عرفت مدينة العلا السعودية، بتاريخها وتراثها وحضاراتها الممتدة لآلاف السنين. لا يغيب عن السائح عند زيارتها، هذه الأماكن وقصص ما استوطنها من حضارات؛ بيد أن هناك جوانب أخرى قد لا يعرفها كثيرون.
تحتضن العلا، تنوعًا طبيعيًا لافتًا بأشكال مختلفة، كما يصور تراثها حياة حضارات مرت على أرضها في عصور قديمة، إلى جانب الفنون والثقافة التي تحتويها، فتجارب المغامرة والترفيه، وطبيعة السكن التي تشكلت من بيئة المكان.
ومنذ إنشاء الهيئة الملكية لمحافظة العلا، بدأت مرحلة جديدة من التطور السياحي بكل ما توفره من تجارب سياحية متنوعة وفريدة، وذلك، بإطلاق مجموعة واسعة من المبادرات في مجالات الآثار والسياحة والثقافة والتعليم والفنون، كما عززت من بيئتها، لتكون واحدة من أهم الوجهات الأثرية والثقافية في البلاد، ولتستقبل الزوار من جميع أنحاء العالم.
منعت ظروف جائحة كورونا العام الجاري، قدوم الزوار إلى المدينة؛ ولكن اليوم مع وصول اللقاحات، واعتمادها في العديد من الدول، وقد يرفع استئناف الرحلات الدولية، آمال انتعاش القطاع السياحي عالميا.
لماذا قد يختار السائح زيارة العلا؟ وما يميزها لتكون في أعلى قائمة الوجهات السياحية للعام 2021؟.
- هوية العلا... التراث
تراثها، أول ما يحضر إلى الأذهان، فهي مليئة بالعديد من الكنوز التاريخية والآثار. وعلى أرضها مرت ممالك من عصور مختلفة، شكلت هوية العلا، التي لم يكتشف منها بعد إلا القليل، وتسعى «هيئة العلا» لاستكشاف المزيد من آثارها عبر فرق متخصصة محلية ودولية متعددة تعمل تحت سقفها.
ومن التراث الذي تحتويه، هناك التحف الفنية الطبيعية مثل التشكيلات الصخرية وغيرها من صنع البشر، كالمقابر المحفوظة، التي تعد من الوجهات السياحية الفريدة. وبعد افتتاحها على مدار العام، يمكن لزوارها التعرف على 94 مقبرة نحتت بإتقان مبهر خلال عهد مملكة الأنباط في منطقة الحجر، التي تعد أول موقع تراث عالمي لليونيسكو في السعودية.
وبعد مرحلة الترميم الشاملة وإضافة أنشطة جديدة، ستفتتح متاهة بلدة العلا القديمة التي تتكون من 900 بيت من الطوب «اللبن»، في بداية عام 2021، وهنا يمكن للسائح التعرف أكثر على تاريخها وقصصها، في جولة مع الراوي، حتى الصعود إلى قمة القلعة لاستكشاف البلدة من أعلى نقطة فيها.
وفي جبل أثلب في الحجر، توجد مناظر لافتة، وهي ما تسمى «اللحظة السحرية»، وذلك في إضاءة الشمس لممر السيق في الجبل المقدس، بجانب إمكانية تفقد الفنون الصخرية في وادي عشار، حيث تحكي نقوشها قصصًا ثمينةً عن شعوب القرون السابقة واهتماماتهم.
وللسائح زاوية أخرى يستكشف بها مقابر العلا الشهيرة وآبارها ومدافنها الغريبة، سواءً على متن طائرة قديمة أو هليكوبتر أو منطاد الهواء الساخن. ولا تمتلك جميع الوجهات مناظر جوية خلابة تنافس نظيرتها في متحف العلا المفتوح.
وفي العلا أيضًا، دادان القديمة، التي تضم مقابر الأسود الشهيرة، وهو ما يجعل للسائح إمكانية استكشاف أسرار الأساطير الغامضة في الحضارة الدادانية واللحيانية، كما أنه ضمن هذا النشاط السياحي، يمكن له الوصول إلى المكتبة المفتوحة التي تحتوي على 500 نقش حجري في جبل عكمة. وفي المواقع التراثية التي تمثل مراحل زمنية تعود لنحو قرن من الزمان، تتواجد سكة حديد الحجاز وحصن الحجر، وقصة هذا القطار وأهميته التاريخية تكمن في نقله الحجاج إلى المواقع المقدسة ويعد معلماً بارزاً لعشاق القطارات والمهتمين بالتاريخ.
