اغتيال مسؤول أمني رفيع وشرطي على أيدي مسلحين مجهولين

متحدث الداخلية لـ («الشرق الأوسط») : نخوض مواجهات شرسة مع الجماعات الإرهابية

مشيعون خلال جنازة رسمية شرق القاهرة يحملون نعش لواء الشرطة الذي اغتاله مجهولون أمس (أ.ف.ب)
مشيعون خلال جنازة رسمية شرق القاهرة يحملون نعش لواء الشرطة الذي اغتاله مجهولون أمس (أ.ف.ب)
TT

اغتيال مسؤول أمني رفيع وشرطي على أيدي مسلحين مجهولين

مشيعون خلال جنازة رسمية شرق القاهرة يحملون نعش لواء الشرطة الذي اغتاله مجهولون أمس (أ.ف.ب)
مشيعون خلال جنازة رسمية شرق القاهرة يحملون نعش لواء الشرطة الذي اغتاله مجهولون أمس (أ.ف.ب)

قتل شرطيان مصريان، أحدهما مسؤول أمني كبير برتبة لواء، على أيدي مسلحين مجهولين في حادثتي اغتيال متفرقتين بالقاهرة أمس. وقال الدكتور حازم الببلاوي رئيس الحكومة عقب الحادث إنه «لن يزيدنا إلا إصرارا على تطهير مصر بكاملها من الإرهاب»، في حين نوه اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك تصعيدا من جانب الجماعات الإرهابية لعمليات اغتيال عدة واستهداف لمقرات الدولة.. جرى رصده منذ فترة وتجري متابعته»، وأضاف: «هناك مواجهات شرسة في هذا الموضوع».
وأعلنت وزارة الداخلية مقتل اللواء محمد السعيد مدير الإدارة العامة للمكتب الفني لوزير الداخلية إثر تعرضه لطلقات من مجهولين بشارع الهرم صباح أمس. وأوضح بيان للوزارة أن «الحادث جاء إثر اعتراض دراجة بخارية يقودها شخصان لسيارته وإطلاق النيران تجاهه». وأضافت أن «الأجهزة الأمنية تكثف جهودها للوقوف على ظروف وملابسات الحادث وضبط مرتكبيه».
وتوجه وفد من النيابة العامة لموقع الحادث للتحقيق في الواقعة، وكشفت معاينة النيابة، التي انتقلت أيضا إلى مستشفى الشرطة لفحص جثة القتيل، أنه «قتل برصاصة واحدة اخترقت زجاج سيارته واخترقت الرقبة». وقد استمعت إلى أقوال الشهود في مكان الواقعة.
وقال شهود عيان إن «الملثمين أطلقوا النار على سيارة اللواء السعيد بعد مغادرته منزله بمسافة قصيرة قبل أن يلوذوا مسرعين بالفرار، في حين حاول السائق إسعاف المجني عليه دون نتيجة».
وعمل اللواء السعيد ضابطا سابقا في جهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقا)، قبل أن يتولى منصب مدير الإدارة العامة للمكتب الفني لوزير الداخلية. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية إن دوره كان يتعلق بالتنسيق العام والاتصال بين وزارة الداخلية ومؤسسات الدولة المختلفة.
وتقدم الدكتور حازم الببلاوي رئيس مجلس الوزراء واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية مشيعي جنازة اللواء السعيد، من مسجد أكاديمية الشرطة بالعباسية (شرق القاهرة)، التي حضرها أيضا عدد من الوزراء والمحافظين وجمهور غفير من المواطنين، حيث حمل الجثمان على عربة إطفاء تقدمها مجموعة من الضباط وحملة الزهور، ثم نقل الجثمان إلى مقابر الأسرة حيث يوارى الثرى.
وشهد تشييع الجنازة هتافات ضد جماعة الإخوان المسلمين، والمطالبة بإعدام عناصرها والقصاص العادل من القتلة الذين أراقوا دماء الشهداء الذين يؤدون واجبهم من أجل مصر.
وفي السياق ذاته، قتل رقيب شرطة يدعى محمد طه السيد متأثرا بإصابته بطلق ناري بالرأس إثر قيام مسلحين بإطلاق النار على كنيسة «العذراء» بمدينة السادس من أكتوبر (غرب العاصمة). وقال مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية إنه «جرى إلقاء القبض على متهم من بين المتهمين الخمسة مرتكبي الحادث، وعثر بحوزته على بندقية آلية وأخرى خرطوش وست طلقات نارية».
