عون يشن هجوما على سلام.. واليومان المقبلان «حاسمان» بشأن تشكيل الحكومة

بري يؤجل جلسة نيابية للمرة التاسعة على التوالي

لبنانيان في مقهى إنترنت سدت واجهته بأكياس رمل لحمايته من تفجيرات قد تقع في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (رويترز)
لبنانيان في مقهى إنترنت سدت واجهته بأكياس رمل لحمايته من تفجيرات قد تقع في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (رويترز)
TT

عون يشن هجوما على سلام.. واليومان المقبلان «حاسمان» بشأن تشكيل الحكومة

لبنانيان في مقهى إنترنت سدت واجهته بأكياس رمل لحمايته من تفجيرات قد تقع في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (رويترز)
لبنانيان في مقهى إنترنت سدت واجهته بأكياس رمل لحمايته من تفجيرات قد تقع في ضاحية بيروت الجنوبية أمس (رويترز)

شن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أمس، هجوما على رئيس الحكومة المكلف تمام سلام، متهما إياه بـ«العبث بالدستور». وعد، في تصريح له بعد اجتماع التكتل الأسبوعي، «الفشل في تشكيل الحكومة بعد 10 أشهر ينهي التكليف ويوجب الاعتذار».
وفي حين كان من المتوقع أن يعلن موقفه النهائي فيما يتعلق بقرار المشاركة في الحكومة أو عدمه، في ضوء المباحثات المستمرة بينه وبين حزب الله الذي تولى مهمة تذليل العقبات مع حليفه المسيحي، قال عون إن «أي حكومة تؤلف خارج الأطر الدستورية والميثاقية هي فاقدة للشرعية، وعلى هذا الأساس نحدد موقف التكتل». ورأى أن «الإطاحة بالدستور والقوانين أسقطت الحكم من قواعد ممارسته، وأن ذروة المخالفات التي يهدد بها المسؤول الشعب اللبناني، هي تأليف حكومة أمر واقع».
وجاء موقف عون التصعيدي بعد معلومات أفادت بأن الفشل في التوصل إلى حل لـ«عقدة وزارة الطاقة» التي يتمسك بها عون، سيؤدي إلى اتخاذ الرئيس اللبناني ميشال سليمان والرئيس المكلف، قرارهما في هذا الشأن والإقدام على تأليف «حكومة حيادية» أي من غير الحزبيين، أو «أمر واقع سياسية» أي من دون الحزبين المسيحيين: «التغيير والإصلاح» و«القوات اللبنانية» التي أعلنت عزوفها عن المشاركة. وكان وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، استبق هجوم عون على الرئيس المكلف بتأكيده، في مؤتمر صحافي الأحد الماضي، أن سلام ليس «الحاكم بأمره» في تأليف الحكومة.
وفي حين شددت مصادر متابعة للمباحثات الحكومية على أن تصلب عون لن يؤدي إلى أن يتنازل سلام عن صلاحيته الدستورية، لم تستغرب مصادر الرئيس المكلف كلام عون الأخير، وقالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «لا خرق في المباحثات لغاية الآن، ولا نزال بانتظار التبليغ الرسمي من حزب الله بموقف عون وقراره النهائي بشأن الحكومة ليبنى على الشيء مقتضاه»، واصفة كلام عون أمس، بأنه «يعكس بوضوح فشل هذه المساعي». ورفضت المصادر الدخول في مهل محددة، مؤكدة في الوقت عينه أن «سلام لن ينتظر إلى ما لا نهاية، ولذا فإن اليومين المقبلين من المفترض أن يكونا حاسمين، وذلك بناء على اجتماع من المتوقع أن يجمع سلام وسليمان لتدارس الأمر واتخاذ القرار المناسب».
