هراري: الخطر الأكبر عندما ترفض المجتمعات مواجهة الجوانب المظلمة من تاريخها

صاحب {موجز تاريخ الانسانية} عن عالمنا المعاصر ومآله و«كورونا» التي «كشفت السياسيين»

يوفال نوح هراري
يوفال نوح هراري
TT

هراري: الخطر الأكبر عندما ترفض المجتمعات مواجهة الجوانب المظلمة من تاريخها

يوفال نوح هراري
يوفال نوح هراري

كنت ولا أزال أرى أن كتاب «موجز تاريخ الإنسانية» لج. هـ. ويلز (1922) من الكتب المهمة لقراءة التاريخ بشكل شامل وموضوعي، وتحديداً لغير المتخصصين في دراسة التاريخ.
لكنني أرى أن كتاب «العاقل» أو «الإنسان الأول» للمؤرخ وعالم المستقبليات الإسرائيلي بروفسور يوفال نوح هراري، لا يقل أهمية عن كتاب ويلز، خصوصاً من حيث التوقيت، بل ويتميز عنه بهذا التنقل السلس بين الماضي والحاضر مع تلميحات عالية الذكاء لمستقبل البشرية، وخاصة الفصل الخاص بالزراعة الذي يأخذنا فيه المؤلف إلى الخطوة الكبيرة التي اتخذتها الحضارة الإنسانية حينها، بما في ذلك العلاقة الاجتماعية بين الفلاح ومالك الأرض، ثم إلى حمورابي من بلاد ما بين النهرين (1776 قبل الميلاد) وقانونه البابلي للعدالة الاجتماعية إلى إعلان استقلال الولايات المتحدة وكتابة الدستور الأميركي في يوليو (تموز) 1776.
يجد القارئ في هذا الكتاب كثيراً من الوقائع والأحداث التي قد تواجهنا كل يوم أو نسمع أو نقرأ عنها، لكن لا يخطر لنا للتمعن في جوهرها أو أسبابها أو عواقبها المحتملة.
هنا حوار عبر الانترنت مع المؤرخ هراري حول رؤيته لتاريخنا المعاصر، ومآل التطور البشري، والتحديات التي تواجهه، وحول كتاب «العاقل» الذي ترجمه إلى العربية صلاح الفلاحي وحسين العبري، وصدر عن دار نشر «منجول» في الهند:
> لقد ذكرت أن بعض «القصص الخيالية» تمكنت من السفر عبر الأرض وعبر التاريخ، واكتسبت أتباعاً حتى يومنا هذا. في حين أن مفاهيم مثل «حقوق الإنسان» و«العدالة» و«الديمقراطية» لم تتمكن من السفر عبر الأبعاد الجغرافية والتاريخية ذاتها، وبالوتيرة والقوة ذاتها. بماذا تفسر هذا؟ وكيف يمكن تحصين عقولنا واحترامها كبشر في القرن الحادي والعشرين؟
- في الواقع، انتشرت قصص الديمقراطية وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم بشكل أسرع بكثير من الأديان، مثل المسيحية التي استغرقت 300 سنة كي تكتسح الإمبراطورية الرومانية و1200 سنة أخرى لتصل إلى أميركا. حتى ذلك الحين، رفض معظم العالم المسيحية. على النقيض من ذلك، في حين أنه في عام 1750 لم تكن هناك دول ديمقراطية في العالم ولم يسمع أي شخص عن حقوق الإنسان، فإن هذه المفاهيم اليوم تهيمن على السياسة العالمية، وقد ساعدت في تحرير مليارات الناس من البؤس والقمع.
وإذا تطلعنا إلى المستقبل، يجب أن نتذكر أن القصص هي أدوات. نحن نحتاج إليها لبناء المجتمعات على نطاق واسع. لكن يجب ألا نسمح لهذه القصص باستعبادنا. لنأخذ «الدول» على سبيل المثال. الدول ليست كيانات فيزيائية أو بيولوجية. هي موجودة فقط في أذهاننا. يمكن أن تكون الأمم شيئاً رائعاً، لأن الإيمان بأمة يجعل الناس يهتمون بالآخر، ويضمن تأمين صحتهم وسلامتهم وتعليمهم. لكن إذا نسينا أن الدول هي «قصص» خلقناها لمساعدة الناس، فقد نبدأ في قتل ملايين الأشخاص من أجل هذا الشيء المتخيل.
