جامعات لبنان ترفع أقساطها... وأزمة الدولار تهدد الطلاب في الداخل والخارج

وفد من أهالي الطلاب في الخارج لدى زيارته عون أمس (تويتر)
وفد من أهالي الطلاب في الخارج لدى زيارته عون أمس (تويتر)
TT

جامعات لبنان ترفع أقساطها... وأزمة الدولار تهدد الطلاب في الداخل والخارج

وفد من أهالي الطلاب في الخارج لدى زيارته عون أمس (تويتر)
وفد من أهالي الطلاب في الخارج لدى زيارته عون أمس (تويتر)

تتجه الجامعات اللبنانية الخاصة إلى رفع أقساطها انطلاقاً من ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، ليصبح طلاب الجامعات في الداخل؛ كما الطلاب في الخارج الذين لا يستطيعون دفع أقساطهم بسبب إجراءات المصارف، ضحايا أزمة الدولار التي بدأت منذ عام.
وفي هذا الإطار، علمت «الشرق الأوسط» أن الجامعة الأميركية في لبنان ستصدر بياناً اليوم (الثلاثاء) تعلن فيه زيادة الأقساط بدءاً من الفصل المقبل، لتصبح على أساس سعر 3900 ليرة للدولار؛ أي سعراً وسطياً بين الرسمي (1500) والسوق السوداء (نحو 8 آلاف حالياً).
لن تكون الجامعة الأميركيّة الجامعة الوحيدة التي سترفع أقساطها؛ إذ أكّد مصدر في «الجامعة اللبنانية الأميركية (LAU)» لـ«الشرق الأوسط» أن قرار رفع الأقساط يدرس بشكل جدي من قبل كل الجامعات الخاصة في لبنان، وأنّه سيبدأ العمل به قريباً، مشيراً إلى أن هذه الجامعات لم تعد قادرة على الاستمرار إن لم تلجأ إلى رفع الأقساط بسبب التكاليف التي ترتبت عليها إثر ارتفاع سعر الدولار.
وأوضح المصدر أن هذه الزيادة بالأقساط ستترافق مع زيادة مقابلة للمساعدات الجامعية التي تمّ رفعها إلى 80 مليون دولار بحيث يتم نوع من التوازن بين الطلاب الذين يتكون مدخول أهلهم من الدولار، وأولئك الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة.
وكما حال طلاب الداخل، تهدد الأزمة الاقتصادية قدرة 10 آلاف طالب لبناني على متابعة تعليمهم الجامعي في الخارج، في ظل عدم تطبيق السلطات قراراً في مجلس النواب صدر قبل أسابيع لتوفير «الدولار الطالبي».
وبات أهالي الطلاب مضطرين لإرسال الأموال إلى أولادهم، لكن سعر الصرف في السوق السوداء يناهز 8 آلاف ليرة لبنانية للدولار الواحد، بينما سعر الصرف الرسمي يبلغ 1515 ليرة للدولار الواحد. وتحتجز المصارف كثيراً من أموال المودعين بالدولار مما يجعل الأهالي عاجزين عن تحويل الأموال لأولادهم في الخارج.
واستقبل الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، وفداً من «جمعية أهالي الطلاب اللبنانيين في الخارج»، واطلع منهم على «الصعوبات التي برزت في آلية تطبيق القانون المعروف بـ(قانون الدولار الطالبي) الذي أقره مجلس النواب مؤخراً ووقعه رئيس الجمهورية قبل 3 أسابيع؛ الأمر الذي تسبب في زيادة معاناة الطلاب اللبنانيين في الخارج».
وأوضح الوفد أن «الطلاب الجامعيين اللبنانيين في الخارج، البالغ عددهم نحو 10 آلاف طالب، يعيشون أبشع العذاب في بلاد الاغتراب وينتظرون المصير المحتوم بعدما سدت في وجوههم كل الخيارات لمتابعة دراستهم الجامعية بانتظار الإسراع في تنفيذ القانون رقم (193) المتعلق بالدولار الطالبي».
واقترحوا حل هذه المعضلة من خلال خيارين: «الخيار الأول يأخذ بالاعتبار الأزمة الاقتصادية، وذلك بتقسيط مبلغ الـ10000 دولار لكل طالب على دفعات، بهدف إبقاء الطلاب في جامعاتهم قبل فوات الأوان، وتحديداً قبل نهاية العام الحالي، وإلا فسوف يصرفون من جامعاتهم». أما الخيار الثاني فيتمثل في «العمل موقتاً بتعميم حاكم (مصرف لبنان) الموجه إلى الصيارفة والمتعلق بالطلاب، مع إجراء بعض التعديلات فيه لجهة دفع مبلغ 5000 دولار لكل طالب مستوف شروط قانون الدولار الطلابي (193)، ولكن على سعر صرف 2500 للدولار، مع ضرورة ضبط عمليات الصرف من محلات الصيرفة (فئة أ) بتشكيل لجنة من (جمعية أهالي الطلاب في الخارج) ونقابة الصيارفة، علماً بأن التجربة مع هؤلاء في السابق كانت غير موفقة بسبب ظاهرة الفساد التي شابتها بعيداً عن الرقابة».
ولفت الوفد إلى أن «الصيارفة لم يسلموا الأهالي إلا مبلغي 300 أو 500 دولار أميركي ولمرة واحدة، وحتى اللحظة لم يسمح بالتحويلات مرة ثانية، علماً بأن هذه المبالغ تغطي المصاريف على 3 سنوات».



تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
TT

تمييز حوثي مناطقي يحكم التعاطي مع أهالي إب اليمنية

وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)
وجهاء محافظة إب يحاولون الضغط على الحوثيين لمحاكمة مطلوبين في قضايا قتل (إعلام محلي)

يتهم أهالي محافظة إب اليمنية (193 كلم جنوب صنعاء) الجماعة الحوثية بحماية متهمين بقتل ثلاثة أفراد من أعيان المحافظة في العاصمة صنعاء، في نهج يصفونه بالتمييز المناطقي، إلى جانب رعايتها للفوضى الأمنية في المحافظة، إلى جانب فرض الإتاوات الباهظة ونهب الأراضي.

وينفّذ المئات من سكان إب اعتصاماً، بعد نصبهم الخيام في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، للمطالبة بضبط متهمين بقتل الزعيم القبلي صادق أبو شعر، الذي لقي مصرعه في حي جنوب المدينة قبل أيام، وتتهم عائلة الضحية أفراداً تابعين للقيادي الحوثي علوي الأمير، المسؤول عن إدارة شرطة حي شميلة بالوقوف وراء الحادث.

وحسب عائلة أبو شعر، فإن الأفراد المسلحين أطلقوا النار عليه، في حين كان يقود سيارته دون سبب.

وذكرت مصادر من منظمي الاعتصام في العاصمة صنعاء أن مسلحي الجماعة الحوثية أرغموا المعتصمين على فض تجمّعهم ورفع خيامهم من ميدان السبعين وسط المدينة، إلا أن المعتصمين انتقلوا إلى شارع في شرقها، متمسكين بطلب تسليم المتهمين بقتل الزعيم القبلي.

المئات من سكان إب اعتصموا في صنعاء للمطالبة بالقبض على متهم بقتل أحد أعيان محافظتهم (إعلام محلي)

وتسبّب هذا الحادث في تأجيج الغضب في أوساط أميركيين من أصول يمنية ومغتربين يمنيين في الولايات المتحدة الذين ينتمي أغلبهم إلى محافظة إب، وهي المحافظة التي تشكّل أحد المصادر الرئيسة للتحويلات المالية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية التي تُعد رافداً مهماً للاقتصاد المحلي.

وكشفت مصادر محلية في المحافظة عن أن الجماعة الحوثية أرسلت أحد قادتها لإقناع المحتجين بالقبول بوساطة قبلية بدلاً عن تسليم القتلة، إلا أن المحتجين رفضوا تلك الوساطة، متهمين القيادي الحوثي المرشح للوساطة بلعب دور سلبي، سابقاً، في قضية مقتل ثلاثة من أبناء مديرية الشعر التابعة للمحافظة، على يد أحد القيادات الميدانية للجماعة في منطقة الحوبان بمحافظة تعز.

وذكّر المحتجون القيادي الحوثي أن المرشح للوساطة تواطأ مع المتهم ومرافقيه، وأُطلق سراحهم بعد يوم من إيداعهم السجن، وكان الغرض من وساطته امتصاص غضب عائلات الضحايا، ومن ثم تمّ إجبارها على القبول بالتحكيم القبلي.

ومن مبررات رفض الوساطة، ما وصفه المحتجون بالمعاملة المناطقية من قِبل الجماعة الحوثية تجاه أهالي المحافظة، وأوردوا أمثلة عديدة، منها ما جرى في حل قضية مقتل بائع خضار من مديرية حبيش على يد مسلح حوثي في مديرية دمت التابعة لمحافظة الضالع، بسبب رفضه دفع إتاوة تساوي دولاراً أميركياً (500 ريال) يتحصّلها المسلح من الباعة في سوق المديرية بالقوة.

من اعتصام سابق لعدد من أهالي إب للمطالبة بالقبض على قتلة بائع متجول (إعلام محلي)

ولا يزال العنصر الحوثي حراً طليقاً، رغم أن الحادثة وقعت في السوق العامة، وأُصيب ثلاثة آخرون فيها.

