«خدعة كيميائية» تساعد على تطوير تطبيقات لهندسة الأنسجة

استخدام استراتيجية «خدعة» استبدال العامل الحفاز
استخدام استراتيجية «خدعة» استبدال العامل الحفاز
TT

«خدعة كيميائية» تساعد على تطوير تطبيقات لهندسة الأنسجة

استخدام استراتيجية «خدعة» استبدال العامل الحفاز
استخدام استراتيجية «خدعة» استبدال العامل الحفاز

عبر إجراء 4 تفاعلات كيميائية مختلفة في قارورة واحدة، تمكَّن باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) من جمع 4 بوليمرات لتحضير مادة واحدة ذات نظام بلّوري مُتعدّد. ومن المرجَّح أن المواد التي تجمع ما بين بوليمرات عديدة بصورة متجانسة، يمكنها أن تدمج أفضل الجوانب من كل مادة.
ويمكن أن يؤدي النهج الجديد لخلق تلك «البوليمرات متعددة الكتلة في نظام بلّوري متعدد» إلى ظهور عائلة جديدة تماماً من البوليمرات المتقدمة. وطور النهج الجديد البروفسور نيكولا هادجيكريستيديس، الأستاذ المتميز في علوم الكيمياء وفريقه من «مركز الحفز الكيميائي» التابع لكاوست، بالتعاون مع رئيس قسم العلوم الفيزيائية والهندسة البروفسور إيف نانو.
والبوليمرات هي سلاسل طويلة من الجزيئات تنتج بارتباط جزيئات صغيرة - وحدات أحادية القسيمة (تسمى مونومر) - مع بعضها، كعِقْد من حبات خرز متماثلة. ويشير البعض إلى أن هذه المادة قد غيّرت وجه العالم وشكلت حياتنا في القرن الحالي. كيف لا والبوليمرات توجد في الطبيعة وفي أجسامنا مثل، الزلاليات (البروتينات)، السكريات والحمض النووي وغيرها. كما توجد مجموعة كبيرة أخرى من البوليمرات الصناعية تسمى «البوليمرات التخليقية»، وهي تشمل أنواعاً كثيرة من البوليمرات تشكل الأساس للعديد من المعادن مثل الماس، والكوارتز، والمواد الصناعية مثل الخرسانة، والزجاج، والبلاستيك، والمطاط والأصباغ والدهانات والطلاء وغيرها من المنتجات. كما يشير بعض العلماء إلى أن الجلد الصناعي المصنوع من بوليمر السيليكون قد يكون هو المستقبل في جهود مكافحة الشيخوخة.
وفي الآونة الأخيرة، طوَّر الباحثون طرقاً لخلق بوليمرات مشتركة ذات «نظام بلّوري ثنائي» التي يكون فيها جزء من السلسلة مصنوعاً من نوع واحد من المونومر، أما الجزء الثاني فيُصنع من نوع آخر.
يقول عالم الأبحاث الدكتور فيكو لاديلتا، أحد أعضاء فريق هادجيكريستيديس: «البوليمرات المشتركة التي تتألف من نظام بلّوري ثنائي الكتلة لها تطبيقات لا حصر لها، مثل تخزين الطاقة، وهندسة الأنسجة، وتوصيل العقاقير الدوائية».
كما أنه بإضافة عدد أكبر من قطاعات البوليمر المختلفة، يكون لدينا احتمالية إنتاج مواد ذات خصائص أكثر تقدماً. ويضيف لاديلتا: «إلا أن إجراءات التصنيع صعبة للغاية. لقد كان من الصعب تصنيع بوليمرات مشتركة تتألّف من نظام بلّوري ثنائي الكتلة بسبب عدم توافق المونومرات والعوامل الحفازة». ومن ثمَّ، فإن خلق مواد تتضمن أربعة أنواع مختلفة من المونومرات على هيئة أربع كتل مختلفة من ناحية التركيب الكيميائي - أي بوليمرات ربعية ذات نظام بلّوري رباعي الكتلة - قد أدّى إلى زيادة التنافر.
وللتغلّب على مشكلة التنافر، ابتكر هادجيكريستيديس وفريقه خدعة تُدعى استبدال العامل الحفاز. إذ إن أغلب المحفِّزات العضوية التي تُستَخدم في تفاعلات تشكيل البوليمر، والتي تسمى بالبلمرة الحلقية، تكون إما أحماضاً وإما قواعد. والعامل الحفاز في الكيمياء هو أي عامل يساعد على حصول التفاعل أو زيادة معدل سرعة التفاعل.
ومن خلال إضافة نوع من المونومر إلى سلسلة البوليمر في ظروف قاعدية، ثم ضبط درجة الحموضة واستخدام عامل حفّاز ثانٍ من أجل إضافة المونومر التالي، أصبح من الممكن خلق بوليمرات متعددة الكتل في قارورة واحدة. ويقول لاديلتا إن هذه الاستراتيجية تعمل على: «توفير الوقت، كما تتجنّب خطر حدوث تلوث البوليمرات». وكان فريق عمل هادجيكريستيديس قد استخدم في السابق أسلوب استبدال العامل الحفاز بين محفزات عضوية لتخليق بوليمرات ذات أنظمة بلّورية ثنائية وأخرى ثلاثية. أما الآن، وللمرة الأولى، أثبت الفريق إمكانية ضبط درجة الحموضة ثم استبدال عامل حفاز عضوي بآخر فلزّي لتخليق بوليمرات رُبعية ذات أنظمة بلّورية رباعية الكتلة. ويكشف لاديلتا عن التخطيط لتوسيع نطاق استراتيجية استبدال العامل الحفاز ليشمل أنواعاً أخرى من البلمرة. يقول: «سنصنع بوليمرات ذات أنظمة بلّورية متعددة أكثر تعقيداً، وسنتعاون مع علماء فيزياء البوليمرات لفهم خصائصها الفيزيائية، والذي من شأنه أن يوجّهنا نحو تطبيقاتها الواقعية».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة
TT

