كساد الأسواق بعد خفض قيمة الدينار يعمق معاناة العراقيين

«القضاء» و«الداخلية» يلوحان بمحاسبة المتلاعبين بالأسعار

زينة أعياد الميلاد معروضة للبيع في متجر بشارع وسط بغداد أول من أمس (إ.ب.أ)
زينة أعياد الميلاد معروضة للبيع في متجر بشارع وسط بغداد أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

كساد الأسواق بعد خفض قيمة الدينار يعمق معاناة العراقيين

زينة أعياد الميلاد معروضة للبيع في متجر بشارع وسط بغداد أول من أمس (إ.ب.أ)
زينة أعياد الميلاد معروضة للبيع في متجر بشارع وسط بغداد أول من أمس (إ.ب.أ)

لن ينتهي عام 2020 من دون أن يلقي بأعباء جسيمة ويزيد من معاناة المواطنين العراقيين المتواصلة، منذ عقد ونصف من الزمن، وبعد أشهر طويلة من المشكلات التي ألقت بظلالها القاتمة على حياة السكان المعيشية جراء الاضطرابات الشعبية وانخفاض أسعار النفط وجائحة «كورونا»، وأتى قرار خفض سعر صرف الدينار مقابل الدولار الذي اتخذته السلطات العراقية ليزيد من التحديات المعيشية في نهاية عام شديد التعقيد والصعوبة. وحيال المخاوف من استغلال بعض التجار حالة الارتباك الحالية التي تمر بها الأسواق العراقية وقيامهم برفع أسعار السلع، لوح مجلس القضاء الأعلى ووزارة الداخلية بمحاسبة التجار المتلاعبين بالأسعار.
وأبلغ شهود عيان «الشرق الأوسط» بتراجع حركة البيع والشراء في المراكز التجارية التقليدية في بغداد مثل، منطقة الشورجة، وشارع الكفاح، والسوق العربي، ومنطقة جميلة، ورافقه ارتفاع طفيف في أسعار السلع.
ويقول بائع الملابس بالجملة في «سوق الأرمن» القريب من الشورجة، حمادة الشارب: «لم يشهد السوق تراجعاً في حركة البيع مثلما يحدث هذه الأيام، مع أننا في موسم أعياد رأس السنة الميلادية وعادة ما تتضاعف عمليات البيع وتزدهر التجارة فيه».
ويضيف: «الأسواق شبه خالية. عدد من التجار يفضلون إغلاق محالهم في انتظار ما تفسر عنه الأيام المقبلة من تحولات. حركة السوق مترنحة. أسعار البضائع في صعود ونزول متواصل. الأغرب أن سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار في بورصة (الكفاح) أقل من سعر الدولار الرسمي الذي يبيعه البنك المركزي (1145 ديناراً مقابل الدولار الواحد)».
ويرى الشارب أن «حركة الأسواق ربما تواجه مزيداً من التراجع في الأيام المقبلة مع تراجع أسعار الصرف، وقرار الحكومة الأخير بفرض الإغلاق الجزئي للأسواق والمطاعم بسبب جائحة (كورونا)». ويتابع: «لقد اختبرنا كثيراً من الأعوام الصعبة في السنوات الماضية... إرهاب وأعمال عنف، وغيرها، وجاءت نهاية عام 2020 لتكمل مسيرة تلك الأيام العسيرة».
وفي سوق «جميلة»، المختصة ببيع المواد الغذائية والفاكهة والخضراوات شرق العاصمة، أغلق معظم أصحاب المتاجر أبواب محالهم، أمس، وطالبوا عبر وقفات احتجاجية بإقالة محافظ البنك المركزي، ووزير المالية، بعد قرارهما خفض قيمة الدينار أمام الدولار. مما تسبب في أزمة كساد الأسواق الحالية.
وكانت الحكومة العراقية والبنك المركزي قد أصدرا قراراً مطلع الأسبوع بخفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار لتبلغ 1145 ديناراً لكل دولار، بعدما استقرت لسنوات عند حاجز 1119 ديناراً مقابل الدولار، في مسعى لمواجهة أزمتها المالية وخفض قيمة العجز في الموازنة العامة.
ورغم الانتقادات الشديدة التي تعرضت لها الحكومة، ومن مختلف الاتجاهات السياسية، والشعبية، بدعوى أن خفض سعر الدينار سيعرض الفئات السكانية الفقيرة إلى الضرر البالغ، فإن اتجاهات أخرى ترى أن قرار الخفض مفيد ويتناسب مع قيمة الدينار الحقيقية، فضلاً عن أنه يساهم في ردم نحو 10 في المائة من عجز الموازنة المالية المقدر بنحو 60 مليار دولار، وكذلك يحول دون «استقطاب» بعض دول جوار العراق للدولار، كما قال قبل أيام محافظة البنك المركزي.
وتتحدث أوساط المحللين الاقتصاديين عن أن إيران من بين أكثر الدول الإقليمية استفادة من ارتفاع صرف الدينار العراقي السابق، بحيث تتمكن عبر شبكة مصارف عراقية حليفة من الاستفادة من ذلك، ومع خفض سعر صرفه، فإنها ستتوقف ربما عن استنزاف الأموال العراقية.
وتراجعت مبيعات البنك المركزي العراقي من الدولار، خلال الأيام الأخيرة، في أعقاب خفض سعر الصرف، حيث بلغت المبيعات الكلية، أمس، (77.650.994) مليون دولار فقط، بعدما كانت بمعدل لا يقل عن 250 مليون دولار في اليوم الواحد، مما عدّه بعض المراقبين مؤشراً على أن ملايين الدولار التي كانت تباع في مزاد العملة لا تعبر عن حاجة السوق المحلية العراقية، إنما عن حاجات أسواق دول أخرى.
ويبيع البنك المركز العراقي، منذ سنوات، الدولار الأميركي الذي تتحصل عليه وزارة المالية من عائدات النفط بمزاد علني لمصارف خاصة للحصول على الدينار العراقي لتمويل إنفاقات الحكومة، ويتعرض مزاد العملة لانتقادات شديدة منذ سنوات ويتهم بالفساد واستثماره من قبل أحزاب وجماعات نافذة لها صلات بدول إقليمية.
من جانبه، وبعد الارتفاع الطفيف في أسعار السلع والمواد الغذائية، وجه مجلس القضاء الأعلى محاكم التحقيق كافة لـ«اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من تسبب في الضرر بالاقتصاد الوطني، سواء من تجار العملة الأجنبية، والتجار المحتكرون للبضائع والسلع الغذائية والسلع الضرورية التي يحتاجها المواطنون يومياً».
وطلب المجلس في بيان أصدره، أمس، من وزارة الداخلية «الإيعاز إلى مديريات الشرطة المختصة بذلك لإجراء جولات تفتيشية على محلات بيع الجملة وأماكن بيع العملة الأجنبية لضبط المخالفين للقانون».
وذكر بيان المجلس أن «محكمة التحقيق المختصة بمكافحة غسل الأموال باشرت منذ أيام عدة إجراء التحقيق بخصوص مزاد بيع العملة الأجنبية ومخالفات بعض المصارف الخاصة للقانون للاشتراك في مزاد بيع العملة الأجنبية».
وكان وزير الداخلية عثمان الغانمي هدد، الثلاثاء الماضي، بـ«الضرب بيد من حديد» على المتلاعبين بالأسعار من تجار الجملة والمفرد.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.