رغم زحمة الملفّات الساخنة على طاولة الاتحاد الأوروبي، من جائحة «كوفيد – 19» إلى الأزمة الاقتصادية الطاحنة المرشّحة لمزيد من التفاقم، ومروراً بإرساء صيغة جديدة للعلاقات مع الولايات المتحدة والصين ومعالجة «الصداع التركي»، كما أسماه الممثل الأعلى للسياسة الخارجية جوزيب بورّيل، يجهد الاتحاد الأوروبي منذ أيام في سباق مع الوقت لتحاشي ظهور انقسامات جديدة في صفوفه عند تحديد موقفه من البرلمان الفنزويلي الجديد الذي من المقرر أن تبدأ ولايته في الأسبوع الأول من الشهر المقبل.
وتقول مصادر دبلوماسية مطلعة، إن غالبية الدول الأعضاء في الاتحاد الذي لا يعترف بشرعيّة الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت في السادس من هذا الشهر وقاطعتها أحزاب المعارضة، تميل إلى عدم تجديد اعترافها بخوان غوايدو رئيساً مكلّفاً للجمهورية، لكن مع الإبقاء على الاعتراف به رئيساً للبرلمان الأخير المنتخب بصورة شرعية والمطالبة بإجراء انتخابات حرّة.
وفي حين تتريّث الدبلوماسية الأوروبية قبل الإقدام على خطوتها المقبلة من الأزمة الفنزويلية في انتظار معرفة اتجاه رياح الإدارة الأميركية الجديدة، يجول خوان غوايدو على بعض العواصم الأوروبية ساعياً إلى تمديد الاعتراف به رئيساً تعترف به أكثر من 60 دولة ومكلّف قيادة المرحلة الانتقالية حتى إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تتوافر فيها الضمانات الديمقراطية.
لكن هذا المطلب الذي يسعى غوايدو إلى تحقيقه، من غير أن يتضّح بعد موقف الإدارة الأميركية الجديدة، يصطدم بعقبات في المحيط الأميركي اللاتيني، حيث ترفض بعض الدول الاعتراف بشرعية البرلمان المنتهية ولايته، رغم عدم اعترافها بشرعية الانتخابات البرلمانية الأخيرة، خاصة في هذه المرحلة المضطربة على أكثر من صعيد في المنطقة. كما يصطدم أيضاً بعدم رغبة الأوروبيين في تكرار مشهد الانقسام في صفوف الدول الأعضاء عندما قرّر الاتحاد الاعتراف بغوايدو في فبراير (شباط) من العام الماضي لكن باعتراض أعضاء عدة، في طليعتهم إيطاليا واليونان. وتفيد المصادر الدبلوماسية بأن الحكومة الإيطالية ليست حالياً في وارد تغيير موقفها.
وتقول مصادر مطّلعة، إن الاتحاد الأوروبي يفاضل حالياً بين ثلاثة خيارات لتحديد موقفه من الوضع في فنزويلا. الأول هو مواصلة الاعتراف بغوايدو رئيسا مكلّفاً، وهو الذي يحظى بأقل قدر من التأييد بين الدول الأعضاء. والثاني هو عدم الاعتراف بشرعية أي من الطرفين؛ ما يعني معاملة نظام نيكولاس مادورو على قدم المساواة مع غوايدو والمعارضة، وهو خيار مستبعد، خاصة أنه يواجه معارضة شديدة من ألمانيا التي صعّدت انتقاداتها مؤخراً ضد مادورو. يبقى الخيار الثالث الذي يقضي بعدم الاعتراف بغوايدو رئيساً مكلّفاً، بل رئيساً لآخر برلمان شرعي في انتظار إجراء انتخابات ديمقراطية. ومن شأن هذا الخيار أن يبرز موقع غوايدو زعيماً للمعارضة بالمقارنة مع نظام مادورو، ويحول دون انقسام جديد في الموقف الأوروبي.
ويقول المدافعون عن هذا الخيار الثالث، إنه، بالإضافة إلى صونه وحدة الصف الأوروبي، يوفّر الحماية للمعارضة الفنزويلية في وجه قمع النظام، ويواصل تمكينها من الحصول على الأرصدة المالية الموزعة بين بريطانيا والولايات المتحدة والبرتغال وسويسرا، والتي يطالب النظام باستعادتها لتمويل حملة التلقيح ضد «كوفيد – 19». لكن يعترف المسؤولون في الجهاز الأوروبي للعلاقات الخارجية بأن الإجماع حول الموقف الأوروبي لن يكون سهلاً، ويتوقعون مفاوضات صعبة قبل التوصّل إلى صيغة مشتركة للبيان الذي سيصدر في السادس من الشهر المقبل، أي في اليوم التالي لجلوس البرلمان الفنزويلي الجديد المنتخب من غير مشاركة المعارضة
على أن يُترك تحديد الموقف الرسمي في القمة الأولى العام المقبل. وتقول مصادر دبلوماسية أوروبية، إن المعلومات الواردة من واشنطن تفيد بأن فريق بايدن الذي يشرف على المرحلة الانتقالية يمهّد لمفاوضات محتملة مع نظام مادورو لإنهاء أكبر أزمة إنسانية في تاريخ أميركا اللاتينية، وأن الإدارة الأميركية الجديدة قد تعلن قريباً عن موقفها الداعي إلى إجراء انتخابات حرّة في فنزويلا، لكن من دون اشتراط تنحّي مادورو وسقوط نظامه.
3 خيارات أوروبية لأزمة فنزويلا في انتظار موقف إدارة بايدن
3 خيارات أوروبية لأزمة فنزويلا في انتظار موقف إدارة بايدن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة