انقلابيو اليمن يغلقون عشرات المراكز الدينية ويصادرون محتوياتها

TT

انقلابيو اليمن يغلقون عشرات المراكز الدينية ويصادرون محتوياتها

عادت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران من جديد خلال الأيام الماضية لاستئناف حملاتها ضد المخالفين لها مذهبيا، حيث أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأنها داهمت مساجد ومدارس ومراكز لتحفيظ القرآن الكريم في العاصمة وريفها يديرها مشايخ من الجماعات السلفية.
وقالت المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» إن عناصر الميليشيات داهموا تلك المراكز والمدارس في صنعاء وقاموا بإغلاقها ومصادرة محتوياتها ومنعها من استئناف أنشطتها.
وتحدثت المصادر عن أن الجماعة شنت الأسبوع الماضي حملة وصفت بـ«الشعواء»، طالت العشرات من مراكز ومدارس تحفيظ القرآن الكريم بمناطق وأحياء متفرقة من صنعاء وريفها، بحجة عملها بعيدا عن إشراف وتوجهات الانقلابيين وعدم اعتمادها رسميا من قبلهم.
وأسفرت تلك الحملة عن إغلاق 5 مدارس ومركزين لتحفيظ القرآن والحديث النبوي في العاصمة (بعضها تتبع الجماعة السلفية) من مزاولة أعمالها، في حين أغلقت الجماعة بحسب المصادر وبشكل تعسفي نحو 8 مراكز و12 مدرسة تحفيظ أخرى تقع بنطاق ريف صنعاء.
وقالت المصادر إن مشرفين حوثيين من صعدة، أبلغوا قبل أيام معلمين ومعلمات بعض المراكز والمدارس المستهدفة بريف صنعاء بوجود توجيهات من زعيم الجماعة تقضي بمنع التدريس وإيقاف كل المراكز والمدارس التي تصفها بـ«المخالفة».
في غضون ذلك، كشف معلمون بمركز تحفيظ طاله أخيرا الاستهداف الحوثي بريف صنعاء أن مشرفي الجماعة اشترطوا على إدارة ومعلمي المركز السماح لهم بالاستمرار في التدريس مقابل إدراج «ملازم» مؤسس الجماعة حسين الحوثي، وبرامج ومقررات تعليمية أخرى ضمن الحصص اليومية، إلى جانب تلقين الطلبة والطالبات كل ما يطلب منهم عبر القيادات والهيئات الحوثية المعنية.
وعلى صعيد وجرائم الجماعة المتكررة بحق المساجد ومراكز التحفيظ بعموم مناطق سيطرتها، قصفت الميليشيات مطلع الشهر الماضي مسجد الإمام الشافعي في منطقة وادي القاضي بمدينة تعز أثناء وجود طالبات يدرسن القرآن.
وذكر مواطنون وسكان في تعز أن القصف أسفر عن إصابة طالبتين أثناء وجودهما في مدرسة التحفيظ بالمسجد، فيما خلف أضراراً كبيرة في المبنى. وتواصلا لتلك السلسلة من الاستهدافات الحوثية التي لا حصر لها، اختطفت الجماعة منتصف الشهر الماضي أيضا عدداً من الطلاب السلفيين بعد دهمها مركزاً ومسجداً تابعاً في محافظة إب 170 كيلو جنوب صنعاء. وأفادت مصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، بأن مسلحين حوثيين اقتحموا مسجد ومركز «دار الحديث» التابع للسلفيين في مفرق ميتم شرق المحافظة، ومنعوا كل حلقات العلم والحديث والتحفيظ، بحجة أداء صلاة الجنازة على اثنين من قتلى الميليشيات.
وقالت إن الجماعة داهمت المركز والمسجد بأسلحتها، وقامت باستفزاز مرتادي المركز والمسجد بترديد «الصرخة الخمينية» بشكل متعمد ومتكرر، الأمر الذي أدى إلى نشوب مشادات حادة مع بعضهم تطورت إلى عراك بالأيدي بين الطلبة والانقلابيين.
وتحدثت المصادر عن اختطاف الميليشيات للعشرات من الطلبة السلفيين واقتيادهم إلى جهات غير معروفة. مؤكدة بذات الصدد أن مصيرهم لا يزال مجهولا.
ويعد مسجد «دار الحديث» في إب أحد أهم المراكز الدينية التابعة للجماعة السلفية بعد مركز «محمد الإمام» الكائن بمدينة معبر في محافظة ذمار الخاضعتين لسيطرة الانقلابيين.
وسبق لمسلحي الجماعة أن احتلوا أواخر العام 2019 دارا لتعليم القرآن بقرية ذي إشراق بمديرية السياني جنوب إب، وقيامها بنهب حافلتين كبيرتين خاصة بنقل الطلبة، إلى جانب سرقة أكثر من 30 ماكينة خياطة تابعة للدار.
وقال سكان محليون حينها إن الدار التي احتلتها الميليشيات تخرج منها المئات من حفاظ القرآن الكريم، وكان لها دور بارز في إكساب النساء مهارات حرفية ويدوية، حيث كان يدرس فيها مهارات لتأهيل النساء بجانب التطريز والخياطة والنقش وغير ذلك من المهارات التي استفادت منها النساء وعشرات الأسر لتحسين دخلها الشهري. ومنذ الانقلاب على السلطة، عمدت الجماعة بقوة السلاح إلى السيطرة على المساجد والمؤسسات الخيرية ومراكز تحفيظ القرآن والجمعيات الخاصة والعامة، وسخرت الكثير منها لتكريس خطاب الموت والكراهية والحقد والأفكار الدخيلة على اليمنيين والمستوردة من إيران.
وكان وزير الأوقاف والإرشاد بحكومة تصريف الأعمال اليمنية، أحمد عطية، أكد بوقت سابق أن «استهداف الميليشيات لدور العبادة دلالة واضحة على فاشيتها وانتهاكها لقدسية المساجد وأماكن تدريس القرآن التي تدعي زيفاً وزوراً في شعارها أنها حمالة لذات القرآن وماضية في مسيرته». وأكد عطية عبر تصريحات رسمية أن الجماعة منذ بداية انقلابها على مؤسسات الدولة في أواخر 2014 وحتى أواخر 2019 استهدفت قرابة 750 مسجداً في اليمن، توزعت بين التفجير الكلي والقصف بالسلاح الثقيل، والنهب لكافة محتوياتها وكذلك تحويلها إلى مخازن للأسلحة ومقرات لتعاطي نبتة القات، ومنها 79 مسجداً ومدرسة لتحفيظ القرآن الكريم تم تفجيرها.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».