تنسيق مصري ـ كندي في جهود مكافحة الإرهاب

وزير خارجية كندا يصف مشاوراته بالقاهرة حول الصحافي المحتجز بـ«الجيدة».. لكنه لا يتوقع «حلا فوريا»

وزير الخارجية المصري مع نظيره الكندي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري مع نظيره الكندي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
TT

تنسيق مصري ـ كندي في جهود مكافحة الإرهاب

وزير الخارجية المصري مع نظيره الكندي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري مع نظيره الكندي في القاهرة أمس (أ.ف.ب)

أجرى وزيرا خارجية مصر وكندا مباحثات مكثفة في القاهرة، أمس، تناولت تنسيق الجهود في مكافحة الإرهاب والقضاء على التنظيمات المتطرفة، إضافة لتوقيع اتفاقيات تعاون مشترك بين البلدين في عدة مجالات. لكن المشاورات، التي شهدت ضغوطا كندية للإفراج عن صحافي محتجز في مصر يحمل الجنسية الكندية، لم تسفر عن أي حلول فورية في هذا الشأن. وقال وزير خارجية كندا: «أجرينا مناقشة متعمقة وجيدة حول المسألة.. القضية لم تحل حتى الآن ولم أتوقع حلها فورا».
ويحاكم الصحافي محمد فهمي (مصري - كندي) ضمن متهمين آخرين يعملون في قناة «الجزيرة الإنجليزية»، بتهم التحريض على العنف والفوضى في مصر عبر نشر أخبار كاذبة، والانتماء لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة «إرهابية»، وذلك في القضية المعروفة إعلاميا بـ«خلية الماريوت».
وقررت محكمة النقض مطلع الشهر الحالي إعادة محاكمة المتهمين، بعد قبول طعنهم على الحكم الصادر سابقا بحسبهم لفترات تتراوح ما بين 3 و7 سنوات. ويرفض المسؤولون في مصر التدخل في أحكام القضاء.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقده أمس وزيرا خارجية البلدين. أكد سامح شكري ونظيره الكندي جون بيرد أهمية التعاون بين الجانبين في مجال مكافحة الإرهاب. ووصف شكري العلاقات بين البلدين بأنها «وثيقة»، لافتا إلى أن المباحثات تناولت الأوضاع الإقليمية والأمور ذات الاهتمام المشترك على الساحة الدولية، إضافة إلى العلاقات الثنائية، حيث إن هناك مجالات كثيرة للتعاون.
وقال شكري، إن هناك تعاونا وثيقا بين مصر وكندا في إطار عضويتهما المشتركة في التحالف ضد الإرهاب الذي شكل اتصالا بمقاومة تنظيم داعش بالعراق والذي يعمل لتوسيع نطاق مكافحة الإرهاب لتكون شاملة وتتناول كل القضايا ذات التأثير. وأوضح شكري، أن مصر تستمر في المشاركة بهذا التحالف وهذه الشراكة لما نعلمه من مخاطر تهدد المنطقة والعالم والتي لا يمكن مقاومتها والقضاء على هذه الظاهرة من دون التعاون الدولي بشكل فيه تواصل وأيضا تفهم للاعتبارات الضرورية التي يجب أن يتم التعامل معها، سواء سياسية أو ثقافية وأمنية، ولا بد من المقاومة والتفاعل مع كل أطراف المجتمع الدولي.
وقال شكري: «إن الوزير الكندي أكد مشاركة بلاده في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ المقرر في مارس (آذار) المقبل»، مشيرا إلى أننا نأمل أن تكون لهذه الزيارة نتائج ملموسة على صعيد التعاون بين البلدين كما وضح من خلال الثلاث اتفاقيات التي تم توقيعها اليوم بين الجانبين.
من جانبه، أكد وزير الخارجية الكندي دعم بلاده لجهود مكافحة الإرهاب، مضيفا: «إن موضوع التطرف والإرهاب يشكل تحديا كبيرا»، وإن بلاده «تقدر التزام الحكومة المصرية بمواجهة التطرف وترحب بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا الشأن».
كما أكد أن بلاده تدعم وبشدة التعددية ونقدر رسالة الرئيس السيسي الوسطية التي ألقاها الأسبوع الماضي، والتي تابعتها كندا والعالم، مضيفا: «إننا نقدر زيارة الرئيس السيسي إلى الكاتدرائية المرقسية مؤخرا»، مشددا على أن «كندا تدعم مصر وشعبها وتؤيد رؤية المزيد من الرفاهية والأمن لمصر». وشدد على دعم كندا لمصر خلال المرحلة الانتقالية، قائلا: «إننا نتطلع لإجراء الانتخابات التشريعية التي ستجري في مارس المقبل»، معلنا أن بلاده «ستسهم بأكثر من مليوني دولار من أجل محاربة الإرهاب وعودة الأمن.. وسنزيد من تعاوننا في المجال الشرطي، فهناك تحديات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط».
وأضاف: «أجرينا مع الوزير شكري مناقشة جيدة بشأن الصحافي فهمي، وأود أن يكون هناك حل بناء في وقت قريب وليس بعيدا.. فالحرية هي موضوع حاسم لكندا، والتطرف هو تحدٍ كبير ونحترم ونقدر التزام الحكومة بالوفاء بهذه الحرب ضد التطرف».
واستطرد قائلا: «نتابع عن كثب في كندا وضع الصحافي فهمي وما هو الجديد في هذا الصدد، والمسألة مهمة بالنسبة لنا.. وأجرينا مناقشة مثمرة ومتعمقة حول هذه المسألة لمعالجتها.. نتطلع لحل المشكلة»، لافتا إلى أنه «لم يتم حلها بعد».
وتابع: «أرى أن الاجتماع بناء وأنه خطوة جيدة لحل هذه المسألة.. لا نتوقع حل المشكلة بشكل فوري، غير أن هناك حوار بناء حول هذا الموضوع وسوف ننجح في حلها».



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».