- مغامرات شيقة
مغامرات كثيرة تجتذب السائح في العلا مثل، السير على مسار المغامرة مع خبراء المغامرة من Hussak، في رحلة تستغرق نصف يوم عبر تضاريس المداخيل، وهي أنسب وسيلة للانغماس مع الطبيعة، إضافة إلى المسارات الأخرى والأقصر مدة، مثل Hidden Valley أو Oasis View. كما يمكن مشاهدة المناظر الخلابة لسلسلة جبال الحجاز والواحة والوديان، بالصعود إلى نقطة المراقبة في حرة عويرض، سواءً بالدراجة الهوائية أو سيرًا على الأقدام، ويعد المكان مثاليًا لالتقاط صور ساحرة للغروب. والعلا، متنوعة التضاريس، فيها الكثبان الرملية، التي فتحت نشاطًا ترفيهيًا لعبورها، بالدراجات الهوائية أو على ظهر الحصان، وتحيط بها معالم الطبيعية فريدة من نوعها.
ومن ضمن الأنشطة المتميزة بطابع المغامرة، فيمكن للسائح تجربة التحليق في الهواء بحبل الانزلاق في وادي المغامرة الجديد، أو عبر تجربة الدراجة الصحراوية ذات الثلاث عجلات.
- طبيعة مدهشة
تعد العلا، وجهة مثالية لاستعادة بهجة السفر بطريقة آمنة، بأكثر من 29 ألف كيلومتر مربع من المناظر الصحراوية المدهشة، ففيها يمكن تأمل النجوم في الغراميل، هذا المكان الساحر للاسترخاء، في جولة تحكي حكايات عبقرية البشر خلال الحضارات السابقة.
ويمكن استكشاف المعالم الصخرية الشهيرة، وقت الشروق أو الغروب، مثل صخرة الفيل، وصخرة الوجه، وصخرة قوس قزح، وصخرة اليد، والصخور الراقصة، وجبل الأهرام بأبهى حلة.
ولا تغيب النزهة في واحة النخيل المثمرة عن جولات العلا الطبيعية، ولا عن مزرعتها وتذوق أصناف الفواكه الحمضية مثل برتقال يافا والليمون الحلو.
وتتضمن الأنشطة السياحية في العلا، مقطورات الطعام الثمانية في ساحة الطعام الجديدة بالحديقة الشتوية، حيث تتيح تذوق مختلف الأطباق الشعبية وغيرها، برفقة السكان المحليين، إضافة إلى تجربة الخروج إلى الصحراء، حيث الهدوء وتذوق القهوة العربية.
- فنون وثقافة
وللعلا، جانبها الفني والثقافي، ففي مسرح مرايا، يحضر فنانون عالميون وفرق غنائية من مختلف دول العالم، ليكون مسرحًا جامعًا لمختلف الفنون. ويعد المسرح صرحًا موثقًا كأكبر مبنى مغطى بالمرايا في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، كما أن هذا المعلم المغطى بـ10.000 متر مربع من المرايا، يعكس المحيط الصحراوي بصورة ساحرة ومتجددة. وسيعاد افتتاح قاعة الحفلات والترفيه متعددة الأغراض في بداية العام المقبل. وضمن سياق الأنشطة الفنية والثقافية، يمكن للسياح مشاهدة الفنانين المحليين وهم يمارسون الحرف المتنوعة مثل صناعة الفخار، ونسج الصوف إلى تصاميم دقيقة، في خيمة الحرف اليدوية بالحجر أو في مركز الفنون بمدرسة الدريرة، التي تعد من ضمن التجارب الجديدة ومن المتوقع افتتاحها قريباً.
- مفهوم آخر لـ«الإيواء»
في العلا مفهوم آخر لطبيعة الإيواء، حيث التجارب الفريدة المستوحاة من طبيعة المكان، وهو أمر لافت، فيه تجد الغرف الفندقية بين الجبال، التي صممت بعضها بأشكال خيام، وغيرها من التصاميم، التي تسعى للمحافظة على طبيعة المكان.
وفي العام 2021، ستفتتح العلا باب الحجوزات لمنتجع هابيتاس العلا الصديق للبيئة، مع تركيز على الموسيقى ألغامرة والفعاليات الثقافية، إضافة إلى منتجع عشار بأجنحة صحراوية ذات الخمس نجوم، التي ستتحول لاحقًا في نفس العام إلى منتجع بانيان تري.