استرخاص الدماء

ذكّر المحتجون القيادي الحوثي الذي يسعى لإقناعهم بقبول الوساطة، بقضية أخرى ينتمي الضحية فيها إلى مديرية النادرة، وقُتل قبل ستة أشهر في منطقة نقيل الغولة في مديرية ريدة التابعة لمحافظة عمران شمال صنعاء، ونهبت سيارته، وعلى الرغم من التعرف على قاتله فإن الجماعة الحوثية لم تحرّك قواتها الأمنية للقبض عليه، في حين لا يزال جثمان الضحية حتى الآن في ثلاجة أحد المستشفيات.

وأورد المحتجون حادث مقتل شاب من أبناء المحافظة في قلب العاصمة صنعاء على يد عصابة معروفة منذ أكثر من ست سنوات، دون أن يتم القبض على الجناة ومحاكمتهم.

الزعيم القبلي أبو شعر الذي قتله مسلحون حوثيون بأكثر من 50 رصاصة (إعلام محلي)

وعدّ المحتجون، في تعليقات أدلوا بها لـ«الشرق الأوسط»، هذه الأمثلة كافية لنسف شعارات الجماعة الحوثية، لأنها تحولت إلى سلطة لا ترى السكان بعين واحدة، قياساً على جملة الخذلان التي تم التعامل بها مع دماء الضحايا والمقهورين من أبناء محافظة إب، والنهج المناطقي و«العنصري» في التعامل مع المحافظة وسكانها بصفتهم مواطنين من الدرجة الأدنى.

وحذّر محمد المقالح، القيادي السابق فيما تُسمى «اللجنة الثورية» للجماعة الحوثية، من طريقة التعامل الحوثية مع قضية مقتل أبو شعر، مطالباً الجماعة بالاختيار بين أهالي محافظة إب وقتلة الزعيم القبلي‏.

وقال المقالح: «إما أن تكونوا مع تحقيق العدالة للمجني عليه، وإما مع التستر على الجناة وقطاع الطرق، وهذه ‏ليست المرة الأولى على إب، بل لقد أوغلتم كثيراً في الجريمة بحقها».

وينوه أحد وجهاء المحافظة إلى أن «سلطة الحوثيين تقف على أرضية واحدة مع القتلة والمجرمين»، ولا تريد شعباً ولا رعايا، قدر حاجتها إلى مستعبدين، على حد وصفه، لافتاً إلى أن ما حدث هو اعتداء على المحافظة برمتها، واستهتار بدماء أبنائها، وأن ما حدث لأبو شعر «كفيل بإشعال الحمية والانتصار لدم بريء صُودر أمام سلطة تظهر كم أنها غير جديرة بأن يُعوّل عليها في حماية الأعراض والدماء والحقوق».

‏من جهته، رأى البرلماني المعارض للجماعة أحمد سيف حاشد أن استسهال القتل واسترخاص حياة الناس يكشفان عن أزمة عميقة لسلطة الجماعة وغياب دولة.

إحلال وجبايات

في غضون ذلك ‏نصب قيادي حوثي نقطة تفتيش جديدة في منطقة الأفيوش ضمن مديرية مذيخرة التابعة لمحافظة إب، وبدأ فرض الإتاوات الباهظة على السكان، ومعاقبة مَن يرفض دفعها بإهانته والاعتداء عليه.

وأكدت مصادر محلية أن القيادي الحوثي يعترض المسافرين وأبناء المنطقة المارين في الطريق التي فرض سيطرته عليها، ويفرض عليهم جبايات بمئات الآلاف من العملة المحلية، (تفرض الجماعة الحوثية سعراً ثابتاً للدولار الأميركي بـ543 ريالاً)، بالإضافة إلى السطو والاستيلاء على أراضي ومنازل السكان بالتهديد والوعيد، بعد تلفيق تهم سياسية واستخباراتية عليهم لدى أجهزة أمن الجماعة.

القيادات الحوثية القادمة من محافظة صعدة متهمة بمفاقمة الانفلات الأمني في إب ونهب أراضيها (إعلام حوثي)

وأخيراً أقر عبد الكريم الحوثي، عم زعيم الجماعة الحوثية، والمعين وزيراً للداخلية في حكومتها غير المعترف بها، تغيير مسؤولي الأمن المنتمين إلى محافظة إب في كل مديرياتها، واستبدال عناصر حوثية بهم من محافظة صعدة (233 كلم شمال صنعاء)، وهي معقل الجماعة الذي انطلقت منه قبل 20 عاماً.

ووفقاً لروايات السكان ومصادر مطلعة فيها؛ فإن مكتب زعيم الجماعة يشرف بشكل مباشر على الفوضى الأمنية التي تعيشها المحافظة، من خلال تعيين الحارس الشخصي له مديراً للأمن فيها، وتغاضيه عن عمليات السطو المتواصلة على الأراضي في المحافظة، ومحاولة تغيير العقيدة المذهبية لسكانها.