الراعي يخرق جمود الأزمة الحكومية بلقاء عون وباسيل

قال إنه لم يلمس تمسكاً لدى رئيس الجمهورية بالثلث المعطّل

الرئيس عون والبطريرك الراعي خلال لقائهما أمس (الوطنية)
الرئيس عون والبطريرك الراعي خلال لقائهما أمس (الوطنية)
TT

الراعي يخرق جمود الأزمة الحكومية بلقاء عون وباسيل

الرئيس عون والبطريرك الراعي خلال لقائهما أمس (الوطنية)
الرئيس عون والبطريرك الراعي خلال لقائهما أمس (الوطنية)

خرق البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس، الجمود الحاصل في ملف تشكيل الحكومة اللبنانية بلقائه أمس، الرئيس ميشال عون، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، غداة لقائه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، وسط تفعيل للاتصالات التي لم تتوقف، ودخلت عليها جهات لتفعيلها، كما قالت مصادر متابعة للملف الحكومي، لافتة إلى أنه «لا يوجد جمود إطلاقاً في الموضوع الحكومي».
واستكمل الراعي وساطته التي بدأها أول من أمس، بدعوة الحريري إلى بكركي لمناقشة العثرات التي تَحول دون تشكيل الحكومة، وذلك بزيارة له أمس إلى قصر بعبدا، حيث التقى صباحاً الرئيس عون، تلاها لقاء بعد الظهر مع باسيل في بكركي.
وأوضحت مصادر متابعة للملف الحكومي لـ«الشرق الأوسط» أن الراعي هو من دعا الحريري، كما دعا باسيل إلى بكركي أمس، مشيرة إلى أن الراعي عرض على الرئيس عون قيامه بالمبادرة، وجاءه الجواب بالقبول، لافتة إلى أن «سعاة الخير دخلوا على خط تقريب وجهات النظر» بينهم مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والنائب جان عبيد.
وقالت مصادر مواكبة للقاء الرئيس عون والبطريرك الماروني، إن الراعي وضع عون في أجواء لقائه مع الحريري، فيما وضع عون البطريرك في أجواء الصيغ التي تم تداولها. وأكد الرئيس أن هدفه تشكيل حكومة منتجة وفاعلة يكون باستطاعتها مواجهة الأمور الراهنة داخلياً وإقليمياً. وتمنى البطريرك على عون أن يستأنف التواصل مع الحريري، و«أبدى عون استعداده لهذا الأمر»، مشيرة إلى أن البطريرك قال لعون: «إذا كان مطلوباً مني أي شيء فأنا حاضر»، والرئيس عون قال: «لا مشكلة مع الحريري ويمكننا التواصل في أي لحظة».
واستمع الراعي لشرح كامل من عون «ولا سيما عن وحدة المعايير، وكل النقاط الملتبسة عند الراعي تم توضيحها في هذا اللقاء». ولفت الراعي بعد لقائه عون إلى أن «المبدأ الأساسي في الدستور أن يحضر الرئيس المكلف تشكيلته ويأتي إلى رئيس الجمهورية للتشاور»، مضيفاً: «لا علاقة لي بالتفاصيل، هم من يناقشونها، ولم ألمس بحديثي مع الرئيس أنه متمسك بالثلث المعطل»، لافتاً إلى «أننا لا نريد ذلك، وهناك اتفاق ورأي عام على إنتاج حكومة من غير السياسيين».
وأوضح الراعي أنّه «لا يعرف كل الأسماء المطروحة في تشكيل الحكومة لأنّ هذا دور الحريري وعون»، معتبراً أنّه «مهما كانت الأسباب والظروف يجب إيجاد حل والتفاهم بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف وإنتاج حكومة تبدأ بالإصلاحات وعلى رأسها إعادة إعمار بيروت». وشدّد الراعي على «احترام السلطات القائمة وعدم المس بكرامة أي إنسان، فكيف إن كان رئيساً للجمهورية».
وبعد ساعات من لقائه عون استقبل الراعي رئيس «تكتل لبنان القوي» (يضمّ نواب التيار الوطني الحر) النائب جبران باسيل، الذي أشار إلى «توافق على أن تكون الحكومة قادرة على تحقيق الإصلاح وعلى المعايير الواحدة في التأليف».
