واشنطن تحمّل طهران مسؤولية وفاة ليفنسون

«الخزانة» الأميركية تدرج مسؤولين أمنيين إيرانيين على لائحة العقوبات

روبرت ليفنسون
روبرت ليفنسون
TT

واشنطن تحمّل طهران مسؤولية وفاة ليفنسون

روبرت ليفنسون
روبرت ليفنسون

أدرجت وزارة الخزانة الأميركية، صباح (أمس) الاثنين، اثنين من كبار المسؤولين في وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية على لائحة العقوبات بعد أن اتهمتهما باختطاف عميل «مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)» الأميركي روبرت ليفنسون قبل 13 عاماً، وشن حملة تضليل لإنكار ضلوع النظام في اختطافه. ووضعت «الخزانة» الأميركية محمد بصيري وأحمد خزاعي، الضابطين بوزارة الداخلية الإيرانية، على لائحة العقوبات لاختطاف ليفنسون واحتجازه ووفاته المحتملة داخل السجون الإيرانية.
وتأتي العقوبات خلال الأسابيع القليلة المتبقية في حكم الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب، مما يشير إلى محاولات تكثيف الضغوط على النظام الإيراني قبل رحيل الإدارة، وتضييق نطاق أي مفاوضات قد يسعى إليها الرئيس المنتخب جو بايدن للعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران الذي تخلي عنه ترمب. ولا يزال 3 أميركيين محتجزين حالياً في إيران.وقال مسؤول أميركي كبير للصحافيين إن «الجميع يتوقع أن تقدم إدارة بايدن على مفاوضات مع النظام الإيراني خلال العام المقبل، لكن يجب أن تشمل تلك المفاوضات عودة جميع الأميركيين المحتجزين ظلماً في السجون إيرانية».
ويعدّ محمد بصيري ضابطاً رفيع المستوى في وزارة الداخلية الإيرانية بوحدة مكافحة التجسس داخل وخارج إيران، وشارك في تحقيقات حساسة تتعلق بقضايا الأمن القومي الإيراني. وقالت وزارة الخزانة الأميركية إن بصيري عمل بشكل مباشر مع مسؤولي استخبارات دول أخرى من أجل الإضرار بمصالح الولايات المتحدة. ويعدّ أحمد خزاعي أيضاً مسؤولاً رفيع المستوى في وزارة الداخلية الإيرانية، وقاد وفوداً إلى دول أخرى لتنسيق التعاون الأمني والاستخباراتي، وكلاهما بصفتهما ضابطين بوزارة الداخلية الإيرانية قاما باختطاف ليفنسون واحتجازه.
وكان ليفنسون، عميل «مكتب التحقيقات الفيدرالي» الأميركي، قد اختفي في 9 مارس (آذار) عام 2007 في جزيرة كيش أثناء وجوده في مهمة لصالح «وكالة الاستخباراتية المركزية (سي آي إيه)، ويعتقد أنه احتُجز من قبل الحكومة الإيرانية التي نفت ذلك. وقد نفت الحكومة الأميركية في ذلك الوقت أنه كان يعمل لصالح وكالة الاستخبارات وأشارت إلى أنه تقاعد في عام 1998، وقالت إنه ذهب إلى إيران بصفته محققاً خاصاً للعمل على قضية تتعلق بالتهريب، إلا إن وكالة «أسوشييتد برس» أثبتت في ديسمبر (كانون الأول) 2013 أنه كان يعمل لصالح الاستخبارات الأميركية.
وأعلنت أسرة ليفنسون في مارس 2020 اعتقادها بوفاته أثناء احتجازه في إيران. وقد صرح مسؤولون أميركيون بأن المخابرات الإيرانية اعتقلت ليفنسون لاستجوابه واستخدامه ورقة مساومة في المفاوضات مع واشنطن. وكان آخر ظهور له على قيد الحياة في أبريل (نيسان) 2011 وهو يرتدي بدلة برتقالية اللون وعليها عبارة مكتوبة بلغة إنجليزية ركيكة لطلب المساعدة.
وقال وزير الخزانة، ستيفن منوتشين، في بيان، إن اختطاف ليفنسون في إيران «مثال شائن على استعداد النظام الإيراني لارتكاب أعمال شائنة، وستواصل الولايات المتحدة ملاحقة أولئك الذين لعبوا دوراً في اعتقال ليفنسون ووفاته».
وكانت الحكومة الإيرانية قد أنكرت معرفتها بوجود ليفنسون على أراضيها، وتعهدت بالبحث عنه وإعادته إلى الولايات المتحدة، لكنها لم تقم بذلك. وقال كريستوف راي، مدير «مكتب التحقيقات الفيدرالي»، إن ضباط المخابرات الإيرانية - بموافقة كبار المسؤولين الإيرانيين - تورطوا في اختطاف ليفنسون واحتجازه.



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.