الدول النامية ساحة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين

مؤرخ أميركي: مع انتهاء مرحلة ترمب تجنبت واشنطن خطر فصلها عن الديمقراطيات الغربية

مع انتخاب بايدن يبدو أن واشنطن تجنبت خطر أن تفصلها الصين عن الديمقراطيات المتقدمة الأخرى في أوروبا (أ.ب)
مع انتخاب بايدن يبدو أن واشنطن تجنبت خطر أن تفصلها الصين عن الديمقراطيات المتقدمة الأخرى في أوروبا (أ.ب)
TT

الدول النامية ساحة للتنافس بين الولايات المتحدة والصين

مع انتخاب بايدن يبدو أن واشنطن تجنبت خطر أن تفصلها الصين عن الديمقراطيات المتقدمة الأخرى في أوروبا (أ.ب)
مع انتخاب بايدن يبدو أن واشنطن تجنبت خطر أن تفصلها الصين عن الديمقراطيات المتقدمة الأخرى في أوروبا (أ.ب)

خلال سنوات الحرب الباردة، كان العالم الثالث ساحة للصراع بين القوى العظمى، حيث كان التنافس على أشده بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي من أجل المكانة في جميع أنحاء العالم. واليوم أصبحت المناطق النامية مرة أخرى ساحة للتنافس، لكن هذه المرة بين الولايات المتحدة والصين. ومع انتهاء فترة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يبدو أن واشنطن تجنبت، وبالمصادفة، خطر أن تفصلها الصين عن الديمقراطيات المتقدمة الأخرى في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادي. ومع ذلك، فإن الصراع من أجل النفوذ في العالم الثالث ما زال في بدايته، حيث تمتلك بكين مزايا كبيرة وطموحات هائلة في هذه المناطق؛ بحسب المؤرخ الأميركي هال براندز.
ويرى براندز، الذي يعمل أستاذاً لـ«كرسي هنري كيسنجر للشؤون العالمية» في «كلية الدراسات الدولية المتقدمة» بجامعة جونز هوبكنز الأميركية، أن الصراع بين واشنطن وبكين يدور في أطراف في العالم لأن القلب الديمقراطي للعالم لم يعد مهدداً بالمخاطر كما كانت الحال خلال الفترة الماضية. وقد كان مزيج النفوذ الاقتصادي الصيني والسلوك الأميركي المدمر للذات تحت حكم ترمب في أواخر عام 2019 وحتى بداية عام 2020، يهدد بدق أسافين عميقة في العالم الغربي، وقد بدا من المحتمل أن تختار قطاعات كبيرة من أوروبا موقف الحياد بين أميركا والصين، أو حتى الاعتماد تكنولوجياً على الصين، وهو الخطر الذي تراجعت حدته مؤخراً وإن لم يختف تماماً.
ويرى المؤرخ الأميركي براندز؛ في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، أن ازدياد حدة القمع الداخلي، والضغط على النظام الديمقراطي في تايوان، وقهر الدول التي تنتقد أو تقاوم سياسات الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، أدى إلى موجة من ردود الفعل الدبلوماسية المناوئة للصين في كثير من دول العالم الغربي. وتراجعت شعبية الصين بالفعل في أوروبا وشرق آسيا. ووصف الاتحاد الأوروبي الصين بأنها «منافس خطير». كما قرر كثير من الدول المتقدمة؛ سواء بشكل صريح وضمني، عدم استخدام تقنيات شركة معدات الاتصالات الصينية «هواوي» في إقامة البنية التحتية لشبكات الجيل الخامس للاتصالات.
والمفارقة أن حقبة رئاسة ترمب للولايات المتحدة التي اتسمت في أغلب سنواتها بمحاولة تفتيت العالم الديمقراطي، تنتهي بظهور تدريجي لتحالف ديمقراطي لمقاومة النفوذ الصيني، بحسب براندز. ولكن للأسف، فالموقف مختلف في المناطق النامية، وتحديداً في وسط وجنوب شرقي آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية. فخلال الحرب الباردة، كان العالم الثالث نقطة ضعف استراتيجية للولايات المتحدة، حيث كانت شعوب هذه الدول أكثر استعداداً لقبول النفوذ السوفياتي بسبب مزيج من التطرف الآيديولوجي والمشاعر المناوئة للغرب في حقبة ما بعد انتهاء الاستعمار الغربي لتلك الدول. والآن تغيرت الظروف بشدة، وتراجع اسم «العالم الثالث»، ليحل محله اسم «الدول النامية» أو «الأسواق الصاعدة» للتعبير عن هذه المناطق من العالم. ورغم ذلك، فإن هذه المناطق ما زالت تمثل تحدياً استراتيجياً للولايات المتحدة. وبشكل عام، فهذه الدول أقل تطوراً من حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادي، مما يجعل عروض القروض والتمويل الصينية حتى السلبية منها، أكثر جاذبية لهذه الدول النامية. كما أن أنظمة الحكم الديمقراطي أقل قوة، والفساد السياسي أكثر انتشاراً في دول العالم الثالث سابقاً، مقارنة بالدول الغربية، وهو مما يفتح نقاط دخول جيدة للنفوذ الصيني.