السؤال الأهم هو: «من يعاني؟» يمكن أن يعاني البشر. يمكن أن تعاني الحيوانات. لكن الأمة لا يمكن أن تعاني، حتى لو خسرت الحرب. لا عقل لها ولا تشعر بالألم أو الحزن. المعاناة هي أفضل مقياس لتقييم ما إذا كانت القصة مفيدة أم ضارة. إذا كان الإيمان بقصة ما يقلل المعاناة، فهذه قصة جيدة. إذا كان الإيمان بقصة يسبب المعاناة، فهو ضار وسيكون من الأفضل أن نغير تلك القصة.
> عطفاً على السؤال السابق، وكما تقترح في كتابك، لعب «الخيال» الدور الأكبر في توحيد البشرية وتنمية الحضارات، وهذا صحيح بالطبع. هل تعتقد أن الإنسانية، في هذه الفترة الحرجة من «الأخبار المزيفة» وتدفق البيانات، تحتاج إلى المزيد من الخيال أم إلى العلم؟
- عندما أتحدث عن التخيلات fictions، لا أقصد الكذب. أعني الأشياء التي لا توجد إلا في خيالنا. القول بأن اللقاحات تسبب التوحد هو كذبة. إن القول إنك فزت بلعبة كرة القدم بتسجيل أهداف أكثر من منافسك ليس كذبة. إنه خيال. إنها قاعدة موجودة فقط في الخيال البشري. الأكاذيب دائماً سيئة. يمكن أن تكون القصص الخيالية جيدة أو سيئة. لعب كرة القدم هو متعة كبيرة، وهذا جيد. ولكن عندما يبدأ مشاغبو كرة القدم في القتال مع مشجعي الفريق الآخر، فهذا أمر سيئ.
> تؤكد بأسى وبأمثلة حقيقية أن العلم غير قادر على تحديد أولوياته وغير قادر على تحديد ما يجب فعله باكتشافاته، لأنه محكوم بقيود سياسية واقتصادية. إلى أين سيأخذنا هذا كبشر في الحروب «البيولوجية» و«الكيميائية» و«الذكاء الاصطناعي» التي تلوح في الأفق؟ وهل ترى انتشار «كوفيد - 19» والطريقة التي تفاعلت بها الحكومات في بداية الوباء هي ناقوس اليقظة؟
- أظهرت جائحة «كوفيد - 19» القوة الهائلة لعلمنا، وكذلك ضعف سياساتنا. لقد كان نصراً علمياً مصحوباً بكارثة سياسية. تعاون العلماء من جميع أنحاء العالم للتعرف على الفيروس واكتشاف كيفية منعه من الانتشار وتطوير لقاح. السياسيون فشلوا في التعاون. بعد مرور عام على بداية الوباء، وما زلنا لا نملك أي قيادة عالمية، ولا أي خطة عالمية لوقف الوباء، أو أي خطة عالمية للتعامل مع الأزمات الاقتصادية. يجب أن يكون هذا بالتأكيد بمثابة دعوة للاستيقاظ. سيتطلب التعامل مع تغير المناخ وظهور الذكاء الاصطناعي مزيداً من التعاون العالمي أكثر من التعامل مع «كوفيد - 19». إذا لم نتمكن من التوحد للدفاع عن المصالح المشتركة للبشرية، فإن نهايتنا ستكون حتمية.
> يقول ويليام روبسون في كتابه «الحصار العظيم للتاريخ» قبل أكثر من 200 عام إن «الأحداث الأخيرة أثبتت أنه رغم أحلام الفلاسفة وآمال المحسنين، فإن الألفية لم تصل بعد؛ لا يمكن للحمل أن يرقد بسلام مع الأسد. لقد حقق العلم المعجزات في سبيل توفير وسائل الراحة والكماليات للإنسان؛ وكان للأدب والفن تأثيرهما العبقري على حياته وأخلاقه؛ وقربّت التجارة الدول البعيدة جغرافياً عن بعضها البعض بعلاقات أكثر حميمية. ومع ذلك، فإن جذور كل الشرور - المصالح والعواطف والطموحات - ما زالت نشطة في تعزيز الخلاف، كما هو الحال في أحلك فترات تاريخ العالم» هل توافقه الرأي؟ إذا كان الأمر كذلك، ففي أي فترة من التاريخ البشري استقر هذا «الشر» في روح الإنسان وهل يمكن اقتلاعه من جذوره؟
