«صبي مناسب» لفيكرام سيث يعثر أخيراً على رفيقته المثالية

المخرجة الهندية ميرا نير تنجح في إعداد الرواية للتلفزيون

المخرجة ميرا نير (نيويورك تايمز) - الممثلة الهندية تانيا مانيكتالا في مشهد من المسلسل (أ.ب)
المخرجة ميرا نير (نيويورك تايمز) - الممثلة الهندية تانيا مانيكتالا في مشهد من المسلسل (أ.ب)
TT

«صبي مناسب» لفيكرام سيث يعثر أخيراً على رفيقته المثالية

المخرجة ميرا نير (نيويورك تايمز) - الممثلة الهندية تانيا مانيكتالا في مشهد من المسلسل (أ.ب)
المخرجة ميرا نير (نيويورك تايمز) - الممثلة الهندية تانيا مانيكتالا في مشهد من المسلسل (أ.ب)

عندما نُشرت رواية «صبي مناسب» عام 1993، والتي تقع في 1349 صفحة وتدور أحداثها داخل الهند بعد الاستقلال ومن تأليف فيكرام سيث، أصبحت واحدة من أضخم الروايات المطبوعة المكتوبة بالإنجليزية. وبفضل المراجعات التي ظهرت بمختلف أرجاء العالم، ضمنت الرواية لنفسها مكاناً في قائمة الكلاسيكيات الأدبية الحديثة.
ويرى الكثير من القراء المعجبين بالرواية والتي جرت أحداثها في خمسينات القرن الماضي، وتناولت العديد من العلاقات والصداقات بين أفراد من ديانات مختلفة، أن الرواية نجحت في البقاء بفضل القصص الدرامية العائلية التي تحمل تشابهات بما يقابله الكثيرون في مختلف أرجاء العالم في حياتهم الشخصية، وكذلك لكونها مرشداً لما يعنيه أن يكون المرء مواطناً مستقلاً.
اليوم، وبعد العديد من المحاولات الفاشلة، جرى تعديل الرواية أخيراً إلى سلسلة جديدة مكونة من ستة أجزاء للمخرجة المرشحة لجائزة «أوسكار»، ميرا نير. وعندما بدأ عرض المسلسل عبر قناة «بي بي سي» في الأول من يوليو (تموز)، لاقى إشادة كبيرة في بريطانيا باعتباره أول عمل درامي تنتجه شبكة «بي بي سي» في موقعه الأصلي في الهند بفريق عمل جميع أفراده تقريباً من الهند.
أما داخل الهند، فقد جاءت ردود الفعل أكثر تعقيداً؛ ذلك أن أعضاء الحزب القومي الهندوسي الحاكم دعوا إلى مقاطعة المسلسل بسبب تصويره قصص حب بين أشخاص ينتمون إلى ديانات مختلفة، وفتحت الشرطة تحقيقاً بخصوص شبكة «نتفليكس» التي تتولى توزيع العمل هناك.
أما داخل الولايات المتحدة التي بدأ عرض المسلسل بها، الاثنين، عبر خدمة البث التدفقي «أكرون تي في»، فقد لاقى المسلسل استقبالاً أكثر هدوءاً، لكن دون دعوات للمقاطعة.
وبالنظر إلى القصة الملحمية للمسلسل ومستوى إنتاجه الضخم، وصفت نير التي ترعرعت في الهند، لكنها تقيم حالياً في نيويورك، المسلسل مازحة بأنه «ذا كراون» باللون الأسمر. إلا أنه فيما وراء حجم المسلسل ومكانة العمل الأدبي الذي يعتمد عليه، من الواضح أن المشروع يحمل بها معاني شخصية وسياسية عميقة.
وفي هذا الصدد، قالت المخرجة خلال مقابلة أجريت معها في وقت قريب عبر خاصية الفيديو بالهاتف من منزلها، إن «السبب الوحيد وراء رغبتي في إخراج هذا العمل يكمن في صنع مرآة للعالم نبدو أكثر بعداً عنها عن أي وقت مضى».
وأضافت «لطالما انجذبت لحقبة الخمسينات - خاصة أن عام 1951 شهد زواج والدي. كانت تلك حقبة سادتها المثالية الحقيقية، وأخذنا عن الإنجليز الكثير مما عرفناه، لكن صبغناه بصبغتنا الخاصة».
تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن رواية «صبي مناسب» ظهرت إلى الوجود في وقت كانت السياسات القومية الهندوسية قد بدأت تحتل قلب المشهد السياسي الهندي في أعقاب صدامات عنيفة وقعت عام 1992 حول تدمير مسجد يعود إلى القرن الـ16 في أيوديا. كان سيث قد صاغ أحداث الرواية في أعقاب التقسيم العنيف للهند عام 1947 على أيدي البريطانيين تبعاً لتصنيفات دينية؛ ما أدى إلى ظهور باكستان. إلا أنه سعي نحو كتابة عمل درامي كوميدي أخلاقي حول محاولات شائكة من جانب أم للتوفيق بين اثنين في الزواج، وتبدو الرواية في مجملها قصة صادقة واسعة النطاق حول أربع عائلات من الطبقة العليا، وتضم عدداً من قصص الحب، وتتناول التعايش الديني والمشهد السياسي فيما بعد التقسيم؛ ما جعل من الرواية العمل الأدبي الأول المعبر عن سنوات التأسيس في الهند.
