أوباما وكاميرون يبحثان «التهديد الجديد»

الرئيس الأميركي يطلب من الكونغرس الصبر تجاه إيران

أوباما وكاميرون
أوباما وكاميرون
TT

أوباما وكاميرون يبحثان «التهديد الجديد»

أوباما وكاميرون
أوباما وكاميرون

بعد عشاء خاص ليلة أول من أمس، عقد الرئيس باراك أوباما وديفيد كاميرون، رئيس وزراء بريطانيا، اجتماعا رسميا في البيت الأبيض أمس الجمعة، بحثا فيه تطورات ما بعد حوادث فرنسا، والحرب ضد تنظيم «داعش» في العراق وسوريا، وإرهاب منظمة «بوكو حرام» الذي شمل إحراق مدينة كاملة، وإبادة كل سكانها وهم بالآلاف. لكن، حسب تصريحات البيت الأبيض، ركز الرجلان على «التهديد الجديد»، إشارة إلى الأمن الإلكتروني. وكان كاميرون، في تسجيل فيديو بث قبل ساعات من بداية المحادثات، ركز على الإرهاب الإلكتروني. وأشار إلى الاعتداء الإلكتروني الأخير على استوديوهات شركة سوني، وهو الاعتداء الذي يعتقد أن كوريا الشمالية وراءه.
وأيضا، كتب كاميرون في صفحته في موقع «تويتر»: «أعتقد أنه هام جدا أن تتعاون بريطانيا والولايات المتحدة جيدا وأن تعملا معا». وأضاف: «سنقوم بإجراءات هامة حول سبل حماية المؤسسات والناس من هذه التهديدات الإلكترونية الجديدة». وكان الرجلان نشرا رأيا مشتركا، نشرته يوم الأربعاء صحيفة «تايمز» البريطانية، تعهدا فيه بالوقوف معا ضد المتطرفين والإرهابيين، وذلك بعد الاعتداءات التي نفذها 3 جهاديين فرنسيين، وأسفرت عن مقتل 17 شخصا. في الرأي المشترك، شدد أوباما وكاميرون على تصميمهما على ممارسة ضغوط على روسيا حول «أعمالها العدائية» في أوكرانيا. وأضافا أن التصعيد الأخير في المعارك في شرق أوكرانيا الخاضع لسيطرة الانفصاليين الموالين للكرملين «يمكن أن يؤدي إلى نزاع شامل خطير».
وتابعا: «سنواصل العمل بالتنسيق معا مع ممارسة ضغوط على روسيا لحل الأزمة بشكل دبلوماسي. وفي الوقت نفسه سنواصل دعم أوكرانيا في جهودها
لتحقيق التطلعات الاقتصادية والديمقراطية لشعبها». وقبل محادثات الجمعة أمس، أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، أن الزعيمين سيبحثان وضع خطط محددة لمواجهة التطورات الأخيرة. وأضاف إيرنست: «أنا واثق بأنه سيتم التباحث في الشراكة الوثيقة لمكافحة الإرهاب مع بريطانيا».
وكان كاميرون كرر، في بداية الأسبوع، التزامه بتعزيز مراقبة الإرهابيين المشتبه بهم. وأشار إلى إمكانية التعاون مع عمالقة الإنترنت، مثل: «فيسبوك» و«تويتر» و«غوغل» في مكافحة الإرهاب، مع أهمية حماية المعلومات الشخصية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية تصريحات على لسان مسؤولين أميركيين بأن الموضوع «فيه حساسية خاصة في الولايات المتحدة بعد التسريبات التي قام بها إدوارد سنودن والتي شملت برامج جمع معلومات حساسة تقوم بها وكالة الأمن الوطني (إن إس إيه)».
من جهة اخرى , طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما من الكونغرس الأميركي أن يتحلى بالصبر، مؤكدا أنه سيستخدم حق النقض (الفيتو) ضد احتمال إقرار عقوبات جديدة ردا على سياسة إيران النووية المثيرة للجدل. وأعلن الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أن «على الكونغرس أن يتحلى بالصبر»، مضيفا أن عقوبات جديدة «ستسيء إلى إمكانية حل دبلوماسي لإحدى أصعب المسائل المتعلقة بالأمن القومي التي نحاول معالجتها منذ وقت طويل». وأعلن كل من أوباما وكاميرون أنهما لا يؤيدان تبني عقوبات «في هذه المرحلة»، وأكد كاميرون أن المفاوضات بحاجة إلى «وقت» لتصل إلى نتيجة. وقال كاميرون أيضا: «نبقى مصممين كليا على التأكد من أن إيران لا يمكنها إنتاج سلاح نووي».
وتجري الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) مفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني وأمامها مهلة تنتهي في الأول من يوليو (تموز) للتوصل إلى اتفاق حول هذا الملف.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.