- خلال القرن الماضي حققت البشرية الكثير. العالم اليوم أكثر سلاماً وازدهاراً من أي وقت مضى. الآن ولأول مرة في التاريخ، يقتل العنف عدداً أقل من الناس من الحوادث، والمجاعة تقتل عدداً أقل من الناس من السمنة، والأوبئة تقتل عدداً أقل من كبار السن. لكن بالطبع لا يزال الجانب المظلم للبشرية موجوداً، والمخاطر أكبر من أي وقت مضى. أسلحتنا النووية قد تدمرنا. قد تؤدي التغيرات المناخية التي نتسبب فيها إلى عدم توازن النظام البيئي بأكمله. الذكاء الاصطناعي قد يخلق أسوأ الأنظمة الشمولية في التاريخ. مع الهندسة الحيوية، لدينا القدرة على تغيير القواعد الأساسية لتطور الحياة. لدينا قوة هائلة، ولكن من المشكوك فيه أن تكون لدينا الحكمة لاستخدامها بشكل صحيح.
> ذكرت في كتاب «العاقل» مثالاً عن شخص وُلد في برلين عام 1900 وعاش (افتراضاً) حتى سن المائة، ومر خلال حياته بخمسة أنظمة - آيديولوجيات اجتماعية وسياسية مختلفة؛ من إمبراطورية هونزولرن، جمهورية فايمار، الرايخ الثالث (النازية)، ألمانيا الشرقية الشيوعية إلى ألمانيا الموحدة الديمقراطية. سواء كان ذلك بسبب تطور الإدراك البشري، أو مجرد «التكيف من أجل البقاء»، هل ترى «خطراً» في ذلك؟ أقصد إمكانية التأثير وقلب آراء وقناعات العامة بهذه السرعة وجعلهم مجرد خراف؟
- لقد كانت القدرة على التكيف مفتاح نجاح جنسنا البشري. ويوضح المثال الذي استشهدت به عن ألمانيا أن المجتمعات ليست محددة سلفاً. في عام 1945، أعتقد كثير من الناس أن الألمان قد تم تكييفهم وفقاً لتاريخهم وثقافتهم وربما حتى بيولوجيتهم ليكونوا عنيفين وسلطويين. ومع ذلك، تُعد ألمانيا اليوم واحدة من أكثر الدول ديمقراطية وسلمية في العالم. لم يتطلب ذلك انتقال الألمان إلى بلد آخر أو تغيير حمضهم النووي أو التخلي عن لغتهم وثقافتهم. لكنها تطلبت من الألمان أن يكونوا صادقين بشأن تاريخهم، وأن يعترفوا بأخطاء الماضي. الخطر الأكبر ليس عندما تتغير المجتمعات، بل عندما ترفض المجتمعات مواجهة الجوانب المظلمة من تاريخها.
> ذكرت في أكثر من مناسبة أن الفجوة بين الجنسين ستتقلص في المستقبل بسبب التقدم العلمي السريع. هل تعتقد أن الفجوة بين الجنس البشري سوف تتقلص؟ وكيف تتخيل العالم بعد ذلك؟
- في تجمعات الصيادين القديمة، كان الجميع متساوين. لكن أثناء الثورة الزراعية، في الوقت الذي بدأ فيه البشر في تحويل الماعز والأبقار إلى ممتلكات، أعتقد بعضهم أنه إذا كان بإمكانه امتلاك ماعز، فربما يمكنه أيضاً امتلاك إنسان. كان ذلك عندما تحول بعض الناس إلى عبيد، وعندها بدأ العديد من الرجال ينظرون إلى النساء على أنهن جزء من ممتلكاتهم. من الناحية التطورية، هذا التغيير حديث جداً، ولم يدم طويلاً. في القرون القليلة الماضية، تم إلغاء العبودية، وحصلت النساء على قدر أكبر من المساواة، وكذلك فعلت العديد من المجموعات الأخرى.
لكن لا يوجد قانون في الطبيعة ينص على أن البشر سيصبحون أكثر مساواة من الآن فصاعداً. مثلما استعبدت الثورة الزراعية الكثير من الناس، فإن الثورات التكنولوجية الجديدة في القرن الحادي والعشرين قد تستعبد أيضاً العديد من الناس. الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، قد يمكّن نخبة صغيرة، ويثريها ويخلق أنواعاً جديدة من الديكتاتوريات الرقمية. لأول مرة في التاريخ، قد يصبح من الممكن للديكتاتور أن يتتبع كل الناس في كل وقت. لمنع مثل هذه المخاطر، يجب أن نضمن أن منافع التقنيات الجديدة يتم تقاسمها بين جميع الأشخاص، وأن لا أحد يحتكر ويحصر جميع بياناتنا في مكان واحد.



مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
TT

مصر لتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» وفق مواصفات عالمية

جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)
جانب من حديقة الحيوان بالجيزة (فيسبوك)

تواصل مصر خطتها لإحياء وتطوير حديقتي «الحيوان» و«الأورمان» بمحافظة الجيزة (غرب القاهرة)، وفق أحدث المعايير العالمية والدولية، مع العمل على وصلهما ببعضهما البعض وافتتاحهما قريباً بإدارة من القطاع الخاص.

وأكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أن الحكومة تتابع باهتمام تنفيذ مشروع تطوير الحديقتين، انطلاقاً من أهميته في ظل الطابع التاريخي المميز لهما، وتتطلع لإعادة إحيائهما، والانتهاء من عملية التطوير وفق الخطة الزمنية المقررة، وإدارتهما وتشغيلهما على النحو الأمثل.

وقال مدبولي في بيان عقب اجتماع، الأحد، مع عدد من الوزراء والمسؤولين المعنيين بالمشروع: «هذا المشروع بمثابة حلم للحكومة نعمل جميعاً على تحقيقه، وهدفنا أن يرى النور قريباً، بإدارة محترفة من القطاع الخاص، تحافظ على ما يتم ضخه من استثمارات».

وشهد الاجتماع استعراض مراحل مشروع إحياء وتطوير حديقتي الحيوان والأورمان، حيث تمت الإشارة إلى اعتماد التصميمات وأعمال الترميم والتطوير من جانب المنظمات العالمية المُتخصصة، ونيل شهادات ثقة عالمية من جانبها، مع التعامل مع البيئة النباتية بأسلوب معالجة علمي، إلى جانب تدريب الكوادر العاملة بالحديقتين وفق أعلى المعايير العالمية، بما يواكب رؤية التطوير، ويضمن توافق التشغيل مع المعايير الدولية»، وفق تصريحات المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني.

ويتضمن مشروع تطوير «حديقة الحيوان بالجيزة» مساحة إجمالية تبلغ 86.43 فدان، ويبلغ إجمالي مساحة مشروع «حديقة الأورمان» 26.7 فدان، بمساحة إجمالية للحديقتين تصل إلى 112 فداناً، واستعرض الاجتماع عناصر ربط المشروعين معاً عبر إنشاء نفق يربط الحديقتين ضمن المنطقة الثالثة، بما يعزز سهولة الحركة، ويوفر تجربة زيارة متكاملة، وفق البيان.

وتضمنت مراحل التطوير فتح المجال لبدء أعمال تطوير السافانا الأفريقية والمنطقة الآسيوية، إلى جانب الانتهاء من أعمال ترميم الأماكن الأثرية والقيام بتجربة تشغيلية ليلية للمناطق الأثرية بعد تطويرها بواقع 8 أماكن أثرية.

التشغيل التجريبي للمناطق الأثرية ليلاً بعد تطويرها (حديقة الحيوان بالجيزة)

وأشار البيان إلى أن مستشاري مشروع الإحياء والتطوير؛ وممثلي الشركة المُشغلة للحديقتين، عرضوا خلال الاجتماع مقترحاً للعودة للتسمية الأصلية لتكونا «جنينة الحيوان»، و«جنينة الأورمان»؛ حرصاً على التمسك بهويتهما لدى جموع المواطنين من روادهما منذ عقود، كما أكدوا أن إدارة الحديقتين وتشغيلهما سيكون وفق خطة تضمن اتباع أحدث النظم والأساليب المُطبقة في ضوء المعايير العالمية.

وتم تأكيد ارتفاع نسب الإنجاز في الجوانب التراثية والهندسية والفنية بمشروع تطوير الحديقتين، حيث شملت أعمال الترميم عدداً من المنشآت التاريخية، أبرزها القصر الملكي والبوابة القديمة والكشك الياباني.

وحقق المشروع تقدماً في الاعتمادات الدولية من جهات مثل الاتحاد الأوروبي لحدائق الحيوان (EAZA) والاتحاد العالمي (WAZA) والاتحاد الأفريقي (PAAZA)، وفق بيان مجلس الوزراء المصري.

وترى الدكتور فاتن صلاح سليمان المتخصصة في التراث والعمارة أن «حديقة الحيوان بالجيزة من أكبر حدائق الحيوان في الشرق الأوسط وأعرق حدائق الحيوان على مستوى العالم، حيث تأسست في عهد الخديو إسماعيل، وافتُتحت في عصر الخديو محمد توفيق، وكان بها في بداية افتتاحها أكثر من 175 نوعاً من الحيوانات النادرة من بيئات مختلفة حول العالم، كما كان تصميمها من أجمل التصميمات في العالم وقتها، وكانت متصلة بحديقة الأورمان وقت إنشائها».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «حديقة الأورمان من أهم الحدائق النباتية في العالم، وكانت جزءاً من القصر الخاص بالخديو إسماعيل، وكانت مخصصة لمد القصر بالفواكه والخضراوات، وصممها مهندسون فرنسيون»، وأشارت إلى أن كلمة أورمان بالأساس هي كلمة تركية تعني الغابة أو الأحراش، وعدت مشروع تطوير الحديقتين «من أهم المشروعات القائمة حالياً والتي من شأنها أن تعيد لهما طابعهما التراثي القديم، وهو من المشروعات الواعدة التي من شأنها أن تغير كثيراً في شكل الحدائق المصرية» وأشادت بفكرة العودة إلى الاسمين القديمين للحديقتين وهما «جنينة الحيوان» و«جنينة الأورمان»، لافتة إلى تغيير الصورة الاستثمارية للحديقتين بعد التطوير لوجود مناطق ترفيهية وكافيهات ومناطق لأنشطة متنوعة.


نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
TT

نادين لبكي: السينما هاجس داخلي… وأفلامي تولد من أسئلة لا تهدأ

نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
نادين لبكي تتحدث عن مشوارها الفني في «البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

قالت المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي إن العمل الفني لا يولد مصادفة، بل يأتي من تلك الرجفة الداخلية التي يخلّفها هاجس ما، أو من أسئلة لا تتوقف عن الإلحاح حتى تتحوّل إلى قصة.

وبدت نادين في جلستها الحوارية بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، الأحد، التي أدارها أنطوان خليفة، مدير البرنامج العربي والكلاسيكي بالمهرجان، كأنها تفتح كتاباً شخصياً، تقلب صفحاته بهدوء وثقة، وتعيد ترتيب ذكرياتها وتجاربها لتشرح كيف تُصنع الأفلام. فمنذ اللحظة الأولى لحديثها، شددت على أن الصدق هو ما يميّز الفيلم؛ ليس صدق رؤيتها وحدها، بل صدق كل مَن يقف خلف الكاميرا وأمامها.

