«حرب بيانات» بين عون والحريري حول التعثر في تأليف الحكومة اللبنانيّة

الرئيس المكلف يرفض إعطاء «الثلث المعطل» لفريق... والرئاسة تتهمه بـ«التفرّد»

عون والحريري خلال لقائهما قبل أيام (الوكالة الوطنية)
عون والحريري خلال لقائهما قبل أيام (الوكالة الوطنية)
TT

«حرب بيانات» بين عون والحريري حول التعثر في تأليف الحكومة اللبنانيّة

عون والحريري خلال لقائهما قبل أيام (الوكالة الوطنية)
عون والحريري خلال لقائهما قبل أيام (الوكالة الوطنية)

شهدت الساحة اللبنانية أمس (الاثنين) ما يشبه «حرب بيانات» بين مكتبي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري حول أسباب التعثر في تشكيل الحكومة، إذ رد مكتب الحريري على رسالة وجهها إليه مستشار عون الوزير السابق سليم جريصاتي عبر صحيفة محلية، ما استدعى رداً من الرئاسة. وأشار الحريري في بيان عن مكتبه إلى مطالبة عون «بثلث معطّل لفريق حزبي واحد»، فيما تحدثت رئاسة الجمهوريّة عن «تفرّد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصاً المسيحيين».
وأوضح بيان الحريري أنّه التقى عون 12 مرة «في محاولة حثيثة للوصول إلى تفاهم بشأن تشكيل الحكومة» وأنّ عون كان «يُعبّر عن ارتياحه لمسار النقاش قبل أن تتبدل وتتغيّر الأمور بعد مغادرة الحريري القصر الجمهوري»، مشيراً إلى أنّ «الحريري يريد حكومة اختصاصيين غير حزبيين لوقف الانهيار الذي يعيشه البلد وإعادة إعمار ما دمّره انفجار المرفأ، أمّا عون فيطالب بحكومة تتمثل فيها الأحزاب السياسية كافة سواء التي سمّت الرئيس المكلف أو تلك التي اعترضت على تسميته» وأنّ هذا الأمر «سيؤدي حتماً إلى الإمساك بمفاصل القرار فيها وتكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي».
ولفت بيان الحريري إلى أنّه وفي الزيارة الأخيرة له إلى قصر بعبدا قبل أيام «قدّم تشكيلة حكومية كاملة متكاملة بالأسماء والحقائب من ضمنها أربعة أسماء من اللائحة التي كان عون سلّمها للرئيس المكلف في ثاني لقاء بينهما» وهي لائحة «تتضمن أسماء مرشحين ومرشحات يرى فيهم عون المؤهلات المطلوبة للتوزير»، مشيرا إلى أنّ «الحريري ومنذ تكليفه تشكيل الحكومة لم يتوقف عن التواصل مع الصناديق الدولية ومؤسسات التمويل العالمية وحكومات دول شقيقة وصديقة وأمامه الآن برنامج متكامل لإطلاق آلية مدروسة لوقف الانهيار وإعادة إعمار ما هدمه انفجار المرفأ وتنفيذ الإصلاحات وإقرار قوانين أساسية مثل قانون الكابيتال كنترول».
وأضاف: كل ذلك «ينتظر توقيع عون على مراسيم تشكيل الحكومة ووضع المصالح الحزبية التي تضغط عليه جانبا، وأهمها المطالبة بثلث معطّل لفريق حزبي واحد وهو ما لن يحصل أبدا تحت أي ذريعة أو مسمّى».
واعتبر البيان أنّ الهدف «ليس وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة ولا تشكيل حكومة كيف ما كان، بل وقف الانهيار وإعادة الإعمار، وهذا لا يمكن أن يحصل إلا بتنفيذ إصلاحات تقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي لانتشال البلد رويداً رويداً من الحفرة التي يتخبّط فيها منذ حوالي السنة ونصف السنة».

بيان عون
بيان مكتب الحريري استدعى ردا من مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، مشيراً إلى أنّ «الاعتراض الذي أبداه الرئيس عون قام أساساً على طريقة توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف، ولم يجر البحث في الأسماء المقترحة» لا سيّما أنّ عون رأى أن «المعايير ليست واحدة في توزيع هذه الحقائب فطلب من الرئيس المكلف إعادة النظر بها».
وأشار البيان إلى أنّ اعتراض عون كان «على تفرّد الرئيس الحريري بتسمية الوزراء، خصوصاً المسيحيين منهم، من دون الاتفاق مع رئيس الجمهورية، علما بأن الدستور ينصّ على أن تشكيل الحكومة يكون بالاتفاق بين رئيسي الجمهورية والحكومة».
ونفى البيان أن يكون رئيس الجمهورية تسلّم لائحة بأسماء مرشحين للتوزير، موضحاً أنّه «طرح خلال النقاش مجموعة أسماء كانت مدرجة في ورقة أخذها الرئيس المكلف للاطلاع عليها، ولم تكن هذه الورقة معدّة للتسليم أو لاعتمادها رسمياً، بل أتت في خانة تبادل وجهات نظر».ورأى بيان عون أنّه كل مرة كان يزور فيها الرئيس المكلف قصر بعبدا «كان يأتي بطرح مختلف عن الزيارات السابقة، والصيغة التي قدمها في آخر زيارة له كانت مختلفة عن الصيغ التي تشاور في شأنها مع رئيس الجمهورية» مع التأكيد على أنّ عون لم يطرح يوما «أسماء حزبيين مرشحين للتوزير بل كان يطرح على الرئيس المكلف ضرورة التشاور مع رؤساء الكتل النيابية الذين سوف يمنحون حكومته الثقة ويتعاونون معه في مشاريع القوانين الإصلاحية التي كانت تنوي الحكومة اعتمادها» إذ «لم يرد في ذهن عون يوماً إمساك الأحزاب بمفاصل القرار أو تكرار تجارب حكومات عدة تحكمت فيها عوامل المحاصصة والتجاذب السياسي». وشدّد بيان رئاسة الجمهوريّة على أنّ «همّ عون كان أولاً وأخيراً الوصول إلى حكومة منسجمة تكون قادرة على مواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد والتي تتطلب مرونة في التعاطي وصراحة وواقعية وليس عناداً وتحريفاً للحقائق».

رد على الرد
ولاحقا صدر عن مكتب الحريري بيان بعد السجال، أمل فيه من الرئاسة اللبنانية إعطاء توجيهاتها بوقف التلاعب في مسار تأليف الحكومة، و«ضبط إيقاع المستشارين بما يسهل عملية التأليف لا تعقيدها»، مشدداً على أن الأولوية التي لا تتقدم عليها أي أولوية هي الخروج من نفق الأزمة وتداعياتها المعيشية والاقتصادية ووضع البلاد على سكة الإنقاذ الحقيقي.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.