عبد العزيز الشلاحي: الاهتمام بالتفاصيل وراء نجاح فيلم «حد الطار»

عبر المخرج السعودي عن فخره بتمثيل المملكة في «القاهرة السينمائي»

TT

عبد العزيز الشلاحي: الاهتمام بالتفاصيل وراء نجاح فيلم «حد الطار»

قال المخرج السعودي عبد العزيز الشلاحي إنه يعيش حالة من السعادة بعد فوز فيلمه «حد الطار» بجائزتين في الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي، معرباً عن فخره بتمثيل المملكة في «مهرجان عريق مثل مهرجان القاهرة، ومحافل فنية دولية أخرى»، إذ استطاع عمله ترك بصمة مميزة بين الجمهور والنقاد. وأكد في حواره مع «الشرق الأوسط» أن جودة الأعمال السينمائية السعودية وأفكارها المميزة مكنتها من الوصول إلى مرتبة مميزة في المحافل الدولية.
وفاز «حد الطار» بجائزة صلاح أبو سيف (لجنة التحكيم الخاصة)، وجائزة أفضل أداء تمثيلي للفنان فيصل الدوخلي. ويطرح الفيلم قصة حب بين ابن سياف وابنة مغنية أفراح شعبية، في مفارقة مبنية على بيع الفرح وشراء الموت. كما حصل الفيلم السعودي القصير «من يحرقن الليل»، للمخرجة سارة مسفر، على تنويه خاص من لجنة تحكيم مسابقة «أفلام الغد».
في البداية... قال الشلاحي: «إن مشاركتنا في الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة السينمائي، وفوزنا بجائزتين، سيدوّن في سجل نجاحاتنا، فنحن فخورون بتمثيل المملكة، ونهديها هذه الجوائز. كما أحب توجيه شكر وتهنئة خاصة لشريك المشوار الطويل، الكاتب مفرج المجفل».
وقدم الشلاحي منذ بدايته عدة تجارب متنوعة، بينها أفلام قصيرة على غرار «عطوى» و«كمان» و«المغادرون»، كما أخرج فيلماً طويلاً بعنوان «المسافة صفر»، وهو يعرض الآن على شبكة «نتفليكس»، وقد نال عنه جائزة الفنان محمود عبد العزيز من مهرجان الإسكندرية السينمائي في دورته الـ35، التي قال عنها الشلاحي: «هذه الجائزة تعني لي الكثير بصفتي مخرجاً، ولكل فرق العمل، فهم شركاء النجاح».
ويعد المخرج السعودي مشاركته في عدد كبير من المهرجانات الدولية بمثابة إضافة لمشواره، قائلاً: «المهرجانات لا تعني فقط منح الجوائز، وإنما هي عبارة عن اجتماع عالمي لمحبي السينما من مختلف أنحاء العالم، تستطيع من خلالها مشاهدة أفلام مختلفة يقدمها مخرجون برؤية خاصة، وتستطيع التواصل مباشرة مع صناع أفلام من ثقافات أخرى، وهذا ما يميز المهرجانات السينمائية عن غيرها».
وعن كواليس تصوير فيلم «حد الطار»، يقول الشلاحي: «الفيلم تعاون مشترك بيني وبين الكاتب مفرج المجفل، ويعد مشروعنا الثالث في الأفلام، وقد صُور في الرياض عام 2019، خلال شهر يوليو (تموز). واستغرق تصويره قرابة الشهر، وكانت أصعب مرحلة بالنسبة لي هي إيجاد الممثلين المناسبين في هذه البيئة المختلفة البسيطة، إضافة إلى وقت التصوير الذي صادف موسم الصيف الذي يتعارض مع بعض المشاهد التي تتطلب التصوير في الشتاء داخل القصة».
وأضاف: «واجه العمل تحديات وصعوبات كثيرة خلال التصوير، بداية من الفترة الزمنية للفيلم التي تدور خلال سنة 1999، ما تطلب جهداً مضاعفاً لمحاكاة تفاصيل تلك السنة، ولأننا نصور في أماكن حقيقية، وليس استوديوهات، فإن ذلك يتطلب جهداً طويلاً من البحث حتى نحصل على الشيء الذي نريده».
