الكونغرس الأميركي يوافق سرا على إرسال أسلحة لمقاتلين سوريين «معتدلين»

المعارضة تتحضر لهجوم واسع على مواقع نظامية في ريف درعا الغربي

الكونغرس الأميركي يوافق سرا على إرسال أسلحة لمقاتلين سوريين «معتدلين»
TT

الكونغرس الأميركي يوافق سرا على إرسال أسلحة لمقاتلين سوريين «معتدلين»

الكونغرس الأميركي يوافق سرا على إرسال أسلحة لمقاتلين سوريين «معتدلين»

قال مسؤولون أمنيون أميركيون وأوروبيون، إن «أسلحة خفيفة تتدفق من الولايات المتحدة لجماعات (معتدلة) من مقاتلي المعارضة السورية في جنوب البلاد، كما وافق الكونغرس الأميركي على عمليات تمويل على مدى أشهر لإرسال مزيد من شحنات الأسلحة».
ويأتي هذا الإعلان بموازاة تحضيرات على الجبهة الجنوبية لشن هجوم واسع على مواقع القوات النظامية. وكشفت مصادر قيادية معارضة في درعا (جنوب سوريا) لـ«الشرق الأوسط» أنها تتحضر لشن الهجوم بهدف إحكام سيطرتها على المحافظة التي انسحبت القوات النظامية من معظم مواقعها فيها.
وأوضحت المصادر أن الهجوم «قد ينفذ خلال يومين»، مشيرة إلى أن المخطط يفضي إلى استهداف 16 نقطة عسكرية للقوات الحكومية في وقت واحد، ليكون مفاجئة مؤتمر «جنيف 2». وإذ تحفظت المصادر عن الكشف عما إذا كانت وصلت إليها أسلحة وأعتدة جديدة، قالت، إن «المقاتلين يمتلكون أسلحة غنموها من معارك سابقة، فضلا عن صواريخ مضادة للدروع من طراز (السهم الأحمر) بكميات محدودة».
وينظر العسكريون في درعا إلى إمدادهم بالسلاح والأعتدة العسكرية على أنه «خطوة قادرة على تغيير مسار المعركة»، كما أن هذا الدعم من شأنه أن يساعد في فك الحصار عن مدينة الشيخ مسكين، وقطع الإمداد عن مواقع النظام في مدينة درعا، الذي يأتي من العاصمة دمشق عبر الأوتوستراد الدولي.
ويوضح الناشط في درعا سامر الحوراني لـ«الشرق الأوسط» أن الريف الشرقي لمحافظة درعا «تسيطر المعارضة على أجزاء واسعة منه، باستثناء اللواء 52 وبلدة خربة غزالة»، مشيرا إلى أن «مدينة درعا مركز المحافظة، تسيطر القوات النظامية على 80 في المائة منها، فيما تتركز المعارك بين الجيشين الحر والنظامي في الريف الغربي، وتحديدا في إنخل وجاسم والشجرة».
ويقول الحوراني، إن «الأوتوستراد الدولي الذي يربط دمشق بالحدود الأردنية تسيطر عليه القوات الحكومية»، مشيرا إلى أن دعم قوات المعارضة بالأسلحة المضادة للدروع من شأنه أن يمكن قوات المعارضة من إغلاق الأوتوستراد الدولي بعد السيطرة على خربة غزالة التي تشكل، إلى جانب حاجز الكهرباء وكتيبة المهجورة، مثلث الحماية للأوتوستراد، كما يسهل مهاجمة القوات الحكومية في مدينة درعا بعد قطع خطوط الإمداد عنها.
ويأتي إعلان المسؤولين الأميركيين عن إرسال الأسلحة، في لحظة حاسمة في جنوب سوريا التي تشهد معارك كر وفر منذ أكثر من عامين، من غير أن تتمكن المعارضة من حسم المعركة بسبب ما تقول إنه نقص في الأسلحة المتطورة، وأهمها المضادة للدروع.
وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فإن الأسلحة، التي يرسل معظمها للمقاتلين السوريين غير الإسلاميين عبر الأردن، تضم مجموعة مختلفة من الأسلحة الخفيفة بالإضافة إلى بعض الأسلحة الأقوى مثل الصواريخ المضادة للدبابات.
وأضاف المسؤولون أن «هذه الشحنات لا تشمل أسلحة مثل صواريخ أرض - جو التي تطلق من على الكتف والتي يمكن أن تسقط طائرات عسكرية أو مدنية».
وقال مسؤولان، إن «شحنات الأسلحة تلك وافق الكونغرس الأميركي على تمويلها خلال تصويت في جلسات مغلقة خلال نهاية السنة المالية الحكومية 2014 التي تنتهي في 30 سبتمبر (أيلول) المقبل».
ويتناقض هذا التدفق الثابت، على ما يبدو، للأسلحة مع الوضع الذي كان سائدا الصيف الماضي عندما توقفت مساعدات الأسلحة الأميركية لمقاتلي المعارضة السورية لفترة بسبب تحفظات بالكونغرس.
وأوقفت لجان الكونغرس شحنات الأسلحة لأشهر بسبب الخوف من ألا تثبت الأسلحة الأميركية أنها حاسمة في جهود مقاتلي المعارضة لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد وحكومته، ومن ثم تسقط في نهاية الأمر في يد متشددين إسلاميين.
وقال مسؤول أميركي على صلة بالتطورات الجديدة، إن «مسؤولي الأمن القومي وأعضاء الكونغرس أصبحوا أكثر ثقة في أن الأسلحة المتجهة إلى جنوب سوريا ستصل وستظل في أيدي المعارضين المعتدلين ولن تصل إلى فصائل جهادية متشددة». وذكر مصدران مطلعان أن الكونغرس وافق على تمويل الأسلحة المرسلة إلى المعارضين السوريين من خلال أجزاء سرية في تشريع المخصصات الدفاعية. ولم يتضح متى جرت الموافقة على التمويل، لكن التمويلات الدفاعية السرية مررت في الكونغرس في أواخر ديسمبر (كانون الأول).
ويقر مسؤولون أميركيون يؤيدون تقديم أسلحة للمعارضة السورية أن هذا لم يزد بشكل كبير التوقعات الأميركية بتحقيق نصر للقوات المناهضة للأسد سواء كانوا من المعتدلين أو المتشددين.
وقال بروس ريدل، وهو محلل سابق في وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) كما أنه يعمل أحيانا مستشارا للسياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما: «الحرب السورية تقف في مأزق. المعارضون ينقصهم التنظيم والأسلحة لإلحاق الهزيمة بالأسد، والنظام ليس لديه القوة البشرية المؤيدة لقمع التمرد. أما حلفاء الجانبين في الخارج فهم مستعدون لتقديم المال والسلاح لإذكاء الموقف المتأزم في المستقبل المنظور».
وأفاد مسؤولون أميركيون وأوروبيون بأن المعارضين المعتدلين عززوا أخيرا مواقعهم في جنوب سوريا، حيث يطردون عناصر لها صلة بـ«القاعدة»، بينما ما زالت الفصائل المتشددة مهيمنة في الشمال والشرق.
وقال مسؤول إنه «في تطور آخر يصب في صالح الفصائل المعتدلة بدأت الجماعات الكردية، التي كانت تقدم السلاح والمساعدات الأخرى التي يمولها مانحون في دولة قطر إلى كل من الفصائل المعتدلة والمتشددة دون تمييز، في تقليص دورها في تهريب السلاح».
ورفضت متحدثة باسم البيت الأبيض التعليق، بينما لم ترد الأجهزة الأميركية الأخرى على طلب التعليق.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.