وبسبب خبراتها التاريخية مع الاستعمار والتدخل الغربي (أحياناً من جانب واشنطن نفسها)، فإن الدول النامية تفضل مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتتجنب إدانة الانتهاكات الاستبدادية للحزب الشيوعي الصيني. لذلك، فإن الصراع على النفوذ في دول الجنوب أصبح في قلب الاستراتيجية الجيوسياسية للصين. ونظراً لضخامة عدد دول العالم الثالث، فإن الحصول على دعمها مهم لجهود الصين من أجل السيطرة على المؤسسات الدولية أو احتوائها؛ من المجلس الدولي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إلى الاتحاد الدولي للاتصالات. ورغم أن هذه المؤسسات لا تبدو مهمة جداً من الناحية الاستراتيجية، فإنها تلعب دوراً حيوياً في وضع قواعد ومعايير النظام العالمي. وبالمثل؛ فإن «مبادرة الحزام والطريق» الصينية تستهدف تعزيز العلاقات الصينية الاقتصادية، والدبلوماسية، والتكنولوجية، وفيما بعد العسكرية، مع كثير من دول العالم النامي. فمن منظور بكين؛ يعدّ بناء حزام نفوذ في العالم الجنوبي طريقاً لتحقيق التكافؤ الجيوسياسي مع الولايات المتحدة.
في المقابل؛ يقدر المسؤولون الأميركيون خطورة التحركات الصينية؛ فخلال سنوات حكم ترمب تحدث مسؤولون أميركيون كبار، مثل وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ومستشار الأمن القومي جون بولتون، علانية عن طابع «الإمبريالية الجديدة» للصين. ويعدّ إنشاء «مؤسسة تمويل التنمية الدولية» الأميركية استجابة أولية للتحركات الاقتصادية الصينية على الصعيد العالمي.
كما أن الديمقراطيات الرئيسية الأخرى مثل أستراليا واليابان تعمق علاقاتها مع الدول الأخرى في جنوب المحيط الهادي وجنوب شرقي آسيا.
ومع ذلك، فإن القروض ومشروعات البنية التحتية الصينية تنتشر في العالم، كما تجذب «مبادرة طريق الحرير الرقمي» كثيراً من الدول إلى أحضان الصين التكنولوجية، وما زال النفوذ الدبلوماسي لبكين يتمدد ولا يتراجع. وفي المستقبل القريب سيصبح التحدي الصيني في العالم الثالث حقيقة استراتيجية تحتاج إلى تعامل منسق ومبتكر من الولايات المتحدة وحلفائها.
وسوف تتيح إقامة تحالف معزز بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والاتحاد الأوروبي للديمقراطيات الكبرى استخدام مواردها المجمعة بصورة أكثر استراتيجية لتعزيز النمو الاقتصادي والبنية التحتية في دول العالم الثالث. كما أن تشكيل تحالف ديمقراطي في مجال التكنولوجيا بهدف تسهيل وتمويل مشروعات الاتصالات التي لا تعتمد على التكنولوجيا الصينية، سيقلل استخدام دول العالم الثالث تقنيات شركة «هواوي» الصينية في شبكات الجيل الخامس للاتصالات على سبيل المثال. كما أن جائحة فيروس «كورونا» المستجد توفر فرصة جيدة لكي تعلن الدول الغربية الديمقراطية الغنية عن برنامج سخي لتوفير وتوزيع لقاحات «كورونا» للدول النامية، وهو ما سيكون خطوة جيدة من الناحية الأخلاقية، ومحاولة لمنع استغلال الصين «دبلوماسية اللقاحات» من أجل تعزيز نفوذها في هذه الدول.
وبمرور الوقت سيكون على واشنطن وحلفائها التأكيد على أساليب الحكم الرشيد والإصلاح الديمقراطي في العالم النامي؛ لأن التقدم في هذه المجالات سيجعل من الصعب على الصين إيجاد حكام مستبدين أو قادة انتهازيين تعقد معهم الصفقات. ومع تشجيع التواصل الإيجابي بوصفه أفضل ضمانة للنفوذ الأميركي، على واشنطن وحلفائها إلقاء الضوء؛ سواء بشكل علني وبهدوء، على الجوانب الأكثر استغلالية في الممارسات الصينية في دول الجنوب، مثل استغلال الموارد الطبيعية لتلك الدول، ودعم الحكام المستبدين، ورفض مبادرات تخفيف الديون عن الدول الفقيرة.