ويثمن الشلاحي تجربة عرض فيلمه ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وحصوله على إشادة الجمهور والنقاد، قائلاً: «بالفعل، لحظات لا تنسى، ولن تمحى من الذاكرة، فالجائزة الحقيقية لي تتمثل في شغف الجمهور وسعادته بثقافة الاختلاف، واطلاعه على الفن السعودي».
ويؤكد الشلاحي اهتمامه بالمضمون والتفاصيل، بجانب وضوح فكرة الفيلم وهدفه، مشيراً إلى أن «الفيلم التجاري يختلف عن (فيلم المهرجانات) في طريقة التناول والمعالجة، ففي الوقت الذي تعتمد السينما التجارية على أبطال معروفين أو نوع معين من القصص، فإن أفلام المهرجانات تركز على القيمة الفنية، وربما أحياناً تستطيع تحقيقها كلها في فيلم واحد».
وأعرب الشلاحي عن فخره بتمثيل السعودية دولياً، قائلاً إنه «شعور جميل يدعو إلى الفخر وأنت في مهرجان دولي عريق مثل القاهرة السينمائي، تُعرض فيه أفلام من دول مختلفة، وأنا وفريق العمل بدورنا نمثل المملكة بفيلم نال رضا وقبول الجمهور».
وعن توقعاته لنوعية الأعمال التي ستكون محور اهتمام صناع الفن في السعودية بعد افتتاح كثير من دور العرض بالمملكة، يقول إن «الأمر يرجع لصناع العمل أنفسهم، ومدى أهمية ما يقدمونه، فأنا أرى أن الموضوعات الواقعية مهمة جداً لطرحها؛ بالفعل نحن لدينا أعمال فنية واقعية جيدة، وأتوقع أن تزدهر أكثر خلال الفترة المقبلة».
ووفق المخرج السعودي، فإنه يحب التركيز على التفاصيل الصغيرة في عمله لأن مضمون العمل يظهر أكثر بتسليط الضوء عليها، مؤكداً أن السينما السعودية استطاعت فرض نفسها خلال السنوات الأخيرة في المحافل الفنية العالمية لجودتها وواقعيتها.
وأرجع الشلاحي نجاحه وحصده للجوائز إلى فريق العمل الذي يعمل معه، قائلاً: «أعد نفسي محظوظاً بعناصر فريق العمل كافة، فهم أساس حصد الجوائز لأننا جميعاً نعمل بحبٍ وتفانٍ»، كاشفاً أنه سيبدأ قريباً العمل على فيلمه الجديد «هوبال».


مقالات ذات صلة

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

حقق فيلم «الدشاش» للفنان المصري محمد سعد الإيرادات اليومية لشباك التذاكر المصري منذ طرحه بدور العرض.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تماثيل وقوالب من الفخار مصنوعة قبل الميلاد (مكتبة الإسكندرية)

«صناعة الفخار»... وثائقي مصري يستدعي حرفة من زمن الفراعنة

يستدعي الفيلم الوثائقي «حرفة الفخار» تاريخ هذه الصناعة التي تحمل طابعاً فنياً في بعض جوانبها، على مدى التاريخ المصري القديم، منذ أيام الفراعنة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من الفيلم تجمع «شاهيناز» وأولادها (الشركة المنتجة)

«المستريحة»... فيلم مصري يتناول النصّابين يمزج الكوميديا بالإثارة

تصدَّرت مجسّمات دعائية للأبطال دار العرض عبر لقطات من الفيلم تُعبّر عنهم، فظهرت ليلى علوي في مجسّم خشبيّ جالسةً على حافة حوض استحمام مليء بالدولارات.

انتصار دردير (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».