ما قبل «الزلزال السوري» وما بعده في نصوص مسرحية

ما قبل «الزلزال السوري» وما بعده في نصوص مسرحية
TT

ما قبل «الزلزال السوري» وما بعده في نصوص مسرحية

ما قبل «الزلزال السوري» وما بعده في نصوص مسرحية

في «ليل القرابين» الصادر عن «دار أوراق»، القاهرة، نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. الذي يضم بين دفتيه ستة نصوص مسرحية قصيرة، للكاتب المسرحي السوري أحمد إسماعيل إسماعيل، يغوص الكاتب في الواقع، راوياً تفاصيله عن قرب. ولعل عنوان الكتاب الذي لم يشأ الكاتب أن يكون لواحد من نصوص الكتاب، بل عنوان شامل وموح يشي بأجوائه من عوالم وأحداث ومناخات سورية.
تعالج النصوص جميعها مواضيع رئيسة سابقة على الزلزال السوري، ولاحقة له: القهر، السجن، الثورة، الحرب، الهجرة.
في النص الأول، الذي يحمل عنوان «ليلة السجين السعيدة»، يتناول النص موضوع السجن، وقد تحول إلى وباء، حتى بعد أن يغادر سجنه، ليتحول إلى سجان لنفسه ولمحيطه ولمن يحب.
وهذه الثيمة، قد عالجها المؤلف، وإن بشكل مختلف، في مسرحية «القربان»، التي سبق أن قدمت في مهرجان الشارقة سنة 2013 وأخرجها الفنان سعيد الهرش، التي تدور حول إسقاط تمثال الطاغية من قبل انتفاضة عارمة في البلد ليتم سجن فتى فقير، ومن ثم تقديمه قرباناً للتمثال كي ينتصب ويقف مرة أخرى.
وفي مسرحية «مصير»، ينقلنا الكاتب إلى زاوية أخرى في هذا المسرح الكبير والمظلم، حيث مقبرة وحارسها وكلبان جائعان وجريح، يقع الجريح بين موتين محققين، على يد الحارس، أو الكلاب في الخارج. لا خيار آخر.
أما في نص «مجرد مزاح»، فإن الكاتب ينقلنا إلى أجواء ما قبل الزلزال السوري ومقدماته، إذ إن مجرد مزاح صغير يمس أمن السلطة قد يصيب صاحبه بما يشبه الهستيريا من شدة الرعب. والنص يكشف التلوث الذي أصاب البشر في ظل نظام بوليسي قمعي، لا أحد يثق في أحد، الجميع محل شك وارتياب.
ويختتم الكتاب بنصين من نوع المونودراما، وهما «نسرين»، وهو يدور عن الهجرة والهروب من الحرب من خلال فتاة صغيرة تروي ما حدث لها من أهوال الطريق، بدءاً من مدينتها قامشلي حتى وصولها إلى ألمانيا، مروراً بتركيا ومخفرها وعسكرها. يتجاوز الزمن الذي عاشته الفتاة في تلك الرحلة من زمن عادي إلى زمن كابوسي، اليوم فيه أطول من سنة وأصعب، لتتحول خلال هذه الفترة القصيرة إلى امرأة عجوز.
أما أحداث النص الأخير «عجوز في الغابة»، فتدور حول معاناة شريحة من النساء الكبيرات في السن في وقت الحرب، ومن تبدلات الناس والزمن.
من الملاحظ أن جميع النصوص القصيرة في هذا الكتاب قد اقتصرت على شخصيات قليلة جداً، ويكاد مسرح الحدث فيها أن يكون واحداً وضيقاً من ناحية المساحة، مثل منصة الإعدام أو الزنزانة، أما الزمن فهو ليل دائم في جميع النصوص. زمن يكاد لا يمر إلا بعد أن يسحق أرواح هذه القرابين.
وكان قد صدر للكاتب أحمد إسماعيل خمسة عشر كتاباً، بين مسرحيات وقصص.


مقالات ذات صلة

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

يوميات الشرق ممثلون معروفون يشاركون في المسرحية (روان حلاوي)

روان حلاوي لـ«الشرق الأوسط»: موضوع «يا ولاد الأبالسة» شائك ويحاكي الإنسانية

تحكي المسرحية قصص 4 رجال يمثلون نماذج مختلفة في مجتمعنا. لم تقارب في كتابتها موضوعات محرّمة (تابوات)، وتعدّها تحاكي الإنسانية لدى الطرفين.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق يأكلون المعمول اختزالاً لخَبْز الحياة للإنسان (إدارة المسرحية)

«معمول» الحياة بطعم القسوة في بيروت

الحالة اللبنانية على مسافة قريبة جداً من مصائر البطلات. فالرصاص الطائش المُنطلق من أسلحة متفلّتة تُكرّس ثقافتها التركيبة العامة، يصنع المنعطف المفصليّ للأحداث.

فاطمة عبد الله (بيروت)
الوتر السادس رانيا فريد شوقي في مشهد من مسرحية «مش روميو وجولييت» بالمسرح القومي (حسابها على «إنستغرام»)

رانيا فريد شوقي لـ«الشرق الأوسط»: لست محظوظة سينمائياً

أبدت الفنانة المصرية رانيا فريد شوقي حماسها الشديد بعودتها للمسرح بعد 5 سنوات من الغياب، حيث تقوم ببطولة مسرحية «مش روميو وجولييت»

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس يتسلّم درعه التكريمية في مهرجان الزمن الجميل (جورج دياب)

جورج دياب لـ«الشرق الأوسط»: صرنا نُشبه الملابس المعلقة في كواليس المسرح

يفتح مهرجان الزمن الجميل صفحات من كتاب حقبة الفن الذهبي في كل دورة جديدة ينظمها، فيستعيد معه اللبنانيون شريط ذكرياتهم.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق المسرحية «تخضّ» المتلقّي وتنسف توقّعاته حيال الانفعالات (الشرق الأوسط)

مسرحية «هيدا اسمي» في بيروت تُفكّك «الحقيقة الواحدة»

يوضع المتلقّي أمام «طبيعة الجنون» من دون أن يُلزَم بتفسير واحد. مجنون اليوم هو عاقل الأمس، تقول دوّامة التخبُّط حيث يُبحِر الممثلون.

فاطمة عبد الله (بيروت)

«القاهرة السينمائي» يخصّص جوائز لدعم الأفلام العربية

الفنان حسين فهمي رئيس «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» (إدارة المهرجان)
الفنان حسين فهمي رئيس «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة السينمائي» يخصّص جوائز لدعم الأفلام العربية

الفنان حسين فهمي رئيس «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» (إدارة المهرجان)
الفنان حسين فهمي رئيس «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» (إدارة المهرجان)

قرّر «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» خوض الأفلام العربية كافّة المشاركة في المسابقات المختلفة لدورته المقبلة رقم «45»، المنافسة في مسابقة «آفاق السينما العربية»، التي تشهد تقديم جوائز مالية لأول مرة تصل قيمتها إلى 25 ألف دولار (الدولار يساوي 48.22 جنيه مصري).

وتُمنح الجوائز لـ5 فئات هي: أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل سيناريو، وجائزتا تمثيل للنساء والرجال؛ دعماً من المهرجان العريق لصناع الأفلام العربية، الذين يزدّاد حضورهم وتأثيرهم في مختلف الفعاليات الفنية حول العالم.

وقال الفنان حسين فهمي، رئيس «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، إن «تخصيص هذه الجوائز يأتي من منطلق الحرص على توفير مساحة رحبة لدعم المواهب والأعمال السينمائية في العالم العربي، وتسليط الضوء عليها، سواء من خلال التوسع في عرض الأفلام بالأقسام المختلفة، أو من خلال ملتقى القاهرة السينمائي الذي دعّم عشرات الأفلام خلال الدورات الماضية».

