5 لقاحات للحماية من «كورونا»

دخل بعضها حيز العمل

5 لقاحات للحماية من «كورونا»
TT

5 لقاحات للحماية من «كورونا»

5 لقاحات للحماية من «كورونا»

يبدو أن التحديثات حول تطوير لقاحات ضد «كوفيد - 19» تحدث بشكل شبه يومي، حالياً، حيث تتطلع أفضل العقول الطبية والعلمية حول العالم إلى وضع حد لوباء فيروس كورونا المستجد. وقد اتضحت معالم أهم خمسة لقاحات للفيروس التي تم تجهيزها أو من المرجح أن تكون جاهزة عاجلاً وليس آجلاً.
وكانت السلطات البريطانية استبقت وبسرعة مذهلة إدارة الدواء والغذاء الأميركية، وأعلنت بداية هذا الشهر منح ترخيص «طارئ» للقاح من شركتي الأدوية «فايزر» و«بيونتيك» بعد سبعة أشهر فقط من بدء التجارب السريرية، وذلك لاستخدامه في المملكة المتحدة. وتعد هذه أول موافقة على اللقاح الذي يحمل اسم «BNT162b2» على مستوى العالم. ويمكن أن يتلقى العاملون في الرعاية الصحية البريطانيون في الخطوط الأمامية، وكذلك موظفو دور الرعاية والمقيمون فيها جرعاتهم الأولى الأسبوع المقبل. كما وافقت الصين وروسيا على اللقاحات بالفعل، ولكن قبل أن تستكمل الجولة الأخيرة من الاختبارات عليها، ومن المتوقع أن تصدر الجهات المختصة في الولايات المتحدة وأوروبا قراراتها في الأسابيع المقبلة.

