تونس.. ولادة «الجمهورية الثانية»

توقيع الدستور.. هل يخرج البلاد من «عنق الزجاجة» ويوقف «حوار الطرشان»؟

الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يرفح نسخة من الدستور بعد التوقيع عليها (رويترز)
الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يرفح نسخة من الدستور بعد التوقيع عليها (رويترز)
TT

تونس.. ولادة «الجمهورية الثانية»

الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يرفح نسخة من الدستور بعد التوقيع عليها (رويترز)
الرئيس التونسي المنصف المرزوقي يرفح نسخة من الدستور بعد التوقيع عليها (رويترز)

يوم 26 يناير (كانون الثاني) يرمز في تونس لتلك الانتفاضة الاجتماعية السياسية التي وقعت فصولها في عام 1978، وهي ذكرى المواجهات الدامية بين قوات الجيش والأمن التونسيين مع الجماهير الغاضبة والنقابات العمالية، مما تسبب في سقوط أكثر من ألف قتيل وآلاف الجرحى. لكنه سيرمز مستقبلا إلى يوم «ميلاد الجمهورية الثانية» بعد المصادقة على نص الدستور الجديد بحضور شخصيات عربية ودولية ووسط ترحيب عالمي بـ«المعجزة السياسية التونسية». وأشاد غالبية رؤساء الدول والحكومات في أوروبا وأميركا بمسار «الانتقال السلمي للسلطة» في تونس التي «فجرت الربيع العربي» قبل ثلاث سنوات.
وكانت تونس التي تتميز بقوة نخبها العلمانية والليبرالية واليسارية شهدت خلال الأشهر الماضية أزمات سياسية وأمنية حادة ومواجهات بين تلك النخب والأغلبية الجديدة، التي أفرزتها انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2011 بزعامة حركة النهضة الإسلامية.
لكن خلافا لكل التوقعات لم تسفر تلك الأزمات والمواجهات عن «منعرج عسكري أمني» بل عن «توافق شبه كامل حول نص الدستور» بين مختلف الفرقاء.. الأمر الذي فاجأ جل المراقبين، إذ تجاوزت نسبة التصويت لفائدته 92 في المائة.
هل خرجت تونس نهائيا من «عنق الزجاجة» بعد إقرار «دستور الجمهورية الثانية» منذ «القراءة الأولى» ودون اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي عليه؟ أم أن تناقضات جديدة ستنفجر في المرحلة المقبلة رغم الإعلان عن «التوافق الشامل» حوله وحول «حكومة التكنوقراط» التي ستعوض فريق «الترويكا» بزعامة علي العريض ورفاقه في حزب النهضة الإسلامي؟
لعل من أبرز ما ينبغي تسجيله أولا أن «الأقلية» التي اعترضت على الصيغة النهائية للدستور التونسي الجديد (12 عضوا) أو تلك التي تحفظت عليه (8 أعضاء) لا تضم بينها الزعامات اليسارية والإسلامية «المثيرة للجدل» التي خطفت الأضواء طوال السنتين الماضيتين وتميزت بإعلان معارضتها الشديدة لمشروع الدستور الجديد.

* «الانقلابيون» صوتوا للتوافق مع النهضة
* وسيسجل التاريخ أن البرلمانيين من «أقصى اليسار»، مثل المنجي الرحوي ومراد العمدوني، الذين عارضوا مشروع الدستور طوال أشهر في وسائل الإعلام التونسية والعالمية ووصفوه بـ«الدستور الإسلامي» كانوا من أبرز من صوت عليه ودافع عنه.. بعد «التعديلات والتوافقات» في جلسات ماراثونية خلال الأسابيع والأيام القليلة التي سبقت موعد المصادقة.
وقد سار في هذا التوجه زعماء «المعارضة اليسارية المعتدلة» مثل السادة أحمد نجيب الشابي ومية الجريبي وعصام الشابي (الحزب الجمهوري) ومحمد الحامدي وسمير الطيب وأحمد إبراهيم (حزب المسار - الحزب الشيوعي سابقا)، رغم سلسلة انسحاباتهم السابقة من الجلسات العامة وجلسات اللجان في المجلس التأسيسي، احتجاجا على ما وصفوه بـ«تغول أنصار تيار الإسلام السياسي بين نشطاء حركة النهضة الإسلامية وحلفائها». وقد تسببت انسحاباتهم في شل عمل المجلس الوطني التأسيسي لمدة خمسة أشهر توقع خلالها كثير من المراقبين للشأن التونسي أن تسفر عن «تدخل الجيش» وعن انتصار «الانقلابيين على الشرعية».
لكن تطورات الأحداث وماراثون المفاوضات والوساطات دفعت إلى «تنازلات سياسية متبادلة» جعلت «الانقلابيين» يتوافقون مع قيادة حركة النهضة وشركائها العلمانيين.. مما أدى إلى انهيار مشاريع «جبهة الإنقاذ» و«حركة تمرد» التونسيتين المتأثرتين بمسار فصائل من المعارضة المصرية قبل «حركة 30 يونيو (حزيران) 2013».

