الجيش السوداني يدفع بتعزيزات إلى الحدود مع إثيوبيا

حمدوك يرأس قمة استثنائية لـ«إيقاد»

TT

الجيش السوداني يدفع بتعزيزات إلى الحدود مع إثيوبيا

تقدم الجيش السوداني في الخطوط الأمامية داخل أراضيه بمنطقة الفشقة على الحدود مع إثيوبيا، (التي تسيطر عليها ميليشيات إثيوبية)، في حين وصل إلى العاصمة الجيبوتية رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، ليترأس القمة الاستثنائية لمنظمة «إيقاد»، لدول وسط وشرق أفريقيا، التي ستناقش عدداً من الملفات بالإقليم، من بينها الاعتداءات الإثيوبية الأخيرة على السودان.
وذكرت وكالة أنباء السودان الرسمية (سونا)، أن القوات المسلحة دفعت بالمزيد من التعزيزات العسكرية ونشرت أعداداً كبيرة من قواتها في مناطقها الحدودية المتاخمة لإثيوبيا، بهدف إعادة التمركز في الخطوط الدولية وفقاً لاتفاقيات عام 1902. وتأتي تحركات الجيش السوداني على خلفية اعتداءات من قوات وميليشيات إثيوبية على أراضيه الأسبوع الماضي، خلّفت قتلى وجرحى وسط القوات السودانية.
وكان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، قد أنهى أمس، زيارة للمناطق العسكرية بولاية القضارف شرقي البلاد، استغرقت ثلاثة أيام.
وأشار البيان إلى أن البرهان، وهو القائد العام للقوات المسلحة السودانية، عاد إلى الخرطوم، بعد أن اطمأن على الترتيبات الأمنية والعسكرية بالمنطقة العسكرية الشرقية بقيادة الفرقة الثانية مشاة.
وحسب البيان التقى البرهان القيادات العسكرية، واطّلع على الموقف العسكري في الشريط الحدودي بعد الاعتداء الأخير على الجيش السوداني من الميليشيات الإثيوبية المسلحة والجيش الإثيوبي في منطقة (أبو طيور) على الشريط الحدودي مع إثيوبيا.
من جهة أخرى، ذكر بيان مجلس الوزراء السوداني، أن القمة الاستثنائية لـ«إيقاد» التي تُعقد اليوم، تتناول الوضع في الإقليم، وسير عملية السلام في دولة جنوب السودان، كما سيقدم السودان خلال القمة عرضاً للتطورات الإيجابية بالبلاد وعلى رأسها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والمترتبات الإيجابية لذلك. ويتحدث في الجلسة الافتتاحية رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلي، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسي فكي.
وأشار البيان إلى أن القمة الاستثنائية لمنظمة «إيقاد»، تأتي لبحث مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك بين دول المنظمة، وفي مقدمتها استجابة دول المنظمة للموجة الثانية لجائحة «كورونا» وتعزيز التنسيق بين دول «إيقاد» حول التعامل مع الفيروس المستجد. ويشارك في القمة كل من رئيس مجلس الوزراء رئيس الدورة الحالية عبد الله حمدوك، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، ورؤساء دول جيبوتي وكينيا والصومال، ونائب رئيس دولة جنوب السودان ريبيكا قرنق.
ويرافق رئيس الوزراء السوداني، وزير الخارجية عمر قمر الدين إسماعيل، ووزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، وقيادات عسكرية من جهاز المخابرات العامة والاستخبارات العسكرية.
وكان رئيس وزراء السودان قد اتفق خلال زيارته أديس أبابا، الأسبوع الماضي، مع نظيره الإثيوبي آبي أحمد، على عقد قمة «إيقاد»، يحضرها رؤساء الدول الأعضاء بالمنظمة لمناقشة التداعيات الأمنية والسياسية للنزاع الإثيوبي، إلى جانب الاتفاق على البدء في معالجة قضية الحدود بين البلدين.
وأعلن الجيش السوداني (الأربعاء) مصرع عدد من قواته بينهم ضابط برتبة كبيرة وخسائر في المعدات في كمين نصبته قوات وميليشيات إثيوبية على منطقة خور الجبل على الشريط الحدودي بين البلدين. ونشر السودان قواته في المناطق الحدودية لحماية أراضيه والحيلولة دون استغلال أطراف الصراع في إثيوبيا لأراضيه، وانطلاق أي نوع من العمليات العسكرية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.