رئيس وزراء تونس يدعو المجتمع الدولي لدعم الانتقال الديمقراطي

دعا النقابات إلى هدوء اجتماعي للمساهمة في إنعاش الاقتصاد

رئيس وزراء تونس يدعو المجتمع الدولي لدعم الانتقال الديمقراطي
TT

رئيس وزراء تونس يدعو المجتمع الدولي لدعم الانتقال الديمقراطي

رئيس وزراء تونس يدعو المجتمع الدولي لدعم الانتقال الديمقراطي

ناشد رئيس الوزراء التونسي المهدي جمعة، أمس، المجتمع الدولي والمؤسسات المالية، مساعدة بلاده ماليا ودعم اقتصادها الهش بينما تستعد البلاد للمرحلة الأخيرة من الانتقال الديمقراطي.
وجاءت دعوة رئيس الوزراء في كلمة ألقاها أمس أمام المجلس التأسيسي لنيل الثقة للمساهمة في خروج تونس من الأزمة الاقتصادية بعد يومين من مصادقتها على الدستور الجديد.
وأعلن جمعة يوم الأحد الماضي تشكيلة حكومته المستقلة التي ستقود البلاد إلى انتخابات تشريعية تنهي مرحلة الانتقال الديمقراطي نحو الاستقرار السياسي والديمقراطي في البلاد التي أشعلت شرارة انتفاضات في الشرق الأوسط قبل ثلاث سنوات. وقال جمعة «نعول على أنفسنا، ولكن نتطلع أيضا لمساندة أصدقاء تونس ومؤسسات التمويل لدعمنا في هذه المرحلة الدقيقة من الانتقال الديمقراطي».
وتتطلع تونس للحصول على قروض ومساعدات من الغرب الذي أشاد بالتجربة الديمقراطية ووصفها بأنها «نموذج يجب أن يحتذى في المنطقة». وأشادت فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا بالخطوات التي قطعتها تونس، وتعهد الاتحاد الأوروبي بالمضي في دعم تونس، بينما قالت واشنطن إنها ستواصل الوقوف إلى جانب تونس. ومن المقرر أن يجتمع وفد من صندوق النقد الدولي اليوم مع مسؤولين حكوميين لبحث إمكانية الإفراج عن قسط ثان من قرض مجمد بقيمة 500 مليون دولار.
وقال محافظ البنك المركزي الشاذلي العياري «ستكون هناك صدمة إيجابية في الأسواق المالية، وإن شاء الله غدا يكون هناك خبر جيد بإمكانية موافقة صندوق النقد على قرض بقيمة 500 مليون دولار».
وأشار جمعة إلى أن المرحلة الحالية في تونس تحتاج إصلاحات اقتصادية، وهي إصلاحات يطالب بها المقرضون الدوليون لدعم تونس. وتحتاج تونس إلى موارد مالية لإنعاش اقتصادها الهش مع تراجع صادراتها بسبب تراجع الإنتاجية، مع تزايد الإضرابات في عدة قطاعات للمطالبة برفع الرواتب.
وحث رئيس الوزراء التونسيين على تكريس قيمة العمل وزيادة الإنتاجية قائلا إن الدولة لن تتسامح مع محاولات نشر الفوضى وعدم احترام حق العمل، في إشارة إلى تزايد عدد الإضرابات التي زادت في اهتزاز الاقتصاد الهش في البلاد. ودعا النقابات إلى هدوء اجتماعي للمساهمة في إنعاش الاقتصاد وتوفير الظروف الأمنية الملائمة لإجراء انتخابات تعهد أن تكون «حرة وشفافة ونزيهة لا يمكن التشكيك فيها».
وستواجه الحكومة الجديدة تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة خلال فترة زمنية محددة لا تتجاوز بضعة أشهر مبدئيا في ظل نسبة نمو لا تتجاوز 2.8 سنة 2013، ونسبة تضخم تضاهي ستة في المائة، ونسبة بطالة في حدود 15.7 في المائة لكنها تتجاوز 40 في المائة في المناطق الفقيرة.
وتعهد جمعة بمعالجة الوضع الاقتصادي الصعب وبإصلاحات هيكلية ومالية عبر التصدي للنزيف المالي وترشيد منظومة الدعم وتنمية الجهات واستئناف مشاريع البنية التحتية وإنقاذ المؤسسات العمومية وإنعاش المالية العمومية. كما تعهد بخوض معركة شاقة ومعقدة من أجل التشغيل وخلق وظائف للعاطلين والرفع من القدرة الشرائية للمواطنين.
وتعهد جمعة بالوقوف على نفس المسافة من جميع الأحزاب والإعداد لانتخابات شفافة ونزيهة عبر مراجعة التعيينات الحزبية بالإدارة، وهو ما تقتضيه بنود خريطة الطريق لرباعي الحوار الوطني. وقال جمعة «نحن ملتزمون بتوفير المناخ الملائم للتنافس الشريف، في ظل احترام القانون الذي يستوجب تحييد الولاة والإدارات الراجعة بالنظر، ومراجعة التعيينات على أساس مبدأ الحيادية والكفاءة والنزاهة في كل الوظائف ذات العلاقة بالانتخابات».
من جهة أخرى، أجلت محكمة الاستئناف في العاصمة تونس أمس، إلى 25 مارس (آذار) المقبل، النظر في قضية يلاحق فيها 20 تونسيا اتهموا بالمشاركة في هجوم استهدف السفارة والمدرسة الأميركيتين بتونس في 14 سبتمبر (أيلول) 2012.
وقال منعم التركي، محامي المتهمين، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن محكمة الاستئناف أجلت النظر في القضية لأن المتهمين لم تصلهم «استدعاءات» من النيابة العامة للمثول أمام المحكمة.
وكانت النيابة العامة استأنفت حكما ابتدائيا صدر في 28 مايو (أيار) 2013، ويقضي بسجن المتهمين العشرين عامين مع تأجيل التنفيذ.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.