المغرب يوقع مع أميركا والبنك الدولي اتفاقيات استثمارية وتمويلية

TT

المغرب يوقع مع أميركا والبنك الدولي اتفاقيات استثمارية وتمويلية

وقعت الرباط وواشنطن، مساء الثلاثاء، اتفاقين للتعاون موجهين لإنعاش الاستثمارات بالمغرب وإفريقيا، وذلك خلال زيارة الوفد الأميركي-الإسرائيلي عالي المستوى.
والاتفاق الأول هو مذكرة تفاهم بين حكومة المغرب وشركة تمويل التنمية الدولية للولايات المتحدة وقعها وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون، والرئيس المدير العام للشركة الأميركية آدام سيث بويلر. وتنص مذكرة التفاهم على تقديم دعم مالي وتقني بمبلغ مالي قدره 3 مليارات دولار، لمشاريع الاستثمار الخاصة بالمغرب وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء، بتنسيق مع شركاء مغاربة.
أما الاتفاق الثاني، الذي وقعه محسن الجزولي الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج مع آدام سيث بويلر، فهو عبارة عن إعلان نوايا بين حكومة المغرب وحكومة الولايات المتحدة، ممثلة من طرف شركة تمويل التنمية الدولية للولايات المتحدة بخصوص المبادرة الأميركية «ازدهار أفريقيا».
وتعرب الحكومة المغربية، من خلال إعلان النوايا هذا، عن دعمها للمبادرة الأميركية «ازدهار أفريقيا»، إذ سيتم افتتاح فرع للوكالة بسفارة الولايات المتحدة بالرباط، من أجل تسهيل ولوج المستثمرين الأميركيين والتعاون المشترك لصالح أفريقيا.
كما وقع المغرب والبنك الدولي مساء أول من أمس على ثلاث اتفاقيات تمويل بقيمة 800 مليون دولار. وتهم هذه الاتفاقيات، التي أشرف على توقيعها وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربي، والمدير الإقليمي للبنك الدولي في المغرب العربي، جيسكو هنتشيل، بحضور وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي، الحماية الاجتماعية (400 مليون دولار) وبرنامج «الجيل الأخضر» (250 مليون دولار)، وكذا برمجة وعصرنة النقل الحضري (150 مليون دولار).
وقال الوزير بنشعبون في تصريح صحافي إن هذه الاتفاقيات تندرج في إطار رؤية شاملة للبرمجة تم تسطيرها على مدى خمس سنوات مع مجموعة البنك الدولي، وتتعلق بمواكبة السياسات العمومية وتتبع أولويات الحكومة في جميع المجالات.
وأشار الوزير المغربي إلى أن برنامج الحماية الاجتماعية يشكل ورشا كبيرا سينطلق هذه السنة مع العديد من الإصلاحات، مسجلا أن برنامج «الجيل الأخضر» يشكل، من جهته، برنامجا استراتيجيا جديدا للقطاع الفلاحي يهدف عند نهايته إلى خلق طبقة متوسطة في القرى.
من جانبه، قال هنتشيل إن اتفاقية الحماية الاجتماعية تمكن من دعم جهود المملكة في تدبير الأزمة، ولا سيما عملية «تضامن» التي نفذت في بداية جائحة كوفيد-19، والتي مكنت من دعم العديد من الأسر التي لا تتوفر على تغطية اجتماعية، مبرزا أن هذا البرنامج هو «من أكثر البرامج ابتكارا على المستوى الدولي، حيث تم تسجيل المستفيدين عبر الهواتف الجوالة».
وأضاف أن هذا التمويل سيمكّن كذلك من دعم برنامج «تيسير» خلال السنوات المقبلة، مبرزا أهمية هذا البرنامج الذي يمكن الأطفال من مواصلة دراستهم في المدرسة، سواء عن بعد أو حضوريا.
وأوضح هنتشيل أن الاتفاقية الثانية تتعلق بالنقل الحضري من خلال الاستثمارات في وسائل النقل والبنيات التحتية الجديدة (ممرات خاصة بالحافلات العمومية)، مسجلا أن الاتفاقية الثالثة تهدف إلى دعم برنامج «الجيل الأخضر»، لا سيما من خلال تكوين الشباب في العالم القروي والنهوض بالتقنيات الذكية مناخيا.



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.