً لما كان عليه في الكويت.
في مباراته الأولى مع فريقه الجديد الأهلي أمام الحزم في بطولة كأس ولي العهد التي أُلغيت لاحقاً، لم يسجل عمر السومة أي هدف، في المباراة التي كسبها فريقه بهدف وحيد حمل توقيع صالح العمري، حينها كانت ليلته صعبة، وعاد لسماع أحاديث العتاب، وأن المنافسة في السعودية قوية جداً.
السومة كان في داخله يرى شيئاً مختلفاً، يقول في حديث إعلامي سابق: «في الكويت نزل مستواي كثيراً، المنافسة غير متكافئة من حيث مستويات الفريق؛ القادسية فريق قوي جداً، على الصعيد الشخصي أسجل من لقطات بسيطة لا أجري كثيراً؛ لا أبذل مجهوداً لياقياً».
وما هي إلا أيام قليلة حتى افتتح السومة موسمه في دوري المحترفين السعودي بثلاثة أهداف «هاتريك» في مباراة الأهلي الأولى أمام هجر التي كسبها بستة أهداف لهدف، وكانت تلك بداية مرحلة جميلة ومختلفة للأهلي ولعمر السومة الذي عاد بالموسم ذاته ليسجل في نهائي كأس ولي العهد ويتوج مع فريقه بلقب البطولة التي لم يسجل في مباراتها الافتتاحية أمام الحزم.
عمر السومة الشهير بلقب «العقيد» رأت عينه النور في 28 مارس (آذار) 1989 في قرية دير الزور السورية، عشق كرة القدم منذ صغر سنه، وبدأ يلاعب الساحرة المستديرة كغيره من أقرانه الأطفال قبل أن يتجه للملاعب الرسمية عبر بوابة نادي الفتوة السوري.
بدأت علاقة السومة القوية مع الشباك، منذ أن كان لاعباً ناشئاً، حيث حقق لقب الهداف برصيد 29 هدفاً في موسم 2006 - 2007، قبل أن يصعد للفريق الأول وهو ابن الثامنة عشر عاماً. وكان هذا العمر شهد أول توقيع عقد احترافي للمهاجم الهداف.
ورغم الحماس الكبير الذي يتوقد من عمر السومة، إلا أن الظروف أرهقته كثيراً. في البداية هبط فريقه إلى دوري الدرجة الثانية، وبعد فترة زمنية عاد مجدداً قبل أن تتوقف المنافسة هناك في منتصفها بسبب الثورة السورية التي اندلعت في 2011 حينها حزم السومة حقائبه واتجه للاحتراف في الكويت عبر بوابة القادسية.
لم تكن بداية السومة في الكويت مثالية، حيث كان لاعباً بديلاً في بداية مشواره، إلا أنه ينجح في وضع بصمته عند المشاركة، حيث نجح بتسجيل سبعة أهداف في القائمة التي يتصدرها ابن جلدته، محمد زينو، بتسعة أهداف، وفي موسمه الثاني رفع رصيده إلى ثمانية أهداف، قبل أن يكتسح في موسمه الثالث، ويسجل 23 هدفاً.
يتحدث السومة عن مرحلته هناك في الكويت بمروره بظروف صعبة جداً، بسبب الحرب التي كانت تمر بها بلاده (سوريا): «مررت بظروف صعبة في فترة من الفترات سجلت هدفين خلال ستة أشهر، وحينها جلست معي إدارة النادي، وتساءلت عن سبب هذا التراجع، وقامت حينها الإدارة بإحضار شقيقيَّ (محمد وعبد الله)، وكانوا يقيمون في مصر، وبعدها سجلت عشرين هدفاً».
بدأت علاقة عمر السومة بالأهلي السعودي، بعدما أمضي ثلاث سنوات احترافية في صفوف القادسية الكويتي، ليبدأ مرحلة جديدة من حياته تبدو هي الأهم في مسيرته الكروية حتى الآن، في موسمه توج السومة مع فريقه بلقب كأس ولي العهد بعد فوزه على الهلال بهدفين لهدف، وحل الفريق في المركز الثاني بترتيب الدوري خلفاً للنصر، وبفارق أربع نقاط عنه، وتوج على الصعيد الشخصي السومة بلقب هداف الدوري برصيد 22 هدفاً.
في الموسم الثاني قاد عمر السومة فريقه لمعانقة اللقب الذي ظل غائباً عن خزائن الفريق منذ ثلاثين عاماً، حيث تُوج الأهلي بلقب الدوري عقب انفراده بالصدارة بفارق ثماني نقاط عن الوصيف الهلال وحينها تُوج السومة أيضاً بلقب الهداف برصيد 27 هدفاً.
عاد السومة في الموسم الثالث له مع فريق الأهلي ليحقق لقب الهداف برصيد 24 هدفاً مسجلاً حضوره القوي في قائمة هدافي الدوري لمدة ثلاثة مواسم متواصلة، وفي المواسم الثلاثة التي أعقبتها يواصل السومة حضوره دون حصوله على لقب الهداف، حيث سجل في موسم 11 هدفاً ثم 19 هدفاً تكررت في الموسمين الماضيين.
وبهدفه في الجولة الأخيرة بشباك فريق الفتح، أصبح عمر السومة الهداف التاريخي لدوري المحترفين السعودي، بعدما رفع رصيده إلى 127 هدفاً محطماً جميع الأرقام القياسية السابقة.
وينجح عمر السومة بتسجيل حضوره القوي في المباريات الكبيرة وأمام الأندية المنافسة التي عانت شباكها من أهدافها المتعددة، حيث وضع السومة بصمته في شباك الاتحاد (الغريم التقليدي للأهلي) برصيد 11 هدفاً مقابل عشرة أهداف في شباك النصر والشباب وثمانية أهداف في شباك الهلال.
أمام هذه المنجزات الشخصية الكبيرة، يظل عمر السومة واحداً من أهم الأسماء التي حضرت في ملاعب كرة القدم السعودية، ونموذجاً مميزاً في اللاعب المحترف الذي يواصل العمل على نفسه لثبات مستواه واستمرارية حضوره بهذا الوهج الكبير.
عمر السومة... أيقونة فرح في قلعة الأهلي
النجم السوري أصبح هدافاً تاريخياً لدوري المحترفين السعودي
عمر السومة... أيقونة فرح في قلعة الأهلي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة