«الانتقائية» في فتح ملفات الفساد تفجّر الخلاف بين بري وعون

TT

«الانتقائية» في فتح ملفات الفساد تفجّر الخلاف بين بري وعون

سرعان ما تبدلت العلاقة بين رئيسي: الجمهورية ميشال عون، والمجلس النيابي نبيه بري، وانقلبت من التواصل من حين لآخر إلى التأزم الذي بلغ ذروته في الرد الناري الذي ورد مساء أول من أمس في مقدمة النشرة الإخبارية في محطة «إن بي إن» المحسوبة على رئيس البرلمان، على خلفية ما قاله عون لدى استقباله رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى، حول استقلالية القضاء وعدم الاكتراث للحملات التي تستهدف قضاة، وتفعيل العمل القضائي، والذي استدعى من وجهة نظر المحطة توجيه سؤال إلى عون حول من عطَّل التشكيلات القضائية؟ وما هي الأسباب الخفية لهذا التعطيل؟ لمصلحة مَنْ يخنق التشكيلات القضائية؟ فالعجب كل العجب ممن يتحدث بلغة الحريص بينما هو نفسه من سطر مضبطة إعدام للقضاء.
إلا أن الحملة التي شنتها المحطة التلفزيونية المحسوبة على بري لم تقتصر على اتهام عون بتعطيل عمل القضاء؛ بل تجاوزته في تسليطها الضوء على المشاورات الجارية لتشكيل الحكومة، قبل ساعات من انعقاد اللقاء أمس بين الرئيس المكلف سعد الحريري وعون، وإلقاء اللوم على الأخير، في إشارتها إلى استياء فرنسا من تعطيله لتشكيل الحكومة لتحقيق مكاسب ضيقة.
وتوقفت المصادر السياسية أمام رد هذه المحطة على عون بالنيابة عن بري، وسألت عن الأسباب الكامنة وراء قراره بالرد الذي فوجئ به الوسط السياسي، وما إذا كان له علاقة مباشرة بالمداولات التي جرت بين رئيس الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى، والتي كان لرئيس المجلس نصيب فيها وصلت مضامين بعض ما قيل فيها إلى مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، وإلا لماذا هذا التوقيت؟
واعتبرت المصادر نفسها أن الرئيس بري لم يكن مضطراً للرد بواسطة محطة تلفزيونية محسوبة عليه، لو لم يكن على علم بما تسرب من «سرية» المداولات بين عون ومجلس القضاء الأعلى، وبالتالي يدخل طرفاً في السجال الدائر بين عون وأطراف سياسية رئيسة، بسبب الانتقائية والاستنسابية المتبعة في فتح ملفات الفساد.
وأبدت المصادر مخاوفها من أن يكون «العهد القوي» المنتهية ولايته بالمعنى السياسي للكلمة - كما تقول جهات معارضة نافذة - قرر المضي في تصفية الحسابات مع خصومه، وتحميلهم مسؤولية إخفاقه في تحقيق ما كان قد التزم به، وقالت بأن الرد على العقوبات الأميركية المفروضة على رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، لا يكون بتعريض البلد إلى مزيد من الانكشاف السياسي والاهتراء، وإلا ما الفائدة من «نعفه» بذريعة مواصلته لمكافحة الفساد، مع أنه لا اعتراض على المبدأ شرط الإفراج عن التشكيلات القضائية.
ولفتت إلى أن البلد الذي يتموضع حالياً في قعر الانهيار الاقتصادي والمالي، لا يحتمل إقحامه في لعبة الثأر السياسي أو إخضاعه لإدارة «غرفة الأوضاع» التي يديرها فريق سياسي معروف الهوية والأهواء، لتمرير رسالة إلى واشنطن، احتجاجاً على العقوبات المفروضة على باسيل. وسألت ما إذا كانت الحملة التي يجري إعدادها ضد بري تصب في إطار معاملته بالمثل، على خلفية أنه كان وراء اضطرار رئيس الحكومة حسان دياب إلى تقديم استقالته، بعد أن هدد بسحب الغطاء السياسي عنه، بخلاف رغبة عون في الإبقاء على حكومته لتذهب معه فور انتهاء ولايته، علماً بأن بري كان قد أحجم عن انتخابه رئيساً للجمهورية، وقيل في حينه أنه ليس في وارد انتخاب رئيسين للجمهورية، في إشارة إلى «رئيس الظل» باسيل.
وسألت هذه المصادر عن موقف «حزب الله» الذي يتموضع حالياً بين نارين مصدرهما حليفاه عون وبري، وهل يتمكن من التوصل معهما إلى مهادنة تفتح الباب أمام تجديد المساكنة بينهما؛ خصوصاً أن «الكيمياء السياسية» بينهما مفقودة رغم كل المحاولات المؤدية إلى فتح صفحة جديدة تحت عنوان التعاون الاضطراري بين الرئاستين الأولى والثانية.
ناهيك عن أن خصوم عون قد بدأوا يدركون أنه يريد أن يستعيد بعض ما كان يطمح إليه أثناء توليه رئاسة الحكومة، لجهة استحضار حروب الإلغاء والتحرير، إنما سياسياً هذه المرة، اعتقاداً منه بأن الضغط وصولاً إلى إقفال الباب في وجه الحلول سيدفع بخصومه إلى التسليم بشروطه، لإعادة تعويم باسيل بدءاً بتشكيل الحكومة.
ولم يكن تحذير رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط من معاودة حروب التحرير والإلغاء، من باب التحريض على عون وتمرير رسالة غير مباشرة إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي، ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وإنما لإحساسه بأن مضي عون في فتح ملفات الفساد عشوائياً يمكن أن يهدد المصالحة في الجبل، من خلال رفع منسوب الاحتقان السياسي والمذهبي.
وعليه، وإن كانت المصادر ليست في وارد الدفاع عمن تثبت إدانتهم بالفساد، فإنها تدعو إلى التحرك لحماية المصالحة في الجبل، ومنع تعريضها إلى انتكاسة، وهذا يفترض أن يتصدر جدول أعمال الاجتماعات باتجاه الراعي وجعجع والقيادات المسيحية الأخرى، لتأمين شبكة أمان لتحييد هذه المصالحة عن التجاذبات السياسية وتصفية الحسابات.



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.