* «دستور ولد ميتا»
* كما سيسجل التاريخ أن أبرز «الصقور» في حركة النهضة، مثل رئيسيها الأسبقين الصادق شورو والداعية الحبيب اللوز، كانا من بين من صوت لفائدة الدستور.. وبرزوا في البرلمان التونسي في صورة تذكارية جماعية مع زعيم الحركة راشد الغنوشي، رغم انتقاداتهم السابقة له ولـ«تنازلاته» عن الفصول الخاصة باعتماد الشريعة الإسلامية وبتجريم النيل من المقدسات الإسلامية. ورغم استعمالهما مع آخرين من «الصقور» لصيغة «هذا الدستور ولد ميتا وهو مخالف للإسلام».
ورغم تسجيل استقالات في قيادة حركة النهضة، بينها رياض الشعيبي الذي لوح بتأسيس حزب جديد، وفي كتلتها البرلمانية، فقد صوت ضد الصيغة التوافقية الختامية للدستور قيادي واحد في حركة النهضة هو النائب نجيب مراد ممثل محافظة المنستير موطن الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، الذي عرف بتصريحاته «النارية» المعارضة لسيناريو ما وصفه بـ«تقديم التنازلات المجانية للشيوعيين ورموز النظام السابق والعلمانيين المتطرفين».
وبذلك وجد النائب نجيب مراد نفسه في حلف مع مجموعة من نواب حزب «تيار المحبة» الذي يتزعمه التونسي المقيم في لندن محمد الهاشمي الحامدي. وهي مجموعة تقدم منذ سنتين انتقادات لحركة النهضة ونوابها في البرلمان الانتقالي من منطلقات دينية، بل ذهب الدكتور محمد الهاشمي الحامدي إلى حد تشبيه وثيقة الدستور التونسي الجديد بعد تنازل النهضة عن الفصل الخاص بـ«الشريعة الإسلامية» بمن يتنازل عن «شرط الوضوء قبل الصلاة».

* تنازل الإسلاميين عن الشريعة
* وقد صدرت انتقادات مماثلة للنهضة بسبب هذه «التنازلات عن أسس شرعية» من مجموعات إسلامية سلفية ومن قيادة حزب التحرير الإسلامي بتونس، لا سيما زعيمه رضا بلحاج، الذي اتهم قيادة النهضة بالمشاركة في صياغة دستور «ليست له مرجعيات عقائدية إسلامية وشرعية».
لكن زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي رد على تلك الاتهامات وأورد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «اكتفينا بالفصل الأول من دستور 1959 الذي تبناه الدستور الجديد لأنه ينص بوضوح على أن تونس دولة مستقلة، الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها.. ونحن لا نريد أن نقسم تونس بين أنصار الهوية الإسلامية للدولة والداعين إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في بلد يخلط غالبية ساسته ونخبه بين الشريعة ومقاصد التشريع الإسلامي من جهة وتطبيق القضاء للحدود الشرعية مثل قطع أيدي السارق وجلد الزاني».
الجدير بالذكر هو تمسك «صقور» حركة النهضة، مثل الصادق شورو، وحلفائهم من «تيار الهوية»، بكون الدستور الحالي «يتضمن بعض النقائص من ناحية تجذير المرجعية الإسلامية، لكن فيه الكثير من نقاط القوة، مثل أن الحريات هي من الإسلام، والفصل الأول يعد مرجعية إسلامية».