ختام الدورة السابقة لـ«مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» (إدارة المهرجان)

وأشاد فهمي، في بيان، السبت، بالتطور الكبير الذي تشهده السينما العربية خلال هذه المرحلة، لافتاً إلى وجود أفكار وكتاب سيناريو رائعين وفنانين كبار من مخرجين وممثلين ومديري تصوير؛ لذا استحقت اهتماماً أكبر من مهرجان القاهرة.

ومن المقرر عقد الدورة المقبلة لـ«مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» بين 13 و22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وهي الدورة المؤجلة من العام الماضي؛ إثر تداعيات الحرب على غزة.

وأوضح الناقد الفني المصري عصام زكريا، مدير المهرجان، أن «دورة هذا العام تسلّط مزيداً من الضوء على السينما العربية، لتشهد منافسة أكبر وحضوراً أقوى من خلال تعميم فكرة الجوائز؛ إذ تشمل مسابقة (آفاق السينما العربية) جميع الأفلام العربية الموجودة بكل أقسام المهرجان، سواء كانت بالمسابقة الدولية أو أسبوع النقاد».

وأشار إلى أن «هذا يتيح للجميع فرصة المنافسة والتقييم»، مؤكداً دعمه لزيادة عدد الجوائز التي تمنحها لجنة التحكيم؛ لتكون 5 جوائز في 5 فروع، منوهاً بوجود تنوع جغرافي كبير للإنتاج السينمائي العربي على شاشة المهرجان؛ ما يشكل وجبة ثرية للمنافسة وللجمهور، وفق قوله.

وقال زكريا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إنه يتوقع زيادة حجم المشاركات العربية في دورة هذا العام بعد قرار المهرجان اليوم، مشيراً إلى أن «هناك أفلاماً عربية تقدّمت بالفعل، وأخرى لا تزال تُنهي لمساتها الفنية الأخيرة ستكون جاهزة للمشاركة قبل عقد المهرجان بوقت كافٍ».

وأضاف أن «هذه القرارات تهدف أيضاً إلى إبراز السينما العربية بالمهرجان تحت إطار مسابقة (آفاق السينما العربية)؛ لتعكس بانوراما شاملة للمشاركات العربية، خصوصاً مع تشكيل لجنة تحكيم كبيرة لهذه المسابقة».

الناقد عصام زكريا مدير المهرجان يتوقع مشاركات عربية متنوعة في الدورة المقبلة (إدارة المهرجان)

وأشار مدير «القاهرة السينمائي» إلى «ضرورة تحرّك السينما العربية بخطوات جدية لدعم الإنتاج المشترك الذي حققته السينما الأوروبية على اختلاف توجهاتها، فتشارك 5 دول وأكثر في إنتاج الفيلم الواحد، وهو ما لا يتحقّق في السينما العربية».

وأكد أن هذه المسألة «ستكون محور مناقشة جادة عبر فعاليات المهرجان للوصول إلى حلول عملية»، متمنياً أن «يدفع هذا التوجه المنتجين وبشكل خاص في السينما المصرية لعدم الجري وراء تقديم أفلام تجارية والاهتمام بنوعية أفلام جيدة تستطيع أن تشارك في المهرجانات الدولية».

وأيّدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي قرار «القاهرة السينمائي» بمشاركة الأفلام العربية في جميع أقسام المهرجان في مسابقة «آفاق السينما العربية»، والتنافس على جوائز مالية، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «القرار يتسق مع التطور والتنوع الكبير الذي يشهده المنتج السينمائي العربي، وبروز أفلام تنافس بقوة في المهرجانات الدولية مثل: (كان) و(برلين) و(فينيسيا)، وتصل للمراحل النهائية في مسابقات الأوسكار».

وأشارت إلى أن «هذا القرار لم يأتِ من فراغ، وإنما لأن حجم الأفلام ومستواها وتنوعها يسمح بوجود تنافس حقيقي بينها، ولم يكن ذلك متحققاً في سنوات سابقة».