وبعد العديد من المحاولات الفاشلة تعديل الرواية، وقع اختيار سيث شخصياً على كاتب السيناريو أندرو ديفيز، ليتولى هذه المهمة، بعدما انتهى لتوه من تعديل عمل ملحمي تاريخي آخر لحساب «بي بي سي» وحقق نجاحاً كبيراً، وهو رواية «الحرب والسلام» لتولستوي. ومع استمرار سيث في العمل على جزء آخر للرواية، المهمة التي يعكف عليها منذ وقت طويل، كلف شقيقته، أرادهانا سيث بمهمة ضمان سلامة التعديل. (جدير بالذكر أن أرادهانا تعمل كمنتجة ومنتجة تنفيذية.)
كانت «بي بي سي» قد أصدرت تكليفاتها بالبدء في إنتاج المسلسل عام 2017، أما نير التي أعربت عن اهتمامها بالمشاركة في العمل، فقد جرى ضمها للعمل في العام التالي.
وبعيداً عن المقارنات الطريفة، فإن تعديل رواية «صبي مناسب»، رغم تشابهه مع مسلسل «ذا كروان» من حيث الشهرة والنجاح، فإنه لا يمكن مقارنة ميزانيته بتلك الخاصة بالدراما المرتبطة بآل ويندسور، أحد أعلى المسلسلات التلفزيونية كلفة. جدير بالذكر، أنه سعياً لتوفير تكاليف المواقع والفترة الزمنية التي رغبها نير وفيكرام سيث، جرى تقليص الإنتاج من ثماني حلقات إلى ست.
من جهتها، قالت أرادهانا سيث «في كل مرة ترى عملاً يجري تعديله، ينبغي أن تدخل العمل بعيون جديدة وتترك الكتاب خارج غرفة المشاهدة».
وبدلاً عن توزيع الانتباه بين الشخصيات الرئيسية المتعددة في الرواية، ركزت النسخة التلفزيونية على نحو أساسي على بطلين شابين، لاتا ومان (تانيا مانيكتالا وإيشان خاطر)، اللذان اقتربا من عمر الرشد في وقت كانت الهند تستعد لعقد أول انتخابات بعد الاستقلال، والتي أجريت عام 1952، وبينما يساعد مان في الحملة الانتخابية والده في الريف، وفتح عينيه على السياسات الأوسع نطاقاً للطائفة والدين، تتعلم لاتا العثور على طريقها الخاصة في الحياة رغم إصرار والدتها الكوميدي على إيجاد صبي هندوسي مناسب لها.
من ناحيتها، قالت مانيكتالا «هناك الكثير من الطاقة في شخصية لاتا، فهي فتاة متخرجة حديثاً في الجامعة لم تستكشف العالم بعد. إنها تعيش في فقاعة حيث، حسب رأيها، سيكون كل شيء على ما يرام».
أما ناير، التي نشأت في أسرة هندوسية علمانية، فقد دفعت باتجاه إلى إعادة المزيد من الموضوعات السياسية في الرواية مرة أخرى إلى السيناريو التلفزيوني.
من ناحيتها، قالت نير «كانت السياسة في الصدارة بالنسبة لي، وكان أحد أكبر الأشياء التي أمكنني القيام بها إعادة تغيير توازن القصة، بحيث يقل التركيز على مسألة ستتزوج أم لا - على غرار رواية (كبرياء وتحامل) للروائية جين أوستن والسيدة بينيت - ويزداد التركيز على شعور لاتا بأنها صنعت بالفعل في الهند».
علاوة على ذلك، حرصت نير على دمج أكبر قدر ممكن من الكلمات الهندية والأردية في السيناريو تبعاً لما تسمح به قيود «بي بي سي» الصارمة. ولدى سؤالها عن ذلك، أجابت ضاحكة «يمكنني القول بأنه كان صراعاً ساحراً».
ويبدو هذا تحدياً مألوفاً لنير التي تعتبر مقاتلة محنكة في المعارك المؤلمة أحياناً من أجل ضمان تمثيل أكثر صدقاً لأبناء جنوب آسيا على الشاشات الغربية، وقد سبق لها صناعة العديد من الأفلام الناجحة حول الهند والشتات الهندي.
من جهته، أعرب أمارديب سينغ، أستاذ اللغة الإنجليزية بجامعة ليهاي في بنسلفانيا، والذي ألف كتاباً عن أفلام ميرا نير، عن اعتقاده بأنها «تميل إلى اختيار الموضوعات التي تعكس قضايا اجتماعية مستمرة ومتأصلة في الوقائع اليومية».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