- لقاحات بريطانية وأميركية
>لقاح «أكسفورد - أسترا زينيكا»: لقاح أكسفورد هو شراكة بين جامعة أكسفورد وشركة أسترا زينيكا البريطانية - السويدية للأدوية ومقرها في كمبردج في بريطانيا. واللقاح عبارة عن فيروس غدّي معدل وراثياً يتسبب عادة في نزلات البرد لدى الشمبانزي، ولكن تم تعديله لحمل المخططات الخاصة بجزء من فيروس كورونا المعروف باسم بروتين «سبايك». وعندما يدخل اللقاح إلى الجسم فإنه يستخدم هذا الرمز الجيني لإنتاج البروتين السطحي للفيروس التاجي، ما يؤدي إلى استجابة تهيئ الجهاز المناعي لمحاربة الفيروس التاجي في حالة الإصابة. ويعد اللقاح حالياً أرخص أنواع اللقاحات في الإنتاج ويمكن تخزينه في درجة حرارة قياسية تتراوح بين درجتين وثماني درجات مئوية في الثلاجات الموجودة في معظم المستشفيات. وتمت إحالة اللقاح بالفعل إلى الهيئة التنظيمية الطبية في المملكة المتحدة، وهي وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية (MHRA) للموافقة عليها.
> لقاح «فايزر - بيونتيك»: لقاح فايزر يتكون من جسيمات نانوية دهنية تحيط بشريط من الحامض النووي الريبي المسمى «الرنا المرسال» (mRNA) الذي استخلصه العلماء من الفيروس، حسب الدراسة التي نشرت في سبتمبر (أيلول) الماضي في دورية «لانسيت» الطبية. ويتم حقن اللقاح في جرعتين بفاصل 3 أسابيع. وبعد حقنة تنقل الكبسولة الدهنية حمولتها إلى داخل خلايا الجسم، وهذا ما يحفزها على تكوين بروتين «سبايك»، وهو ما يساعد الجهاز المناعي في التعرف على فيروس كورونا ومن ثم مهاجمته.
ويعد لقاح فايزر تقنية حديثة لم تستخدم سابقاً مع البشر، حيث يتم حقن الشفرة الجينية أو الرنا المرسال (mRNA) الذي يحمل المعلومات لإنتاج البروتينات الموجودة على سطح الفيروس، وهي نتوءات «بروتين سبايك» التي بواسطتها يلتصق الفيروس عادة بالمستقبلات على سطح الخلية البشرية.
يعمل لقاح فايزر بشكل جيد في الأشخاص الأكبر سناً والأكثر ضعفاً، إلا أن المشكلة الرئيسية التي يتعين على شركة فايزر التغلب عليها تتمثل في كيفية تخزين لقاحها وتوزيعه، إذ يجب الاحتفاظ باللقاح في درجة حرارة تصل إلى 70 درجة مئوية تحت الصفر، وسوف يتحلل في غضون خمسة أيام تقريباً في درجات حرارة التبريد العادية. في المملكة المتحدة توجد المجمدات ذات درجة الحرارة المنخفضة للغاية في الغالب بالمستشفيات أو مرافق الجامعة وليس في عيادات الأطباء التقليدية. وهذا يجعل توزيع لقاح فايزر على الدول ذات الناتج المحلي الإجمالي المنخفض أكثر صعوبة.
> لقاح «موديرنا»: لا يشير لقاح شركة موديرنا الأميركية إلى عودة محتملة إلى الحياة الطبيعية فحسب، بل يشير أيضاً إلى اختراق طبي. ويعتمد لقاح موديرنا أيضاً على نفس تقنية فايزر أي «الرنا المرسال» (mRNA)، حيث تستخدم الخلايا هذه المعلومات الجينية، لإنتاج جزء من الفيروس الذي يسبب «كوفيد - 19» والذي بدوره يحفز الاستجابة المناعية. يقول بيتر أوبنشو أستاذ الطب التجريبي في إمبريال كوليدج لندن وعضو اتحاد علم المناعة لفيروس كورونا في المملكة المتحدة: «إنها في الحقيقة مجرد إشارة كيميائية توجه الخلية إلى صنع البروتين. إنها مسألة كيمياء واضحة».
الفوائد المحتملة للقاحات «mRNA» مثل لقاحات موديرنا عظيمة. يمكن أن تكون أسرع في الإنتاج وأكثر فاعلية من اللقاحات النموذجية ويمكن إعادة صياغتها بسهولة إذا تحور الفيروس. وتدعي «موديرنا» أيضاً أن لقاحها يمكن أن يظل ثابتاً عند درجتين إلى ثماني درجات مئوية وهي درجة حرارة الثلاجة الطبية ولمدة 30 يوماً. ويضيف أوبنشو: «إنها تقنية مرنة جداً وسريعة جداً تفتح حقاً مجالاً جديداً بالكامل لتطوير اللقاح، ويمكنك إعادة صياغة نفس التكنولوجيا لصنع لقاح ضد العديد من الأمراض الأخرى التي نرغب في الحصول على لقاح لها».
وفي 4 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، قالت «موديرنا» إن لقاحها لديه القدرة على منح مناعة طويلة المدى. ووفقاً لدراسة أجراها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، فقد احتفظ المشاركون في مرحلة تجريبية سابقة للقاح المرتقب بمستويات عالية من الأجسام المضادة المعادلة لمدة ثلاثة أشهر بعد التطعيم الأول، حسب تقرير لموقع «ماركيت ووتش».

