حمد جابر العلي الصباح... وزير دفاع بقفازات دبلوماسية

بعد إجراء الكويت انتخاباتها العامة الأخيرة، شكّل الشيخ صباح الخالد الصباح أول حكومة في عهد الأمير نواف الأحمد الجابر الصباح، ولقد عيّن الشيخ حمد جابر العلي السالم الصباح، السفير السابق لدى المملكة العربية السعودية، نائباً لرئيس الوزراء ووزيراً للدفاع في التشكيلة الجديدة التي ضمت 15 وزيراً. وتعد الحكومة الجديدة الثانية للشيخ صباح الخالد، إذ إنه كلف بتشكيل الحكومة الأولى يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وكانت الأقصر عمراً بين الحكومات الكويتية، لأن فترتها انتهت في ديسمبر (كانون الأول)، تزامناً مع موعد الانتخابات البرلمانية، وفقاً لما ينص عليه الدستور الكويتي.
بتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع في الحكومة الكويتية الجديدة، يعود الشيخ حمد جابر العلي السالم الصباح، إلى الحكومة من أوسع أبوابها، بعدما كان قد غادر مجلس الوزراء في عام 2012، وذلك بعدما تقلّد لفترة قصيرة منصب وزير الإعلام.
الشيخ حمد جابر العلي، في الحقيقة، تقلّب في أروقة العمل السياسي والدبلوماسي، مثلما تنقل بين المناصب الإدارية في بيت الحكم الكويتي، بينها وزارة الخارجية والدفاع وإدارة مكتب ولي العهد. غير أن العمل الدبلوماسي اجتذب الفترة الأطول من تجربته السياسية، سواء في العمل بوزارة الخارجية، أو في سفارة بلاده في كل من إيطاليا والسعودية.

سيرة شخصية
يتحدر الشيخ حمد جابر العلي السالم الصباح من الأسرة الحاكمة في الكويت، وهو الابن العاشر للشيخ جابر العلي السالم الصباح (1928 - 1994). ولقد تلقى تعليمه الجامعي في جامعة الكويت، ومنها حصل على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1989.
بدأ الشيخ حمد على الأثر حياته العملية باحثاً سياسياً في مكتب وزير الداخلية الكويتي، بين عامي 1989 و1991، ثم بين عامي 1991 و1993 عمل في مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي. وخلال الفترة بين عامي 1993 و1997 عمل في سفارة الكويت بإيطاليا.
بعد ذلك تولى الشيخ حمد بين عامي 1998 و2001 منصب وكيل وزارة مساعد لشؤون التجهيز الخارجي بوزارة الدفاع ورئيس هيئة مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع. وتولى بين عامي 2003 و2006 منصب مدير مكتب ولي العهد الراحل الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، بدرجة وكيل وزارة.
منذ فبراير (شباط) 2007 إلى شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 شغل الشيخ حمد منصب سفير الكويت لدى المملكة العربية السعودية، وذلك قبل أن يتقلّد أول منصب وزاري في عام 2011، حين تمّ تعيينه وزيراً للإعلام في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 حتى شهر فبراير 2012، وهنا تجدر الإشارة إلى أن والده الشيخ جابر العلي السالم الصباح كان ثالث وزير إعلام في الكويت، وأطول الوزراء عهداً بين الذين تعاقبوا على هذا الوزارة، ذلك أنه تولى وزارة الإعلام من مارس (آذار) عام 1964 حتى 4 مارس (آذار) عام 1981.
في الحقيقة كانت فترة تولي الشيخ جمد الجابر العلي منصب السفير الكويتي لدى السعودية، الأكثر زخماً، خاصة أنها واكبت تولي أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الحكم (1929 - 2020)، وخلال هذه الفترة عمل على توطيد أواصر التعاون والتنسيق بين البلدين الخليجيين، ثم إنه حين غادر منصب السفير في الرياض، أقيم له حفل وداعي عبّر فيه عن مشاعره قائلاً: «ستظلّ المملكة دائما في قلبي ووجداني»، ومن ثم، شدد على أن ما اكتسبه من صداقات وعلاقات محبة «ستظل دائماً حاضرة» في قلبه، معتبراً أن المملكة بلده الثاني. أيضاً، خلال ذلك الحفل الذي أقامه موظفو السفارة الكويتية، قال الشيخ حمد إن «العلاقات الثنائية بين المملكة والكويت تميزت بالمتانة والصلابة والتاريخ المشترك الذي يجمع البلدين والشعبين الشقيقين»، ثم استشهد بكلمة للملك الراحل فهد بن عبد العزيز: «إن المملكة والكويت بلد واحد»، وكلمة ولي العهد الراحل، الأمير سلطان بن عبد العزيز: «إذا كانت المملكة هي العين فإن الكويت هي سواد العين». وهاتان الكلمتان تمثلان الالتزام السعودي العميق بالعلاقات الوثيقة مع الكويت، واستقرارها وسلامة أراضيها، وهو ما أثبته الموقف السعودي بعد الغزو العراقي للكويت في أغسطس (آب) 1990.
الآن، بتعيينه نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، يعود الشيخ حمد الجابر مجدداً إلى هذه الوزارة التي عمل فيها بين عامي 1998 و2001، حين تولى منصب وكيل وزارة مساعد لشؤون التجهيز الخارجي بوزارة الدفاع ورئيس هيئة مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.

