الاقتصاد البريطاني موعود بـ «عذاب بريكست» مع بداية دقائق 2021

توقعات بارتفاع كبير لأسعار السلع واضطراب في سلاسل الإمدادات

يترقب الاقتصاد البريطاني أوقاتاً صعبة مع اللحظات الأولى لبداية العام فور تطبيق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
يترقب الاقتصاد البريطاني أوقاتاً صعبة مع اللحظات الأولى لبداية العام فور تطبيق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني موعود بـ «عذاب بريكست» مع بداية دقائق 2021

يترقب الاقتصاد البريطاني أوقاتاً صعبة مع اللحظات الأولى لبداية العام فور تطبيق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)
يترقب الاقتصاد البريطاني أوقاتاً صعبة مع اللحظات الأولى لبداية العام فور تطبيق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي (أ.ف.ب)

على غرار حكايات المأساة الإغريقية، فمع أو دون اتفاق، يُتوقع أن يتسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بمزيد من التأرجح في الاقتصاد البريطاني؛ الذي تعصف به أصلاً الأزمة التاريخية الناجمة عن تفشي فيروس «كورونا» المستجدّ، ويبدو أن التحسن المأمول سيتطلب وقتاً. في الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، ستنفصل بريطانيا عملياً عن الاتحاد الأوروبي، شريكها التجاري الرئيسي، من خلال مغادرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي اللذين استفادت منهما شركات بريطانية كثيرة على مدى عقود... وإذا كان حجم الأضرار يعتمد على نتيجة المفاوضات الجارية حالياً بين لندن وبروكسل، فإن الخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن يكون بريكست مؤلماً اقتصادياً.
وتذهب جامعة لندن للاقتصاد المرموقة إلى حدّ توقع أن يكون بريكست من دون اتفاق، أي العودة لفرض رسوم جمركية وتدابير رقابية على الحدود، مكلفاً أكثر من (كوفيد - 19) لأن تداعياته ستكون ظاهرة لفترة أطول.
ولم تخف الحكومة المحافظة السابقة تأثير بريكست في المستندات الرسمية التي كُشف عنها أواخر العام 2018، وبحسب التقديرات آنذاك، سيتسبب الانفصال «دون اتفاق» بتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7.6 في المائة على مدى 15 عاماً. وفي حال تم التوصل إلى اتفاق، فسينخفض بنسبة 4.9 في المائة، وهو تأثير كبير إلى حد ما، ويشكل مؤشراً للتحدي المتمثل بمغادرة الاتحاد الأوروبي.
ولم تفض بعد مفاوضات اللحظة الأخيرة إلى نتيجة وتتمحور النقاط الخلافية حول حق سفن الصيد الأوروبية بدخول المياه البريطانية وشروط المنافسة العادلة والآلية المستقبلية لحلّ الخلافات.
وسيشكل غياب الاتفاق التجاري صدمة مزدوجة مع أزمة الوباء، وسيُترجم اعتباراً من الأول من يناير، من خلال إعادة فرض قواعد منظمة التجارة العالمية مع رسوم جمركية تكون أحياناً باهظة على مجموعة كبيرة من المنتجات، بدءاً بقطع السيارات وصولاً إلى اللحوم... وقد تكون قاسية بشكل متفاوت حسب درجة التعاون التي ستحافظ عليها لندن وبروكسل.
وستشهد شركات كثيرة ارتفاع تكاليفها في ليلة وضحاها، ويُتوقع أن تزيد الأسعار بالنسبة للمستهلكين أيضاً خصوصاً في مجال الأغذية والمنتجات الطازجة، التي يتمّ استيراد قسم كبير منها من الاتحاد الأوروبي. وقد يفاقم هذا الواقع انهيار الجنيه الإسترليني، ما سيزيد أسعار السلع المستوردة.
غير أن اتفاقاً تجارياً بعيد كل البعد عن حلّ كافة المشاكل، وسيبقى أقلّ فائدة من السوق الموحدة التي تضمن مبادلات سلسة مع القارة. ويلغي اتفاق تبادل حرّ الرسوم الجمركية أو يقلّصها بشكل كبير، إلا أنه لا يلغي الإجراءات الإدارية والرقابية على الحدود. لذلك، يتمّ إنشاء حالياً عشرة مواقف هائلة للشاحنات في جنوب إنجلترا بهدف احتواء زحمة السير التي يُخشى أن تكون خانقة في البداية.
ويرى الخبير الاقتصادي في معهد «كابيتال إيكونوميكس» للأبحاث توماس بوغ أنه «ستحصل اضطرابات لا مفرّ منها في الوقت الذي تتعرف فيه الشركات على القواعد الجديدة. لكن هذه الفترة يجب أن تكون قصيرة نسبياً» ويمكن للندن وبروكسل «أن تتفاهما على معادلات للخدمات المالية»، وهو قطاع أساسي بالنسبة لبريطانيا.
ويتوقع بنك إنجلترا المركزي تراجع الصادرات واضطراباً في سلاسل الإمدادات، مع تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1 في المائة في الفصل الأول من العام 2021.
وتعلّمت الشركات والأسواق التعايش مع انعدام اليقين منذ الصدمة التي أثارها تصويت البريطانيين لصالح بريكست أثناء استفتاء عام 2016، وبعد مرور أربعة أعوام ونصف العام، يمارس أرباب العمل والنقابات ضغوطاً على الحكومة للقيام بكل ما يمكن لتجنّب الخروج دون اتفاق. وقال الرئيس الجديد لاتحاد الصناعة البريطاني توني دانكر لصحيفة «فاينانشيال تايمز» في نهاية الأسبوع الفائت: «إنها لحظة محبطة للغاية» لكنها «ليست من اختصاص الشركات، إنها سياسة».
وقطاع صناعة السيارات معرّض بشكل خاص، إذ إنه يصدّر قسماً كبيراً من إنتاجه إلى الاتحاد الأوروبي. وتضمّ بريطانيا على أراضيها شركات مصنعة دولية مستعدة لإغلاق مقراتها في حال لم يسر بريكست على ما يرام. ولم تخف شركة نيسان اليابانية واقع أن مصير مصنعها في ساندرلاند على المحكّ.
ويؤكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون من جهته أن البلد سيزدهر حتى في حال الانفصال دون اتفاق، خصوصاً عبر إبرام اتفاقات تجارية مع سائر دول العالم. ويأتي تنفيذ بريكست مع الخروج الفعلي في الأول من يناير في نهاية فترة انتقالية، في أسوأ مرحلة يشهدها الاقتصاد البريطاني، الذي يتعافى بالكاد من صدمة الوباء ومن ركود تاريخي تقدّر الحكومة نسبته بـ11.3 في المائة للعام 2020 قبل انتعاش بنسبة 5.5 في المائة عام 2021.
وترى منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أن البلد يمرّ في «لحظة حرجة» في مواجهة هاتين الصدمتين. وتتوقع المنظمة أن يستمرّ الركود الاقتصادي البريطاني بنسبة 6 في المائة أواخر العام 2021 مقارنة بمستواه ما قبل الأزمة. ووحدها الأرجنتين من بين الاقتصادات الرئيسية في العالم، تسجّل ركوداً (- 8 في المائة) أكبر من ذلك المسجّل في بريطانيا.



تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
TT

تقرير التضخم الأميركي يضغط على معنويات السوق اليابانية

أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)
أشخاص يسيرون أمام لوحة إلكترونية تعرض متوسط مؤشر «نيكي» في إحدى شركات الوساطة في طوكيو (أ.ب)

محا مؤشر «نيكي» الياباني خسائره ليغلق مرتفعاً قليلاً يوم الأربعاء، مع عودة المستثمرين إلى شراء الأسهم الرخيصة، في حين أثر تقرير التضخم الرئيس في الولايات المتحدة على المعنويات؛ إذ من المرجح أن يؤثر في مسار أسعار الفائدة في مجلس «الاحتياطي الفيدرالي».

وأغلق مؤشر «نيكي» مرتفعاً بنسبة 0.01 في المائة، ليصل إلى 39372.23 نقطة، بعد أن هبط بنسبة 0.65 في المائة في وقت سابق من الجلسة. كما ارتفع مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 0.29 إلى 2749.31 نقطة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال محلل السوق في مختبر «توكاي طوكيو» للاستخبارات، شوتارو ياسودا: «لم تكن هناك إشارات كبيرة تحرّك السوق اليوم، لكن المستثمرين عادوا لشراء الأسهم عندما انخفضت إلى مستويات معقولة». وأضاف: «لكن المكاسب كانت محدودة بسبب الحذر المرتبط بنتيجة تقرير أسعار المستهلك في الولايات المتحدة».

