تباين المواقف الشعبية والسياسية في بغداد من احتجاجات السليمانية

TT

تباين المواقف الشعبية والسياسية في بغداد من احتجاجات السليمانية

تباينت ردود الفعل الشعبية والسياسية في بغداد حيال احتجاجات السليمانية، فيما أكدت الفصائل المحسوبة على إيران أو القريبة منها دعمها المتظاهرين بخلاف مواقفها الرافضة الحراك الاحتجاجي في بغداد وباقي مدن وسط وجنوب العراق.
ورفض الرئيس العراقي برهم صالح، الذي ينتمي إلى مدينة السليمانية فضلاً عن أنه قيادي بارز في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، بوضوح في كلمة وجهها إلى حكومة إقليم كردستان استخدام العنف أسلوباً في معالجة ما وصفها بالمطالب المشروعة للناس. وقال صالح في كلمة له أمس إن «من حق المواطنين التظاهر سلمياً للمطالبة بحقوقهم المشروعة، خصوصاً تلك المرتبطة بتأمين العيش الكريم لهم ولعائلاتهم من الرواتب وتحسين الأوضاع والخدمات العامة، ويجب على السلطات ذات العلاقة تلبية هذه المطالب».
من جهته، أكد عضو البرلمان العراقي، آراس حبيب كريم، لـ«الشرق الأوسط» أن «الاحتجاجات في مدينة السليمانية أثبتت بما لا يقبل الشك أن هموم ومشاكل وأزمات المواطن العراقي واحدة بصرف النظر عن هويته العرقية والطائفية». وأضاف حبيب أن «الحلول لهذه المشاكل والأزمات يجب أن تكون موحدة وموضوعية وفي سياق رؤية شاملة لكل العراقيين». وأوضح حبيب أنه «حان وقت التفكير الجدي بأننا جميعاً في سفينة واحدة، وأن أي خطر من شأنه أن يهدد الجميع».
وتحظى الاحتجاجات بمتابعة واهتمام واسعين؛ سواء على المستوى الشعبي وداخل أوساط جماعات الحراك الاحتجاجي، ومن قبل أحزاب السلطة وفصائلها المسلحة. وذلك يستتبع بالضرورة صدور مواقف متباينة عن هذه الأطراف تبعاً لمواقفها من السلطات في المركز ببغداد أو في إقليم كردستان. فجماعات الحراك بشكل عام تدعم حركة الاحتجاجات الكردية ضد السلطات وتعدّها امتداداً لاحتجاجات أكتوبر (تشرين الأول) 2019 التي تفجرت في بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد واستمرت لنحو عام، وترى أن محركات الاحتجاج واحدة في الحالتين نتيجة التلازم في مسارات الفساد وسوء الإدارة القائمة في كردستان. وانتشرت في مواقع التواصل مواقف شعبية كثيرة داعمة لاحتجاجات السليمانية.
وخلافاً لمواقفها المتقاطعة مع «حراك تشرين» تنشط غالبية المنصات الإعلامية التابعة لبعض الفصائل والميليشيات التابعة لإيران في تأييد احتجاجات كردستان، وتتهم ما تسميها «ميليشيات الأحزاب الكردية» بإطلاق النار عشوائياً وقتل المتظاهرين. وفيما كانت هذه الجهات تتهم جماعات «حراك تشرين» بشتى تهم العمالة والتمويل الخارجي وبأنها تريد إحداث الفوضى في البلاد، باتت اليوم مؤيدة للاحتجاجات الكردية المطلبية.
ولم تقتصر قضية دعم الاحتجاجات الكردية على الفصائل الشيعية المسلحة التي لا ترتبط بعلاقات ودية مع أحزاب وحكومة كردستان، بل انعكس الأمر أيضاً على ائتلاف رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي الذي تدهورت علاقاته بالكرد بعد أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017 حين قاد عملية إعادة انتشار القوات العسكرية في كركوك وقوض نفوذ قوات البيشمركة في المحافظة. وأصدر ائتلاف العبادي «النصر»، أمس، بياناً غاضباً أدان فيه ما وصفه بـ«القمع الممارس ضد المتظاهرين ووسائل الإعلام في إقليم كردستان». وهو الأمر الذي لم يعلنه بهذا الوضوح والحدة حيال الأحداث التي طالت المتظاهرين ووسائل إعلام في بغداد إبان «احتجاجات تشرين» عام 2019. وقال الائتلاف في بيانه: «نساند المطالب المشروعة للمواطنين في كردستان العراق بالحياة الحرة الكريمة، ومنها تأمين الرواتب وأساسيات قوت الشعب»، ودعا سلطات الإقليم إلى «استجابة سريعة لمطالب المتظاهرين، وإطلاق حرية الإعلام، وحفظ الأرواح والممتلكات العامة والخاصة».
ورداً على الاتهامات التي تطلقها بعض الشخصيات والأحزاب الكردية ضد بغداد وتتهمها بتعمد إثارة الشارع الكردي من خلال عدم إرسال الأموال اللازمة لتغطية نفقات الإقليم خصوصاً المتعلقة برواتب الموظفين، قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي، أمس: «مشكلة تأخير رواتب موظفي الإقليم ليست وليدة الساعة، ولم تحدث بسبب عدم إدراج فقرة تخصهم ضمن قانون تمويل العجز المالي والمصوت عليه مؤخراً داخل مجلس النواب». وأضاف في بيان أن «المشكلة بدأت منذ نحو 4 سنوات مضت، والمعني بها هي حكومة الإقليم وحدها، ورغم ذلك؛ فنحن ندعو الأخيرة إلى فتح باب الحوار مع حكومة بغداد لإيجاد حل مناسب لعموم الملفات ضمن أطر الدستور؛ بخاصة موضوع الرواتب».
من جانبها؛ عبرت مفوضية حقوق الإنسان المستقلة عن أسفها لما يحدث في السليمانية، وقال عضو المفوضية فاضل الغراوي، في بيان، إن «الرواتب هي حق دستوري، وبالتالي فإن أي تأخير في صرفها سينعكس سلباً على حياة المواطنين ومتطلباتهم الإنسانية». ودعا الغراوي الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم إلى «الجلوس إلى طاولة حوار عاجلة لوضع الحلول لمعالجة صرف الرواتب المتأخرة».



سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
TT

سكان العراق أكثر من 45 مليون نسمة... نصفهم من النساء وثلثهم تحت 15 عاماً

عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)
عراقيات في معرض الكتاب ببغداد (أ.ب)

يزيد عدد سكان العراق على 45 مليون نسمة، نحو نصفهم من النساء، وثلثهم تقل أعمارهم عن 15 عاماً، وفق ما أعلن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، اليوم (الاثنين)، حسب الأرقام غير النهائية لتعداد شامل هو الأول منذ عقود.

وأجرى العراق الأسبوع الماضي تعداداً شاملاً للسكان والمساكن على كامل أراضيه لأول مرة منذ 1987، بعدما حالت دون ذلك حروب وخلافات سياسية شهدها البلد متعدد العرقيات والطوائف.

وقال السوداني، في مؤتمر صحافي: «بلغ عدد سكان العراق 45 مليوناً و407 آلاف و895 نسمة؛ من ضمنهم الأجانب واللاجئون».

ونوّه بأن «الأسر التي ترأسها النساء تشكّل 11.33 في المائة» بالبلد المحافظ، حيث بلغ «عدد الإناث 22 مليوناً و623 ألفاً و833 بنسبة 49.8 في المائة» وفق النتائج الأولية للتعداد.

ووفق تعداد عام 1987، كان عدد سكان العراق يناهز 18 مليون نسمة.

وشمل تعداد السنة الحالية المحافظات العراقية الـ18، بعدما استثنى تعداد أُجري في 1997، المحافظات الثلاث التي تشكل إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي منذ 1991.

وأعلن الإقليم من جهته الاثنين أن عدد سكانه تخطى 6.3 مليون نسمة؛ من بينهم الأجانب، طبقاً للنتائج الأولية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأرجئ التعداد السكاني مرات عدة بسبب خلافات سياسية في العراق الذي شهد نزاعات وحروباً؛ بينها حرب ما بعد الغزو الأميركي في 2003، وسيطرة تنظيم «داعش» في 2014 على أجزاء واسعة منه.

ولفت السوداني إلى أن نسبة السكان «في سنّ العمل» الذين تتراوح أعمارهم بين «15 و64 سنة بلغت 60.2 في المائة»، مؤكداً «دخول العراق مرحلة الهبّة الديموغرافية».

وأشار إلى أن نسبة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاماً تبلغ 36.1 في المائة، فيما يبلغ «متوسط حجم الأسرة في العراق 5.3 فرد».

وأكّد السوداني أن «هذه النتائج أولية، وسوف تكون هناك نتائج نهائية بعد إكمال باقي عمليات» التعداد والإحصاء النوعي لخصائص السكان.

وأظهرت نتائج التعداد أن معدّل النمو السنوي السكاني يبلغ حالياً 2.3 في المائة؛ وذلك «نتيجة لتغيّر أنماط الخصوبة في العراق»، وفق ما قال مستشار صندوق الأمم المتحدة للسكان في العراق، مهدي العلاق، خلال المؤتمر الصحافي.