أميركا تفرض قيوداً على شركتين صينيتين لأسباب تتعلق بحقوق الأويغور

الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
TT

أميركا تفرض قيوداً على شركتين صينيتين لأسباب تتعلق بحقوق الأويغور

الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)
الولايات المتحدة تضيف شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية (إ.ب.أ)

أضافت الولايات المتحدة شركتين صينيتين إلى إحدى قوائم القيود التجارية، اليوم (الثلاثاء)، بسبب مزاعم تمكينهما ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مع مواصلة الرئيس الأميركي جو بايدن الضغط على بكين في الأيام الأخيرة من إدارته.

ووفقاً لـ«رويترز»، ذكرت وزارة التجارة، التي تشرف على سياسة التصدير، في وثيقة، أنها أدرجت شركة «تشوجانغ يونيفيو تكنولوجيز» إلى قائمة الكيانات «لأنها تمكن انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك عن طريق المراقبة باستخدام التقنية العالية التي تستهدف عامة السكان والأويغور وأفراد الأقليات العرقية والدينية الأخرى».

وأُضيفت شركة «بكين تشونجدون سكيوريتي تكنولوجيز غروب» الصينية المحدودة إلى القائمة لبيعها منتجات «تمكن مؤسسة الأمن العام الصينية من ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان».

ولم ترد شركة «يونيفيو» بعد على طلب للتعليق. ولم يتسنَّ الوصول إلى شركة «بكين تشونجدون سيكيوريتي» من أجل التعليق.

وتستخدم الولايات المتحدة منذ سنوات قليلة ماضية قائمة الكيانات لمعاقبة الشركات الصينية التي تتهمها بالمساعدة في قمع الصين للأويغور وغيرهم من الأقليات، بما في ذلك شركة المراقبة بالفيديو الصينية «هيكفيجن» في 2019.

وتجبر إضافة أي شركة إلى قائمة الكيانات الموردين الأميركيين للشركة المستهدفة على استصدار ترخيص يصعب الحصول عليه قبل الشحن إلى تلك الشركات. وأُضيفت 6 كيانات أخرى في روسيا وميانمار اليوم أيضاً.