تعليق التحقيق في انفجار المرفأ للبت بطلب نقله إلى قاضٍ آخر

حرب: يمكن ملاحقة النواب بعد انتهاء دورة البرلمان

TT

تعليق التحقيق في انفجار المرفأ للبت بطلب نقله إلى قاضٍ آخر

علّق المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان تحقيقاته بعدما قدّم الوزيران السابقان النائبان علي حسن خليل وغازي زعيتر طلباً بنقل الدعوى إلى قاض آخر، وهو ما سيؤدي أيضا إلى عدم استجواب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في الموعد الذي كان صوان حدّده اليوم الجمعة.
وأتت هذه الخطوة بعدما رفضت هيئة مكتب البرلمان تبليغ النائبين دعوة صوان للمثول أمامه كمدعى عليهما، وهو الأمر الذي أدّى إلى عدم حضورهما الجلستين اللتين كانتا قد حدّدتا يومي الاثنين والأربعاء.
وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» إن «صوان علق التحقيقات في الملف لمدة عشرة أيام، وهي المهلة القانونية التي على المحقق العدلي أن يقدم خلالها جوابه على طلب كف اليد عن الملف المقدم من زعيتر وخليل للارتياب المشروع وتعيين محقق آخر».
ولفتت إلى أن أطراف الدعوى كافة بدءا من النيابة العامة التمييزية إلى المحقق العدلي ونقابة المحامين، بوكالتها عن المدعين المتضررين من جراء الانفجار لديها مهلة عشرة أيام للإجابة، علما أنه فور تقديم المحقق العدلي جوابه، ستباشر النيابة العامة مطالعته تمهيدا لإبداء الرأي. من هنا، أكدت «الوكالة» أن صوان صرف النظر عن استجواب دياب الذي كان مقررا اليوم الجمعة، وذلك إلى أن تبت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار، بطلب نقل الملف إلى محقق آخر.
والأمر نفسه انسحب على جلسة الاستماع إلى المدير العام لأمن الدولة اللواء أنطوان صليبا الذي حضر أمس إلى قصر العدل في بيروت، وأرجئت إلى موعد يحدد لاحقا بسبب رفع صوان يده عن الملف حكما.
وبانتظار القرار الذي سيتّخذ حول طلب نقل الدعوى، أكد الوزير السابق والخبير القانوني بطرس حرب أن الأصول الجزائية تنص على هذا الحق لكن الصعوبة في هذه القضية أن صوان ليس قاضيا عاديا إنما محقق عدلي، وبالتالي على مجلس القضاء الأعلى أن يقترح اسما ليصدر تعيينه بقرار من وزير العدل.
أما في الجوانب الأخرى المتعلقة بالقضية، فيقول حرب لـ«الشرق الأوسط» إن هيئة مكتب البرلمان كما القاضي صّوان ارتكبا أخطاء، فالأولى كان يفترض أن تبلغ النائبين خاصة أن دورة البرلمان تنتهي في نهاية الشهر، والثاني أرسل ملفا خاليا من المستندات والأدلة الواضحة لملاحقة النواب.
وفي هذا الإطار، يوضح حرب أن المادة 40 في الدستور تمنع اتّخاذ إجراءات جزائية بحق أي عضو من أعضاء المجلس، أو إلقاء القبض عليه إذا اقترف جرماً جزائيا إلّا بإذن البرلمان، ما خلا حالة التلبّس بالجريمة، أثناء الدورتين العاديتين، والتي تنتهي الثانية منهما في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي لتعود وتبدأ الدورة المقبلة يوم الثلاثاء الذي يلي الخامس عشر من شهر مارس (آذار). وبذلك تقتصر الحصانة المعطاة لهم خارج هاتين الدورتين على الآراء والأفكار التي يبديها النواب، وذلك وفق المادة 39 من الدستور، وبالتالي فإنه ما بين شهر يناير (كانون الثاني) ومنتصف مارس يحق ملاحقة النواب من دون العودة إلى البرلمان.
من هنا يرى حرب أن موقف وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي لجهة قوله إنه سيرفض توقيف المدعى عليهم إذا طلب منه قاضي التحقيق هذا الأمر، غير دستوري، مؤكدا «أنه ليس أمام وزارة الداخلية أي خيار إلا التنفيذ إذا اتخذ القضاء أي قرار».
ويقول حرب إنه إذا بقيت الأجواء المرافقة للتحقيقات ولا سيما السياسية والطائفية كما هي سنصل إلى إعلان وفاة السلطة القضائية في لبنان، معتبرا في الوقت عينه أن السلطة القضائية والسلطة السياسية تتحملان المسؤولية مجتمعتين. وتوقّف عند رفض ملاحقة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب من قبل رؤساء الحكومة السابقين، مؤكدا على ضرورة ملاحقة جميع المسؤولين عن الجريمة التي حصلت بغض النظر عن موقعهم وبعيدا عن الطائفية والحزبية.
وهذا المطلب هو الذي حمله أيضا أهالي ضحايا انفجار المرفأ إلى الوزير فهمي يوم أمس، حيث طالبوا خلال لقائه بضرورة استدعاء الجميع من دون تمييز سياسي أو طائفي.
وقال إبراهيم حطيط باسم الوفد، إنهم تمنوا على الوزير فهمي مساعدتهم بمسألة القضاء، وأعلن أنهم التقوا بالقاضي فادي صوان «وطلبنا منه الاستمرار في هذه القضية، وأكدنا مع معاليه الاستمرار في هذه القضية وعدم تسييس القضاء وضرورة استدعاء الجميع من دون استثناءات ومن دون غطاء طائفي أو مذهبي أو سياسي».