الوتر السادس تركز الفنانة نسمة محجوب على الحضور الفني بشكل دائم (صفحتها على {فيسبوك})

نسمة محجوب: أطمح لتقديم سيرة ماجدة الرومي درامياً

طرحت الفنانة المصرية نسمة محجوب، مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أحدث أعمالها الغنائية بعنوان «الناس حواديت»، والتي حظيت بتفاعل من المتابعين عبر مواقع التواصل

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان السوري جمال سليمان (حساب سليمان على «فيسبوك»)

إعلان جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة سوريا يثير ردوداً متباينة

أثار إعلان الفنان السوري جمال سليمان نيته الترشح لرئاسة بلاده، «إذا أراده السوريون»، ردوداً متباينة.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من البرومو الترويجي لمسلسل «ساعته وتاريخه» الذي يعرَض حالياً (برومو المسلسل)

مسلسلات مستوحاة من جرائم حقيقية تفرض نفسها على الشاشة المصرية       

في توقيتات متقاربة، أعلن عدد من صُنَّاع الدراما بمصر تقديم مسلسلات درامية مستوحاة من جرائم حقيقية للعرض على الشاشة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق من وجهة نظر العلاج بالفنّ (غيتي)

علاج القلق والكآبة... بالمسلسلات الكورية الجنوبية

رأى خبراء أنّ المسلسلات الكورية الجنوبية الزاخرة بالمشاعر والتجارب الحياتية، قد تكون «مفيدة» للصحة النفسية؛ إذ يمكنها أن تقدّم «حلولاً للمشاهدين».

«الشرق الأوسط» (سيول)
يوميات الشرق الفنانة مايان السيد في لقطة من البرومو الترويجي للمسلسل (الشركة المنتجة)

«ساعته وتاريخه»... مسلسل ينكأ جراح أسرة مصرية فقدت ابنتها

أثار مسلسل «ساعته وتاريخه» التي عرضت أولى حلقاته، الخميس، جدلاً واسعاً وتصدر ترند موقع «غوغل» في مصر، خصوصاً أن محتوى الحلقة تناول قضية تذكّر بحادث واقعي.

داليا ماهر (القاهرة )

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».