وأكد المصدر الأمني استمرار رجال الأمن في ملاحقتهم ومطاردتهم للمتهمين الأربعة الهاربين لضبطهم وما بحوزتهم من أسلحة نارية.
وقتل نحو 200 من رجال الشرطة في هجمات لمتشددين منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، في الثالث من يوليو (تموز) الماضي. كما تعرض وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم لمحاولة اغتيال بتفجير سيارة قرب منزله في سبتمبر (أيلول) الماضي.
ويأتي حادث اغتيال اللواء السعيد عقب سلسلة تفجيرات وقعت أخيرا استهدفت مواقع شرطية، كان آخرها تفجيرا استهدف مديرية أمن القاهرة يوم الجمعة الماضي، ما أسفر عن سقوط أربعة قتلى وإصابة 76 آخرين، سبقه تفجير في مديرية أمن الدقهلية (شرق القاهرة)، في 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأودى بحياة 16 شخصا معظمهم رجال شرطة.
وقال اللواء هاني عبد اللطيف لـ«الشرق الأوسط»: «إننا نواجه إرهابا دوليا وتحديات ضخمة جدا وموروثا إرهابيا كبيرا خلال هذه الفترة، نتيجة أن هناك تنظيما إرهابيا حكم مصر لمدة عام»، في إشارة إلى فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي.
وكانت الحكومة اتهمت الإخوان المسلمين بتدبير هذه العمليات، كما أعلنتها الشهر الماضي «منظمة إرهابية».
وأوضح المتحدث أنه «في الفترة الأخيرة حدثت نجاحات كبيرة على مستوى تقدم العملية السياسية في البلاد والخطوات السريعة نحو إنهاء خارطة الطريق، وهو ما سبب لهم (الجماعات الإرهابية) إزعاجا، وبدأ الإرهاب يترنح، ما تسبب في لجوئه إلى فكرة الاغتيالات، لكننا سنواجهها بشراسة وقوة».
ونوه اللواء عبد اللطيف إلى أن «الإرهاب الأسود، سواء كان اغتيالات لمسؤولين في الجيش أو الشرطة أو استهداف لمقرات الدولة، نحن رصدناه منذ فترة، وهناك تصعيد له نحن نتابعه». واستطرد: «هناك مواجهات شرسة في هذا الموضوع».
وحول خطة وزارة الداخلية لتأمين أبنائها في مواجهة عمليات استهدافهم، قال المتحدث إن «الشرطة دورها حماية المواطنين، وهذه المخاطر هي جزء من عمل الشرطة، وهذه الرسالة التي يؤمن بها جميع رجال الشرطة».
ومن جهته أدان الدكتور حازم الببلاوي، رئيس مجلس الوزراء، ما وصفه بـ«الحادث الإرهابي الآثم»، مؤكدا أنه «لن يزيدنا إلا إصرارا على تطهير مصر بكاملها من الإرهاب، وإنه لن يزيد رجال الشرطة البواسل إلا تصميما على أداء دورهم بكل شجاعة في الحفاظ على هذا الوطن وحماية أبنائه مهما كانت التضحيات».
من جهة أخرى، نجحت قوات الأمن في إبطال عبوة متفجرة أمام مبنى دار القضاء العالي (وسط القاهرة) والقبض على 17 مثيرا للشغب بحوزتهم كميات كبيرة من زجاجات المولوتوف والألعاب النارية على خلفية التجمع الذي نظمه عدد من أنصار جماعة الإخوان المسلمين بمنطقة رمسيس أمس.
وقال مصدر أمني إن «أنصار الجماعة الإرهابية خلال تجمعهم أمام دار القضاء العالي قاموا بقطع الطريق والاعتداء على القوات والمواطنين وإثارة الشغب وترديد هتافات مناهضة للقضاء والشرطة والجيش». وأضاف أن «الأجهزة الأمنية قامت باتخاذ كل الإجراءات القانونية والعرض على النيابة العامة لمباشرة التحقيق».
كما تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية أمس من ضبط موظف يدير معملا لتصنيع المتفجرات بعقار تحت الإنشاء بمنطقة حلوان (جنوب العاصمة)، وبحوزته عدد من القنابل المجهزة بريموت كنترول (مفجر عن بعد) وقنابل يدوية محلية الصنع وأخرى تحت التجهيز وعدد من الكتب الخاصة بتنظيم الإخوان. وقامت الأجهزة باتخاذ الإجراءات القانونية، والتحقيق مع المتهم للوقوف على أبعاد نشاطه.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».