«فتح» و«حماس» في القاهرة... جولة جديدة بشأن مستقبل «إدارة غزة»

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)
TT

«فتح» و«حماس» في القاهرة... جولة جديدة بشأن مستقبل «إدارة غزة»

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)

جولة جديدة في القاهرة بين حركتي «فتح» و«حماس» الفلسطينيتين؛ لبحث مستقبل إدارة قطاع غزة عبر لجنة مساندة، في ظل حراك مصري وأميركي لإبرام هدنة بالقطاع تحاكي نظيرتها في لبنان التي تمت قبل أيام، وتمتد لنحو 60 يوماً.

تلك الجولة تُعد الثالثة في نحو شهرين، والتي تستضيفها مصر، وفق معلومات تحدثت بها مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أقرب لحسم اتفاق بين الحركتين، في ظل تفاهمات تنتظر إقرار حل لموظفي «حماس» الذين لن يكونوا بالإدارة الجديدة، متوقعين أن تجري معه بالتوازي مشاورات بشأن الهدنة في غزة قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلطة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وذلك المسار أقرب للحدوث في تقديرات خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، في ظل تسريبات في الإعلام الإسرائيلي عن محادثات بشأن فتح معبر رفح المُغلق من الجانب الفلسطيني منذ مايو (أيار) الماضي، عقب سيطرة إسرائيلية، مرجحين «الذهاب لتهدئة قريباً بالقطاع، وإبرام صفقة تبادل للأسرى والرهائن، وبدء تدفق إغاثي للقطاع عبر المعبر الحدودي مع مصر»، خصوصاً مع تحضيرات القاهرة لمؤتمر إغاثي، الاثنين المقبل.

وسبق أن عقدت «فتح» و«حماس»، اجتماعين مماثلين بالقاهرة أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، ونوفمبر (تشرين الثاني)، وشهدت الاجتماعات السابقة محادثات بشأن «إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) معنية لإدارة شؤون قطاع غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة».

فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل في غزة (رويترز)

والمقترح المطروح على الطاولة، منذ بداية محادثات الحركتين، حسب مصادر فلسطينية تحدثت سابقاً لـ«الشرق الأوسط»، مرتبط بتشكيل «هيئة إدارية» لقطاع غزة، يُطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة»، تتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس، وتتولّى مهمة إدارة الشؤون المدنية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتوزيعها في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية.

ولم يحسم الجانبان المقترح في الجولة الأولى، ولم تصدر نتائج بشأنه، وتُرك المجال لهما للعودة إلى قياداتهم، وفق المصادر ذاتها، قبل أن يكشف مصدر أمني مصري لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، عقب انطلاق الجولة الثانية أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي)».

وتحدّث إعلام فلسطيني عن أن وفدي الحركتين يصلان، السبت، العاصمة المصرية القاهرة، لبدء لقاءات مع مسؤولين مصريين استكمالاً لنظيرتها السابقة بشأن المصالحة الفلسطينية، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، في حين نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن قيادي في «حماس» -لم تذكر هويته- أن «لقاءات ستتم بين الحركة مع مسؤولين مصريين لمناقشة الأفكار المتعلقة بوقف لإطلاق النار».

