وزير الخارجية اللبناني لـ {الشرق الأوسط}: ما من دولة سلمت من «حرية التعبير» اللبنانية

بيروت تتنصل من تبعات اتهامات نصر الله لدولة البحرين

جبران باسيل
جبران باسيل
TT

وزير الخارجية اللبناني لـ {الشرق الأوسط}: ما من دولة سلمت من «حرية التعبير» اللبنانية

جبران باسيل
جبران باسيل

أكّد رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام أن ما صدر عن أمين عام حزب الله حسن نصر الله بحق دولة البحرين لا يعبّر عن الموقف اللبناني الرسمي، مشددا على حرص لبنان على العلاقات الأخوية بين البلدين، فيما شدد وزير الخارجية جبران باسيل على أنه يجب عدم تحميل اللبنانيين في الخارج فوق طاقتهم، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن جزءا مما جرى سببه حرية التعبير في لبنان، مؤكدا: «ما من دولة سلمت من حرية التعبير في لبنان التي هي سلاح ذو حدين».
ونبّه سلام في بيان إلى أن «مساحة التنوع السياسي الموجودة في لبنان، التي تسمح بظهور مواقف مختلفة ومتعارضة من الشؤون الداخلية والخارجية على حد سواء، يجب ألا تكون مبررا لإلحاق الضرر بالمصالح اللبنانية أو بعلاقات لبنان بأي دولة شقيقة أو صديقة»، مشددا على أن «الموقف الرسمي للبنان من القضايا العربية والدولية تعبر عنه حكومته التي ينطق باسمها رئيس مجلس الوزراء، وليس أي جهة سياسية منفردة، حتى ولو كانت مشاركة في الحكومة الائتلافية». وأضاف أن «لبنان الذي عانى كثيرا من التدخل في شؤونه حريص على عدم التدخل في شؤون أي دولة، فكيف الحال إذا كانت هذه الدولة دولة شقيقة عربية مثل مملكة البحرين؟».
وأعرب سلام عن أمله «بأن لا تؤدي أي غمامة صيف عابرة إلى تعكير أجواء الأخوة العميقة بين لبنان ودولة البحرين، أو بينه وبين أي دولة شقيقة من دول مجلس التعاون الخليجي التي لها أفضال كثيرة على بلدنا وشعبنا».
وأضاف: «إننا أحوج ما نكون في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها أمتنا العربية إلى أعلى درجات التكاتف والتضامن لمواجهة التحديات التي تواجهنا والمخاطر التي تتهددنا، وفي مقدمها خطر الإرهاب بمختلف أشكاله»، لافتا إلى أن «وحدة الصف هي السبيل الوحيدة لحماية هذه الأمة وتعزيز منعتها وتحقيق الاستقرار في ربوعها والرفاه لأبنائها، ولبنان كان وسيبقى مشاركا وداعما لهذا التوجه وعاملا من أجله».
وقال الوزير باسيل لـ«الشرق الأوسط»: «منذ اللحظة الأولى قمنا بواجبنا كوزراة للخارجية والحكومة بتأكيدنا أن ما صدر لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن الموقف الرسمي اللبناني»، مبينا أن في لبنان أفرقاء سياسيين كثيرين يعبرون عن مواقفهم الخاصة التي لا تلزم الحكومة ولا تعبر عن موقفها.
ورأى باسيل في المقابل أنه «يجب أن لا نحمل لبنان أكثر مما يحتمل، كما يجب أن لا نحمل كل اللبنانيين مسؤولية ما تقوم به - أو تقوله - فئة من اللبنانيين»، مشددا على أنه «ما من دولة سلمت من حرية التعبير في لبنان التي هي سلاح ذو حدين».
وأشار باسيل إلى أن «اللبنانيين في الخارج يدفعون الثمن، مشددا على أننا لا نريد أن يلاحق المغتربون في الخارج، فيكفيهم هجرتهم من لبنان بسبب السياسات المتبعة، وفي المقابل يجب على الدول الشقيقة والصديقة أن لا تعاقب اللبنانيين الذين يحبونها ويساهمون في نهضتها».
وأكد ضرورة عدم إدخال لبنان في أي محاور، آملا أن تكون هذه الحادثة سببا لتفهم الجميع ضرورة عدم التدخل بشؤون الدول الأخرى، وهذا مبدأ يجب أن يحترم من جميع الدول والأطراف.
ورأى باسيل أن «هذه الحادثة تزامنت مع حدث مهم جدا، تمثل بقيام مجلس الوزراء بالموافقة على اعتماد سفير جديد لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى لبنان، استثناء لغياب رئيس الجمهورية الذي يفترض به القيام بذلك، وهذا أتى نتيجة جهد قمنا به بالتعاون مع معالي وزير خارجية الإمارات حرصا على إعادة تثبيت العلاقات الثنائية ورفع مستواها».
من جهته، رأى وزير العدل أشرف ريفي أن «حزب الله يثبت مرة جديدة أنه يلعب دور الأداة للنفوذ الإيراني في المنطقة، وما المواقف التي صدرت عن أمينه العام بخصوص البحرين سوى نموذج عن هذا الدور الذي بات يعرض مصلحة لبنان وأمنه لأشد الأخطار، كما يؤدي إلى توتير علاقته بالدول الشقيقة والصديقة».
وقال في بيان: «إن ما لمح إليه حزب الله من تهديد مبطن للبحرين، والإساءة إليها، يتجاوز كل الخطوط الحمر، فبالإضافة إلى المشاركة في الحرب في سوريا دعما للنظام الديكتاتوري، والتدخل في العراق واليمن، لحساب إيران وبطلب منها، تأتي التهديدات للبحرين لتعكس مزيدا من السلبية والأخطار على لبنان، حيث يجيز فريق لبناني لنفسه التصرف كما لو أنه مرشد الجمهورية، ومقرر سياساتها، والمتحكم في مصيرها، وهو ما نرفضه بشكل قاطع».
ورأى ريفي أن «ما صدر عن حزب الله يستدعي من الحكومة اللبنانية تقديم اعتذار لدولة البحرين، كونه يشكل اعتداء خارجا عن كل الأصول، وسأطرح هذه القضية على طاولة مجلس الوزراء، وأتقدم شخصيا كونني مواطنا لبنانيا، باعتذار من البحرين، آملا أن لا يؤثر موقف حزب الله المخالف للإرادة الوطنية الجامعة، سلبا على العلاقات التاريخية بين البلدين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم