لبنان ينفي إيداع خرائط حدوده البحرية لدى الأمم المتحدة

وزير الخارجية لـ«الشرق الأوسط»: رسالة بومبيو سياسية ونرحب بالوساطة الأميركية

رسم يظهر الاختلاف في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل (الوكالة المركزية)
رسم يظهر الاختلاف في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل (الوكالة المركزية)
TT

لبنان ينفي إيداع خرائط حدوده البحرية لدى الأمم المتحدة

رسم يظهر الاختلاف في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل (الوكالة المركزية)
رسم يظهر الاختلاف في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل (الوكالة المركزية)

نفى لبنان أن يكون قد أودع لدى الأمم المتحدة في وقت سابق، خرائط تتضمن مطالبته بالحدود البحرية مع إسرائيل التي يجري التفاوض عليها الآن بطريقة غير مباشرة وبرعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية، مؤكداً أن الخرائط الوحيدة المودعة في المنظمة الدولية هي خريطة الحدود البرية المرسمة في العام 1922.
وأثار تصريح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أول من أمس (الثلاثاء) التباساً بشأن الوثائق المرتبطة بترسيم الحدود البحرية، حين قال إن «الولايات المتحدة ما زالت مستعدة للوساطة في نقاش بناء» بين لبنان وإسرائيل، وحض الطرفين على «التفاوض استنادا إلى المطالبات التي سبق أن رفعها كل منهما للأمم المتحدة».
وأكد وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة لـ«الشرق الأوسط» أن «لبنان لم يودع لدى الأمم المتحدة أي خرائط جديدة، بالنظر إلى أن الخرائط ترسل لدى إبرام الاتفاق وترسيم الحدود، طالما أن اتفاق ترسيم الحدود لم ينجز مع الجانب الإسرائيلي، وهو بصدد التفاوض حوله، فإن الخرائط الوحيدة المودعة لدى الأمم المتحدة هي خرائط الحدود البرية التي رسمت في العام 1922 بين لبنان وفلسطين، وأودعت لدى عصبة الأمم في العام 1923، وجرى تثبيتها في اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل في العام 1949».
وأكد وهبة أن «بومبيو يبعث برسالة سياسية وليست فنية أو تقنية، إذ أراد القول إن الولايات المتحدة مستمرة بلعب دورها كوسيط في المفاوضات غير المباشرة»، مشدداً على «أننا نرحب بهذا الدور للتوصل إلى ترسيم الحدود البحرية». وإذ كرر وهبة «إننا لم نودع أي خرائط الأمم المتحدة غير الخرائط التي تثبت حدودنا البرية»، قال: «إننا نأخذ من تصريح بومبيو حثه للبنان على الاستناد إلى خرائط الحدود البرية التي أودعت الأمم المتحدة في وقت سابق للانطلاق منها لترسيم الحدود البحرية»، استناداً إلى القوانين والأعراف الدولية التي ترسم الحدود البحرية بين الدول المتجاورة «انطلاقاً من آخر نقطة حدودية دولية في البر» على الساحل، لافتاً إلى أنه المسار الذي يجري التفاوض غير المباشر حوله حالياً.
ويختبر مسار ترسيم الحدود بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي في هذا الوقت، تعقيدات إضافية، على ضوء مطالب لبنان بحقوق انطلاقاً من نقطة الحدود الدولية البرية المثبتة في العام 1922، وهو ما يمنحه مساحة بحرية إضافية تقدر بـ2290 كيلومتراً مربعاً.
وترفض إسرائيل هذه الخرائط اللبنانية «المدعمة بوثائق طوبوغرافية وتاريخية وجغرافية»، وتريد الانطلاق من الإحداثيات القديمة وهي عبارة عن مذكرة أرسلت إلى الأمم المتحدة في العام 2011، تتضمن إشعاراً بتوافق أولي على نقطة حدودية بين حدودهما البحرية، ما يحصر النزاع الحدودي بـ860 كيلومتراً مربعاً بحرياً فقط. واقترح الخبير الحدودي الأميركي فريدريك هوف آنذاك أن تقسم المساحة بين الطرفين على قاعدة منح لبنان 58 في المائة من المنطقة المتنازع عليها (الـ860 كيلومتر)، وإسرائيل 42 في المائة.
ومع أن لبنان وقبرص توصلا إلى تفاهم حول تلك النقطة البحرية التي وضعها الوفدان اللبناني والقبرصي، إلا أن النقطة لم تكن نهائية لأن الاتفاق بينهما لم يبرم، بالنظر إلى أنه لم يقر في البرلمان اللبناني. ويرى لبنان أن قبرص «أساءت استخدام هذا التفاهم بما أضر بمصالح لبنان». ويشدد لبنان على أن النقطة التي تزعمها إسرائيل، «هي نقطة الانطلاق بالتفاوض بين لبنان وقبرص ولا تعني أبداً أنها نقطة الحدود مع فلسطين التي يجب أن تنطلق من آخر نقطة دولية على البر».
ويشرح وزير الخارجية اللبناني أن لبنان وقبرص توصلا إلى اتفاق أولي في العام 2010 مرتبط بترسيم الحدود البحرية بين دولتين متواجهتين تربطهما حدود بحرية، لافتاً إلى «أننا قلنا لحظة التوصل إلى الاتفاق على تلك النقطة إنها تبقى مؤقتة إلى حين توصل الجانبين اللبناني والإسرائيلي إلى تفاهم حول حدودهما بالنظر إلى أن الحدود البحرية مشتركة بين الدول الثلاثة، وأصر لبنان على أن مشروع الاتفاق مع قبرص يصبح نهائياً بعد ترسيم الحدود البحرية اللبنانية مع فلسطين». وقال: «لكن قبرص أبرمت اتفاقاً ثنائياً مع إسرائيل، وهو اتفاق لا يلزم لبنان بتاتاً لأنه تم قبل ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي»، مشيراً إلى أن «قبرص أخطأت باتفاقها الثنائي بمعزل عن لبنان، واعترفت بالخطأ لاحقاً لأنه كان يفترض أن تبلغ لبنان بذلك لكنها لم تفعل».
وعليه، يؤكد وهبة أنه لا خرائط بحرية بعد، بل هي خاضعة لمسار التفاوض القائم الآن لتثبيت الحدود البحرية انطلاقاً من النقطة الحدودية الدولية في البر، مضيفاً: «لدى الانتهاء من التفاوض وترسيم الحدود، تودع الخرائط الأمم المتحدة وتصبح الحدود معترفاً بها دولياً».
وبعد إطلاقها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تعثرت المفاوضات بين إسرائيل ولبنان وهما رسميا في حالة حرب. وفي 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اتهمت إسرائيل لبنان بتغيير موقفه مرارا بشأن ترسيم الحدود البحرية محذرة من أن هذا الأمر قد يؤدي إلى طريق مسدود وبالتالي يبطئ عملية استكشاف موارد الهيدروكربون البحرية في المنطقة. وألغيت جلسة التفاوض الخامسة التي كان يفترض أن تعقد مطلع الشهر الحالي، واستبدلت بلقاءات ثنائية عقدها الموفد الأميركي مع الجانب اللبناني في بيروت، والجانب الإسرائيلي في تل أبيب.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان يوم الثلاثاء الماضي: «في وقت سابق من هذا العام، سعت الحكومتان الإسرائيلية واللبنانية إلى مساعدة الولايات المتحدة في التوسط للتوصل إلى اتفاق بشأن حدودهما البحرية». وأسف لأن الطرفين لا يزالان متباعدين جداً «رغم وجود بعض النيات الحسنة للجانبين».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.