ووفق معلومات القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، فإن «الاجتماعات المنتظرة ستشهد في الجولة الثالثة استكمال التوافق بشأن لجنة إدارة غزة، بجانب تشكيل جهاز أمني يتبع السلطة ومنح موظفي (حماس)، الذين سيحالون للتقاعد، رواتب تقاعدية»، متوقعاً أن «تكون هذه الجولة مهمة وأكثر اقتراباً من الخروج باتفاق في القاهرة بعد تجاوز كل العقبات، خصوصاً بشأن كيفية تشكيلها والتوافق على تبعيتها للسلطة».

ووفق الرقب، فإن «القاهرة معنية أكثر حاليّاً بالتوصل لاتفاق بشأن إدارة غزة، ضمن حراكها الدائم للتوصل لهدنة تُحاكي ما حدث في لبنان ولو بشكل جزئي»، متوقعاً أن «تناقش (حماس) مع القاهرة تفاصيل مقترح هدنة متدرجة تمتد لنحو 45 يوماً، تشمل تبادلاً للأسرى وتشغيل معبر رفح تحت إشراف لجنة المساندة، وخروج عدد من الجرحى الفلسطينيين للعلاج، وإدخال كميات كبيرة إغاثية للقطاع».

وفي اعتقاد الرقب، فإن «(حماس) قد توافق في هذه المرحلة على انسحاب جزئي لقوات الاحتلال؛ استعداداً لنقاش أوسع لخروج القوات الإسرائيلية كليّاً بعد ذلك، مع تأكيد موافقة الحركة على عدم وجودها في مشهد الحكم، في ظل الظروف الراهنة واستعداداً لانتخابات تالية دون أن يكون لذلك تأثير على قواتها العسكرية، التي لا تزال موجودة في القطاع رغم الضربات التي تلقتها».

فلسطيني يقوم بإجلاء طفل جريح بعد غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ب)

ويتوقع الأكاديمي المُتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن الاجتماع بين «حماس» و«فتح»، «سيبحث تفاصيل اليوم التالي من الحرب في غزة، وإعلان إنشاء لجنة المساندة لإمكانية تجاوز أي فراغ أو عراقيل، في ظل فرص حقيقية لإحياء التفاوض بشأن الهدنة».

ويرى أن هناك رغبة أميركية للتعجيل باتفاق هدنة، خصوصاً مع تسريبات بشأن مناقشات لفتح معبر رفح متزامنة مع حراك مصري على مختلف الجبهات لإدخال المساعدات الإنسانية، وإبرام اتفاق مصالحة فلسطينية وتشكيل لجنة لإدارة غزة.

اجتماع للفصائل الفلسطينية بالصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية يوليو الماضي (رويترز)

وأعلن البيت الأبيض، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تبذل جهوداً دبلوماسية جديدة، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والاتفاق على إطلاق الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بمساعدة تركيا وقطر ومصر.

وبالتزامن، قال السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، في مقابلة مع «أكسيوس» الأميركي، إن ترمب يريد أن يرى وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى في غزة قبل توليه منصبه، وسط تقديرات أنه لا يزال هناك 101 أسير في غزة من قِبَل «حماس»، بمن في ذلك 7 مواطنين أميركيين.

وسيكون تجاوز عراقيل أي صفقة للرهائن أولوية في لقاء وفد «حماس» مع المسؤولين المصريين، لبحث سبل التوصل لها قريباً، وفق تقدير الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري، اللواء سمير فرج، مشيراً إلى مطالب من الحركة بوجود ضمانات لعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلُّم الرهائن.

وتُشير تلك المساعي المصرية والأميركية، وفق أيمن الرقب، إلى أن «هناك ضغوطاً أميركية تأتي من جانب الرئيس الأميركي جو بايدن لاستكمال ما أنجزه في لبنان باتفاق مشابه في غزة»، متوقعاً أن «يجري بحث وجود قوات دولية خلال تنفيذ المرحلة الأولى من أي اتفاق قريب لتبادل الأسرى للفصل بين الجانبين، وتمكين لجنة غزة من إدارة القطاع».

ويُعزز احتمال التوصل لاتفاق قريب بغزة، وحسب الرقب، حراك مصري واسع من استضافة مؤتمر إغاثي لغزة، وحديث مقترح مصري يجري بحثه مع إسرائيل وفق تسريبات إعلامية إسرائيلية نهاية الأسبوع، فضلاً عن محادثات بين «فتح» و«حماس» بالقاهرة.