رحلة قصيرة مع الحكومات الكويتية
هذه الحكومة الثانية للشيخ صباح الخالد الحمد الصباح (من مواليد 1953)، وهي الحكومة الـ37 في تاريخ الكويت، حيث تعود أول وزارة في تاريخ الكويت السياسي إلى عام 1962، وترأسها أمير البلاد آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح وشُكلت في يناير (كانون الثاني) عام 1962.
ومنذ يناير عام 1963 وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) 1965 ترأس أمير البلاد الـ12 صباح السالم الصباح الوزارات الثانية والثالثة والرابعة.
وبعد ذلك ترأس الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح الحاكم الـ13 للبلاد الوزارات الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة، التي امتدت فتراتها بين شهري ديسمبر (كانون الأول) 1965 وديسمبر (كانون الأول) 1977.
أما الأمير الشيخ سعد العبد الله السالم الصباح، فقد ترأس 11 وزارة، امتدت من الوزارة العاشرة في فبراير (شباط) عام 1978 حتى الوزارة الـ20 التي شُكلت في فبراير (شباط) عام 2001.
ثم في يوليو (تموز) عام 2003، ترأس أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الوزارة الـ21 في تاريخ الكويت، التي استمرت حتى وفاة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح. وعلى الأثر ترأس الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح (سبع وزارات) هي الـ22 والـ23 والـ24 والـ25 والـ26 والـ27 والـ28 في تاريخ الكويت السياسي، وذلك خلال الفترة بين فبراير (شباط) عام 2006 وحتى ديسمبر (كانون الأول) عام 2011، ومن ثم ترأس الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح الوزارات الـ29 والـ30 والـ31 والـ32 والـ33 والـ34، وذلك في الفترة بين ديسمبر (كانون الأول) عام 2011 وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.
ثم في يوم 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، شكلّ الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح الحكومة الـ36، مدشناً بذا بداية دخوله «نادي رؤساء الحكومات»، وليصبح ثامن شخصية تتولى منصب رئيس الوزراء منذ عام 1962. وأخيراً، في يوم 14 ديسمبر (كانون الأول) 2020، شكل الشيخ صباح الخالد حكومته الثانية بعد الانتخابات البرلمانية التي أُجريت في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.

الحكومة الجديدة
أصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، مرسوماً أميرياً بعد ثمانية أيام من استقالة الحكومة السابقة، في أعقاب انتهاء انتخابات مجلس الأمة. وتضمن المرسوم الأميري تعيين كل من حمد جابر العلي الصباح نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع، وأنس خالد ناصر الصالح نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، وثامر علي صباح السالم الصباح وزيراً للداخلية، والدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح وزيراً للخارجية، والدكتور باسل حمود حمد الصباح وزيراً للصحة، وخليفة حمادة وزيراً للمالية، والدكتور نواف الياسين وزيراً للعدل.
كذلك، ضمت التشكيلة الحكومية الجديدة تعيين كل من الدكتور علي المضف وزيراً للتربية وزيراً للتعليم العالي، والدكتورة رنا عبد الله عبد الرحمن الفارس وزيراً للأشغال العامة وزير دولة لشؤون البلدية، ومحمد عبد اللطيف الفارس وزيراً للنفط وزيراً للكهرباء والماء، وعبد الرحمن المطيري وزيراً للإعلام وزير دولة لشؤون الشباب، ومبارك سالم مبارك الحريص وزير دولة لشؤون مجلس الأمة، وعيسى الكندري وزيراً للشؤون الإسلامية والأوقاف، وعبد الله معرفي وزيراً للإسكان وزير دولة لشؤون الخدمات، وفيصل المدلج وزيراً للصناعة والتجارة.
ولقد أدى الوزراء الجدد اليمين الدستورية أمام الأمير الشيخ نواف الأحمد الصباح في قصر بيان، بحضور رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد، وعدد من كبار المسؤولين بالديوان الأميري الكويتي. تجدر الإشارة إلى أن الأمير كان قد أصدر مرسوماً أميرياً بإعادة تكليف رئيس الحكومة الكويتية المستقيلة، الشيخ صباح الخالد بتشكيل الحكومة الجديدة. ووفق الأصول المعمول بها نص المرسوم الأميري على تعيينه، مع تكليفه ترشيح أعضاء الوزارة الجديدة وعرض أسمائهم على الأمير، لإصدار مرسوم تعيينهم؛ وذلك بعد أن تقدم باستقالته إلى الأمير إعمالاً لأحكام المادة 57 من الدستور الكويتي، التي أوجبت إعادة التشكيل الوزاري عند بدء كل فصل تشريعي لمجلس الأمة.

الاقتصاد... الهم الأول
تقع على عاتق كل من الحكومة الجديدة، وكذلك البرلمان الجديد المنتخب، مسؤولية تنفيذ التشريعات الكفيلة بالإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد، في المرحلة الجديدة التي يقودها الأمير نواف الأحمد الصباح. ومن المعروف أن تواتر الخلاف والجمود بين الحكومة والبرلمان أديا في السنوات الماضي إلى تغيير حكومات متعاقبة وحلّ البرلمان، ما عرقل الاستثمارات والإصلاح الاقتصادي والمالي. أيضاً، لا شك في أن الهم الأول في المرحلة المقبلة سيكون الهم الاقتصادي، إذ يواجه الاقتصاد الكويتي، الذي يبلغ حجمه قرابة 140 مليار دولار أميركي، عجزاً بقيمة 46 مليار دولار هذا العام. ومن أولويات الحكومة إقرار مشروع قانون سيتيح للكويت الاقتراض من أسواق الدين العالمية.