- لقاحات روسية وصينية
> اللقاح الروسي «سبوتنيك 5»: المرشح الأول في روسيا للقاح «كوفيد - 19» هو Gam-COVID-Vac أو سبوتنيك «Sputnik V»، كما أطلقت عليه حكومة البلاد، وقد شرعت السلطات في حملة التطعيم به هذا الأسبوع. فقد اتخذ مطورو اللقاح مركز Gamaleya الذي تديره الدولة الروسية نهجاً مشابهاً لباحثي أكسفورد في إنشاء لقاح سبوتنيك. وكشف الرئيس التنفيذي لصندوق الاستثمار الروسي المباشر كيريل ديمترييف أن اللقاح الروسي ضد فيروس كورونا المستجد يختلف عن غيره من اللقاحات التي يتم تطويرها، لأنه مستند إلى ناقلات فيروسات غُدانية بشرية بدلاً من استخدام ناقلات الفيروسات الغدية من الشمبانزي، كما الحال في «أسترا زنيكا»، ما يجعله أكثر أماناً. وقال الباحث كيريل ديمترييف: «ما هو مهم بشأن ناقلات الفيروسات الغدانية البشرية هذه هو أنها تأتي من فيروس بشري نموذجي وتمت دراستها منذ عقود، وهي مختلفة جداً عن تقنيات mRNA أو ناقلات الفيروسات الغُدّانية لدى القرود، التي لم تتم دراستها بشكل مكثف». وأضاف: «إذن ناقلات الفيروسات الغُدّانِية البشرية تمت دراستها منذ عقود وعلى أساسها طورت روسيا لقاحاً ضد إيبولا منذ 6 أعوام، وعملنا على تطوير لقاح ضد فيروس (متلازمة الشرق الأوسط لالتهاب الرئوي)، (ميرس MERS)، منذ عامين، كما أننا استخدمنا منصات تمت الموافقة عليها بالفعل في روسيا، وتم إثبات سلامتها واستخدمناها ضد كورونا». وأوضح ديمترييف أنه تم استخدام فيروس إنفلونزا نموذجي يسمى الفيروس الغداني لديه جزء من بروتين «سبايك»، الذي يغلف فيروس كورونا. وأضاف أن اللقاح الروسي لا يحمل فيروس كورونا نفسه، بل يحمل جزءاً من بروتين سبايك، قائلاً: «نحن نعطي اللقاح بجرعتين من أجل تعزيز المناعة. الجرعة الثانية تعزز المناعة بنحو 6 مرات أكثر مقارنة بالجرعة الأولى، وما شهدناه هو أنه ما من أعراض جانبية شديدة لدى من تلقوا اللقاح، بل تكونت لديهم نسبة عالية من الأجسام المضادة، ما يفسر بأن اللقاح مستند إلى فيروس بشري شائع وقد عدلناه بطريقة تمنع تكاثره».
> اللقاح الصيني كانسينو (CanSino Biologics): لقاح «كوفيد - 19» الذي تمت تسميته «Ad5-nCoV»، والذي ابتكرته شركة CanSino Biologics الصينية كان أول لقاح حصل على الموافقة لاستخدامه لدى البشر، بعد أن وجدت تجارب المرحلة الثانية من اللقاح المعتمد على الفيروس الغدي أنه آمن للاستخدام على البشر. وفي 25 يونيو (حزيران) 2020 تمت الموافقة للاستخدام العسكري لمدة عام واحد، وفي الأيام الأخيرة تم منح CanSino أول براءة اختراع للقاح «كوفيد - 19» في الصين.
ولقاح «الفيروس المعطل» يعتمد على أخذ عينة من الفيروس يتم عزلها من مريض ثم يتم قتل الفيروس باستخدام مادة كيميائية. ويشتمل اللقاح على الفيروس المعطل ممزوجاً بهيدروكسيد الألومنيوم، وهو مادة مساعدة لأنه من المعروف أنها تعزز الاستجابات المناعية. وهذه التقنية قديمة تم استخدامها في لقاحات أخرى، وهو ما يميزها عن اللقاحات الأخرى لفيروس كورونا المستجد التي دخلت مرحلة التجارب السريرية، حيث يوجد حالياً 42 لقاحاً في مرحلة التجارب؛ منها لقاحات الفيروس المعطل مع لقاحات تستخدم تقنيات بلازميد الحامض النووي والفيروس الغدي والحامض النووي الريبي والبروتينات الفرعية والجسيمات الشبيهة بالفيروس.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هيمنة صينية كاسحة على سباق براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي

هيمنة صينية كاسحة على سباق براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي
TT

هيمنة صينية كاسحة على سباق براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي

هيمنة صينية كاسحة على سباق براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي

يبرز الذكاء الاصطناعي التوليدي بوصفه ابتكاراً تكنولوجياً تحويلياً في القرن الحادي والعشرين. ومن المؤكد أنه سيعيد تشكيل الاقتصادات والمجتمعات، ويغير ديناميكيات القوة العالمية، كما كتب راهول بانداي(*).

براءات اختراع الذكاء الاصطناعي التوليدي

نشرت المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) «تقرير المشهد البراءات - الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI)» بوصفه أول تقرير لها على الإطلاق يتتبع طلبات براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي.