وأكدت أن الشغف والهوس هما ما يسبقان الولادة الفعلية لأي فكرة؛ فقبل أن تصوغ أولى كلمات السيناريو، تكون قد أمضت زمناً في مواجهة فكرة لا تريد مغادرة ذهنها. شيئاً فشيئاً يبدأ هذا الهاجس بالتشكّل والتحول إلى موضوع محدد يصبح البوصلة التي تضبط كل التفاصيل الأخرى. قد تتغير القصة، وقد يتبدّل مسار الفيلم، لكن الفكرة الجوهرية، ذلك السؤال الملحّ، تبقى العنصر الثابت الذي يجب بلوغه في النهاية.

وتسترجع نادين لحظة ولادة فيلم «هلّأ لوين؟»، فتعود إلى حرب 2008، حين كانت مع طفلها في شوارع بدت كأنها على وشك الانزلاق إلى حرب أهلية جديدة. وتروي كيف تسلّل إليها الخوف عندما تخيّلت ابنها شاباً يحمل السلاح، وكيف تحوّلت تلك اللحظة إلى بذرة فيلم كامل.

نادين لبكي خلال «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)

وفي «كفرناحوم» حدث شيء مشابه، إذ تقول إنها كانت ترى الأطفال في الشوارع، وتنصت إلى قصصهم، وتراقب نظرتهم إلى العالم وإلى الناس الذين يمرّون أمامهم كأنهم عابرون بلا أثر. من هنا بدأت الفكرة، ثم امتدّ المشروع إلى 5 سنوات من البحث الميداني، أمضت خلالها ساعات طويلة في محاولة فهم القوانين، والحياة اليومية، والدوافع الإنسانية التي تحكم هذه البقع المهمَّشة.

وتؤكد نادين أن مرحلة الكتابة ليست مجرد صياغة نص، بل لحظة مشاركة وتجربة مشتركة، فالعلاقة بين فريق الكتابة بالنسبة إليها أساسية. وتشير إلى أنها تحب العمل مع أشخاص يتقاسمون معها الرؤية والمبادئ نفسها. أحياناً يكتبون أسبوعين متواصلين، ثم يتوقفون شهوراً قبل أن يعودوا للعمل من جديد، بلا مواعيد نهائية صارمة، لأن القصة، كما تقول، هي التي تحدد إيقاعها وزمنها، لا العكس.

وعندما تنتقل إلى الحديث عن اختيار الممثلين، تكشف أن العملية تستغرق وقتاً طويلاً، لأن أغلب أبطال أفلامها ليسوا محترفين. ففي «كفرناحوم» مثلاً، كان من المستحيل بالنسبة إليها أن تطلب من ممثل محترف أن ينقل ذلك القدر من الألم الحقيقي، لذلك اتجهت إلى أشخاص عاشوا التجارب نفسها أو عايشوا مَن مرّ بها. وتؤكد أنها مفتونة بالطبيعة الإنسانية، وأن فهم الناس ودوافعهم هو بوابة الإبداع لديها؛ فهي لا تفكر في النتيجة في أثناء التصوير، بل في التجربة نفسها، وفي اللحظة التي يُصنع فيها المشهد.

نادين لبكي عقب الجلسة الحوارية (مهرجان البحر الأحمر)

وتتوقف نادين أيضاً عند تجربتها التمثيلية في فيلم «وحشتيني»، كاشفة أنه من أكثر الأعمال التي أثّرت فيها على مستوى شخصي، وأنها سعدت بالعمل مع النجمة الفرنسية فاني أردان. وترى أن التمثيل هذه المرة جعلها تعيش السينما من زاوية مختلفة، فهي تؤمن ـ كما تقول ـ بنُبل السينما وقدرتها على تغيير الإنسان وطريقة تفكيره ونظرته إلى الأشياء، وهو ما يشجعها على الاستمرار في خوض تجارب سينمائية تركّز على السلوك الإنساني، مع سعي دائم لفهم الدوافع غير المتوقعة للأفراد أحياناً.

