ترقب موضة نساء «البيت الأبيض» بعد تنصيب الرئيس المنتخب

هاريس تعلي العملية على الأناقة... وجيل تعيد أسلوب الديمقراطيين

جيل بايدن
جيل بايدن
TT

ترقب موضة نساء «البيت الأبيض» بعد تنصيب الرئيس المنتخب

جيل بايدن
جيل بايدن

كل ما يدور داخل البيت الأبيض محط أنظار العالم، يؤثر ويغير الأحداث والاتجاهات، ليس سياسياً فحسب، بل حتى الموضة ربما تدير دفتها لتواكب أسلوب نساء السلطة الأميركية.
استطاعت كل امرأة دخلت البيت الأبيض أن تكتب جزءاً من التاريخ بأزيائها؛ فظلت الموضة تحمل رسائل مبطنة دون كلمة واحدة. نتذكر جاكلين كيندي، السيدة التي عُرفت بعشقها للأزياء المترفة، حين خرجت على العالم بفستان وردي ملطخ بدماء زوجها الذي اغتيل في تكساس عام 1963. وقالت وقتها: «أردت أن يعرف العالم ما فعلوه بجون».
الآن ونحن أمام سلطة جديدة على مقربة من البيت الأبيض بعد وصول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى سُدة الحكم رسمياً، نترقب كيف ستغير نساؤه لعبة الموضة من جديد. تقول مصممة الأزياء الراقية المصرية فريدة تمراز لـ«الشرق الأوسط»: «العلاقة بين نساء عالم السياسة والموضة متأصلة وقوية، لذلك أتوقع كثيراً من التغيرات في صناعة الموضة، لا سيما بعد صعود كامالا هاريس، كأول نائبة سمراء ذات أصول آسيوية».
وتضيف: «الانتقال من ميلانيا ترمب إلى جيل بايدن وكامالا هريس سيضع لمساته على الموضة، خاصة أن ميلانيا كانت تميل إلى الأزياء الراقية المتنوعة بشكل كبير. أما هاريس مثلاً، فمن المتوقع أن تبرز أكثر الأزياء العملية أو الوظيفية لتعبر عن امرأة قوية تستحق أن تملك مفاتيح السياسة العالمية». وتحلل مستشارة الموضة، لمى بومطر، أسلوب الأزياء المتوقع في البيت الأبيض المرحلة المقبلة، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «إطلالات جيل بايدن تمثل شخصيتها، كأستاذة جامعية جادّة تعمل في السياسة وتحاول مساعدة زوجها في استمالة القسم المعارض، لكن بشكل عام إطلالاتها تحمل لمسات أنثوية من جهة القصات والألوان والمجوهرات، وكذلك اعتماد الكعب العالي».
واعتمدت جيل بايدن في أول ظهور لها بعد إعلان فوز زوجها بمنصب رئيس الولايات المتحدة بفستان بتوقيع العلامة الأميركية الأبرز، «أوسكار دي لارنتا»، وهي العلامة نفسها التي اعتمدتها ميشيل أوباما في أول ظهور رسمي لها، ما يشير إلى عودة الخط السياسي السابق للديمقراطيين.
وترى مستشارة الموضة أن كامالا هاريس «بالغت في إظهار الجانب العملي والروح الكفاحية بارتداء أحذية الفانس (الرياضية) ذات الرقبة مع البدلة؛ فالمهارة بالعمل والأناقة لا يتعارضان... أرى كان بإمكانها أن تحاكي إطلالات فيبي فيلو (مصممة أزياء بريطانية) أول من دمج البدلة مع الحذاء الرياضي بتوازن يجمع الأناقة والروح العملية».
تدلل بومطر على أهمية الأزياء حتى للمرأة العملية والسياسية بخُطى هيلاري كلينتون، التي اعتمدت على استشارة آنا وينتور (رئيسة تحرير مجلة «فوغ») خلال حملتها الانتخابية، ورصدت لها ميزانية جيدة، لإيمانها بأن قوة وأناقة الصورة الخارجية انعكاس للقوة الداخلية وتجددها.
يمكن القول، بحسب خبراء، إن أسلوب هيلاري الرصين في اختيار الأزياء كان له أثر ودلالات أعطت انطباعاً عن قوتها كامرأة دارسة للقانون، ما مهّد لبقائها في السلطة الأميركية عضوة في مجلس الشيوخ ثم وزيرة خارجية ثم مرشحة قوية لانتخابات الرئاسة.

اعترفت ميشيل أوباما، أول سمراء تحصل على لقب السيدة الأولى في الولايات المتحدة الأميركية، خلال كتابها «Becoming» بأن الأزياء شكلت عبئاً لها؛ فكانت صراعاً بين الترف، كزوجة رئيس، والبساطة، كممثلة للمرأة العملية، لذلك كانت تمزج أحياناً تنورة من «مايكل كورس» مع قميص من «جاب» (وهو متجر وليس علامة راقية)، ورأت في ذلك سحر التوازن الذي دعم وجهها السياسي.
تقول مستشارة الموضة: «ميشيل أوباما دعمت متاجر الأزياء المتوسطة، مثل (إتش أند إم)، لكون الوضع الاقتصادي كان يعاني شيئاً من التراجع، كما ساهمت في صعود مصممين أميركيين مثل جيسون وو، برابال غورونغ، وتريسي ريس».
وتتوقع تمراز أن تصبح البدلة النسائية القطعة الأبرز العام المقبل، وتقول: «صحيح أن البدلة قطعة أساسية لا تختفي على مر العصور، لكن أتوقع أن يكون عام 2021 العام الذهبي لها؛ فكثير من المصممين سيتجهون إلى تطوير البدلة النسائية لتفي بمتطلبات المرأة الأكثر عملية، التي تمثلها هاريس». وتضيف تمراز: «ما يحدث في العالم من حركة نسوية، سواء بصعود امرأة أميركية من أصل آسيوي لمنصب رفيع كهذا، أو من حركات متفرقة في المنطقة تهدف لتمكين المرأة، يحرك أناملي كمصممة لأفي بدوري المجتمعي تجاه هؤلاء النساء، فأنا أيضاً أمام تحدي أن أقدم لكل امرأة ما يناسبها».
وتختلف بومطر مع هذا الرأي، وترى أن أسلوب نائبة الرئيس الأميركي لن يغير شيئاً، ولن يحدث ضجة، وتمضي في القول: «في ظل التطرف الذي نعيشه في كلا الاتجاهين النسوي والذكوري بالتأكيد ستروق لفئة معينة... لكنها لن تستمر لوقت طويل، لأنها فكرة غير متوازنة؛ فتقليد النساء للرجال أو الاعتماد على اللمسة الذكورية الطاغية يمكن أن نسميه اتجاهاً أعرج غير منطقي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».