وأكدت مصادر مقربة من «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» أن الدعوة أتت من البطريرك الراعي، والنائب جبران باسيل لبّى الدعوة، لافتةً إلى أن «الاجتماع بدأ بلقاء استمر عشر دقائق في حضور الإعلام ثم انتقل الحضور إلى مائدة الغداء، حيث انضم إلى الراعي وباسيل مستشار باسيل، أنطوان قسطنطين، ومستشار الراعي، وليد غياض، وبعد الغداء حصلت خلوة جمعت الراعي بباسيل، وبالتالي يكون اللقاء استمر بين الرجلين لفترة ساعتين تم خلالهما عرض للملفات الراهنة ولا سيما ملف الحكومة». وأكدت المصادر أن تصريح باسيل أتى تلبيةً لرغبة الراعي من أجل إطلاع اللبنانيين والرأي العام على ما دار في الاجتماع.
وفيما يتعلق بموضوع عرض البطريرك أسماء على باسيل، كان قد أعلمه عنها الرئيس المكلف سعد الحريري، نفت المصادر هذا الأمر، مؤكدةً أنه «لم يتم عرض أسماء على النائب باسيل خلال اللقاء، إنما الأخير أطلع الراعي على مقاربة التيار الوطني الحر لموضوع تشكيل الحكومة، وجدد موقفه أنه لم يطلب شيئاً ولكن خلال اللقاء تم تأكيد أن رئيس الجمهورية شريك كامل وأساسي بعملية التأليف، وهو معنيٌّ بكل الأسماء في كل الطوائف وعملية التشكيل تتم بالاتفاق بين الرجلين».
وقالت المصادر إنه لم يتم الدخول في الأسماء وبالتالي رئيس الجمهورية لم يقدم أي اسم للحريري، لكنه طلب وضع معايير لتوزيع الوزراء. وتابعت المصادر أن البطريرك أصبح على اطلاع على تفاصيل مسار التشكيل واللقاءات التي عُقدت بين عون والحريري، وأصبح أيضاً على علم بمواقف التيار.
ورداً على سؤال عن ترجمة خطوات الراعي، قالت المصادر: «إذا كان للبطريرك مسعى ويستكمله، سيذهب باتجاه وضع حد لأي مواربة ومراوغة بعملية التشكيل، من خلال احترام دور رئيس الجمهورية»، ومن هنا قال باسيل: «إذا صفت النيات وكانت هناك إرادة تُشكّل الحكومة خلال وقت قصير».
وأوضح باسيل بعد لقائه الراعي أنّه لا شرط أو مطلب لديه «سوى التعامل بالتساوي والتأليف على أساس الدستور والتوافق الوطني»، مضيفاً: «عندما تصبح هناك نية باعتماد معايير واحدة فعندها تتشكّل الحكومة».
وأشار باسيل إلى أنّه عرض مع الراعي لموضوع المرفأ و«ضرورة وجود الشفافيّة»، إذ «من حقّ اللبنانيين أن يعرفوا لماذا جاءت المواد المتفجرة إلى لبنان، ومَن استعملها ومَن سرقها ومَن أهمل في السماح بإبقائها، وكيف انفجرت؟».
وأكد المسؤول الإعلامي في بكركي وليد غياض، لـ«الشرق الأوسط»، أن خطوة الراعي «أتت لكسر الجمود والجدار الحاصل في موضوع تشكيل الحكومة، وهو يعمل من موقع مسؤول في الدفع في اتجاه تشكيل حكومة عمل واختصاصيين في أسرع وقت ممكن، حسب الدستور».
وأشار غياض إلى أن الراعي التقى الحريري وعون وباسيل باعتبار أنهم المعنيون مباشرةً بالتشكيل، وهو بنى على المعطيات من لقاءاته معهم لتحريك الموضوع. وأكد غياض أن الراعي لم ولن يضع ملامة على أي طرف.
ووصف غياض لقاء الراعي وباسيل بالإيجابي والممتاز، وأكد الراعي أن العنوان الأساس للقاء مع باسيل هو التعاطي مع موضوع التشكيل وفقاً لمعايير موحدة مع الجميع والتعاطي وفقاً للدستور من دون اجتهادات، لافتاً إلى أن الراعي «يرى أن الحكومة يجب أن تكون حكومة عمل واختصاصيين لتنهض بالبلد، وليست حكومة سياسة»، وأكد أن الراعي «يمارس مبدأ فصل الدين عن الدولة، وبكركي تمارس الدور الوطني».



العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
TT

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مشاركاً في «المنتدى الحضري العالمي» (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية، مشيراً إلى تقديرات أممية بأن الاقتصاد سيخسر 657 مليار دولار بحلول 2030 في حال استمرّت الحرب.

تصريحات العليمي جاءت في وقت اتَّهم فيه عضوُ مجلس القيادة الرئاسي، عثمان مجلي، الجماعةَ الحوثيةَ باستغلال موانئ الحديدة؛ لتهريب الأسلحة الإيرانية وتهديد الملاحة، وبرفض مساعي السلام، وذلك خلال لقائه في لندن وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأوضح العليمي، في كلمة بلاده أمام «المنتدى الحضري العالمي»، الذي تستضيفه مصر، أن الحكومة في بلاده «ماضية في جهودها للتغلب على ظروف الحرب المدمرة التي أشعلتها الميليشيات الحوثية الإرهابية العميلة للنظام الإيراني».

واستعرض خسائر بلاده جراء الحرب الحوثية التي أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الأساسية، وفي المقدمة الكهرباء، والطرق، وخطوط النقل والموانئ والمطارات، والجسور، والمصانع، والمنشآت التجارية.

وقال إن خسائر الاقتصاد والمدن الحضرية تتضاعف يوماً بعد يوم؛ جراء الحرب المفروضة على الشعب اليمني، محذراً من أن الخسائر سترتفع بحسب تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى 657 مليار دولار بحلول عام 2030 إذا استمرّت الحرب، ولم تستجب الميليشيات لنداء السلام، ومتطلبات استعادة مسار التنمية.

وبلغة الأرقام، أوضح العليمي أن التقديرات تشير إلى تضرر خدمات المدن والحواضر اليمنية بنسبة 49 في المائة من أصول قطاع الطاقة، و38 في المائة من قطاع المياه والصرف الصحي، فضلاً عن أضرار بالغة التكلفة في شبكة الطرق الداخلية، والأصول الخاصة بقطاع الاتصالات، بينما تضرر قطاع المساكن بشدة، وأُعيدت نحو 16 مدينة يمنية عقوداً إلى الوراء.

وتطرَّق رئيس مجلس الحكم اليمني إلى التحديات البنيوية والتمويلية المعقدة التي تواجه الحكومة اليمنية إزاء المتغيرات المناخية التي ضاعفت من أعباء التدخلات الطارئة، وتباطؤ إنفاذ خطط التنمية الحضرية على مختلف المستويات.

التطرف المناخي كبَّد اليمن خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية (إعلام محلي)

وقال العليمي: «إن الأعاصير القوية التي شهدها اليمن خلال السنوات الأخيرة تسببت بدمار واسع النطاق، بما في ذلك الفيضانات والانهيارات الأرضية والأضرار التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المواطنين».

وأشار إلى أنه بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2024 خلّفت الفيضانات المفاجئة عشرات الضحايا، وأكثر من 100 ألف نازح، وخسائر في البنى التحتية والحيازات الزراعية قُدِّرت بنحو 350 مليون دولار.

وثمَّن العليمي، في كلمته، الدور السعودي والإماراتي والمصري، وباقي دول «تحالف دعم الشرعية»، في الحد من وطأة الحرب على الشعب اليمني، ومنع انهيار شامل لمؤسساته الوطنية.

من جانبه، جدَّد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، اتهامات بلاده لإيران بدعم الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات. وقال إن الجماعة هي التي ترفض السلام، كما حمّل المجتمع الدولي المسؤولية عن توقف معركة تحرير الحديدة.

وبحسب الإعلام الرسمي، التقى مجلي في لندن، الثلاثاء، في وزارة الخارجية البريطانية، وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا هاميش فالكونر.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي مع وزير الدولة البريطاني للشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

وأوضح مجلي للوزير البريطاني أن السلام مطلب الشعب اليمني الذي يعاني ويلات الانقلاب الحوثي. وقال: «لأجل السلام ذهبنا إلى المشاورات كافة، بدءاً من (جنيف1) و(جنيف2)، ومشاورات الكويت، واستوكهولم، وظهران الجنوب في السعودية».

وأكد أن الحكومة في بلاده تدعم كل الدعوات التي تحقق سلاماً عادلاً وشاملاً في اليمن وفق القرارات الدولية، بما يحقن الدماء ويصون حقوق اليمنيين في العيش بسلام.

وقال مجلي إن الدور الإيراني التخريبي امتدّ ضرره إلى الإقليم والعالم من خلال تزويد الحوثيين بالأسلحة والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، وتمكين الجماعة من تهديد السفن التجارية في البحرَين الأحمر والعربي، وإعاقة تدفق سلاسل الغذاء، وإحداث أزمة عالمية.

وأشار مجلي إلى انتهاكات الحوثيين التي امتدت إلى العاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية، وموظفي السفارات الذين تمارس الجماعة ضدهم أشد أنواع التعذيب النفسي والجسدي، غير آبهة بالتحذيرات والدعوات التي تطلقها السفارات والمنظمات الدولية لسرعة الإفراج عنهم.

واتهم الحوثيين بإعاقة كل صفقات تبادل الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة والمبعوث الأممي هانس غروندبرغ. وقال: «الجميع يدفع ثمن منع الشرعية من تحرير ميناء الحديدة الذي استخدمه الحوثيون سابقاً ويستخدمونه حالياً لأغراض غير إنسانية وتهريب الأسلحة، وتحويله إلى غرفة عمليات لمهاجمة السفن، وتعطيل حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

عضو مجلس القيادة اليمني عثمان مجلي اتهم إيران بدعم الحوثيين لتهديد المنطقة (سبأ)

وأثنى عضو مجلس القيادة اليمني على الدور السعودي والإماراتي في بلاده، وقال إنه كان ذا أثر ملموس في التخفيف من معاناة اليمنيين من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والطارئة ودعم الاقتصاد والعملة الوطنية.

ونسب الإعلام اليمني الرسمي إلى الوزير البريطاني أنه أكد حرص بلاده «على المضي في العمل مع الشركاء الدوليين ودول الجوار والمنطقة؛ لمكافحة الإرهاب وتأمين خطوط الملاحة البحرية في البحر الأحمر، والالتزام بتحقيق سلام مستدام في اليمن، ودعم جهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لتحسين الوضع الاقتصادي».