محتجو الناصرية في جنوب العراق ينهون عاماً من الاعتصامات

تيار في الحراك يعتزم خوض الانتخابات المقبلة

TT

محتجو الناصرية في جنوب العراق ينهون عاماً من الاعتصامات

أسدل محتجو محافظة ذي قار الجنوبية، أمس، الستار على اعتصامات شعبية امتدت لأكثر من عام في ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية؛ عاصمة المحافظة.
وتأتي التطورات الجديدة وسط أنباء عن ملاحقات وتهديدات من قبل السلطات الحكومية وجماعات مرتبطة بـ«تيار الصدر» يتعرض لها النشطاء البارزون في الحراك، إلى جانب رغبة بعض اتجاهات الحراك في التقاط الأنفاس والتفكير جدياً في خوض الانتخابات النيابية العامة المقررة في يونيو (حزيران) 2021، ضمن ائتلاف موسع يضم جماعات الحراك في بقية المحافظات.
بيد أن رفع خيام الاعتصام لا يعني توقف المظاهرات في المحافظة، طبقاً لناشطين. وكانت السلطات العراقية نجحت، مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، في رفع خيام الاعتصام من ساحة التحرير وسط بغداد معقل الاحتجاجات الرئيسي.
وبدأت القوات الأمنية والدوائر البلدية في محافظة ذي قار صباح أمس إزالة خيام المعتصمين من ساحة الحبوبي التي تعدّ أحد معاقل الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، واستمرت لنحو عام.
وبرز محتجو الناصرية من بين أكثر جماعات الاحتجاج شراسة في مواجهة السلطة وأحزابها وفصائلها المسلحة، وقاموا بسلسلة واسعة من عمليات الحرق والتجريف لمقار الأحزاب والفصائل في المحافظة، كما قاموا على مراحل مختلفة من الاحتجاجات بغلق دوائر الحكومة المختلفة وإرغام المسؤولين فيها على تقديم استقالاتهم.
وفي حين تقول المصادر الرسمية إن عملية رفع خيام الاعتصام تمت طبقاً لاتفاق مسبق مع المحتجين في الساحة، يقول الناشط والأكاديمي عبد الوهاب الحمداني، إن «ذلك يمثل جزءاً من الحقيقة وليس كلها».
ويضيف الحمداني لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار رفع خيام الاعتصام تزاحمت فيه أسباب كثيرة، منها أن السلطات، مدعومة بالجماعات المرتبطة بـ(تيار الصدر) مارست ضغوطاً شديدة على الناشطين، وقامت مؤخراً بحملة اعتقالات طالت أكثر من 20 ناشطاً في بحر أسبوع، إلى جانب الترويج لقوائم اغتيال تطال ناشطين».
غير أن الأمر لا يقتصر على هذه الأسباب، والكلام للحمداني؛ «إنما يتعدى ذلك إلى أسباب أخرى، منها أن البقاء في الساحة لم يعد أمراً جوهرياً ومفيداً بالنسبة لكثير من الشباب، وقد صدرت دعوات سابقة إلى رفع الخيام نظراً للمخاطر التي يتعرض لها الناشطون. وهناك أيضاً مسألة التخطيط للمشاركة في الانتخابات المقبلة وما يتطلبه ذلك من تركيز الجهود لنجاح هذا المسعى».
ويضيف: «هناك نية واضحة من قبل جماعات الحراك في خوض تجربة الانتخابات المقبلة بقائمة شبه موحدة في عموم المحافظات وعدم الاقتصار على مجرد المظاهرات».
ويؤكد الحمداني أن «رفع خيام الاعتصام لا يعني التوقف عن المظاهرات بأي حال من الأحوال، وستكون هناك مظاهرات نهاية كل أسبوع».
وأول من أمس، قام محتجون بإيقاف حركة السير جزئياً في تقاطع «الراية» وسط مدينة الناصرية عبر إحراق الإطارات احتجاجاً على سوء الخدمات في منطقة العكر بعد تعرضها للغرق خلال موجة الأمطار الأخيرة، ويقول ناشطون إنهم سيستمرون في التصعيد والمظاهرات بهدف دفع الحكومتين الاتحادية والمحلية إلى القيام بواجباتهما حيال المحافظة والالتفات إلى معاناة السكان.
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أرسل إلى الناصرية نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، «فريق أزمة الطوارئ» برئاسة مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، على خلفية اشتباكات بين جماعات الحراك وأتباع مقتدى الصدر أدت إلى سقوط 7 قتلى ونحو 50 جريحاً في ساحة الحبوبي.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.