* «أول دستور تقدمي» عربيا
* إلا أن رموز تيار «الحداثة» وزعامات «اليسار» داخل البرلمان الانتقالي الذي صاغ هذا الدستور، مثل أحمد نجيب الشابي، والمنجي الرحوي، وسمير الطيب، فقد قالوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «النخب التونسية الحاكمة والمعارضة والمستقلة نجحت، عبر الصيغة النهائية التي جرت المصادقة عليها، في أن تقدم للوطن العربي وللعالم (أول دستور تقدمي) في كامل المنطقة العربية.. لا سيما بعد استبعاد التنصيص على الشريعة والموافقة على الفصل السادس الذي أقر مجموعة من القيم الكونية منصوصا عليها في دساتير الدول المتقدمة، مثل حرية الضمير.. بما يعني منع الدولة والحكومات المقبلة من التدخل في الخصوصيات الشخصية، سواء كانت سلوكية أو عقائدية أو فكرية».
وقد عد ممثل «أقصى اليسار» (الجبهة الشعبية) في المجلس التأسيسي، المنجي الرحوي، «الدستور الجديد لا يخلو من النقائص، لكنه في مجمله كرس مبادئ الديمقراطية والحريات والانفتاح».

* تناقضات وأجندات جديدة
* هل سيعني التوافق الذي يشبه الإجماع «تجميد كل التناقضات السياسية» حتى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي يرجح أن تنظم مطلع الخريف المقبل؟ هذا ما يرجحه سياسيون وإعلاميون وكتاب مستقلون، مثل خالد حداد الإعلامي في صحيفة «الشروق» اليومية، الذي لفت النظر إلى «تأثير الورقة الدولية فيما يجري في تونس وبقية بلدان الربيع العربي». وسجل أن بعض السفراء الأوروبيين والغربيين لعبوا دورا في دفع قيادات الأحزاب السياسية نحو التوافق حول الدستور وحول الحكومة «غير الحزبية» بزعامة المهندس المستقل المهدي جمعة.
في المقابل حذر المحلل السياسي والإعلامي محسن بن عبد الله في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من «سيناريوهات تفجير سياسيين أجانب لتناقضات جديدة داخل الطبقة السياسية بهدف إجهاض المسار الانتقالي السلمي والتأثير في الانتخابات المقبلة.. بعد أن نجحت الضغوط الخارجية في إقناع قيادات النهضة وحلفائها بالاستقالة من الحكومة ومن مواقع مهمة في الدولة.

* جبهة الإنقاذ المقبلة
* في هذا السياق أعرب السيد حمه الهمامي زعيم «حزب العمال الشيوعي» و«الجبهة الشعبية» (التي ينتمي إليها شكري بلعيد ومحمد البراهمي اللذان اغتيلا أخيرا) عن أن المصادقة على الدستور «لن تؤدي إلى تنازل المعارضة عن مطالبها بمحاسبة قيادات النهضة وحلفائها».
وبعد أن أسندت «استطلاعات الرأي» إلى «الجبهة الشعبية» نحو عشرة في المائة من أصوات الناخبين بدا زعيمها أكثر تفاؤلا بأجندة «الثوريين المعادين للمتجرين بالدين». وقال إن الصراع المقبل سيحسم لصالح كتلته السياسية، وأورد أن «لا حزب يعلو على جبهة الإنقاذ؛ فهي الإطار الأوسع ومصير البلاد مرتبط بها». واتهم حمه الهمامي زعامات تيار الإسلام السياسي بالتحايل، وتعهد بمتابعة النضال ضدهم، مشيرا إلى أن «الإسلام أكبر من هذا التحايل.. هم يتاجرون بالإسلام ولا يدافعون عنه، فشلوا في كل المجالات ولم يبق لهم إلا المتاجرة بالدين».