وقد افتتحت الأسهم اليابانية منخفضة، متأثرة بتراجع مؤشرات «وول ستريت» الرئيسة يوم الثلاثاء، قبل صدور بيانات التضخم لشهر نوفمبر (تشرين الثاني)، وهي واحدة من آخر التقارير الرئيسة قبل اجتماع مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» المقرر يومي 17 و18 ديسمبر (كانون الأول).

كما ينتظر المستثمرون قرار «بنك اليابان» بشأن السياسة النقدية، والمقرر صدوره في التاسع عشر من ديسمبر. وأشار محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، إلى استعداد البنك لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى في المستقبل القريب إذا أصبح أكثر اقتناعاً بأن التضخم سيظل عند مستوى 2 في المائة، مدعوماً بالاستهلاك القوي ونمو الأجور. وحقّق سهم شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية «يونيكلو»، ارتفاعاً بنسبة 0.37 في المائة؛ ليصبح أكبر داعم لمؤشر «نيكي».

في المقابل، هبطت أسهم الشركات الكبرى في قطاع الرقائق؛ حيث خسرت شركتا «أدفانتست» و«طوكيو إلكترون» بنسبة 0.51 في المائة و0.49 في المائة على التوالي. وتعرّض سهم شركة «ديسكو»، مورد أجهزة تصنيع الرقائق، لهبوط حاد بنسبة 3.65 في المائة؛ ليصبح أكبر الخاسرين بالنسبة المئوية على مؤشر «نيكي».

في المقابل، قفز سهم شركة «كاواساكي» للصناعات الثقيلة بنسبة 10.28 في المائة، ليصبح أكبر رابح بالنسبة المئوية على المؤشر، في حين ارتفع سهم شركة «آي إتش آي» بنسبة 6.25 في المائة. وسجل سهم شركة «توب كون» ارتفاعاً مذهلاً بنسبة 23 في المائة، ليصل إلى الحد الأقصى اليومي، بعد إعلان الشركة أنها تدرس التحول إلى القطاع الخاص بين تدابير أخرى لرفع قيمتها، في أعقاب تقارير تفيد بأن شركات الاستثمار الخاص تقدمت بعروض لشراء الشركة.

وفي سوق السندات، ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات يوم الأربعاء، متتبعاً نظيراتها من سندات الخزانة الأميركية. وقد ارتفع العائد على سندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات بمقدار 0.5 نقطة أساس، ليصل إلى 1.065 في المائة، في حين ارتفع العائد على سندات السنوات الخمس بمقدار 0.5 نقطة أساس أيضاً، ليصل إلى 0.73 في المائة.

وفي الوقت نفسه، يستعد المستثمرون للتحول السلس للعقود الآجلة من تلك المستحقة في ديسمبر إلى تلك المستحقة في مارس (آذار)، التي ترتبط بسندات الحكومة اليابانية لأجل 10 سنوات رقم «366» التي كان «بنك اليابان» يمتلكها بكثافة.

وقال كبير الاستراتيجيين في شركة «سوميتومو ميتسوي تراست» لإدارة الأصول، كاتسوتوشي إينادومي: «يشير التحول السلس للعقود الآجلة إلى إزالة المخاوف بشأن نقص السندات اللازمة لتسوية العقود».

وقد تجاوز حجم التداول وعدد الاهتمامات المفتوحة لعقود مارس تلك الخاصة بعقود ديسمبر قبل تاريخ التجديد الرسمي المقرر يوم الجمعة. وكانت الأسواق قلقة بشأن النقص المحتمل في السندات اللازمة لتسوية العقود الآجلة المقبلة.

ويحتاج المستثمرون إلى سندات الحكومة اليابانية رقم «366» لإغلاق العقود الآجلة المستحقة في مارس. ولكن هذه السندات كانت مملوكة بنسبة تزيد على 90 في المائة من قبل «بنك اليابان» نتيجة لشرائه العدواني للسندات، في إطار دفاعه عن سياسة أسعار الفائدة المنخفضة للغاية. وقد انخفضت ملكية «بنك اليابان» للسندات إلى 89 في المائة الأسبوع الماضي بعد أن سمح البنك المركزي للاعبين في السوق بالاحتفاظ بنحو 200 مليار ين (1.32 مليار دولار) من السندات التي أقرضها لهم من خلال مرفق إقراض الأوراق المالية.

كما باعت وزارة المالية 350 مليار ين من سندات رقم «366» في مزادات تعزيز السيولة في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر. وأشار الاستراتيجيون إلى أن السوق أمّنت ما يقرب من تريليون ين من السندات اللازمة لتسوية عقود مارس نتيجة لهذه العمليات.