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

إن مسألة ما إذا كان الانحباس الحراري العالمي يتسارع، هي مسألة مثيرة للجدال بشدة بين علماء المناخ، ففي حين زعم ​​البعض أن معدل الانحباس الحراري الحالي -الذي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وبالتالي يتماشى مع نماذج المناخ الحالية؛ يُحذر آخرون من أن الأرض أضحت أكثر حساسية لتأثيرات الوقود الأحفوري مما كان يُعتقد سابقاً، وأن البشرية تتجه نحو نقاط تَحوّل لا يمكن العودة منها.

وتيرة ارتفاع الحرارة أقل داخل مومباي والقاهرة

في دراسة حديثة، زادت مجموعة من الباحثين من جامعة ملبورن تعقيد هذا النقاش من خلال تحليل معدلات الانحباس الحراري في جميع أنحاء العالم والأسباب المحتملة للاختلافات الإقليمية.

النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها: تزداد حرارة الكرة الأرضية بمعدل أسرع، لكن هذا التسارع يحدث بشكل غير متساوٍ. ولكن من المثير للدهشة أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مع التركيزات الكبيرة من الفقر -المدن الكبرى مثل القاهرة ومومباي-ـ ترتفع درجة حرارتها ببطء أكثر من المراكز الحضرية في أوروبا وأميركا الشمالية.

دقائق الهباء الجوي تعكس أشعة الشمس

لماذا؟ وجد الباحثون أن الكمية الكبيرة من دقائق الهباء الجوي في الهواء في المدن شديدة التلوث تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، وعلى الأقل في الأمد القريب، يمكن أن يكون لها تأثير تبريدي صافٍ على السكان.

وأشادت إديث دي جوزمان، المتخصصة في سياسة التكيف في مركز لوسكين للابتكار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، بالباحثين، على عملهم.

وأكد مؤلفو الورقة البحثية أن النتيجة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها علامة جيدة. فمن ناحية، من المرجح أن تكون مؤقتة فقط. وثانياً، تأتي الحماية، كما هي، فقط من الملوثات الضارة. ووافقت دي جوزمان على هذا الاستنتاج، قائلةً إن الاحترار المتسارع يعني أن «السكان الذين هم بالفعل عُرضة بشكل صارخ لمجموعة متنوعة من الظلم البيئي والمناخي سوف يكونون أكثر عرضة للخطر».

التخلص من التلوث الجوي يزيد الحرارة

ومع تطور البلدان اقتصادياً، تميل حكوماتها إلى تبني سياسات لتنقية البيئة من التلوث، ولكن مع صفاء الهواء، سوف تتعرض الفئات السكانية الضعيفة لخطر التعرض للحرارة الشديدة. وقد قدم كريستوفر شوالم، مدير برنامج المخاطر في مركز «وودويل لأبحاث المناخ»، مثال الصين، حيث بدأت الحكومة في تجهيز محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بتقنيات الحد من الانبعاثات مثل أجهزة التنظيف، لمنع السخام من التسرب من المنشأة. وقال إن مثل هذه التدابير جيدة لجودة الهواء، لكنها ستسمح بتسرب مزيد من الحرارة من الشمس.

الفقر يزيد تأثيرات ارتفاع الحرارة

وسوف يكون الأكثر تضرراً هم أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى مكيفات الهواء والمناطق المظللة. وأضاف شوالم: «كلما كنت أكثر فقراً، ارتفعت درجة الحرارة، حيث تكون الحرارة استعارة لجميع أشكال اضطراب المناخ».

وأوضح شوالم أن المجتمع العلمي لديه نحو ثلاثين نموذجاً مناخياً متطوراً للغاية يُنظر إليه بشكل جماعي على أنه «لجنة من الخبراء» حول مسار الانحباس الحراري العالمي. يعتقد أن دراسة الاحترار المتسارع مفيدة لأنها يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط لتدابير التكيف مع المناخ وفهم مدى واقعية أهداف سياسة المناخ الحالية -أو عدمها.

تغيرات مناخية مؤثرة

في العام الماضي، لم يحقق العالم أهداف الانبعاثات من اتفاقية باريس لعام 2015، وهو في طريقه لفعل نفس الشيء هذا العام. أصبح العلماء أكثر صراحةً بشأن ما تسمى وفاة التزام اتفاقية باريس بالحفاظ على العالم دون زيادة في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، في محاولات لإجبار صناع السياسات على التعامل مع حتمية موجات الحر المتفاقمة والأحداث الجوية المتطرفة القادمة.

يقدم مؤلفو ورقة ملبورن رؤى مطلوبة بشدة حول شكل المستقبل وكيف يجب على الدول الاستعداد: «يجب أن تشجع نتائجهم «استراتيجيات التكيف مع المناخ المستهدفة» الموجهة إلى أفقر المجتمعات الحضرية في جميع أنحاء العالم.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».