* جبهة المستقلين والمجتمع المدني
* لكن هل يؤدي التصويت على الدستور وعلى «حكومة المستقلين» إلى إخراج تونس نهائيا من عنق الزجاجة بعد ثلاث سنوات من «إضاعة الوقت» في الصراعات الثانوية حول قضايا دستورية وقانونية وسياسية؟
الدكتور كمال الغربي رئيس شبكة العدالة الانتقالية وعدد من منظمات المجتمع المدني أورد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه يتابع انتقادات المتشددين من أقصى اليمين وأقصى اليسار، لكنه يعتقد أن «المسار الذي تمر به تونس إيجابي جدا في مجمله».. وأن تونس ستدخل «مرحلة تتويج حصيلة سنتين من الحوار العقلاني بين الفرقاء العقائديين والسياسيين». وأضاف: «أعتقد أن المسارين الدستوري والحكومي ماضيان، وأن الانتخابات المقبلة ستنظم على الأرجح في ظرف تسعة أشهر». وعد كمال الغربي دستور 1959 كان يعبر عن «توافق وطني معين في تلك الفترة.. لكن التعديلات التي طرأت عليه فيما بعد شوهت نسخته الأولى وأصبح غير ممكن اعتماده الآن. وقد أنجز الدستور الجديد بفضل تفاعل البرلمان الانتقالي مع اقتراحات المستقلين والخبراء ونشطاء المجتمع المدني، خاصة في ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسة وحقوق الجيل الثالث التي لم تكن مضمنة في الدستور السابق».

* العلاقة بين الرئيس والحكومة والمؤسسات الأمنية

* لكن بين المتفائلين بالدستور الجديد والمتشائمين من انفجار «ألغام سياسية وأمنية جديدة» بسبب نقائص النص الذي وقعت المصادقة عليه، يتوقف بعض كبار خبراء العلوم القانونية والدستورية والسياسية، مثل الصادق بلعيد وأمين محفوظ، عند «مخاطر انفجار أزمة جديدة فور انطلاق مرحلة صياغة القانون الانتخابي المقبل من قبل المجلس التأسيسي».
في المقابل قدم الخبير الأمني والقانوني الدكتور هيكل بن محفوظ في حديث لـ«الشرق الأوسط» انتقادات بالجملة لما وصفه بـ«نقائص فادحة في الدستور فيما يتعلق بالحوكمة الرشيدة وطريقة إصلاح مؤسسات الأمن والجيش الوطنيين وتنظيم العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، والعلاقة بين رئيسي الدولة والحكومة، والتناقضات بين تقييد صلاحيات رئيس الجمهورية والبرلمان والفصل الخاص بإمكانية إطاحة البرلمان برئيس الدولة». وتساءل د. هيكل بن محفوظ في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «لماذا وقع ربط الحوكمة الرشيدة وحصرها في التنافس السياسي واختزالها في هذا الجانب المتعلق بالتنافس السياسي، في حين أنها أساس إصلاح سائر مؤسسات الدولة، بما فيها العسكرية والأمنية، ونظام التصرف فيها بشكل فعال بما يضمن جودة جميع المرافق العمومية وحسن أدائها، وفي مقدمتها مرفق عام الأمن؛ إذ الأمن خدمة قبل أن يكون وظيفة».

* المسار طويل.. والحكماء
* بين هؤلاء وأولئك تتقاطع المصالح والمواقف وتتباين التقييمات لدستور الجمهورية الثانية وانعكاساته على مستقبل المشهد السياسي والحزب المقبلين.. لا سيما بعد استطلاعات الرأي التي أكدت أن «أكثر من ثلثي التونسيين والتونسيات أصبحوا يراهنون أكثر على المستقلين وعلى الخبراء والشباب غير المنتمي للأحزاب والجماعات العقائدية».
لكل ذلك يعتقد المحامي عبد الفتاح مورو المحامي وأحد رموز التيار الإسلامي المعتدل أن «المصادقة على الدستور وعلى حكومة المستقلين وعلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إنجاز تاريخي وعظيم، لكنه منقوص؛ لأن كل الأحزاب والأطراف النقابية والسياسية في حاجة إلى أن تقوم بنقدها الذاتي وأن تراجع في هدوء أولوياتها، ثم تتبنى استراتيجية جديدة تكرس التعايش الحقيقي بين المجتمع التونسي بكل مكوناته، وإعلان مسار وطني للمصالحة؛ لأن السنوات الثلاث الماضية أثبتت أنه لا يمكن إقصاء أي طرف، وأنه لا يمكن لأي حزب مهما كانت قوته أن ينفرد بتسيير البلد وحده، بل لا بد من التعايش بين الأقلية والأغلبية».
في هذا السياق أورد الجامعي هيكل بن محفوظ أن «الدستور يتضمن مبادئ سامية، لكن لا بد أن تكرسها قوانين وسياسات توافقية، ينبغي التمهيد لها بإعلان مسار وطني للإنصاف والمصلحة تأجل إقراره أكثر من اللازم بسبب المزايدات بين «الثورجيين» وبعض الأحزاب.

* فصول دار حولها جدل طويل في دستور تونس الجديد
* الفصل 1
تونس دولة حرة مستقلة، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها. (لا يجوز تعديل هذا الفصل)
* الفصل 2
تونس دولة مدنية تقوم على إرادة الشعب وعلوية القانون. (لا يجوز تعديل هذا الفصل)
* الفصل 3
الشعب هو صاحب السيادة ومصدر السلطات ويمارسها بواسطة ممثليه المنتخبين أو عبر الاستفتاء.
* الفصل 6
الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي.
تلتزم الدولة بنشر قيم الاعتدال والتسامح وبحماية المقدسات ومنع النيل منها، كما تلتزم بمنع دعوات التكفير والتحريض على الكراهية والعنف وبالتصدي لها.
* الفصل 73
الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكل ناخبة أو ناخب تونسي الجنسية منذ الولادة، دينه الإسلام.
يشترط في المترشح يوم تقديم ترشحه أن يكون غير حامل لجنسية أخرى وبالغا من العمر أربعين سنة على الأقل وخمسا وسبعين سنة على الأكثر.
تشترط تزكية المترشح من قبل عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب أو رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو الناخبين المرسمين حسبما يضبطه القانون الانتخابي.
* الفصل 86
يتمتع رئيس الجمهورية بحصانة قضائية طيلة توليه الرئاسة، وتعلق في حقه كافة آجال التقادم والسقوط، ويمكن استئناف الإجراءات بعد انتهاء مهامه.
لا يُسأل رئيس الجمهورية عن الأعمال التي قام بها في إطار أدائه لمهامه.
* الفصل 87
يمكن لأغلبية أعضاء مجلس نواب الشعب المبادرة بلائحة معللة لإعفاء رئيس الجمهورية من أجل الخرق الجسيم للدستور ويوافق عليها المجلس بأغلبية الثلثين من أعضائه، وفي هذه الصورة تقع الإحالة إلى المحكمة الدستورية للبت في ذلك. ولا يمكن للمحكمة الدستورية أن تحكم في صورة الإدانة إلا بالعزل. ولا يعفي ذلك من التتبعات الجزائية عند الاقتضاء. ويترتب على الحكم بالعزل فقدانه لحق الترشح لأي انتخابات أخرى.
* الفصل 88
تتكون الحكومة من رئيس ووزراء وكتاب دولة يختارهم رئيس الحكومة وبالتشاور مع رئيس الجمهورية بالنسبة لوزارتي الخارجية والدفاع.
في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة. وفي صورة التساوي في عدد المقاعد يعتمد للتكليف عدد الأصوات المتحصل عليها.
عند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.
إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.
تعرض الحكومة موجز برنامج عملها على مجلس نواب الشعب لنيل ثقة المجلس بالأغلبية المطلقة لأعضائه. عند نيل الحكومة ثقة المجلس يتولى رئيس الجمهورية فورا تسمية رئيس الحكومة وأعضائها.
يؤدي رئيس الحكومة وأعضاؤها أمام رئيس الجمهورية اليمين التالية:
«أقسم بالله العظيم أن أعمل بإخلاص لخير تونس، وأن أحترم دستورها وتشريعها، وأن أرعى مصالحها، وأن ألتزم بالولاء لها».



نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا
TT

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».

في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».

لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.

ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».

نشأة سياسية مبكرة

وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».

في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.

في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».

شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.

تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.

درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.

ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.

تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.

العودة بعد الاستقلال

بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.

تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.

وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.

وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.

صعوبات وتحديات

لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.

يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.

ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».

خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.

تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».

ويندهوك عاصمة ناميبيا (أدوب ستوك)

حقائق

ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر

في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».