وتشير إلى أن المدرسة الإيرانية في إدارة الممثلين كانت ذات تأثير كبير في تكوينها الفني. ورغم غياب صناعة سينمائية حقيقية في لبنان عندما بدأت مسيرتها الإخراجية، فإنها تعلّمت عبر الإعلانات والفيديو كليبات، وصنعت طريقها بنفسها من عمل إلى آخر، لعدم وجود فرصة الوقوف إلى جانب مخرجين كبار. وقد عدت ذلك واحداً من أصعب التحديات التي واجهتها.

وأكدت أن فيلمها الجديد، الذي تعمل عليه حالياً، مرتبط بفكرة مركزية، وسيُصوَّر في أكثر من بلد، ويأتي ضمن هاجسها الأكبر، قصة المرأة وتجاربها. ولأن أفكارها تولد غالباً من معايشة ممتدة لقضايا تحيط بها يومياً، تقول: «نعيش زمناً تختلط فيه المفاهيم بين الصواب والخطأ، ولا نجد مرجعاً سوى مبادئنا الشخصية»، مؤكدة أنها تستند في اختياراتها الفنية إلى ما تؤمن به فقط.

وفي ختام حديثها، تتوقف عند شراكتها مع زوجها الموسيقي خالد مزنَّر، وتصفها بأنها واحدة من أهم ركائز تجربتها، موضحة أن رحلتهما في العمل على الموسيقى تبدأ منذ لحظة ولادة الفكرة. وأحياناً يختلفان بشدة، ويتجادلان حول الموسيقى أو الإيقاع أو الإحساس المطلوب، لكنهما يصلان في النهاية إلى صيغة فنية تجمع رؤيتهما، وترى نفسها محظوظة بأنها ترافق شخصاً موهوباً فنياً وإنسانياً.


تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
TT

تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف كتباً بقسم الآثار المصرية

سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)
سائحون يلتقطون صوراً بساحة متحف اللوفر في باريس 6 يوليو 2024 (رويترز)

أدّى تسرب مياه الشهر الماضي إلى إتلاف مئات الكتب في قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ما يسلط الضوء على الحالة المتدهورة للمتحف الأكثر زيارة في العالم، بعد أسابيع فقط من عملية سطو جريئة لسرقة مجوهرات كشفت عن ثغرات أمنية.

وذكر موقع «لا تريبين دو لار» المتخصص في الفن التاريخي والتراث الغربي أن نحو 400 من الكتب النادرة لحقت بها أضرار ملقياً باللوم على سوء حالة الأنابيب. وأضاف أن الإدارة سعت منذ فترة طويلة للحصول على تمويل لحماية المجموعة من مثل هذه المخاطر، لكن دون جدوى.

وقال نائب مدير متحف اللوفر، فرانسيس شتاينبوك، لقناة «بي إف إم» التلفزيونية، اليوم (الأحد)، إن تسرب أنابيب المياه يتعلق بإحدى الغرف الثلاث في مكتبة قسم الآثار المصرية.

وأضاف، وفقاً لوكالة «رويترز»: «حددنا ما بين 300 و400 عمل، والحصر مستمر»، وتابع أن الكتب المفقودة هي «تلك التي اطلع عليها علماء المصريات، لكن ليست الكتب القيمة».

وأقرّ بأن المشكلة معروفة منذ سنوات، وقال إن الإصلاحات كان من المزمع إجراؤها في سبتمبر (أيلول) 2026.

وسرق 4 لصوص في وضح النهار مجوهرات بقيمة 102 مليون دولار في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، ما كشف عن ثغرات أمنية واسعة في المتحف.

وأدّت الثغرات الهيكلية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى إغلاق جزئي لقاعة عرض، تضم مزهريات يونانية ومكاتب.