إن نتائج التقرير ليست جديدة تماماً، حيث يتوفر العديد من التقارير من وجهات نظر مختلفة للجمهور. والخلاصة الرئيسية من كل هذه المصادر هي أن الشركات الصينية والمؤسسات الأكاديمية (وخاصة الأكاديمية الصينية للعلوم CAS) والشركات الناشئة الأخرى، تستثمر موارد مالية كبيرة في إنتاج أبحاث وبراءات اختراع عالية الجودة تتعلق بالذكاء الاصطناعي.

كشف تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية عن أنه بين عامي 2014 و2023، تم تقديم أكثر من 54000 عائلة براءة اختراع تشمل الذكاء التوليدي، مع زيادة ملحوظة بمقدار ثمانية أضعاف في طلبات براءات الاختراع منذ عام 2017.

وقد غذت الاختراقات في التعلم العميق هذه التطورات، وخاصة الزيادة في نماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، والشبكات التنافسية التوليدية (GANs)، والمنافسة العالمية بين الدول والشركات لاستغلال إمكانات تقنيات الذكاء التوليدي بشكل كامل.

معركة تكنولوجية من أجل التفوق الجيوسياسي

من منظور المنافسة التكنولوجية العالمية، فإن ثورة GenAI، التي تقودها دول مثل الصين والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، ليست مجرد مسألة ابتكار ونمو اقتصادي... إنها معركة من أجل التفوق الجيوسياسي.

ومع استثمار الدول والشركات لموارد كبيرة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن التأثير يمتد إلى ما هو أبعد من الاقتصاد؛ إذ إن هذه التكنولوجيا على استعداد للتأثير على جوانب مختلفة من حياتنا، بما في ذلك القدرات العسكرية والأمن القومي والتجارة العالمية والعلاقات الدولية.

هيمنة الصين الكاسحة

وأكد تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية النمو المذهل في الاختراعات المتعلقة بالذكاء التوليدي في عام 2023 وحده، أنه تم تسجيل أكثر من 25 في المائة من جميع براءات اختراع التي تمت دراستها في التقرير، وتقود الصين هذا التوجه. فقد جمعت البلاد 38000 براءة بين عامي 2014 و2023، متجاوزة بذلك الجهود المشتركة لجميع البلدان الأخرى. وتمتد هذه الهيمنة الساحقة إلى ما هو أبعد من شركات التكنولوجيا العملاقة، وتشمل مؤسسات بحثية مدعومة من الدولة مثل الأكاديمية الصينية للعلوم.

وعلى النقيض من ذلك، قدمت الولايات المتحدة، التي كانت رائدة تقليدياً في مجال الذكاء الاصطناعي، ما يزيد قليلاً على 6000 براءة اختراع خلال الفترة نفسها، وهي في المرتبة الثانية المهمة ولكن البعيدة.

وفي حين تظل الولايات المتحدة موطناً لبعض مؤسسات وشركات أبحاث الذكاء الاصطناعي الأكثر نفوذاً في العالم، بما في ذلك «غوغل» و«آي بي إم» و«مايكروسوفت»، فإن طلبات براءات الاختراع الجامحة في الصين تشير إلى التزام استراتيجي لتصبح الرائدة العالمية في ابتكار الذكاء الاصطناعي.

تطوير الذكاء التوليدي - مجهود تراكمي

كان تطوير الذكاء التوليدي جهداً تراكمياً على مدى عدة عقود؛ ففي حين تمتد جذور الذكاء الاصطناعي إلى منتصف القرن العشرين، فإن العقد الماضي فقط شهد تسارعاً حقيقياً في قدراته.

وكانت نماذج الذكاء الاصطناعي المبكرة، مثل روبوت المحادثة ELIZA الذي ابتكره جوزيف ويزنباوم في الستينات أو جهاز Perceptron في الخمسينات، مهدت الطريق للتقدم الحديث. ومع ذلك، فإن صعود التعلم العميق في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والاختراقات في الشبكات العصبية، مكّنا الآلات من التعلم وتوليد البيانات على نطاقات غير مسبوقة.

