الكاظمي يدعو إلى حوار وطني يهيئ الأجواء لـ {انتخابات نزيهة}

الكاظمي يدعو إلى حوار وطني يهيئ الأجواء لـ {انتخابات نزيهة}
TT

الكاظمي يدعو إلى حوار وطني يهيئ الأجواء لـ {انتخابات نزيهة}

الكاظمي يدعو إلى حوار وطني يهيئ الأجواء لـ {انتخابات نزيهة}

دعا رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى «حوار وطني شامل» للتهيئة للانتخابات المبكرة المقررة العام المقبل، في مواجهة محاولات قوى سياسية وضع عراقيل أمام جهوده لإتمام إجراءات الاقتراع، وعلى رأسها القوانين المرتبطة به.
وقال الكاظمي خلال اللقاء الذي جمعه مع رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وزعماء الكتل السياسية، إن الحوار هدفه «تمهيد البيئة السياسية والأمنية والاجتماعية، لإجراء انتخابات مبكرة حرة ونزيهة وحمايتها من الخروقات، وتحقيق أعلى مستويات الشفافية والعدالة فيها».
وحاولت قوى وكتل سياسية تأخير الانتخابات التي حدد الكاظمي يونيو (حزيران) 2021 موعداً لها، عبر تعطيل بدا متعمداً لإقرار قانون الانتخابات. وهي تحاول الآن وضع العراقيل أمام قانون تمويل الانتخابات الذي يُعدّ أحد أبرز شروط المفوضية المشرفة على الاقتراع.
تُضاف إلى ذلك قضية المحكمة الاتحادية التي تعاني نقصاً في نصابها بسبب وفاة اثنين من قضاتها التسعة وإحالة ثالث على التقاعد، الأمر الذي يتعذر معه إجراء انتخابات، سواء كانت مبكرة أم متأخرة، ما لم يتم إما تعديل قانون المحكمة العليا الذي هو موضع خلاف بين الكتل السياسية بسبب فقهاء الشريعة، أو إكمال نصابها بترشيح ثلاثة قضاة جدد كي يتسنى لها المصادقة على نتائج الانتخابات.
ويتمسك الكاظمي بموعد الانتخابات، خصوصاً في ضوء خبرته بطبيعة الكتل السياسية وتجربته معها وكونه مرشح الشارع المنتفض، أو على الأقل جاء بسبب الغليان الشعبي الذي كانت الانتخابات المبكرة في صدارة مطالبه.
في المقابل، يرى خصوم الكاظمي أن إصراره على إجراء الانتخابات في موعد مبكر قد يصعب استكمال الإجراءات المطلوبة، فضلاً عن معرفته بطبيعة الخلافات السياسية الحادة بين مختف القوى سواء كانت مكوناتية (شيعية أو سنية أو كردية) أو بين الكتل والأحزاب داخل كل مكون. ويعتبر هؤلاء أنه يرغب بدخول الانتخابات عبر حزب يرعاه ويريد من خلاله تأسيس أول كيان سياسي له في البرلمان المقبل.
وأخفقت لقاءات واجتماعات مكثفة طوال الفترة الماضية بعيداً عن الإعلام في التوصل إلى اتفاق لململة البيت السياسي الشيعي عبر إحياء مشروع الكتلة البرلمانية الأكبر متمثلاً بـ«التحالف الوطني» الذي يقوض، في حال نجاحه، حظوظ الكاظمي في العودة إلى رئاسة الوزراء بعد الانتخابات.
وبدا أن دعوة زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر إلى «ترميم البيت الشيعي» جاءت على أنقاض فشل اللقاءات الشيعية - الشيعية، ما جعل الاستجابة للدعوة ضعيفة أو في أفضل الأحوال بربطها بميثاق وطني شامل، مثلما دعا إلى ذلك «ائتلاف النصر» الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي. لكن ائتلاف العبادي لم يتوقف عند ذلك، بل بات يجمع تواقيع بهدف استجواب الكاظمي.
ويمر العراق بأزمات عدة، أبرزها الأزمة المالية التي فاقمها تراجع أسعار النفط بفعل جائحة «كورونا»، إضافة إلى خطر تنظيم «داعش»، فضلاً عن المخاوف من أن تبقى البلاد ساحة لتصفية الحسابات بين واشنطن وطهران، حتى بعد تسلم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الأمور في البيت الأبيض.
وبينما فشلت محاولة سنية لإقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فإن الاحتجاجات التي بدأت تتسع في إقليم كردستان نتيجة تأخر إرسال الرواتب من بغداد بسبب الخلاف مع حكومة الإقليم من شأنها هي الأخرى التأثير في مجرى التحالفات المقبلة، فضلا عن الاصطدام بالموعد المبكر لإجراء الانتخابات. وهناك من بات يربط بين ما جرى في بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية من احتجاجات كبرى أواخر عام 2019 وما ترتب عليها من نتائج، وبين احتجاجات كردستان، لخلط الأوراق هناك بشكل أو بآخر، علماً بأن الكاظمي يحتفظ بعلاقات جيدة مع الأكراد، لكن توسع الاحتجاجات وعدم قدرته على الإيفاء بالتزامات المركز حيال الإقليم يمكن أن تكون بوابة لإحداث خرق في تلك العلاقة الإيجابية، مما قد ينعكس على موقف الأكراد منه بعد الانتخابات المقبلة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.