وفي حين أشارت المصادر إلى أن كل الخيارات واردة فيما يتعلق بالصيغة الحكومية المفترض الاتفاق عليها بين الرئيسين، رأت أنه بين «الحيادية» (من دون حزبيين) و«الأمر الواقع السياسية» (من دون «القوات اللبنانية» و«التغيير والإصلاح»)، ترجح الكفة لصالح تلك التي لها حظوظ أكبر بالنجاح. مع العلم، أن الحسابات السياسية، لجهة حصول الحكومة على ثقة الكتل النيابية، قد ترجح الخيار الأول، لا سيما إذا قرر كل من الرئيس بري وحزب الله، الدخول في الحكومة من دون حليفهما، بينما تبقى موافقة كل أفرقاء قوى «14 آذار»: «حزبي (الكتائب) و(القوات)» و«تيار المستقبل» وعدد من النواب المستقلين، على هذه الصيغة محسومة، وهم الذين لطالما طالبوا بها، والأمر نفسه قد ينسحب على كتلة النائب وليد جنبلاط.
وطغت المباحثات المتعلقة بالموضوع الحكومي أمس على ما عداها من مواضيع، لا سيما تأجيل رئيس البرلمان اللبناني، نبيه بري، الجلسة النيابية التي كانت مقررة صباح أمس، للمرة التاسعة على التوالي، بسبب فقدان النصاب المطلوب، إلى 4 مارس (آذار) المقبل، وذلك بعد مقاطعة قوى «14 آذار»، انطلاقا من اعتبارها أنه لا يحق لمجلس النواب التشريع في ظل حكومة تصريف أعمال.
وعلى خط المفاوضات الحكومية، استقبل بري أمس وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور، موفدا من النائب وليد جنبلاط، في حضور وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل.
وفي السياق نفسه، تمنى رئيس حزب «القوات اللبنانية»، سمير جعجع، على سلام وسليمان «عدم إضاعة أي لحظة إضافية واستخدام صلاحياتهما الدستورية في تشكيل حكومة حيادية عن فريقي 8 و14 آذار وليس عن السياسة السيادية المتمثلة بإعلان بعبدا»، عادا «خطوة من هذا النوع باتت إنقاذية ملحة لمصلحة الوطن».
وقال جعجع، لـ«وكالة الأنباء المركزية»: «بات أكيدا أن الحكومة التي تلبي المقومات السياسية السيادية كمدخل أساسي لاستقرار مقبول في البلد، هي حكومة حيادية، لكن ليست حيادية إطلاقا عن السياسة السيادية المتمثلة بإعلان بعبدا».
من جهته، رأى النائب في كتلة «حزب الكتائب» إيلي ماروني أنه «إذا استمر عون في رفضه منطق المداورة واستثناء وزارة الطاقة، فنحن متجهون إلى حكومة حيادية، لأنه آن الأوان لكي يكون في البلد حكومة، فالوضع لم يعد مقبولا ولم يعد يحتمل الوضع الأمني والسياسي هذه الحال».
وأكد ماروني أن «المهم ولادة الحكومة، وأن (الكتائب) هو إلى جانب الرئيس سليمان والرئيس المكلف، ولن يضع أي عراقيل أمام تشكيل الحكومة، لذلك أعطينا كل الفرص لحكومة سياسية جامعة، ولكن إذا استمرت العراقيل لا مانع من حكومة حيادية».
كذلك، استبعد عضو كتلة «المستقبل» النائب نبيل دو فريج ما تردد في الصحف عن أن الرئيس سعد الحريري قبل بالمداورة الجزئية للحقائب الوزارية نظرا إلى مطالب التيار الوطني الحر، وأكد في حديث له، أن «قوى (14 آذار) لن تتراجع عن ثوابتها، لا سيما موضوعي المداورة في الحقائب ورفضها الثلث المعطل»، مشيرا إلى أن «المداورة يجب أن تدخل في الدستور لأنه لا يمكن أن تبقى وزارة احتكارا لدى طائفة أو فريق سياسي معين». ودعا دو فريج الرئيسين ميشال سليمان وتمام سلام إلى «وقف اتصالات التأليف والعمل على إصدار التشكيلة الحكومية مع مداورة وليخرج منها من يرفضها».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».