عون يتحصن بالتحقيق لتأخير الحكومة... والحريري يتمسك بتشكيلته الوزارية

رؤساء الحكومة ينتفضون دفاعاً عن موقع الرئاسة الثالثة

عنصر من الجيش اللبناني في موقع انفجار مرفأ بيروت (رويترز)
عنصر من الجيش اللبناني في موقع انفجار مرفأ بيروت (رويترز)
TT

عون يتحصن بالتحقيق لتأخير الحكومة... والحريري يتمسك بتشكيلته الوزارية

عنصر من الجيش اللبناني في موقع انفجار مرفأ بيروت (رويترز)
عنصر من الجيش اللبناني في موقع انفجار مرفأ بيروت (رويترز)

عادت مشاورات تشكيل الحكومة بين الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري إلى نقطة الصفر، بعدما طغى عليها ادعاء المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والوزراء السابقين النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس بتهمة التقصير والإهمال، مما أثار ردود فعل أوقعت التحقيق في شرك التطييف المذهبي والطائفي والاشتباك السياسي، خصوصاً أن الادعاء لم يأت متطابقاً مع الرسالة التي كان بعث بها صوان إلى المجلس النيابي وفيها أسماء 12 وزيراً حاليين وسابقين و3 رؤساء حكومات سابقين هم نجيب ميقاتي وتمام سلام والحريري، إضافة إلى دياب.
وأثار التوقيت الذي اختاره صوان للادعاء تساؤلات مصادر نيابية حول أسباب اعتماده، على الأقل حتى الساعة، على «الاستنسابية والانتقائية» في حصره الادعاء بثلاثة وزراء سابقين ورئيس الحكومة المستقيلة من دون شموله الآخرين الذين وردت أسماؤهم في رسالته إلى البرلمان التي طلب فيها القيام بما هو مناسب حيال وجود شبهة اتهامية جدية بحق جميع هؤلاء.
وسألت هذه المصادر عن الأسباب التي كانت وراء امتناع الرئيس عون بعد أن تلقى مراسلة من مدير أمن الدولة اللواء طوني صليبا بوجود هذه المواد في المرفأ، عن طرحها في اجتماعات مجلس الدفاع الأعلى التي تُعقد برئاسته مع أن وجودها يهدد أمن لبنان وسلامة اللبنانيين.
وقالت إنها «لا تعترض على أن المادة (60) من الدستور تنص على عدم ملاحقة رئيس الجمهورية من خارج المواد المنصوص عليها في هذه المادة، لكن ألا يستدعي الأمر إدراج المراسلة على جدول أعمال مجلس الدفاع الأعلى وصولاً إلى رفع توصية إلى مجلس الوزراء للنظر فيها أو الطلب من المعنيين التدخل لتفادي الأخطار المترتبة عليها في حال أن هناك صعوبة في اجتماع الحكومة التي تتولى تصريف الأعمال؟».
وعادت المصادر إلى السؤال عن توقيت الادعاء لجهة أنه تسبب في رفع منسوب الاحتقان المذهبي والطائفي وأدى إلى تظهير الخلاف على غير حقيقته، وتحديداً بين قوى مسيحية تطالب بمحاسبة المسؤولين وأخرى إسلامية تصطف وراء المشمولين بالادعاء دفاعاً عنهم من دون أن يغيب عن بالها السؤال الآخر حول التزامن بين دعوة مجلس القضاء الأعلى للاجتماع برئيس الجمهورية واستحضار الادعاء في أقل من 24 ساعة على انعقاده، كما تسأل عما إذا كان لتوقيت الادعاء علاقة بالجولة الأخيرة من مشاورات التأليف بين عون والحريري، والتي عادت إلى نقطة الصفر؟ مع أن الأخير تعامل بإيجابية معها سرعان ما أخذت تتلاشى في ضوء إصرار عون على طرح صيغة مضادة للصيغة التي عرضها عليه الرئيس المكلف رغم أنها ضمت 5 أسماء من اللائحة التي كان طرحها سابقاً عون يضاف إليها الوزير الأرمني. لذلك، فإن مشاورات التأليف تدخل حالياً في إجازة قسرية، يُنتظر أن يبادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى تحريكها في زيارته الثالثة المرتقبة إلى لبنان، مع أنه أحيط علماً بالتفاصيل التي أعادت التأليف إلى نقطة الصفر بسبب إصرار عون على الثلث الضامن الذي لن يكون في متناوله إلا بحكومة يغلب عليها الحضور الحزبي في مقابل صمود الحريري على موقفه وعدم التنازل عن الصيغة التي طرحها لأن إخضاعها إلى تعديل سيؤدي حتماً لإطاحة المبادرة الفرنسية.
وبالنسبة إلى تضامن رؤساء الحكومات مع دياب في وجه الادعاء، استغربت مصادر مقربة منهم لجوء فريق يتزعّمه رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل إلى تطييف التحقيق في جريمة الانفجار الذي استهدف المرفأ. وقالت إن رؤساء الحكومات «مع تبيان كل الحقيقة للرأي العام وإنزال أشد العقوبات بالجهات التي يثبت ضلوعها في هذه الجريمة، لكن حذار من إقحام التحقيق في مزايدات شعبوية».
وأوضحت أن «رؤساء الحكومات انتفضوا دفاعاً عن موقع رئاسة الحكومة بعد الادعاء على دياب و3 منهم»، متسائلة: «ألا يحق لهم الدفاع عن هذا الموقع؟ وهل يلوذ الفريق الآخر بالصمت في حال استهداف الرئاسة الأولى؟». وشددت على أن «البلد لا يدار بتصفية الحسابات، علما بأن عون يستمر في الالتفاف على صلاحيات رئيس الحكومة سواء بالقرارات التي اتخذها في مجلس الدفاع الأعلى أو عبر نسفه الصيغة الوزارية المتوازنة التي طرحها عليه الرئيس الحريري واستبدال صيغة أخرى بها، وبالتالي، فإن عون وباسيل يعطيان الأولوية للتحقيق تحت عنوان مكافحة الفساد لتبرير تأخير ولادة الحكومة ما لم يؤخذ بشروطهما، فيما يعترضان على من يدافع عن الموقع الأول للطائفة السنية في التركيبة اللبنانية».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.