حفتر يؤكد التزام «الجيش الوطني» الهدنة ويحذّر من التصعيد العسكري

صالح نفى تمسكه برئاسة البرلمان... ووزير دفاع «الوفاق» هدد بالانسحاب من اتفاق وقف النار

عقيلة صالح خلال ترؤسه جلسة للبرلمان الليبي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
عقيلة صالح خلال ترؤسه جلسة للبرلمان الليبي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

حفتر يؤكد التزام «الجيش الوطني» الهدنة ويحذّر من التصعيد العسكري

عقيلة صالح خلال ترؤسه جلسة للبرلمان الليبي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
عقيلة صالح خلال ترؤسه جلسة للبرلمان الليبي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)

أكد المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، التزام قواته بهدنة وقف إطلاق النار مع قوات حكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج؛ لكنه حذّر، في المقابل، من «مخاطر التصعيد العسكري». فيما قال أعضاء في مجلس النواب إن جلستهم التي كانت مقررة أمس في مدينة غدامس للإطاحة برئيسه، عقيلة صالح من منصبه، قد تأجلت إلى اليوم. واعتبر صالح الذي قال مقربون منه إنه اجتمع مع حفتر، مساء أول من أمس، أن قرارات مجلس النواب لا يمكن أن تصدر إلا من بنغازي بشرق البلاد وليس من غدامس بغربها. وشدد، في جلسة عقدها المجلس أمس بحضور لم يتجاوز 10 من أعضائه فقط ببنغازي، على أن «أي قرارات من خارج بنغازي تعد إهانة للمجلس».
وقال صالح في كلمة خلال جلسة أمس إنه فوجئ بطلب عدد من النواب الذهاب لعقد جلسة في مدينة طنجة المغربية دون التنسيق معه، كاشفاً عن اتصاله بجهاز الاستخبارات المغربية ليطلب منه عدم إشراك النواب المقاطعين بجلسات طنجة. كما نفى تمسكه برئاسة المجلس، داعياً لـ«جمع الشمل».
وكان صالح قد أعلن مقاطعة جلسة البرلمان في غدامس. ودعا في المقابل إلى عقد جلسة لأعضائه في مقره الدستوري الرسمي ببنغازي؛ لكن ذلك لم يمنع من استمرار الاجتماعات التشاورية لأعضاء البرلمان لتعديل اللائحة الداخلية وإيجاد مخرج قانوني لعقد الجلسة.
وأعلنت قبائل برقة (الشرق الليبي)، في بيان عقب اجتماعها بمدينة درنة، دعمها الكامل لصالح قوات الجيش، مؤكدة رفض كل مخرجات اجتماع غدامس، وعدم الموافقة على أي شخصية غير مرغوب فيها من برقة لرئاسة الحكومة أو البرلمان.
في سياق متصل، تعهد رئيس الحكومة الموازية عبد الله الثني الذي ناقش في بنغازي مع عماد السايح، رئيس مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، استعداداتها لعقد أي انتخابات مقبلة، بتسخير كافة إمكانيات الحكومة للمفوضية «لتقوم بعملها وفقا للمطلوب»، فيما أشاد السايح «بدعم الحكومة للمسار الديمقراطي».
وأعلن حفتر في بيان أصدره اللواء أحمد المسماري، الناطق باسمه، تعليقاً على تطور الوضع الميداني في مناطق التماس مع الميليشيات المسلحة، «التزام قيادة الجيش وتمسكها التام باتفاق وقف إطلاق النار»، الذي تم التوصل إليه في إطار لجنة (5+5) في جنيف تحت رعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وبعدما أعرب عن قلقه إزاء الحشود المتزايدة للميليشيات التابعة لحكومة «الوفاق» في طرابلس ومصراتة، وكذلك عمليات نقل ميليشيات وأسلحة ومعدات عسكرية باتجاه خطوط التماس غرب سرت والجفرة، أوضح حفتر، بحسب البيان، أنه «أصدر تعليمات وأوامر إلى كافة وحدات الجيش بأن تكون على درجة عالية من الحيطة والحذر، وعدم الانجرار وراء الاستفزازات، التي يمكن أن تؤدي الى تصعيد الموقف العسكري».
ولم يعلن الجيش الوطني رسمياً عن مغزى العملية العسكرية المفاجئة التي شنتها قواته أول من أمس، على مواقع تابعة لقوات حكومة الوفاق في مدينتي سبها وأوباري بجنوب البلاد؛ لكن وسائل إعلام محلية موالية لـ«الوفاق» نقلت عن مصادر من أوباري انسحاب الكتيبة 177 للجيش من أطراف المدينة بعد مفاوضات مع مجلس أعيانها.
وأظهرت صور للجيش، صدّام، نجل حفتر، خلال زيارة آمر اللواء 73 مشاة، ووفد من ضباط القيادة العامة، للكتيبة 165 مشاة (الجويفي) بمدينة البيضاء، لتفقد أوضاع المعسكر وترتيب التجهيزات وطرح مراحل الخطط العسكرية تجهيزاً للمهام القادمة.
في المقابل، ندد المجلس الأعلى للدولة، الموالي لحكومة «الوفاق»، بما وصفه باعتداء الجيش الوطني على معسكر تيندي باوباري الذي تتمركز فيه قوات المنطقة العسكرية الجنوبية التابعة للحكومة. وقال المجلس في بيان أمس، إنه «يؤكد عدم جدية حفتر في الالتزام بأي اتفاق يتم توقيعه، كما هي عادته في السابق».
وتعجب المجلس من «صمت البعثة الأممية إزاء هذا الخرق». واعتبره «عرقلة لمسار الحوار السياسي السلمي في ليبيا». ودعا الحكومة إلى «تقديم أكبر دعم لقواتها في المنطقة الجنوبية بما يكفل قيامها بواجباتها».
واعتبرت عملية «بركان الغضب» التابعة لـ«الوفاق»، أن «أوباري أكبر من حفتر وميليشياته ومرتزقته وكبيرة جداً على أحلامه وأوهامه». وقالت في بيان مقتضب: «قبل أن يقرر دخولها عليه أن يفكر في الخروج وله في طرابلس عبرة». فيما حذر المجلس الاجتماعي لقبائل الطوارق من التحركات العسكرية بالمدينة دون التنسيق مع الأجهزة الأمنية والعسكرية. وقال في بيان مقتضب إن «أي خرق أمني ستكون عواقبه وخيمة».
بدوره, هدد صلاح النمروش، وزير الدفاع بحكومة «الوفاق»، بانسحاب وفدها من اتفاق (5+5)، محذراً من أنها «قد تقدم على هذه الخطوة إذا لم يتم كبح جماح مجرم الحرب حفتر ووقف تهوّره»، على حد تعبيره. وقال في تصريحات له أمس: «سنعتبر اتفاق وقف إطلاق النار كأنه لم يكن إن أقدم حفتر على أي عمل عسكري»، متعجباً من «صمت البعثة الأممية والمجتمع الدولي على تحركات ميليشيات حفتر وتهديدها اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب».
وكان النمروش قد اتهم مساء أول من أمس، خلال احتفال محلي بمناسبة الذكرى الرابعة لتحرير مدينة سرت من تنظيم «داعش»، الأمم المتحدة بـ«عدم الجدية في حل الأزمة الليبية، وتقديم الدعم اللازم لمواجهة التحديات التي تواجه وزارة الدفاع في أداء مهامها وخاصة تلك المتعلقة بالحظر المفروض على ليبيا».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.