تفاؤل بتسوية شاملة للأزمة اليمنية بعد «اتفاق الرياض»

إشادة سعودية بجهود الإمارات ودول التحالف... وترجيحات بأداء الحكومة القسم غداً

قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن لدى تنفيذها انسحابات ضمن التزامات الشق العسكري من اتفاق الرياض (رويترز)
قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن لدى تنفيذها انسحابات ضمن التزامات الشق العسكري من اتفاق الرياض (رويترز)
TT

تفاؤل بتسوية شاملة للأزمة اليمنية بعد «اتفاق الرياض»

قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن لدى تنفيذها انسحابات ضمن التزامات الشق العسكري من اتفاق الرياض (رويترز)
قوات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن لدى تنفيذها انسحابات ضمن التزامات الشق العسكري من اتفاق الرياض (رويترز)

في الوقت الذي توقعت فيه مصادر يمنية أداء الحكومة الجديدة اليمين الدستورية أمام الرئيس اليمني غداً، عدّت جهات إقليمية ودولية تنفيذ «اتفاق الرياض» بشقيه السياسي والعسكري نقطة محورية نحو تسوية شاملة للأزمة اليمنية خلال الفترة المقبلة.
وبارك الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، لليمن تشكيل الحكومة الجديدة، والتي تأتي تنفيذاً لـ«اتفاق الرياض»، وعبر عن تطلعه في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إلى أن يسهم ذلك في «تحقيق الأمن والاستقرار، وتلبية تطلعات الشعب اليمني الشقيق في حل سياسي ينهي الأزمة الحالية».
من ناحيته، أكد الأمير خالد بن سلمان، نائب وزير الدفاع السعودي، استمرار بلاده في نهج ثابت يعكس مظاهر سياستها الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار في اليمن.
وقال الأمير خالد في تغريدات على حسابه في «تويتر»: «في ظل توجيهات سيدي خادم الحرمين الشريفين وسيدي ولي العهد، تستمر المملكة في نهج ثابت يعكس مظاهر سياسة المملكة الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار للبلد الجار الشقيق يمن العروبة، وتحقيق تطلعات شعبه، وتبارك تنفيذ (اتفاق الرياض) واكتمال عقده بتشكيل الحكومة اليمنية».
ولفت نائب وزير الدفاع السعودي إلى أن «(اتفاق الرياض) تجاوز كل الصعوبات والعقبات بجهود المملكة والأشقاء في الإمارات ودول التحالف واستجابة الأطراف اليمنية لها، ودلالة ذلك حرصهم الحقيقي والأخوي الصادق على تحقيق السلام والأمن والاستقرار في اليمن».
وتابع: «نتطلع اليوم أكثر من أي وقت مضى، كما يتطلع كل يمني، إلى الحكومة اليمنية لقيادة اليمن وشعبه إلى بر الأمان، فالعمل شاق والطريق طويل، لكن بعزائم الرجال المخلصين تُنبذ الخلافات وتتوحد الجهود وتهون الصعاب وتتحقق الآمال».
وغرّد عضو مجلس الوزراء السعودي وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، عبر حسابه في «تويتر» قائلاً: «إن ما تحقق لليمن العزيز من تشكيل حكومة جديدة وفقاً لما ورد في (اتفاق الرياض)، خطوة مهمة في بلوغ الحل السياسي وإنهاء الأزمة، وإرساء الأمن والاستقرار وتحقيق ما يصبو إليه الشعب اليمني الشقيق».
بدوره، أكد السفير السعودي لدى اليمن المشرف العام على «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن»، محمد آل جابر، أن جهود بلاده نحو تنفيذ الاتفاق ووقف الاقتتال وتنفيذ الشق العسكري وتشكيل الحكومة اليمنية بتوافق بين المكونات السياسية اليمنية، تأتي بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وبقيادة ولي العهد «ومتابعة دائمة وتوجيهات حكيمة» من الأمير خالد بن سلمان.
وعبر سلسلة تغريدات على حسابه في «تويتر» هنأ آل جابر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وحكومته والمجلس الانتقالي الجنوبي والمكونات السياسية والشعب اليمني على تشكيل الحكومة اليمنية بعد تنفيذ الشق العسكري، متمنياً أن «يبنى على هذه الخطوة مزيد من التوافق بين الأطراف اليمنية لتعزيز الأمن والاستقرار وإحلال السلام».
وقال السفير السعودي إن «التحالف بقيادة المملكة بذل جهوداً جبارة في تحقيق السلام ورأب الصدع ودعم التوافق بين الأطراف اليمنية، وتقع على عاتق القيادات اليمنية السياسية والعسكرية والاجتماعية مسؤولية كبيرة في تعميق الحوار والمصالحة والابتعاد عن التصعيد بكافة أنواعه وتوحيد الصفوف لاستعادة الدولة وإرساء السلام».
المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث بدوره قال إن «هذه خطوة مهمة لتعزيز الاستقرار وتحسين مؤسسات الدولة ورفع مستوى الشراكة السياسية، وهي أيضاً خطوة محورية نحو حل سياسي دائم للصراع في اليمن».
ورحب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن بالتطورات الإيجابية في تنفيذ «اتفاق الرياض»؛ بما في ذلك تشكيل الحكومة الجديدة، مهنئاً الرئيس اليمني، وأطراف «اتفاق الرياض» والأحزاب والمكونات السياسية كافة التي دعمت هذه العملية وساهمت فيها، كما هنأ المملكة العربية السعودية بنجاح المفاوضات لتنفيذ الاتفاق.
وأشار غريفيث في بيان إلى ضرورة «القيام بالمزيد من العمل لإشراك المرأة اليمنية في الحكومة ومناصب صنع القرار، خاصة في أعقاب السابقة التاريخية التي حددها الانتقال السياسي في اليمن من خلال مؤتمر الحوار الوطني».
من جهته، رأى السفير الصيني لدى اليمن، كانغ يونغ، تشكيل الحكومة الجديدة «إنجازاً عظيماً سيساهم في تحقيق السلام في جنوب اليمن واليمن كله، ويعيد الأمل للشعب اليمني»، مشدداً على استعداد الصين لمواصلة تطوير علاقات الصداقة والتعاون مع اليمن.
كما رحب الاتحاد الأوروبي وفرنسا بتنفيذ «اتفاق الرياض»، مشيدين بالدور الحاسم للسعودية في هذا الصدد، ووصف كلاهما الخطوة في بيانين منفصلين بالمهمة والتي من شأنها أن تسهم في الحفاظ على وحدة اليمن.
ويأتي إعلان الحكومة وسط تفاؤل واسع بأن تؤدي عودتها إلى عدن لوضع حد لتهاوي الاقتصاد، وتحسين الخدمات، وبناء المؤسسات، وحشد الجهود لاستكمال مواجهة الانقلاب الحوثي. ويعدّ يمنيون هذا الإعلان الثمرة التي خرجوا بها من عام 2020، على أمل أن يكون أيضاً بداية جيدة لعام أكثر نجاحاً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.