تمثل نماذج اللغة الكبيرة مثل «جي بي تي - 3» (GPT - 3) و«جي بي تي - 4» (GPT - 4) قفزة كبيرة إلى الأمام في قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم وتوليد لغة تشبه اللغة البشرية. وأشعل نجاحها التجاري موجة من الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.

ثورة آلية اقتصادية صحية ترفيهية

يعمل الذكاء الاصطناعي التوليدي على إحداث ثورة في الاقتصادات عبر الصناعات، من الرعاية الصحية والترفيه إلى القيادة الذاتية والاتصالات. في الرعاية الصحية، فإنه يصمم جزيئات الأدوية ويوفر علاجات مخصصة، كما أنه يحسن خدمة العملاء، ويبسط إدارة المستندات ويؤتمت المهام في الأعمال.

إن التقدم التكنولوجي والاستثمارات التجارية الكبيرة يغذيان تطوير الذكاء التوليدي. وتقود التطويرات شركات رائدة مثل «أوبن إيه آي» و«غوغل» و«مايكروسوفت» و«ميتا»، مع تخصيص مليارات الدولارات.

أما الوجود المتزايد للصين، مع شركاتها مثل «تنسنت» Tencent و«بايدو» Baidu و«علي بابا» Alibaba ومؤسسات الدولة مثل الأكاديمية، فيغلق الفجوة في سباق التسلح بالذكاء الاصطناعي، ويعيد تشكيل ديناميكيات القوة العالمية.

4500 شركة صينية للذكاء الاصطناعي

تستضيف الصين نفسها أكثر من 4500 شركة ذكاء اصطناعي، كما ذكرت وكالة أنباء «شينخوا». يشير تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية إلى جهد وطني متضافر لتأمين موقف قيادي.

بعيداً عن المنافسة بين الصين والولايات المتحدة، هناك لاعبون آخرون مثل كوريا الجنوبية واليابان والهند. والعديد من براءات الاختراع في مجال الذكاء الاصطناعي يتم تقديمها في كوريا الجنوبية واليابان، ما يسمح لهذه البلدان بتخصيص مكانة خاصة لها، وخاصة في الأجهزة والتطبيقات الخاصة بالصناعة.

إن سباق الذكاء الاصطناعي العالمي له آثار جيوسياسية بعيدة المدى؛ إذ إن قدرة الدول على التحكم والابتكار في الذكاء الاصطناعي ستؤثر بشكل كبير على مكانتها الاقتصادية والسياسية. ستؤثر تقنيات الذكاء الاصطناعي، وخاصة الذكاء الاصطناعي، على الأمن القومي والاستراتيجيات العسكرية وتطوير الأسلحة. إن السيطرة على أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تولّد محتوى رقمياً جديداً، مثل الأسلحة المستقلة، وقدرات المراقبة، أو البراعة السيبرانية، ستحدد ديناميكيات القوة العالمية.

مشكلة البلدان المتخلفة عن الركب

إن البلدان المتخلفة عن الركب تخاطر بعيوب اقتصادية كبيرة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعطل سوق العمل العالمية، ويؤتمت الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة وعالية. ستكتسب البلدان التي تدمج الذكاء الاصطناعي وتوفر فرص إعادة التدريب ميزة تنافسية، في حين ستواجه الدول التي تفشل في التكيف اضطرابات اقتصادية كبيرة.

باختصار، فإن النمو السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي لديه القدرة على إعادة تشكيل الصناعات وهياكل القوة العالمية. ومع تنافس القوى الكبرى مثل الصين والولايات المتحدة على الهيمنة، فإن سباق تفوق الذكاء الاصطناعي سيؤثر بشكل كبير على العلاقات الدولية والاستراتيجيات الاقتصادية والمخاوف الأمنية. ومع تزايد دمج الذكاء الاصطناعي في المجتمع، قد يعتمد توازن القوى العالمي في النهاية على من يتحكم في أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر تقدماً.

* «ذا دبلومات»، خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

38000

براءة جمعتها الصين بين عامي 2014 و2023 متجاوزة بذلك الجهود المشتركة لجميع البلدان الأخرى

حقائق

ما يزيد قليلاً على 6000

براءة اختراع قدمتها الولايات المتحدة خلال الفترة نفسها بين عامي 2014 و2023